عاشوراء تعلمنا أنه يجب التضحية من أجل حفظ الدين. تعلمنا أنه يجب التخلي عن كل شيء في سبيل القرآن. تعلمنا أنه في ساحة المبارزة بين الحق والباطل، يقف الصغير والكبير، المرأة والرجل، الشيخ والشاب، الشريف والوضيع والإمام والرعية في خندق واحد.
درس الحسين بن علي عليه الصلاة والسلام للأمة الإسلامية هو هذا يجب الاستعداد دائماً من أجل الحق، من أجل العدل، من أجل إقامة العدل، من أجل مواجهة الظلم ويجب أن نكون جاهزين لبذل مهج أنفسنا في الساحات؛ لربما ليس بإمكاني وإمكانكم الفداء والتضحية بهذا المستوى وبهذا الحجم؛ لكننا في المستويات التي تتناسب مع وضعنا وروحياتنا وعاداتنا يمكننا فعل هذا.
يجب أن لا تغفل الأمة الإسلامية والمجتمع الإسلامي في أي وقت عن أحداث عاشوراء باعتبارها درساً وعبرة وعلم هداية. من المحتوم أن الإسلام حيٌّ من خلال عاشوراء ومن خلال الحسين بن علي (عليهما السلام)
يجب علينا أن لا نكتفي بالتعرف على الإمام الحسين من خلال حرب يوم عاشوراء؛ تلك كانت جزءاً من جهاد الإمام الحسين (ع). يجب علينا معرفة الإمام الحسين من خلال تبيينه، أمره بالمعروف، نهيه عن المنكر، توضيحه القضايا المختلفة في منى وعرفات، خطابه للعلماء، خطابه للنُخب – الإمام سلام الله عليه له خطابات عجيبة مسجلة ومحفوظة في الكتب- في الطريق باتجاه كربلاء، وفي نفس أرض كربلاء وساحة الحرب فيها.
عندما نقرأ الشعر، فلنفكر في أن يزيد هذا الشعر من إيمان المخاطبين. ولهذا علينا أن لا نقرأ أي شعر؛ لا نختار أي شيء يُقرأ؛ يجب علينا أن نقرأ هذا الشعر بطريقة يكون اللفظ والمعنى واللحن مؤثراً. مؤثراً بأي شيء؟ في زيادة إيمان المخاطب.
درس عاشوراء، درس التضحية والتدين والشجاعة والمواساة، ودرس القيام لله ودرس المحبة والعشق. واحدٌ من دروس عاشوراء، نفس هذه الثورة العظيمة والكبيرة التي قمتم بها أيها الشعب الإيراني مؤتمرين بأمر حسين زمانكم وابن أبي عبد الله الحسين عليه السلام. نفس هذه الثورة هي درس من دروس عاشوراء.
عمل الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام شبيه وقابل للمقايسة بعمل جده النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم أيام البعثة. القضية هي هذه، كما واجه النبي العالم أجمع وحيداً آنذاك، واجه الإمام الحسين وحيداً في كربلاء العالم أجمع.
إذا قام بعض الأشخاص من أجل حفظ أرواحهم بترك طريق الله، ولم يقولوا الحق في الموضع الذي يتطلب ذلك؛ لأن حياتهم ستكون في خطر، أو قاموا بترك سبيل الله من أجل مناصبهم أو أعمالهم أو من أجل أموالهم، أبنائهم، أسرهم، أقربائهم وأصدقائهم، عندها سوف يذهب الحسين بن علي إلى مسلخ كربلاء ليقتل.
العبرة هي هذه، أن ينظر الإنسان ويرى كيف قُتل الحسين بن علي عليهما السلام بهذه الطريقة الفظيعة -وهو نفسه الطفل الذي كرّمه النبي أمام الناس جميعاً وقال في حقه: "سيد شباب أهل الجنة"- بعد مضي نصف قرن على زمان النبي.
فلتعملوا على معرفة قيمة مجالس العزاء، حاولوا الاستفادة منها روحياً وقلبياً واعملوا على جعل هذه المجالس وسيلة لإيجاد الارتباط الوثيق والاتصال المحكم بينكم وبين الحسين بن علي عليهما السلام، آل بيت رسول الله وروح الإسلام والقرآن.
من أجل ذكر المصيبة إذا فتحتم كتاب "نَفَس المهموم" للمرحوم "المحدث القمي" وقرأتم منه، فإن ذلك سيدفع المستمع للبكاء وسوف يؤجج المشاعر ويوقظها. ما هي الحاجة لكي نستغرق في تخيلاتنا من أجل تزيين مجلس العزاء ومن ثم ينتهي بنا الأمر إلى الابتعاد عن أصل فلسفته الواقعية.
