خلال المقابلة التي أجراها معه موقع Khamenei.ir تحدث حمدان عن مستقبل الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، علاقة الحركة مع سوريا وموقف الحركة من سعي بعض الحكومات العربية والإسلامية لتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني وكذلك أشار حمدان إلى أهمية العلاقة التي تربط حماس بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ودور الأخيرة في دعم حركات المقاومة في المنطقة.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

Khamenei.ir: إلى أين وصلت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، وما هو العمر الذي تتوقعونه لها؟

أسامة حمدان: بسم الله الرحمن الرحيم، لا شك أن المتتبع لمسار الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال البريطاني عام 1917 حتى اليوم، أي على مدى 99 عامًا مضت، يجد أن المسار الأصيل للشعب الفلسطيني كان دائمًا هو المقاومة. مرت مرحلة طارئة - بتقديري - في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهي مرحلة توقيع اتفاقية أوسلو للسلام مع الكيان الصهيوني. نعتقد أنها مرحلة طارئة وقناعتنا أن عملية التسوية انتهت خلال سنوات من بدايتها، ولكن ظلت القوى الغربية، وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية، تحاول إظهار أن التسوية لا تزال قائمة.

هذه الانتفاضة لها ميزتان أساسيتان: ميزتها الأولى أنها جاءت لتقول إن التسوية قد انتهت، والميزة الثانية أنها جاءت من الجيل الذي ولد في ظل توقيع اتفاقية أوسلو. يعني إذا تابعت أعمار الشباب والشابات الذين ينفذون العمليات ضد الاحتلال ويستشهدون هم في العشرين أو 17 سنة و18 سنة. هؤلاء جميعًا ولدوا في ظل اتفاقية أوسلو ويفترض أن الاحتلال كان يتوقع منهم أن يكونوا متعايشين معه ويتقبلونه، فإذا بهم يتصدون للاحتلال، ويتحركون بروح استشهادية عالية يحركها الانتماء إلى الأمة ودينهم وعقيدتهم وبلدهم فلسطين.

أعتقد بهذا المعنى اليوم أننا نتكلم عن 150 يوما من الانتفاضة، وهذا رقم لم يتوقعه الإسرائيلي الذي كان يتوقع أن الأمر ينقضي خلال أسبوعين في ظل هذا المعنى الذي أشرت إليه. هذا هو خروج لجيل من احتمال الهزيمة إلى أن يكون جيلًا مجاهدًا ومواجهًا. أعتقد أن هذه الانتفاضة ستأخذ مدى، وغالبًا هذه الانتفاضة ستزداد تصاعداً خلال المدة المقبلة، إن شاء الله تعالى.

Khamenei.ir: لماذا يقتل الشعب الفلسطيني بهذه الطريقة الوحشية في ظل صمت العالم وجميع وسائل الإعلام الغربية؟

أسامة حمدان: الذي صنع الكيان الإسرائيلي هو أوروبا، والذي خلق المشكلة اليهودية هو أوروبا. اليهود لم يكونوا يوماً ما مضطهدين عند المسلمين. على العكس تمامًا، في ظل المسلمين عاش اليهود بشراً محترمين آمنين على أنفسهم يمارسون شعائرهم. الذي صنَّع المشكلة اليهودية هي أوروبا والذي زرع الكيان الصهيوني في منطقتنا أوروبا،

يهدف الصمت الدولي إلى إعطاء الفرصة للإسرائيلي لإنهاء الصراع والقضاء على الشعب الفلسطيني

والذي رعاه ويرعاه اليوم هي الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك هم يتعاملون مع الكيان الصهيوني بأن له الحق بأن يفعل، والحق أن يقتل، والحق أن يعتدي... هذه هي صفة الكيان الصهيوني الأساسية أنه محتل ومعتدٍ وقاتل ومجرم. المسألة هنا أن هذه المنظومة التي أحيانًا تقيم الدنيا ولا تقعدها تحت عنوان حقوق الإنسان؛ عندما يقتل الشعب الفلسطيني وعندما يقتل أي عربي أو مسلم، لا تكاد تجدها تتكلم، ولكن إذا ما حاول أحدهم أن يدافع عن نفسه - ديننا يمنعنا من الاعتداء على الناس ولكنه يأمرنا بأن ندافع عن أنفسنا - يتهم بالإرهاب وبدعم الإرهاب وما إلى ذلك.

الأستاذ أسامة حمدان متحدثاً لـkhamenei.ir

أعتقد أن الصمت الدولي ليس مسألةً مشبوهة؛ هو عن قصد لإعطاء الفرصة للإسرائيلي على أمل أن ينهي الصراع ويقضي على الشعب الفلسطيني. أظن أن هذا لن يكون، وسيكتشف العالم أن هذا القدر الكبير من الظلم في النهاية سيتحول إلى إرادة انتصار عند الشعب الفلسطيني بكل وضوح. هذه الإرادة في المقاومة والصمود والمواجهة في الحقيقة ستزيد غضب الأمة وكل الأحرار في العالم يومًا بعد يوم ضد الكيان الصهيوني.

Khamenei.ir: برأيكم، ما هي الرسالة التي توجهها الانتفاضة الثالثة؟

أسامة حمدان: الانتفاضة الثالثة توجه عدة رسائل: الأولى للفريق السياسي الفلسطيني الذي فاوض إسرائيل، وهي أنه قد آن الأوان للتوقف عن هذه العملية التي أضرت القضية وأضرت الشعب الفلسطيني، وأن الخيار الذي يمكن أن يعيد الحقوق، وهو وحده الذي يعيد الحقوق، خيار المقاومة.

لو لم يكن بمقدوركم أن تكونوا جزءاً من محور المقاومة فعلى الأقل لا تقفوا إلى جانب العدو

الرسالة للعدو أن الشعب الفلسطيني لن يهزم ولن ينكسر ولن يستسلم للاحتلال وأن هذا الشعب سيظل يرفع لواء المقاومة جيلًا بعد جيل حتى يحقق النصر. والرسالة للبيئة الإقليمية، وبالذات البيئة العربية، أن كل محاولات إيجاد حلول للقضية الفلسطينية عبر مبادرات سياسية هنا وهناك لا قيمة لها لأن إرادة الشعب الفلسطيني هي مقاومة الاحتلال، لأن طبيعة الاحتلال أنه يريد أن يقضي على الشعب الفلسطيني. والرسالة إلى الأمة الإسلامية أن أبناء القدس وفلسطين يدافعون عنها ويتوقعون من أمتهم أن تكون إلى جانبهم.

أما الرسالة إلى الذين يدعمون إسرائيل فهي أنكم يجب أن تتوقفوا عن الرهان على مستقبل إسرائيل؛ إسرائيل لا مستقبل لها في هذه المنطقة، إسرائيل ستنتهي وستكون خريطة المنطقة قريبًا بلا إسرائيل إن شاء الله تعالى. والرسالة التي توجهها هذه الانتفاضة إلى من يدعمها وإلى من يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، هي رسالة تشكرهم على ما يفعلونه، ولاسيما أشقائنا في إيران، وتقول لهم إن الشعب الفلسطيني على قدر المسؤولية وسيظل حاملاً للأمانة ومستعداً للتضحية حتى تحقيق النصر إن شاء الله تعالى.

Khamenei.ir: ما هي واجبات العالم تجاه الانتفاضة الثالثة وبماذا تطالب "حماس" العالم؟ ماذا تريد "حماس" من الحكومات الإسلامية والأمة الإسلامية؟

أسامة حمدان: الذي يقرر أن يقاوم لا يطلب من أحد شيئاً، هو يقول للعالم إنه سيواصل الطريق حتى تحقيق النصر. لكن هنا أمام هذا المشهد هناك طرفان: طرف يقدم الدعم، وهذا دعمه مقدر ونحسبه شريكًا لنا في هذه المقاومة، بل نرى أن كل رصاصة يطلقها المقاومون وكل صاروخ ممن يدعمنا هو شريك في الأجر والنصر إن شاء الله تعالى. لكن أيضًا أقول بكل صراحة إننا لا نعول كثيرًا على الذين لا يقفون إلى جانب الشعب الفلسطيني، ولذلك رسالتنا إليهم واضحة اليوم: الشعب الفلسطيني أخذ خياره بالمقاومة، وأخذ هذا الخيار منذ عقود. الشعب الفلسطيني لم يحقق النصر النهائي بعد هذا صحيح ولكنه في مسيرة المقاومة حقق إنجازات؛ الإسرائيلي بدأ يتراجع، والإسرائيلي اضطر إلى الانسحاب من غزة، وهو في معركته ضد غزة عام 2008 و2012 و2014 أخفق في القضاء على المقاومة، التي صارت حقيقة راسخة على الأرض ولها قاعدة في وطنها ضد الاحتلال، واليوم هناك انتفاضة في الضفة وكذلك في القدس.

نقول لكل هؤلاء: آن الأوان كي تنضموا إلى معسكر دعم المقاومة، وإذا لم تكونوا قادرين على أن تكونوا جزءًا من محور المقاومة فلا أقل أن تقدموا شيئًا يدعم المقاومة، لأنه في نهاية المطاف التحرير سيتحقق إن شاء الله تعالى وسنعود إلى القدس، وعندئذ سيتذكر الشعب الفلسطيني من الذي وقف إلى جانبه، ومن الذي بقي متفرجًا على الهامش، ومن الذي دعم الكيان الصهيوني ووقف ضد الشعب الفلسطيني وإرادته... ولكل مسألة عند ذلك حديث.

Khamenei.ir: الإمام الخامنئي وجه رسالة إلى العالم الغربي والشباب الغربي على وجه الخصوص. يوجد ما يمكن تسميته حالة من الصحوة عند العالم الغربي وهناك بعض الأفكار ووجهات النظر المؤيدة للقضية الفلسطينية ولعدالتها... ما هي الرسالة التي توجهونها إلى شباب العالم الغربي؟

أسامة حمدان: أنا أعتقد أن الرسالة التي وجهها السيد القائد للغرب كانت رسالة جامعة ومهمة، وأنا أعتقد أنه في ظل هذا الرسالة يمكن القول أن الغرب على مدى قرن من الزمن جرى تشويه أفكاره العمومية تجاه ثلاث قضايا؛ تجاه الإسلام كإسلام وجرى إنشاء حالة سلبية ضد الإسلام وأنا أعتقد أن الهدف من ذلك كان منع شباب الغرب وأجيال الغرب الصاعدة من الإطلاع على الإسلام ودراسته، لأنني أثق أنهم لو اطلعوا في جو من الحرية على الإسلام لربما أقبل الكثير منهم على الدخول إلى الإسلام.

والمسألة الثانية التي شوش الغرب بها على عقول الشباب هي قضية فلسطين كقضية عادلة، لأنه بكل تأكيد هؤلاء الذين يعيشون أجواء من الحرية إذا اقتنعوا بأن الكيان الصهيوني هو كيان غاصب لفلسطين فستكون مواقفهم مختلفة.

نحن بحاجة إلى استرجاع وحدة الأمة الإسلامية بشكل عملي... وحدة الأمة ستُحدث انقلاباً كبيراً في الرأي العام

اليوم حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية، ومقاطعة الجامعات الإسرائيلية، ومقاطعة المؤسسات الثقافية الإسرائيلية التي تنتشر بين الشباب في أوروبا... أمور مذهلة للإسرائيليين. هذا العام قررت إسرائيل صرف مليار دولار لتحسين صورتها في أوروبا فقط، وهو رقم خطير جدًا، لأن دولة أنشأها الغرب ويرعاها الغرب تحتاج إلى مليار دولار لتحسين صورتها، رغم أنها منذ ستين عامًا تقول للعالم إنها واحة الديمقراطية في منطقتنا. اليوم بدأ العالم يرى أنها غابة متوحشة تفتك بالشعب الفلسطيني وبمن حوله. يجب ألا ننسى جرائم إسرائيل ضد الشعب السوري واللبناني والمصري وضد شعوب هذه المنطقة؛ إذًا، في المسألة الثانية بدأت عيون الجيل الجديد في الغرب تتفتح لترى إسرائيل في صورتها الحقيقية. أما المسألة الثالثة التي من أجلها صنعت حالة من الضبابية حول عقول الشباب أو أمام الشباب في الغرب، فهي ألا ينظروا إلى منطقتنا بتاريخها الحضاري وإنما إلى العرب والمسلمين على أنهم حالة من التخلف وحالة من البعد عن الحضارة، ولكن هؤلاء لو عرفوا حقيقة الحضارة الإسلامية لأدركوا أن الجيد في حضارتهم إنما كان أساسه من حضارتنا.

أظن أنه الآن بدأت تظهر حالة بين جيل جديد من المؤرخين في الغرب تعيد الحق إلى الحضارة الإسلامية، وكيف قدمت الحضارة الإسلامية إلى العالم الكثير. اليوم الغرب يحاربنا في أن نمتلك العلم والمعرفة؛ هو يريد لنا أن نكون مجرد مستهلكين. يعملون على تشويه صورة الأمة والقول إنها أمة غير متحضرة، الأمر الذي يساعد في منعها من امتلاك أسباب الحضارة.

بناء على هذه الأسباب الثلاثة، أعتقد أنه جرت عملية تشويه وحجب للحقائق عن الأجيال الصاعدة في أوروبا. اليوم الأمور بدأت تتكشف ولكن لا يزال أمامنا شوط طويل. هناك تحدّ وسؤال كبير يثار في الغرب لا بد أن نقدم إجابة عملية عنه، وهو وحدة هذه الأمة؛ إذا كان هذا الإسلام وهو كذلك دين عظيم، لماذا اليوم يتصارع أتباعه وتنشأ بينهم الفتن؟ لماذا تحدث بينهم المشكلات؟

أعتقد أننا بحاجة إلى استعادة عنوان وحدة الأمة عمليا، لأن الوحدة ستكون أساسًا حقيقيًا بعده سيحدث انقلاب كبير في الرأي العام وأفكار الناس، ليس في أوروبا وحدها وإنما في العالم كله.

أسامة حمدان متحدثاُ لـ khamenei.ir

Khamenei.ir: إذا أردنا أن نخاطب الغرب ونوجه لهم رسالة، ما هي رسالة "حماس" إلى الشباب الغربي؟

أسامة حمدان: أول رسالة نقولها لهم إننا شعب ينتمي إلى أمة عظيمة، أمة عندما سادت قدمت الخير والرحمة للبشرية. لا أظن أن هناك أمة من الأمم قدمت لخير البشرية كما قدمت أمتنا دون مقابل. ربما الآن بعض الدول تحاول أن تقدم مساعدات لكنها تُتبعها بشروط سياسية وباختراقات ثقافية وبإملاءات اجتماعية. لم تفعل أمتنا ذلك إنما حفظت للناس حقوقهم جميعًا. ننتمي إلى أمة هذه صفاتها لذلك يجب أن يُنظَر إلى شعبنا وإلى مقاومتنا على أنها تقدم الخير إلى الناس.

القدس والمسجد الأقصى ملكٌ لجميع الشعوب المسلمة

النقطة الثانية أن هذا الكيان الذي اغتصب أرض فلسطين هو كيان طارئ على هذه الأرض؛ إذا ذهبت لتسأل عن كل المسؤولين الإسرائيليين ستجد قطعًا أن والده لم يولد في فلسطين ولم يعش يومًا في فلسطين، وغالبيتهم لم يولدوا في فلسطين، فيما إذا ذهبت لتسأل عن أي فلسطيني ستجد أنه ولد هو وجده وجده السابع عشر والعشرين هناك. الأهم من ذلك، إذا ذهبت لتسأل أي عربي أو مسلم ذهب إلى الحج قبل الاحتلال الإسرائيلي للقدس، ستكتشف أنه بعدما زار مكة والمدينة ذهب إلى القدس، وقد تجد له أهلًا وعائلةً هناك، لذلك عندنا في مدينة القدس أناس من كل جنسيات المسلمين ومن الأصول كلها، لأنها كانت بقعة لهم جميعًا.

النقطة الثالثة، ونحن نقاوم الاحتلال لسنا أصحاب رغبة في القتل. المسلمون لديهم في الدين ما يقول فيه ربنا: "ولقد كرمنا بني آدم". الإنسان لأنه إنسان عندنا مكرَّم. ولكننا في الوقت نفسه، إذا اعتدى إنسان على حقوقنا فإننا نرد على هذا العدوان. لذلك عندما نقاوم إنما نقاوم ردًا للعدوان، وهذه المقاومة ستستمر حتى ينتهي العدوان. إذا أردتم أن تساعدوا الشعب الفلسطيني، فعليكم أن تسعوا إلى إنهاء الاحتلال وإنهاء العدوان، ووقتئذ سيختلف المشهد كثيرًا.

Khamenei.ir: تسعى بعض الدول الغربية الآن، ولاحظنا في المدة الأخيرة كلام وزيرة الخارجية السويدية على سبيل المثال، إلى اتخاذ مواقف عادلة ومنصفة اتجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، في حين أننا نرى بعض الدول الإسلامية - للأسف - تحاول إصلاح علاقاتها مع هذا الكيان الغاصب... ما رأي "حماس" في ما يحدث؟

أسامة حمدان: هذا من نكد الدنيا. لا شك أن محاولة بعضهم تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني تنم عن جهل سياسي وسذاجة، أو عن جهل بالتاريخ وبالسنن الإلهية في هذه الدنيا. هذا الكيان يظن بعضهم أن العلاقة معه ستعينه على فتح أبواب الولايات المتحدة، لكني أقول إن الإنسان إذا أراد شرعية حقيقية فشرعيته ليست في البيت الأبيض ولا في الكيان الصهيوني؛ الشرعية الحقيقية تأتي من الشعوب. الذي يريد شرعية حقيقية عليه أن يبحث عنها عند شعبه، وإذا ظن بعضهم أن العلاقة مع الكيان الصهيوني يمكن أن تقدم له خيرًا ليقرأ تاريخ من بنوا علاقات إيجابية مع الكيان الصهيوني إلى أين انتهى بهم المطاف. نحن اليوم في طهران، وطهران تمثل ما تمثل للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني من أمل ودعم وإسناد للمقاومة ولصمود الشعب الفلسطيني. قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، كان الشاه حليفًا إستراتيجيًا للكيان الصهيوني وكانت إيران حليفة لإسرائيل، ولكن عندما نجحت الثورة في إيران وانتصرت وفرّ الشاه هل استقبلته إسرائيل؟ هل قدمت إليه شيئًا؟

لم تتعامل معه، أرخص شيء عند إسرائيل هم العملاء، أرخص شيء عند إسرائيل هم الذين ينسلخون عن أمتهم ويلتحقون بها. عندنا مثل يقول "اللي ما في خير لأهلو ما في خير للناس"، فالذي يظن أنه يستطيع أن يجني الخير من إسرائيل هو واهم. أما الذين يأخذون اليوم مواقف لدعم القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني، والذين يأخذون مواقف عادلة اتجاه قضايا الأمة كما وزيرة الخارجية السويدية، هؤلاء يعبرون عن الضمير الإنساني الحي الذي أوجده الله في كل نفس تعرف الحق والعدل مهما كان دينها ولغتها. هم اليوم بدؤوا يرون هذا الحق الذي لم يكونوا يرونه قبل. لذلك نؤيدهم ونشجعهم، وواجبنا أن نوضح لهم الصورة أكثر وأن نقدم إليهم من البيانات والمعلومات ما يعينهم على الثبات على هذه المواقف، لأن الهجمة الإسرائيلية عليهم كبيرة بالتأكيد، ومن يخدم إسرائيل سيكون شريكًا في هذه الهجمة عليهم.

Khamenei.ir: ما هو رد فعل الشعوب المسلمة وشعوب هذه الدول عندما ترى حكوماتها تسعى إلى بناء علاقات مع هذا الكيان الغاصب؟

أسامة حمدان: خطابنا لهذه الشعوب واضح: نحن بصفتنا حركة وبغضِّ النظر عن الأسماء، نرفض العلاقة مع إسرائيل، ونرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، بل نقول إن واجب الأمة أن تدعم المقاومة، والذي لا يستطيع أن يدعم المقاومة بالحد الأدنى لا يقف ضدها مع الإسرائيلي.

الذي لا يستطيع أن يدعم المقاومة بالحد الأدنى لا يقف ضدها مع الإسرائيلي

"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت". أدعو شعوب أمتنا أن تتحرك مباشرة لمواجهة مثل هذه الخطوات، وأعتقد أن حراك هذه الشعوب لرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، سيدفع هؤلاء إلى التفكير كثيرًا قبل فعل مثل هذا الأمر، ولكن إذا بقيت الشعوب صامتة ربما يعطيهم هذا جرأة إضافية لمواصلة الأمر. دعوتنا إلى الشعوب أن تُري هؤلاء أصالتها وأن تُريهم انتماءها إلى الأمة، وأن تُري هؤلاء أن هذه الأمة التي ربما أحيانًا تقبل تجاوزًا هنا أو فسادًا هناك، لا يمكن أن تقبل المس بقضية هي جزء من عقيدتها، وتحديدًا المس بقضية هي أصلًا تمثل لها قضية مركزية. أنا واثق أنه لو تحركت الشعوب، هؤلاء المطبعين لن يتجرؤوا على التطبيع، بل ربما بعضهم لن يظل في الخريطة السياسية.

Khamenei.ir: الآن أمريكا والكيان الصهيوني يحاولان بكل جهد تهميش القضية الفلسطينية، ونلاحظ في ظل الآوضاع التي تعيشها المنطقة العربية أنهما يسعيان إلى خلق أعداء جدد، كما نلاحظ الاقتتال بين الإخوة في سورية واليمن وليبيا... هل نجحت أمريكا وإسرائيل إلى حد ما في تهميش القضية الفلسطينية وخلق أهداف وقضايا جديدة؟ وبذلك صارت القضية الفلسطينية القضية الثانية أو الثالثة في الإعلام العربي؟

أسامة حمدان: لا شك أن واحدًا من الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة أن تصنع أزمات وقضايا تحرف بوصلة الصراع مع الكيان الصهيوني عن وجهتها الصحيحة، ومن ذلك صناعة أزمات ذات بعد مذهبي أو طائفي أو عرقي أو اثني، هؤلاء عرب وأمازيغ، وهؤلاء فرس وعرب، وترك وإيرانيون... هذه الأزمات التي تصنع، مع الأسف الجهلة يتجاوبون معها. أظن أنه للحظة يبدو الأمر كأن القضية الفلسطينية تغيب عن المشهد، والأمريكيون صاروا أكثر إصرارًا على دفع الأمور لحرف البوصلة، لأنهم رأوا الشعب التونسي يكرر ما قاله الشعب الإيراني إبان انتصار الثورة... اليوم تونس وغدًا فلسطين، والشعب المصري اليوم مصر وغدًا فلسطين، وقبلهم الشعب الإيراني اليوم إيران وغدًا فلسطين؛ هذا المشهد لا شك أنه مشهد إستراتيجي مرعب لإسرائيل ومن يدعمها.

أظن أنهم نجحوا في أن يخلقوا أزمات ولكنني لا أعتقد أنهم نجحوا في أن يحرفوا البوصلة تمامًا. مسؤوليتنا اليوم أن نعيد البوصلة ونثبتها في اتجاهها الصحيح. هذه مسؤولية المقاومة والأطراف الصادقة والمخلصة في هذه الأمة، وهي مسؤوليتنا جميعًا، بأن نقول إن معركتنا الحقيقية ضد الكيان الصهيوني ومن يدعمه، وأننا - الأمة - إنما نحن أشقاء في بيت واحد، يختلف الأشقاء فيما بينهم ولكنهم لا يلجؤون إلى القتال بل إلى الحوار والتفاهم والمشاركة وهذا واجبنا.

أعتقد أن أمامنا عنوانين رئيسيين علينا أن نعمل عليهما لتحقيق هذا الهدف (إعادة البوصلة اتجاه فلسطين): العنوان الأول هو تصعيد المقاومة ضد الكيان الصهيوني حتى يفهم أن هذا الهدف سقط ولم يتحقق وأن المقاومة لا تزال في فلسطين، والعنوان الثاني أن نعمل من أجل إعادة اللحمة إلى المنطقة وحل أزماتها بالحوار لا باستعمال السلاح والقتال.

أسامة حمدان متحدثاُ لـ khamenei.ir

Khamenei.ir: فرضاً لو لم تعِ الشعوب الإسلامية وشعوب المنطقة حجم هذه المؤامرة وخطورتها - نتكلم عن الحركات التكفيرية والحرب الطائفية والاقتتال بين الإخوة- لو لم تدرك الشعوب الإسلامية حجم هذه المؤامرة ماذا سيكون مصير الأمة؟

أسامة حمدان: هذا لن يكون أمرًا يسيرًا، بل سيحتاج إلى بعض الوقت وجهد كثير. يجب أن ننجح في هذه المعركة، لأن ما نشهده اليوم من أفكار لا تمت إلى الإسلام بصلة وتنسب نفسها إليه. التحدي معها هو تحدٍّ فكري وثقافي. أن ننمي الوعي في أمتنا، وأن نعلم أجيالنا الصاعدة الإسلام الحقيقي. يجب أن نعلمهم أن الإسلام دين رحمة وتسامح، وأنه دين خير لأبناء الأمة وللعالم أجمع، ويجب أن نعلمهم أن ما يمارسه هؤلاء لا علاقة له بالإسلام.

التكفير لا يمتُّ إلى الإسلام بصلة

هذه ليست مهمة سهلة خاصة في ظل وجود أدوات عند أعداء أمتنا تخدم مثل هذه الأفكار وهذا المشروع، ولكنه تحدٍّ يجب أن ننجح في حله لسبب بسيط جداً؛ النجاح في هذا التحدي سيقضي على مثل هذه الحالة قضاء نهائياً، ولكن الإخفاق في ذلك سيجعل هذه الحالة في كل مرة تحدث لنا أزمة.

هذه مهمة يجب أن نتكاتف فيها وأثق أننا سننجح فيها، لأن أصالة الإسلام هي التي تجذب الناس وليس فكر التطرف ولا القتل ولا فكر تجاوز الإسلام. بصراحة فطرة الناس لا يمكن أن تتقبل ما هو سيئ. ربما بعض الغشاوة تأتي أحيانًا أو بعض الناس يجهل الإسلام فلا بد أن نعلمهم. الإسلام هو نفسه يقف أمام هذه الأفكار ويقول إنها أفكار باطلة لا تمت إلى الإسلام بصلة، وإنما هي أفكار ربما لا تنتمي إلى أي دين سبق. هي أفكار تنتمي إلى عصور من الوحشية التي كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان ورفعه فوقها.

Khamenei.ir: كيف يصف مدير العلاقات الدولية في "حماس" علاقات الحركة مع سوريا اليوم؟

أسامة حمدان: ليس عندنا مشكلة مع سوريا، ولم يكن عندنا مشكلة مع سوريا. وجود القيادة في سوريا كان لمدة طويلة من الزمن، لكن بعد ما اعترى سوريا من أحداث كان لا بد أن تغادر القيادة، لأن إدارة الصراع مع العدو الصهيوني تحتاج إلى جهد وتركيز كبيرين، وأجواء أمنية مريحة بالنسبة إلينا كي نتمكن من تنفيذ واجبنا وأعمالنا.

سوريا كانت ركيزةً لمحور المقاومة في المنطقة، وتكفي هذه الجملة لتعبر عن الكثير.

نحن من أول يوم قلنا إن ما يجري في سوريا يجب أن يحل بيد الشعب السوري وفي إطار حوار سياسي داخلي، وإنه إذا سمح بالتدخل في الشأن السوري الداخلي من القوى التي تحارب الأمة لن يكون لهم هدف سوى تدمير سوريا وتدمير الشعب السوري، لأنهم في النهاية لا ينظرون نظرة خير إلى هذا الشعب وإلى هذا البلد. لا نزال نأمل أن ينجح إخواننا وأهلنا في سوريا في أن يتجاوزوا هذه الأزمة التي عصفت ببلادهم وأن يخرجوا منها وأن يظلوا حيث نعرفهم دائمًا في موقع المقاومة ومربع المقاومة ومحور المقاومة.

Khamenei.ir: إذا أردنا كلمات للتاريخ، ما هو الدور الذي لعبته سوريا ضمن محور المقاومة؟

أسامة حمدان: سوريا كانت ركيزة لهذا المحور في المنطقة، وتكفي هذه الجملة لتعبر عن الكثير.

Khamenei.ir: أمريكا وإسرائيل كانتا ولا تزالان تتمنيان إيقاف سوريا ومنعها عن تقديم دعمها وعونها لإخوانهم في فلسطين. في ظل ما نشاهده في سوريا اليوم وما تلحقه المجموعات الإرهابية وخصوصًا "داعش" من دمار وخراب في سوريا، ألم تنجح أمريكا وإسرائيل في تحقيق هذا الهدف؟

أسامة حمدان: أظن أنه نجاح مؤقت لن يصل إلى نهاياته. من المؤلم أنهم حققوا بعض الإنجازات لكنهم لن يصلوا إلى الهدف الذي يرجون. في النهاية، هذه الأمة وهذا الشعب سيلفظان الحالة الشاذة، وهي حالة لا يمكن أن يكتب لها الاستقرار في المنطقة.

من المؤسف أننا نتعرض لهذا الألم ولكن هذا هو قدرنا في هذه المنطقة. أكثر المناطق حيوية في الكرة الأرضية هي هذه المنطقة. مرت علينا قصص كثيرة: مرَّ علينا التتار والمغول وهزمناهم، ثم أدخلناهم الإسلام وعادوا فأقاموا ممالك عظيمة للإسلام في الهند ووسط آسيا. لم يهزموا عسكريًا فقط، وإنما هذا الذي أقوله، إن رسالتنا هي رسالة رحمة؛ جاؤوا فقتلوا الناس وأرعبوهم، ثم هُزموا في معركة عسكرية، ثم جرى استيعابهم ليدخلوا الإسلام. جاءنا الفرنجة واحتلوا بلادنا واحتلوا القدس ونجحنا بعد ذلك في أن نخرجهم منها. هذا قدر أبناء المنطقة. أحيانًا رغم الألم تشعر - بكل صدق - بالفخر أن الله سبحانه وتعالى حمَّلنا هذه الأمانة وحمَّلنا رسالة الإسلام، وهي رسالة خير للبشرية. نحن ندفع ثمن ذلك ومستعدون لدفعه لأننا ندرك أنه في النهاية أن ما سيكون في الأرض هو هذا الخير، "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون".

Khamenei.ir: دور الجمهورية الإسلامية في دعم الشعب الفلسطيني كيف كان وكيف سيستمر؟ نريد التكلم عن المستقبل أستاذ أسامة.

أسامة حمدان: دور الجمهورية الإسلامية لا يصح أن يجاب عنه في مقابلة. هذه قصة كبيرة جدًا. أعتقد أن دور الجمهورية الإسلامية في دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بدأ حتى قبل انتصار الثورة؛ عندما كان الإمام الخميني رحمه الله ملاحقًا من نظام الشاه، وكان في النجف، حيث أفتى بجواز دفع أموال الخمس والزكاة للمجاهدين في فلسطين منذ ذلك الزمن، وعندما كان في باريس جاءته بعض الشخصيات الإيرانية التي تعارض نظام الشاه ولكنها ليست متدينة، وطلبت من الإمام أن يخفف حدة الخطاب ضد الكيان الصهيوني لأنهم وفق قولهم يريدون تحصيل دعم من الولايات المتحدة للثورة، فكان رد الإمام: "إذا لم نتكلم عن إسرائيل فعن ماذا نتكلم؟!".

دور الجمهورية الإسلامية في دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بدأ قبل انتصار الثورة

بالمنطق - دعني أسميه - الضيّق يعنون أن أولويته أن يتكلم عن إيران، فلماذا يتكلم عن فلسطين؟ لكن الإمام كان يرى أن أصل الشر في هذه المنطقة هذه الغدة السرطانية في المنطقة، ولذلك كان (الإمام الخميني) يدرك أنه يجب أن نؤشر على أصل هذا الشر. وبعد انتصار الثورة أهم حدث أنه جرى تغير إستراتيجي في المنطقة؛ عندما انتقلت إيران من موقع الداعم للكيان الصهيوني إلى موقع الداعم للمقاومة وللشعب الفلسطيني.

الدعم الذي قدمته إيران إلى القضية الفلسطينية والمقاومة، في فلسطين أو لبنان، حقق إنجازات لم تتحقق في سنوات قبل ذلك. على مدى 37 سنة من دعم الجمهورية الإسلامية للمقاومة في فلسطين ولبنان، حققنا انتصارات لم تحققها جيوش كبيرة بفضل الله سبحانه وتعالى؛ نجحنا في دحر الاحتلال عن لبنان في عام 2000، وفي دحره عن غزة في عام 2004، ثم في مواجهة عدوان تموز 2006 في لبنان. نجحنا في مواجهة عدوان كانون الأول/كانون الثاني عام 2008/2009 على غزة، وسطرنا ملاحم بطولية بعد ذلك في 2012 و2014. كل هذا كانت الجمهورية الإسلامية شريكة فيه بما قدمته من دعم سياسي ومالي ودعم مباشر للمقاومة بكل تجهيزاتها.

اليوم نتكلم على الأقل عن 25 سنة من العلاقة مع الجمهورية الإسلامية. هذه السنوات تؤسس لما هو أفضل إن شاء الله تعالى. بيننا وبين إخواننا في الجمهورية الإسلامية هناك مشاريع انطلقت منذ سنوات ولا تزال تتقدم، واليوم نتكلم عن مشاريع جديدة في إطار المقاومة ودعم صمود الشعب الفلسطيني، ولذلك أعتقد أنه في المستقبل ستكون العلاقات دومًا أفضل. أملنا وطموحنا أن يأتي اليوم الذي تتحرر فيه القدس وهو لن يكون بعيدًا إن شاء الله تعالى، وأظن أن في هذا اليوم سيرى العالم كله وسنتكلم للعالم كله بكل التفاصيل عما قدمت إيران من دعم.

ربما ظروفنا اليوم لا تسمح أمنيًا أن نكشف كل أوراقنا، ولكن أقول إن كل ما حققته المقاومة من إنجازات أشقاؤنا في إيران هم شركاء ومساهمون فيها بصورة كاملة.

Khamenei.ir: قلتم في إحدى المقابلات إن الدعم الإيراني للمقاومة، وخصوصاً لـ"حماس"، كان ولا يزال مستمراً، هل بإمكانكم توضيح هذه الفكرة؟

أسامة حمدان: الذي يوضح هذه الفكرة هو ما يراه العالم عندما تقع المواجهات مع الاحتلال. في عام 2014 الاحتلال قُدَّر أن القضية الفلسطينية معزولة في ظل ما يجري في المنطقة، وأن الجمهورية الإسلامية مشغولة في ظل ما يجري في المنطقة، وأن العرب بعيدون عن القضية الفلسطينية، وبذلك لا بدَّ من القضاء على قاعدة المقاومة في غزة، لتكون الخطوة التالية الهجوم على قاعدة المقاومة في لبنان. هجم العدو على غزة 51 يومًا من الحرب. صحيح أنه دمر البيوت وقتل الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني ولكن ما هي النتيجة؟ فوجئ هذا العدو بأن الصواريخ تصل إلى تل أبيب وحيفا، وفوجئ بأن المجاهدين يشتبكون معه في نقطة الصفر وبأن جنوده يهربون من الميدان، وفوجئ بأن المقاومة لديها إمكانات لم يكن يعرف أنها موجودة لديها وهي فعلًا لم تكن موجودة قبل ذلك بعامين أو ثلاثة... هذا كله كان عملًا دؤوبًا تم خلال السنوات الماضية؛ ولذلك عندما نقول إنه يصعب أن نتحدث عن تفاصيل تتعلق بدعم المقاومة، فإن هذا سرٌ من أسرار المقاومة وسرٌ من أسرار العلاقة بيننا وبين إيران.

إيران لم تكن يومًا من النوع الذي يحاول أن يفاخر بأنه يدعم المقاومة، بل أعتقد أن دعم المقاومة في إيران هو إيمان وعقيدة أكثر من أن يكون عملًا سياسيًا. هو إيمان وعقيدة وعلاقة مع الله سبحانه وتعالى، ولذلك أقول إن العالم رأى في 2014 هذا الدعم وآثاره في مواجهة العدوان، واليوم قبل انطلاق الانتفاضة بمدة وجيزة سماحة السيد القائد دعا إلى تسليح أبناء الضفة ونقل تجربة المقاومة إلى الضفة. اليوم الشعب الفلسطيني ينتفض وأظن أن شوكة المقاومة في الضفة ستكون مع الوقت أقوى إن شاء الله تعالى.

أسامة حمدان متحدثاُ لـ khamenei.ir

تسليح الضفة الغربية على طريقه الصحيح

Khamenei.ir: بخصوص تسليح الضفة الغربية أشرتم في كلامكم إلى دعوة الإمام الخامنئي إلى هذا الأمر، إلى أين وصل هذا الموضوع؟

أسامة حمدان: هذا الموضوع على طريقه الصحيح... دون أي تفاصيل أخرى.

Khamenei.ir: ما هي الرسالة التي وجهتها زيارة وفد "حماس" إلى إيران وإقامته لنحو أسبوع في طهران؟

أسامة حمدان: أولًا نحن هنا في بيتنا وبين أهلنا. لكن بكل وضوح إن هذه الزيارة ردت على أقاويل وأوهام ومكائد كثيرة ربما حاول من وراءها أن يصنع أزمة بين الحركة وبين الجمهورية الإسلامية. بكل بساطة ووضوح: هذه علاقة عمرها 25 سنة، كان فيها من الخير الكثير الكثير للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني وللمقاومة وللأمة. لن يهزها إشاعة هنا ولا محاولة هناك ولا تشويش في مكان ثالث. هذه علاقة ستتواصل وستنمو وستكون من أهم العلاقات التي ترسم مستقبل القضية الفلسطينية إن شاء الله تعالى.

Khamenei.ir: ما هي نتائج زيارتكم إلى إيران؟

أسامة حمدان: لعل أهم نتيجة أن الزيارة أسقطت كل الكلام الذي كان يقال هنا وهناك، وربما كشفت مواقف بعض الذين كانوا يجهدون ليلاً ونهاراً ليقولوا إن هناك أزمة في العلاقة. أعتقد أنها نتيجة مهمة لأن هذا مما يغيظ أعداءنا ومما يفرح أصدقاءنا ويفرح المخلصين في هذه الأمة. إغاظة الأعداء أحيانًا أمرٌ مطلوب حتى من الناحية الشرعية. هذه نتيجة مهمة.

النتيجة الثانية أنه دار بيننا تداول في واقع القضية الفلسطينية وما يجري من تطور في الانتفاضة وتحدثنا عن مشاريع محددة لدعم هذه الانتفاضة وكان هناك تجاوب من أشقائنا.

Khamenei.ir: هل بإمكانكم توضيح النقاط التي دارت بينكم حول دعم الانتفاضة خصوصاً؟

أسامة حمدان: كان هناك حديث حول مشاريع محددة لدعم الانتفاضة مقابل تجاوب من أشقائنا. ما يمكن قوله في هذا الموضوع إنه على الأقل هناك استعداد لتبني عائلات الشهداء واستعداد لدعم إعمار البيوت التي يدمرها الاحتلال وتوفير مقومات الصمود لهذه المقاومة.

Khamenei.ir: البيوت المدمرة خلال هذه الانتفاضة؟

أسامة حمدان: نعم، أنت تعلم أن إسرائيل تهدم بيت كل شاب أو فتاة ممن ينفذون عمليات ضد الاحتلال. الإخوة وعدوا أن يكون لهم دورٌ في إعادة إعمار هذه البيوت. جرى الحديث أيضًا عن المقاومة في غزة واحتياجاتها وكان هناك تجاوب كبير. كما تعودنا دائمًا لم يكن الأمر يحتاج إلى جهد في الإقناع بقدر ما هو حوارٌ أخوي: كيف يمكن أن نتقدم في هذا الأمر إلى الأمام... دار بيننا أيضًا حوارٌ حول كيفية مواجهة محاولات اختراق الأمة نتيجة صناعة الفتن وواجباتنا اتجاه ذلك جميعًا وما يمكن أن نفعله من عمل مشترك في هذا الجانب.

Khamenei.ir: عاشت الجمهورية الإسلامية منذ أكثر من أسبوع الذكرى السابعة والثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية في إيران... ما هي رسالة "حماس" للشعب الإيراني بعد 37 سنة من الثورة؟

أسامة حمدان: لا شك في أن الثورة الإسلامية خلصت الشعب الإيراني من الظلم والاستبداد ومن محاولة فرض حالة الذل عليه، ونقلت الشعب الإيراني ليكون شعبًا كريمًا وعزيزًا كما نعرفه وكما هو دائمًا، وبدلًا من أن تكون إيران دولة

الثورة الإسلامية الإيرانية مثلت أملاً على مستوى الأمة ومثلت نموذجاً لكثير من الشعوب المستضعفة

تابعة للاستكبار، إيران أخذت موقعها الطبيعي كدولة كبيرة ورئيسية ومركزية ليس على مستوى المنطقة وإنما على مستوى العالم. لو كانت هذه هي الفائدة الوحيدة من الثورة الإسلامية برأيي هذه تكفي؛ أن تكون دولة مؤثرة وأن يكون شعبها شعبًا عزيزًا وكريمًا.

أعتقد أيضًا أن هذه الثورة مثلت أملًا على مستوى الأمة ومثلت نموذجًا لكثير من الشعوب المستضعفة، كأنها قالت لهم إن بإمكانها أن تثور على حالة الاستضعاف وأن تثور ضد من يستكبر عليها في أرضها وفي أوطانها. نرى آثار ذلك وتداعياته خلال العقود الماضية، لذلك أقول للشعب الإيراني إن جاز لي أن أوجه له رسالة: لا شك أن هذه الثورة كانت نصرًا ومنحة من الله سبحانه وتعالى، وهي في الوقت نفسه مسؤولية، لأن الله سبحانه وتعالى إذا رزق العبد نعمة يُحب أن يشكر عليها... "لئن شكرتم لأزيدنَّكم". نسأل الله أن يزيد هذا البلد العزيز من الخير وأن يوفقه لما فيه الخير على مستوى إيران وعلى مستوى الأمة إن شاء الله تعالى.