لقد خلقوا اليوم مثل هذه الأوضاع في المنطقة، وأجّجوا نيران الاختلاف، ولا بد من صبّ الجهود للقضاء على هذه الاختلافات. ولقد أعلنّا للجميع بكل صراحة: إننا نمدّ يد الصداقة إلى كافة الدول الإسلامية في المنطقة، ولا يوجد لدينا أية مشكلة مع الحكومات المسلمة. إضافة إلى أن علاقاتنا مع الكثير من جيرتنا، بل معظمها علاقات أخوية ودّية. وإن للدول المحيطة بالجمهورية الإسلامية من الشمال والجنوب والغرب والشرق معنا علاقاتٍ وطيدة. وبالطبع فإن البعض منهم يصبّ الزيت على الاختلافات من قريب أو بعيد، ويلجأ إلى العناد والخبث، إلا أن الأساس من جانبنا يقوم على العلاقات الحسنة مع الدول الجارة وشعوبها، كما وتربط بين بلادنا والشعوب الأخرى علاقات وثيقة.

علماً بأننا نؤمن بالثبات على المبادئ والالتزام بالأصول، ونقول بضرورة الحفاظ عليها. وقد استطاع إمامنا الخميني العظيم بفضل الثبات على المبادئ سوق الثورة إلى النصر وصيانتها وإرساء دعائم الجمهورية الإسلامية، فلقد كان ملتزماً بالمبادئ والأسس. ومن هذه المبادئ: ﴿أَشِدّاءُ عَلَی الکُفّارِ رُحَماءُ بَينَهُمْ﴾. فإننا لا نبني بنياننا مع الأعداء والمستكبرين على أساس المصالحة والمساومة، ومع الإخوان المسلمين على أساس العداوة والخصومة، بل نفتح معهم باب الصداقة والرفاقة والأخوّة، لأننا نعتقد بضرورة أن يكون الناس ﴿أَشِدّاءُ عَلَی الکُفّارِ رُحَماءُ بَينَهُمْ﴾ ، فإن هذا هو الدرس الذي نقتبسه من إمامنا الجليل، وهو النهج المؤكّد للجمهورية الإسلامية. إذ إننا في دعم المظلوم لا ولم ننظر إلى مذهب الطرف الآخر، وهذا هو نهج إمامنا العظيم، حيث تعامل مع المقاومة الشيعية في لبنان كما تعامل مع المقاومة السنية في فلسطين دون أي فارق. وقد دعمنا إخواننا في لبنان كما دعمنا إخواننا في غزة دون أيّ اختلاف، رغم أن أولئك كانوا من أهل السنة وهؤلاء من الشيعة. بيد أن القضية بالنسبة لنا هي الدفاع عن الهوية الإسلامية ومناصرة المظلوم ودعم القضية الفلسطينية التي تقف اليوم على رأس قضايا المنطقة الإسلامية؛ هذه هي قضيتنا الرئيسة. ولا يوجد فرق في عدائنا أيضاً، فقد حارب الإمام الخميني العظيم محمد رضا بهلوي الذي كان شيعياً في ظاهره كما حارب صدام حسين الذي كان سنياً بحسب الظاهر، وبالطبع لا ذاك كان شيعياً ولا هذا كان سنيًّا، بل كانا كلاهما أجنبيّين عن الإسلام، غير أنّ هذا يتظاهر بالتسنّن وذاك يتظاهر بالتشيع، وقد واجههما الإمام على حدّ سواء. فالقضية ليست قضية شيعية وسنية وقضية طائفية وما إلى ذلك، وإنما هي قضية الأسس الإسلامية: "کونوا لِلظّالِـمِ خَصمًا وَلِلمَظلُومِ عَونًا" .. هذا هو دستور الإسلام، وهذا هو سبيلنا ونهجنا.

إن تصعيد الخلافات في العالم الإسلامي أمرٌ محظور. ونحن نعارض سلوكيات بعض الجماعات الشيعية التي تؤول إلى شقّ الصفوف. ولقد قلنا بصراحة إننا نعارض الإساءة لمقدسات أهل السنّة. إذ تنطلق فئة من هذا الجانب وفئة من ذاك لتأجيج نيران العداء وتصعيدها، ويحمل الكثير منهم نوايا حسنة، سوى أنهم فاقدون للبصيرة. فلا بد من التحلي بالبصيرة، ولا بد من الوقوف على مخطط العدوّ الرامي في الدرجة الأولى إلى إثارة الخلافات.

 

كلمة الإمام الخامنئي في أعضاء المجمع العالمي لأهل البيت (ع) واتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية

17/08/2015