للحديث عن سوريا شجونه الخاصة به، وإذا كان ضيفك قادمٌ من سوريا التي تعاني ما تعانيه من ويلات الحركات التكفيرية وما عاثته في هذا البلد من دمار وخراب، فأنت حتماً سوف تسعى من خلاله لفهم ما يجري هناك لتستطيع تكوين نظرة صحيحة عن ما حلَّ بهذا البلد المقاوم وإلى أي وجهة يتجه. موقع Khamenei.ir  استضاف نائب رئيس اتحاد علماء الشام سماحة الشيخ عبد الله كتمتو ودار بيننا الحوار التالي:

  • سماحة الشيخ كيف تقيمون الوضع الحالي في سوريا؟

بسم الله الرحمن الرحیم والصلاة والسلام علی سيدي رسول الله وعلی آله وصحبه

سوریا كما تعلمون، أصابها ما أصاب کثیراً من البلدان تحت ما سُمي وأُطلق علیه زوراٌ وبهتاناٌ أنه ربیعٌ عربيٌ، وجاء برداً قارساً علی کل العباد والبلاد، الآن سوریا تعيش حالة معافاة شیئاٌ فشیئاٌ، لا أقول لکم -حتی نکون واضحین- ولكي لا نضلل الرأي العام ولا ندّعي شیئاً، الأوضاع في سوریا هي تتحسن شیئاً فشیئاً، التحسن فیه ضعف ولکن التحسن ملحوظ لدی کل إنسان زار سوریا قبل مدة وثم زارها الآن، یری أن الأمور تحسنت، یعني علی سبیل المثال هناك بعض الشوارع کانت مغلقة الآن فُتحت، کان الناس یخافون من النزول إلی الشوارع وإلی الأسواق، طبعاً کان لا ینزل إلى الشارع إلا المضطر، کل من کان عنده شيء من المال کان یبقی في بیته ولا ینزل إلا المضطر والمحتاج، الآن ینزل الناس کلهم. أوقف بعض الناس سیارته، لا یخرج بسیارته، الآن أخرج الجميع سیاراتهم، بدأوا ینزلون، بدأوا یتحرکون، بدأوا یسافرون، هذه الحرکة تشیر دائماً إلی شيء من التحسن إن شاء الله سبحانه وتعالی، هذا بالنسبة للحراك من أجل العمل، وبالنسبة للقضیة الثانیة أن عدد الذین کانوا بالأمس یقفون ربما موقف لیس العداء المسلح، العداء غیر المسلح، کانوا یقفون ضد الدولة بغیر سلاح، الیوم کثیرٌ منهم تغیر کلامهم، أصبحوا علی أقل احتمال یقولون أرجع الله تلك الأیام، أرجع الله تلك الأيام قبل هذه الثورة کیف کنا، کنا نعيش في أمان، وهذا إنجاز من الإنجازات علی هذا الصعید ولو کان إنجازاً غیر ملحوظ إلا کدراسة إستراتیجیة، المسألة الثالثة هي تقدم الجیش السوري في أکثر من منطقة، وتحقیق نجاحات کثیرة في أکثر من منطقة وتحریرها بشکل كامل وليس بشکل جزئي، هناك مناطق كثيرة تحررت، منها من عاد أهلها إليها ومنها من لم يعد في إنتظار إعادة تأهيل هذه المناطق،

هناك مناطق كثيرة في سوريا تحررت، منها من عاد أهلها إليها ومنها من لم يعد في إنتظار إعادة تأهيلها

 

 ولکن الشيء الجید أن الروح القتالیة عند الجیش لم تتراجع وهذا شيء کبیر، یعني المقاتل الذي یشعر أن هناك 82 دولة تقف في وجه ویأتيه المسلحون من کل مکان، لا یؤثر هذا العدد الكبير من المسلحین ولا هذا الكم والنوع من السلاح في روحه المعنوية، وهو ینزل إلی المعرکة ویعلم أنه إذا ذهبت سوریا ذهب هو معها، فهو یقف موقف المعتقد كمال الإعتقاد بهذه المسألة ویدافع عن بلده بهذه العقيدة، وهذا یعطیه روحاً في التضحیة عالیة جداً وربما یحرك روح الآخرین، فهذه کانت من الإیجابیات الکثیرة في هذه المسألة؛ فإذا نظرنا إلی بعض من کان یقول أننا حبذا لو لم نستعمل السلاح، حاورناهم، بات الآن یقول هؤلاء یجب أن یُطردوا، یجب أن یُقتلوا یجب أن کذا، هؤلاء دمروا منازلنا، هؤلاء کانوا سبباً في تراجعنا علی مستوی أشغالنا وأعمالنا وبیوتنا، هؤلاء سرقوا بیوتنا، هؤلاء لم تعد هناك ثقةٌ بهم، وهذا النصر الثالث الذي حُقّق في الأزمة رغم أنها طالت الأزمة، تحقق نصرٌ آخر عندما أصبح هناك رأي شعبي يجمع أن جزءاً کبیراً من هؤلاء المسلحین، جزءٌ کبیرٌ منهم هم لیسوا نظیفي الأيدي ولیسوا نظیفي الفکر، حتى أولئك البسطاء والضعفاء الذین انخرطوا بممارساتهم عن جهل وتمَّ التغرير بهم، أو کما نقول في علم النفس قد غُسلت أدمغتهم لعدة ظروف وبأسباب کثیرة،

تحقق نصرٌ آخر عندما أصبح هناك رأي شعبي يجمع أن جزءاً کبیراً من هؤلاء المسلحین لیسوا نظیفي الأيدي ولیسوا نظیفي الفکر

 

 هؤلاء الناس بدأوا یتغیرون یوماً بعد یوم وهذا بحد ذاته يشكل واحداً من أوجه الانتصار في سوریا، وقبل ذلك وبعد ذلك صمود الرئاسة، یعني الرئاسة بشخص الرئیس بشار الأسد، حسناً، الرئیس بشار الأسد أنا قابلته منذ بدایة الأزمة وقابلته في نصف الأزمة وقابلته الآن،

 قابلته لم أجد عنده تردد منذ الیوم الأول، لم تختلف المقابلة في اللقاء الأول عن ما بعد شهر ونصف عن ما قابلته قبل فترة بسیطة من الزمن، هو لا يزال يمتلك نفس الروح ويعتقد أن سوریا بلدٌ مباركٌ والله عزَّ وجل هو الذي تکفل به وسوف ینصره، عنده إرادة وعزیمة قویة، هذا مما يجعل أسباب النصر سریعة وظاهرة، لأنه من المعلوم عندما یضعف القائد یضعف من تحته، قوة القائد تنعکس علی قوة الأتباع، وهو قد عرف خلال الأزمة کیف ینتقي الناس، من یضع في کل مکان، غیّر بعض التغییرات، اختار أشخاص عندهم من الصلابة ومن الحب لوطنهم الشيء الکثیر، رغم أنه مثل أي بلد ربما تحدث بعض الأخطاء وتحدث بعض الآلام، الحرب هذه، الحرب یومٌ لك ویومٌ علیك، یومٌ تُقبل علیهم ویوم یقبلون هم علیك، یومٌ تقتل منهم ویومٌ یقتلون منك، ولکن العبرة في النهایة، سوریا سوف تنتصر إن شاء الله.

  • كيف ترون دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لسوريا في صمودها وتصديها لما تواجهه؟

 

أنا أسمع من المعارضین، أنا أتحدث معك بلغة المعارضین، یقول المعارضون أنه لولا دعم إیران لکنا انتصرنا علی بشار الأسد منذ زمن، فهم یقرّون بأن هناك صموداً، ولکن هم لا یقرون بالصمود بقصد الصمود، لکن بقدر أنهم یریدون أن یتهموا أن الذي یدافع عن سوریا هي إیران، فإذا نظرنا إلی المسألة باتجاه آخر، هذا إخلاص الحلیف لحلیفه، یعني خلال الأزمة ظهر الحلیف بشکل صحیح، الحلیف الذي لا یتخلی عن حلیفه مهما ضعف ذاك الحلیف في لحظة من اللحظات، وإیران أثبتت أن علاقتها بسوریا علاقة حلف وأخوة، وعلاقةٌ أستطيع أن أقولها أنا من الموضع الدیني أنها نظرة کانت تُبنی علی اعتقاد، ما هو الاعتقاد؟ لیس کما تظنه المعارضة، أنها نشر وتصدیر الثورة وانتشار الفکر الشیعي بدلاً من الفکر السني، هذا کلام ضعفاء وکلام ناس بسطاء، أنا أقول الوقوف العقائدي هو أن الذي یحارب الآن ویضعف سوریا هي أمریکا وإسرائیل، فکان الموقف العقائدي من سماحة القائد حفظه الله تعالی السید علي الخامنئي والکادر المحیط بالسید الخامنئي من الجیش وغیره، کان موقفهم من الدفاع عن سوریا موقف عقیدة، أنهم عندما یدافعون عن سوریا هم یدافعون عن الأمة کلها من أن تدخل إلیها ید أمریکا وید إسرائیل فیسیطروا علیها، هذا هو الموقف العقائدي الذي أقصده والذي یغیب عن الآخرین.

الإمام الخامنئي والكادر المحيط به يعتقدون أنهم عندما یدافعون عن سوریا هم یدافعون عن الأمة کلها من أن تدخل إلیها ید أمریکا وید إسرائیل فیسیطروا علیها

 

 إیران عندما تدعم، تدعم لأنها تعلم یقیناً أن أمریکا شر مطلق، لایمکن أن یکون فیها خیر، أمریکا کیف تفکّر؟ إذا ضحکت في وجهك أمریکا، إذا رأیت أنياب الليث ظاهرة فلا تقل أنه یبتسم، اللیث لا یبتسم، اللیث یفتح فمه من أجل أن یفترس الآخرین، فأمریکا عندما تضحك لأي أحد، هي في باطنها، ترید أن تجلبه من أجل أن تهضمه ویصبح جزءاً منها. من شخّص هذا المرض السرطاني، الغدة السرطانیة، أمریکا وإسرائیل، هو سماحة آیة الله الخمیني رحمه الله، وبعده وبكل قوة حمل الراية الإمام السید علي الخامنئي، لذلك عندما یتحرکون في أي مکان، هم یدافعون عن هذا البلد حتی لا تتسلط علیه أمریکا،

إیران عندما تدعم، تدعم لأنها تعلم یقیناً أن أمریکا شر مطلق، لایمکن أن یکون فیها خیر

 

 لیس من أجل أن یتسلطوا هم علیه، مجرد أن ینتهي الأمر سوف تأخذ إیران کل خبرائها الذين أرسلتهم إلى هذا البلد الذي یُراد أن یُستبد به، مجرد أن ينتصر هذا البلد سوف یقول السید علي الخامنئي لکل الخبراء: بإمکانکم أن ترجعوا إلی بلادکم لتتواجدوا في مکان آخر وتدافعوا عن بلد إسلامي وأمة يراد الاستبداد بها في مکان آخر؛ هذا الجانب الذي أدرکه أغلب الناس، ظهر لهم، ولکن منهم من یعترف بهذا الموضوع ومنهم من لا یعترف؛ المهم النصر الذي حُقق في سوریا جزءٌ من هذا الانتصار، سببه الدعم اللامتناهي من الجمهوریة الإسلامیة من جهة، وصمود السید الرئیس بشار الأسد ومن معه من جهة أخری، وکذلك حلفاؤنا من حزب الله، کذلك کان لدیهم دور کبیر، أنا أقول لا يتلخص دور الجمهورية الإسلامية في انتصار سوریا فقط. الجمهورية  الإسلامیة لها یدٌ في انتصار حزب الله في لبنان، ولها دورٌ في انتصار غزة، نحن نعلم من الذي أرسل الصواریخ، نحن نعلم وکل الناس يعلمون، إذا أنکر البعض هذا رأیه وشأنه، أما کل من بحث ونظر وتابع، یعلم أن کل الأسباب المادیة في النصر کانت من الجمهوریة الإسلامیة الإيرانية