إذا انقطعت الكهرباء لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات في أحد أيام الصيف، الأب والأم لا يتضايقون من الحر لأجل أنفسهم هم، الرجل والمرأة لا يشعرون بالضيق جراء تعبهم وتعرقهم هم، لكن قلب الأم يحترق عندما ترى طفلها الصغير، طفلها الرضيع، لا يستطيع التحمل، ولا يهدأ، والآن تخيلوا عصر يوم عاشوراء مالذي كان يحدث في خيم سيد الشهداء في تلك الحرارة وبذلك العطش إثر ما كان يعانيه هذا الطفل الصغير، في ذاك الحر البعض لربما لم يكونوا شربوا الماء منذ يوم كامل، من المؤكد عندما كانوا يشاهدون عبدالله الرضيع لم يكونوا يفكرون بأنفسهم أبداً، أنا أتوقع أن السبب الرئيسي الذي دفع بسيد الشهداء لأخذ علي الأصغر مقابل جيش الأعداء كان ذاك الأمل الضعيف للغاية في أن يتأثر هؤلاء الوحوش ويعطوا هذا الرضيع القليل من الماء. لم يكن أمام الإمام الحسين (ع) حلٌ آخر، لم يكن بوسعه صنع شيء آخر، عندما ذهب إلى الخيام وشاهد القلق والاضطراب قد عمَّ الجميع، وعطش هذا الطفل وجوعه وألمه قد آلم الجميع، أُجبر الإمام الحسين بن علي على احتضان هذا الطفل وإن كان الاحتمال قليل جداً أن يسقوه الماء، طبعاً لو أرادوا إعطاءه الماء لأمكنهم فعل ذلك، طفل بعمر الستة أشهر كم يحتاج من الماء لإرواء ظمئه، لو أعطوا الإمام الحسين نصف كوب من الماء لكان روي ظمأ عبدالله الرضيع، مع أن الأمل كان ضعيف، احتضن الإمام الحسين هذا الطفل، أخذه، ورفعه بين يديه، جعل الجميع يشاهدون وضع هذا الطفل وحاله المؤثر، والذي كان من شأنه أن يدفع أي قلب -أي قلب قاس- للرحمة، الإمام الحسين استرحم الأعداء، هذا الكلام صحيح "إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل الرضيع"، في تلك الظروف الاضطرارية يقوم الأب من أجل ابنه الصغير بهذا الفعل، نفس الحسين بن علي عليه السلام الأبية ولأجل حفظ حياة هذا الطفل تجيز له أن يطلب منهم القليل من الماء، في تلك الأثناء لابد أن الحسين بن علي حمل الطفل الرضيع  بألم وحزن وتأثر كبير وشرع بالكلام، وفجأة شعر سلام الله عليه بشيء عجيب، شاهد هذا الطفل والذي كان غاب عن الوعي إثر ما عاناه من جوع وعطش قد مالت رقبته جانباً وراح يخفق بيديه وقدميه بين يدي والده، نظر الإمام الحسين إلى رضيعه ليرى الدم يتدفق من نحره.

 

خطبة الإمام الخامنئي في صلاة الجمعة في 12 سبتمبر 1986