خلال لقاء قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي بالطلبة المتفوقين يوم الأربعاء الماضي، انتشرت صورة لبعض الطلبة الحاضرين في اللقاء (صورة الخبر) وهم يحملون بين أيديهم أوراقاً حملت بعض الكلمات باللغة الفارسية شكّلت الجملة التالية "كشتن آلاله ها شيوه ی اهريمن است اين وطن اما پر از احمدی روشن است" والتي تعادل في العربية "قتل الورود أسلوب الشيطان ولكن هذا الوطن مليء بأحمدي روشن"، هذه العبارة القصيرة التي رفعها هؤلاء الطلبة المتفوقون تلخص في مضمونها خطاً خطته دماء آلاف الشهداء وتاريخاً صنعه المجاهدون والعلماء.

من هو أحمدي روشن؟

الشهيد مصطفى أحمدي روشن أحد العلماء النوويين الإيرانيين. ولد في مدينة همدان عام 1979، حين شهادته كان الشهيد طالباً في مرحلة الدكتوراه في الهندسة الكيميائية في جامعة شريف الصناعية، وكان يشغل عضو الهيئة الإدارية لإحدى الشركات المسؤولة عن تأمين المواد اللازمة لعمل مفاعل نطنز النووي، كما كان يشغل منصب المدير التجاري لموقع نطنز النووي، عمل الشهيد أحمدي روشن مدرساً في جامعة شريف إلى جانب دراسته فيها حيث نُشر له العديد من المقالات العلمية في مجلات علمية عالمية عديدة، نال الشهيد مصطفى أحمدي روشن وسام الشهادة في كانون الثاني عام 2012م إثر استهدافه بعملية ارهابية عبر زرع قنبلة مغناطيسية في سيارته أدت إلى استشهاده على الفور.

 

احمدی روشن

الشهيد مصطفى احمدي روشن

 

 

بعد عملية الاغتيال وجَّه الإمام الخامنئي نداءً بمناسبة شهادة الشهيد أحمدي روشن قال فيه: "هذا الاغتیال الجبان الذي لن یجرؤ مسببوه والمخططون له أبداً علی الاعتراف بجریمتهم القذرة الدنیئة وتحمّل مسؤولیتها، تمّت کباقي جرائم شبکة إرهاب الدولة الدولي بتخطیط أو مواکبة من أجهزة السي. آي. أي والموساد، وهو دلیل علی وصول الاستکبار العالمي بزعامة أمریکا والصهیونیة إلی طریق مسدود في مواجهة الشعب الإیراني المسلم المصمّم المؤمن المتقدم إلی الأمام. إنهم سوف یهزمون أیضاً في هذا السلوك الشنیع والقاسي، وسوف لن یحققوا أغراضهم القذرة الشریرة"

الإمام الخامنئي واصفاً عملية اغتيال الشهيد أحمدي روشن: هذا الاغتيال الجبان دلیل علی وصول الاستکبار العالمي بزعامة أمریکا والصهیونیة إلی طریق مسدود في مواجهة الشعب الإیراني المسلم

في هذه الكلمات يوجه الإمام الخامنئي أصابع الاتهام بشكل مباشر لأجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بالوقوف وراء استهداف علماء الجمهورية الإسلامية استمراراً في نهجها الهادف إلى الحؤول دون تقدم الجمهورية الإسلامية وتطورها علمياً وتقنياً. كلمات الإمام الخامنئي وإشارته الصريحة إلى أمريكا والكيان الصهيوني تعيدنا بالذاكرة إلى تاريخ طويل من إرهاب أجهزة المخابرات العالمية؛ خصوصاً الأمريكية والإسرائيلية منها والتي عملت طوال سنين طوال على كبح مسيرة تطور الدول الإسلامية وإيقافها، إذا ما قلنا تدميرها.

من يراجع صفحات التاريخ وتحديداً منذ خمسينات القرن الماضي، سوف يطالع تاريخاً مليئاً بدماء العلماء الذين قتلوا بكل دم بارد من أجل تحقيق السياسات الغربية وتدمير حاضر ومستقبل الدول الإسلامية.

يحيى المشد، سمير نجيب، مصطفى مشرفة، سعيد السيد بدير، سميرة موسى، جمال حمدان من مصر. الطبيبة السعودية سامية عبد الرحيم ميمني، الأستاذ في الفيزياء النووية مجيد حسين علي، علي حسين كامل، محمد فلاح الدليمي، غائب الهيتي، الأستاذ في الجامعة المستنصرية في بغداد الدكتور زيد عبد المنعم،... من العراق. الدكتور داریوش رضائي نجاد، الدكتور مجید شهریاري، مسعود علي محمدي من ايران وغيرهم الكثير من العلماء وأساتذة الجامعات العرب والمسلمين الذين كان من شأنهم لو بقوا على قيد الحياة النهوض بالواقع العلمي للدول الإسلامية ووضع هذه الدول على طريق التقدم والرفعة العلمية.

 

 

الدكتور المصري مصطفى مشرفة

الدكتور المصري مصطفى مشرفة

 

علي أصغر سلطانية: معظم العلماء النوويين الإيرانيين الذين تم اغتيالهم على أيدي أجهزة المخابرات العالمية في إيران، تم اغتيالهم بعد اطلاع الوكالة الدولية على أسمائهم وتعاونهم معها أثناء إجرائها عمليات التفتيش لمفاعلات إيران النووية

علي أصغر سلطانية مندوب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخلال خطاب له في الوكالة عام 2011م أشار إلى أن معظم العلماء النوويين الإيرانيين الذين تم اغتيالهم على أيدي أجهزة المخابرات العالمية في إيران، تم اغتيالهم بعد اطلاع الوكالة الدولية على أسمائهم وتعاونهم معها أثناء إجرائها عمليات التفتيش لمفاعلات إيران النووية؛ حيث أقدمت الوكالة على البوح بأسمائهم ومناصبهم وتمكين أجهزة المخابرات العالمية من تقفي أثرهم وفي النهاية اغتيالهم.

 

 الدكتور زيد عبد المنعم أستاذ في الجامعة المستنصرية في بغداد

الدكتور زيد عبد المنعم أستاذ في الجامعة المستنصرية في بغداد

 

 

الدكتور عبد الله النفيسي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت والعضو السابق في مجلس الأمة الكويتي خلال مقابلة تلفزيونية معه أشار إلى اغتيال أكثر من  310 علماء عراقيين في الفيزياء النووية وحدها منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وفي نفس الإطار نشرت مجلة المشاهد السياسي البريطانية  " political observer" مقالة عام 2013 أشارت خلالها إلى مقتل 5500 عالم عراقي منذ غزو العراق من قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003 وبحسب هذه المقالة يقف وراء عمليات الاغتيال هذه كلاً من الموساد الإسرائيلي وأجهزة المخابرات الأمريكية بالإضافة إلى مجموعات عراقية داخلية تأخذ تعليماتها وأوامرها من الخارج.

منذ غزو العراق من قبل الاحتلال الأمريكي قتل أكثر من 5500 عالم عراقي

وفي العودة إلى موضوع الخبر، أراد هؤلاء الطلبة المتفوقون خلال لقائهم قائد الثورة الإسلامية إرسال رسالة إلى العالم أجمع مفادها أن شباب إيران وبقية الدول الإسلامية عازمون على إكمال مسيرة العلماء الشهداء، ولن يتوانوا في بذل الدماء والأرواح خدمة لهذا النهج، وإن كان الأعداء قد قتلوا أحمدي روشن وحرموا العالم الإسلامي من علمه وفكره؛ بغية إسقاط الحركة العلمية الإسلامية ومنع الدول الإسلامية من ارتقاء درجات الكمال العلمي، فإن العالم الإسلامي مليء بأمثال أحمدي روشن، العازمين على إكمال هذه المسيرة حتى آخرها، حتى يعود العالم الإسلامي كما كان منارة للعلم والعلماء ومرجعاً أصيلاً للرقي والرفعة.

 

المراجع:

كتاب الموساد اغتيال زعماء وعلماء.

http://www.alwahdawi.net/news_details.php?sid=9983

http://www.mawhopon.net/?p=8261

http://www.almasryalyoum.com/news/details/494814

http://www.mawhopon.net/?p=2163