“أنا أقترح أن يأتي السيد علي، السيد علي الخامنئي … فليأتِ سماحته ليأخذ مكان الشيخ مطهّري. سماحته مميّز، على درجة عالية من الفهم، يستطيع أن يتحدّث ويحاضر.” كانت هذه كلمات الإمام الخميني التي خاطب بها الطلبة الجامعيين الذين كانوا قد قدموا إليه بعد استشهاد الأستاذ الشيخ مرتضى مطهري حتى يقوم الإمام الخميني باختيار إحدى شخصيات البلاد التي كانت تحيط به لتحلّ محلّ الشهيد مطهري ويأتي فقيه عالم بالإسلام محيط بقضايا العصر والعلوم الحديثة يملأ فراغ الشهيد مطهري ويدحض الشبهات العقائدية ويجيب على مختلف أسئلتهم السياسية في الأيام الأولى بعد انتصار الثورة الإسلامية.

بعد انتصار الثورة الإسلامية كان تواجد الإمام الخامنئي في الجامعات كثيفا ومستمرا. محاضرة، مناظرة، جلسات تبادل أسئلة وأجوبة أسبوعيا في مختلف الجامعات وعقد لقاءات وارتباط مستمر مع المجموعات الطلابية، كلّ هذه الأمور كانت دليلا على مشاركة قائد الثورة الإسلامية الواسعة في الجامعات. كانت هذه المشاركة جليّة لحدّ أن فرقة الفرقان والمنافقين جهّزوا لمحاولة اغتيال تستهدف سماحته في جامعة طهران التي كان كثيرا ما يتردد عليها وبعد فشل محاولاتهم اختاروا مسجد أبا ذر ليبلغوا مآربهم.

نقوم هنا بإرفاق مقطع من لقاء للإمام الخامنئي بالطلبة الجامعيين بتاريخ ١١/٧/٢٠١٥ يتحدّث فيه سماحته عن إحدى ذكرياته خلال فترة تردده على جامعة طهران في المرحلة التي تلت انتصار الثورة الإسلامية: 

"لقد كنت خلال الأشهر الأولى لانتصار الثورة أقصد كل أسبوع مسجد جامعة طهران وأحاضر في الطلبة الجامعيين هناك وأجيبُ على الأسئلة؛ كان هذا دأبي كل أسبوع. كان الطلبة الجامعيين، الشباب المسلم والثوري يأتون ويجلسون بهدوء، ينصتون ثم يغادرون؛ كان الجمع غفيراً؛ لم تكن هناك غرفة عسكرية، لم يكن هناك أثر للبنادق ولا هتافات سلبية؛ كانت بدايات الثورة والجو جامعي، في طهران أيضا، وبحضوري أنا (العبد) حيث أنّي لم أكن رئيسا للجمهورية، كنت عضوا في شورى الثورة - أي أن كافة شروط الثورية كانت مجتمعة، كنا نذهب إلى الجامعات ونتحدّث إلى الطلبة الجامعيين، في جو يسوده الهدوء والعقلانية؛ قد يكون في جمعنا من الإخوة والأخوات من كان طالبا جامعيا في تلك السنوات ويذكرها. تلك الأيام حيث كانت المجموعات الشيوعية تحتلّ الجامعة وكان خطر الاغتيال وارداً، وكان هناك يوما -لست أذكر كان يوم اثنين أو أحد- حيث أنني كنت في تلك الأيام من الأسبوع أذهب إلى جامعة طهران كالمعتاد. كان يرافقني عدد من الإخوة في الحرس، قالوا يا سيد، لا تذهب المكان خطر؛ كنت أسألهم أي خطر؟ سنذهب. دخلنا المسجد لم يكن هناك أحد، فعدنا. من كان يسلب الجامعة الاستقرار والأمان، يثير الشغب، يسعى لضخّ فكره بالضرب والقوة وإن فشل في ذلك فبالرّصاص، لم يكن هناك أثر للفرق الإسلامية؛ كانت هناك فرق ماركسية أو فرقة مجاهدي خلق التي كانت نسخة مغايرة للماركسية؛ إسلامية في الاسم فقط، كان باطنهم، فكرهم، ايديولوجيتهم وكافة كتاباتهم ماركسية."

استمرّت هذه العلاقة بالبيئات الجامعية والجامعات رغم انشغال سماحة الإمام الخامنئي الكبير خلال فترة تولّيه رئاسة الجمهورية. جامعات طهران، تربيت مدرّس، شريف الصناعية وعلم وصنعت كانت من ضمن الجامعات التي زارها سماحته إبان تولّيه رئاسة الجمهورية.

يجدر الذكر أنه منذ تولّي الإمام الخامنئي قيادة الثورة الإسلامية زار سماحته جامعات بارزة في البلاد كما يعقد سماحته لقاءات متعددة مع أساتذة الجامعات، النخب والباحثين على مدى العام ويُعقد لقاء سنوي مع الطلبة الجامعيين  في حسينية الإمام الخميني (قدّس سرّه) يتحدّث فيه الطلبة الجامعيون عن هواجسهم المتعددة في الشأن التعليمي، السياسي، الاجتماعي والثقافي وغيرها من المواضيع حيث يُنصت الإمام الخامنئي إلى كافة الانتقادات والاقتراحات ويجيب على كافة التساؤلات. 

 

*جاءت تسمية السابع من ديسمبر بيوم الطالب الجامعي بعد الحادثة التاريخية في عام ١٩٥٤ التي تمّ فيها قتل ثلاثة طلاب جامعيين أثناء تصدّي قوات الشاه محمد رضا البهلوي لاعتصام طلابي عُقد اعتراضا على زيارة ريتشارد نيكسون مستشار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الحقبة التي كان من المقرر أن يتخللها زيارة لجامعة طهران واستنكارا لاستئناف العلاقات بين إيران وبريطانيا.