في بداية كلمته طلب سماحة قائد الثورة الإسلامية من المشاركين في المؤتمر إهداء سورتي الفاتحة وقل هو الله أحد لروح الشهيد مالكوم إكس زعيم المسلمين السود في أمريكا والذي يصادف اليوم الذكرى السنوية الثانية والخمسين لاستشهاده.

عقب ذلك رحب الإمام الخامنئي بضيوف المؤتمر وخصَّ بذلك رؤساء وأعضاء المجالس البرلمانية وقادة الحركات الفلسطينية المشاركين في المؤتمر. وقال سماحته مستذكراً مظلومية الشعب الفلسطيني وما عاناه من آلام: "لم یواجه شعب من شعوب العالم  في أيّ فترة من فترات التاريخ مثل هذه المحنة والمعاناة والممارسات الظالمة، بأن یتعرض بلد بأکمله للاحتلال بفعل مؤامرة تتجاوز حدود المنطقة، و یشرَّد شعب من دياره وأرضه، لتحِلّ محله جماعة أخرى تأتي من مناطق شتی من العالم" واعتبر الإمام الخامنئي احتلال فلسطين بمثابة صفحة ملوثة من صفحات التاريخ التي ستطوى كغيرها من الصفحات الملوثة بإذن الله تعالى مستشهداً بقوله تعالى: «إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا».

وأكد سماحة السيد الخامنئي على أن فلسطين لا تزال تمثل عنواناً من شأنه أن يكون محوراً لوحدة كل البلدان الإسلامية كما أشار سماحته إلى استمرار القمع الوحشي للشعب الفلسطيني على يد العدو الصهيوني بدعم شامل من قبل الولايات المتحدة وبعض الحكومات الغربية بقوله: "لا يزال القمع الوحشي للشعب الفلسطيني مستمراً، وکذلك الکثير من المظالم الأخرى التي ترتکب ضده من قبيل الاعتقالات الواسعة النطاق وعملیات القتل والنهب، واغتصاب أراضيه وبناء المستوطنات فيها والسعي لتغيير ملامح وهوية مدينة القدس المقدسة والمسجد الأقصى وسائر الأماکن المقدسة الإسلامية والمسيحية فيها، وسلب الحقوق الأساسية للمواطنين. وهي ممارسات تحظى بدعم شامل من قبل الولايات المتحدة الأمريکية وبعض الحکومات الغربية"

ونوَّه قائد الثورة الإسلامية بالانتفاضة الفلسطينية الثالثة عندما قال: "إن الانتفاضة التي انطلقت الیوم في الأراضي المحتلة للمرة الثالثة مظلومة أکثر من الانتفاضتين السابقتين، لکنها تسير متألقة و مفعمة بالأمل، وستسجل بإذن الله مرحلة مهمة جداً من تاريخ الکفاح وتفرض هزيمة أخرى على الکيان الغاصب"

وأعاد الإمام الخامنئي استخدام الوصف الذي كان أطلقه مؤسس الجمهورية الإسلامية الراحل سماحة الإمام الخميني رحمه الله على الكيان الصهيوني بأنه "غدة سرطانية" بقوله: "إن هذه الغدة السرطانية نمت منذ البداية على شکل مراحل إلى أن تحولت إلى البلاء الحالي، وينبغي أن يکون علاجها أيضاً على شکل مراحل حيث استطاعت عدة انتفاضات ومقاومات متتابعة ومستمرة تحقيق أهداف مرحلية مهمة جداً، وأن تسير إلى الأمام مزمجرة نحو تحقيق باقي أهدافها إلى حين تحرير کامل تراب فلسطين"

وفي جزء آخر من كلمته انتقد قائد الثورة الإسلامية مشروع الاستسلام والمفاوضات مع الكيان الغاصب معتبراً أن مشكلته "لا تقتصر على أنه بتنازله عن حق شعب يمنح الشرعية للكيان الغاصب، إنما المشكلة تكمن في أنه لا يتلاءم إطلاقاً مع الظروف الحالية لقضية فلسطين، ولا يأخذ يعين الاعتبار النزعات التوسعية والقمعية والجشعة للصهاينة"

ودافع الإمام الخامنئي عن خيار المقاومة بقوله: "صحيح أن المقاومة لم تستطع بعدُ الوصول إلى هدفها الغائي أي تحرير کل فلسطين، بيد أن المقاومة استطاعت إبقاء قضية فلسطين حيّة ...أهم مکتسبات المقاومة إيجاد عقبة أساسية أمام المشاريع الصهيونية. لقد تمثل نجاح المقاومة في فرض حرب استنزافية على العدو، بمعنى أنها استطاعت إفشال الخطة الأصلية للکيان الصهيوني وهي السيطرة على کل المنطقة"

وفي إشارة منه إلى المقاومة الإسلامية في لبنان والدور البارز الذي لعبته في مد يد العون للشعب الفلسطيني في دربهم النضالي قال السيد القائد: "المقاومة الإسلامية في لبنان ـ حزب الله ـ ظهرت هي الأخرى لتکون عوناً للفلسطينيين في دربهم الکفاحي. لو لم تکن المقاومة قد شلّت الکيان الصهيوني لشهدنا اليوم تطاوله مرة أخرى على أراضي المنطقة ابتداء من مصر إلى الأردن والعراق والخليج الفارسي وغير ذلك. نعم، هذا مکسب مهم جداً، بيد أنه ليس المکسب الوحيد للمقاومة، فتحرير جنوب لبنان وتحرير غزة يعدان هدفين مرحليين مهمّين في سياق تحرير فلسطين استطاعا تغيير مسار التوسّع الجغرافي للکيان الصهيوني إلى العکس."

كما وصف قائد الثورة الإسلامية غزة بحصن المقاومة المنيع، معتبراً شعب غزة الباسل والمقاوم هو البطل الأصلي في جميع حروب غزة والذي لا يزال يدافع عن هذا الحصن معتمداً على قوة إيمانه على الرغم من الحصار الاقتصادي الجائر الذي يكابده منذ عدة سنوات، وأعاد سماحته توجيه الشكر والتقدير الكبيرين لحركات المقاومة الفلسطينية "مثل سرايا القدس من حركة الجهاد الإسلامي، وکتائب عز الدين القسام من حماس، وکتائب شهداء الأقصى من فتح، وکتائب أبي علي مصطفى من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي کان لها جمیعاً دورٌ قيّم في هذه الحروب".

ودعا الإمام الخامنئي في تتمة كلمته إلى عدم الغفلة عن الأخطار الناجمة عن وجود الكيان الصهيوني ودعم المقاومة بكل الأدوات اللازمة لمواصلة مهامها حيث قال سماحته: "من واجب کل الشعوب والحکومات في المنطقة وجميع طلاب الحرية في العالم تأمين الاحتياجات الأساسية لهذا الشعب المقاوم... تأمين احتياجات شعب فلسطين والمقاومة الفلسطينية واجب مهم وحيوي ينبغي على الجميع العمل به. وفي هذا السياق يجب عدم الغفلة عن الاحتياجات الأساسية للمقاومة في الضفة الغربية التي تتحمل الآن العبء الأصلي للانتفاضة المظلومة"

وأعاد قائد الثورة الإسلامية في نهاية كلمته تأكيده على موقف الجمهورية الإسلامية الثابت من جميع حركات المقاومة بقوله: "إن موقفنا تجاه المقاومة موقف مبدئي ولا علاقة له بجماعة معينة. أي جماعة تصمد في هذا الدرب فنحن نواکبها، وأي جماعة تخرج عن هذا المسار ستبتعد عنا. وإن عمق علاقتنا بجماعات المقاومة الإسلامية لا يرتبط إلّا بدرجة التزامهم بمبدأ المقاومة"