كتب السيد مجتبى الحيدري*

 

لقد طوى العالم الإسلامي صفحة الحدث الأبرز تجاه القضية الأولى للأمة الإسلامية هذه الأيام بانعقاد مؤتمر دعمِ فلسطين في طهران. ولعل الفقرة الأبرز خلال فعالياته تجسدت بخطاب الإمام الخامنئي، حيث لاقى ردود فعلٍ كثيرة.

القائد الأعلى، كشفَ ما يجولُ في ذهن النظام حيال فلسطين ومستقبلها، خاصة وأنّه جاء بعد تأكيداتٍ للقائد طيلة الأشهر الماضية أنّ الكيان الصهيوني سوف لن يكون لهُ وجود، بعد خمسٍ وعشرين سنة من الآن.

الكلمة لم تتجاوز ثلاث وثلاثون دقیقة، لكنها رسمت وبدقة استراتيجية زوال الكيان الصهيوني. لقد أشار رأسُ الهرم في الجمهورية الإسلامية وبوضوح تامٍ دون مُجاملات الزعماء، أن هذه الغدّة السرطانية، نَمت منذ ظهورها على شكل مراحل، قبل تَحوُّلِها الى ما هي عليه الآن.

كلمة الإمام الخامنئي لم تتجاوز ثلاث وثلاثون دقیقة، لكنها رسمت وبدقة استراتيجية زوال الكيان الصهيوني.

لذا، فإن علاجها أيضا لابد أن يأتي على شكل مراحل، وإن الانتفاضات المتتالية حقَّقت أهدافًا مرحليةً ومهمةً للغاية. ومن هذا المنطلق يجب أن تسير إلى الأمام مزمجرة نحو تحقيق باقي أهدافها، حتّى تحرير كامل تراب فلسطين.

وهنا بيت القصيد ومحور الكلام، حيث يمكننا ومن خلال هذه العبارات فهم ما قصده القائد مسبقاً عن زوال 'الكيان الغاصب' قبل خمسة وعشرين عاماً. فالكيان هذا، اُنتج عبر مراحل و لابد ان يُزال في مراحل أيضاً، مَثلهُ مَثل ناطحة سحابٍ بُنيت على أساس هَشْ، فكل ما شُيدت طوابقها وارتفعت أكثر اقتربت من الإنهيار. لكن انهياره لا يبدو أنه سيكون على غرار بُرجَي التجارة العالمية في نيويورك. سيندرسُ ويُترك وسيبقى هيكله العظمي عبرة للتاريخ.

أجيالُ المستقبل سوف لن تقول ها هنا كانت مملكة الأحلام يومًا، بل ستقولُ بعز، لقد انتصر أجدادنا هنا بلا شيء أمام كل شيء !. حديثنا هذا ليس قصة أو حلماً أو من وحي الخيال، لايفصلنا إلا عقدين ونيف من الزمن لا أكثر، لنصل الى هذه اللحظة التاريخية.

لا شكَّ أن الزوال الكامل، يعني الكثير الكثير يفوق حدود 'الكيان الصهيوني' بالنسبة للإمبريالية الأمريكية والمشروع الغربي برمته، الأمر الذي دفع أمريكا الى جعل حياة الغدة السرطانية هذه خطًا أحمرًا، وديمومتها، ضمن أولويات أمنها القومي.

إنَّ ما يحصل في المنطقة، شبيهٌ بحرب العقول، والتجربة التي خاضها عقل المقاومة تؤكد أن مقولة 'نحن أمة تستطيع أن  تنتصر' عَلَتْ على جميع المؤامرات، و إن حاول العدو افتعال عداوات أخرى إلا أن فلسطين ستبقى القضية الأولى. لذا فإنّ القائد أكّد على فكرة الوحدة في القضية الرئيسة 'فلسطين' و على تأصيل العداء مع العدو الغاصب للأرض والمقدسات بالقول : "الشيء الخطير في هذه الغمرة، هي محاولات إضعاف مكانة القضية الفلسطينية والسعي لإخراجها من دائرة الأولوية على الرغم مما يوجد بين البلدان الإسلامية من خلافاتٍ، بعضها طبيعية وبعضها نتيجة لمؤامرات الأعداء وبعضها ناجم عن الغفلة، إلا أن فلسطين ماتزال تُمثِّل عنواناً من شأنه أن يكون ويجب أن يكون محورًا لوحدة كل البلدان الإسلامية".

لقد بات واضحًا أنَّ ما ستفعلهُ طهران هو إحياء وتنشيط جبهة المقاومة بشتّى الوسائل و الطرق، من السلاح والسياسية، إلى الدعم الإعلامي وتطوير العمل الشعبي.

وفي الحديث عن طبيعة المراحل المقبلة، أشار الإمام الخامنئي إلى الانتفاضة الثالثة حيث قال، إن العالم سيرى بإذن الله أن هذه الانتفاضة ستسجِّل مرحلة مهمة جدًا من تاريخ الكفاح وستفرض هزيمة أخرى على الكيان الغاصب.

إذن الانتفاضة مستمرة والشعب الفلسطيني يسير بتألق نحو النصر، وما يقع على عاتقنا جميعاً هو أن نُخرج هذا الشعب وانتفاضته من المظلومية، ودعمه بعدم حرف مسار المقاومة كي لا تكون فلسطين وحيدة.

لقد بات واضحًا أنَّ ما ستفعلهُ طهران هو إحياء وتنشيط جبهة المقاومة بشتّى الوسائل و الطرق، من السلاح والسياسية، إلى الدعم الإعلامي وتطوير العمل الشعبي.

سوف لن يستطع سادة الكيان الصهيوني، إيقاف الشعب الفلسطيني الأبي رُغم ضعف قدراته المادية. فكما وَرد في الشعر العربي الشهير، إذا الشعبُ يومًا أراد الحياة، فلا بدَّ أن يستجيب القدر.

  فلسطين، حَيَّة وتُحبُّ الحياة، لكن بكرامة

 

*السيد مجتبى الحيدري، كاتب وإعلامي وخبير في شؤون غرب آسيا

 

  • إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تُعبّر بالضّرورة عن رأي موقع  ARABIC.KHAMENEI.IR