يقول الإمام الخامنئي: لقد كانت والدتي سيّدةً على درجةٍ عاليةٍ من الفهم والوعي، متعلّمة، مطالعة للكتب، صاحبة ذوق شعريٍّ وفنّي، على معرفة بحافظ (شاعر إيراني شهير) - طبعاً ما أقصده ليس المعرفة العلميّة بل الاستئناس بديوان حافظ - وقد كانت مطّلعة على القرآن بشكل كامل وكانت ذات صوتٍ حسن.

عندما كنّا أطفالاً، كنّا نجلس جميعاً وكانت أمي تتلو القرآن؛ كانت تتلوه بصوتٍ عذبٍ وجميلٍ للغاية. كنّا نجتمعُ نحنُ الأطفال حولها وكانت تتلو لنا الآيات التي تتحدّثُ حول حياة الأنبياء. أنا على الصّعيد الشّخصي سمعتُ من والدتي -خلال هذه الجلسات- قصّة حياة النّبي موسى، قصّة حياة النّبي إبراهيم وبعض الأنبياء الآخرين. عندما كانت تتلو القرآن، كانت ما إن تصل إلى الآيات التي تحتوي على أسماء الأنبياء تشرع بشرح تلك الآيات.

أذكرُ أنني كنت أذهب مع والدتي إلى حيث يوجد ظلٌّ في إحدى زوايا باحة المنزل - حيث أنّ والدتي كانت من أهل الدعاء والمناجاة وأداء المستحبّات بشكل كبير - ونفرش سجّادةً هناك. كنا نجلس في ذلك الظل ونقوم بأداء أعمال يوم عرفة على مدى ساعات متمادية. كانت الأعمال تحتوي على الدعاء، الذكر والصلاة. كانت أمي تقرأ وكنا أنا والبعض من إخوتي وأخواتي نردّد معها. هكذا كانت فترة شبابي؛ مرحلة أنس بالأمور المعنوية وبالدعاء والمناجاة.

بعض أبيات الشعر لحافظ التي لا أزال أحفظها - بعد مرور ما يقارب الستين عاماً - هي تلك الأبيات التي كنت أسمعها من والدتي في تلك الفترة.

خلاصة الأمر؛ لقد كانت سيدةً عطوفة جدّاً، على درجة عالية من الفهم وكانت - بالطّبع كسائر الأمهات - تحبّ أبنائها وترعاهم.

 

 

*مقتطفات من حوار الإمام الخامنئي مع مجموعة من الشباب واليافعين ٣/٢/١٩٩٨