وفي التفاصيل التقى قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي عصر اليوم بجمع كبير من زوار ضريح مفجر الثورة الإسلامية ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران سماحة الإمام الخميني رحمه الله، حيث ألقى سماحته كلمة تناول فيها آخر التطورات على الساحة الدولية والإقليمية محذراً من جعل إرضاء القوى الاستكبارية هدفاً نسعى لتحقيقه حيث قال سماحته: "ليست القضية بنحو تقتنع القوى المتآمرة بحد ما، أن يقوموا مثلاً بتحديد حد ما والالتزام به، لقد جرَّبنا هذا في تعاملنا معهم خلال السنوات الأخيرة الماضية، يضعون حداً معيناً ثم يقومون بطرح طلبات جديدة، هذا الأمر لا يتوقف، الثورية تعني أن لا يضع مسؤولو البلاد إرضاء القوى الاستكبارية هدفاً لهم وأن يكون هدفهم إرضاء الناس وتقوية العناصر الفعالة في البلاد".

وتابع قائد الثورة الإسلامية كلمته بقوله: "البعض يطرح مفهوم العقلانية في مواجهة شعارات الثورة، وكأن العقلانية هي مفهوم معارض للثورة؛ لقد وصف الإمام أمريكا باعتبارها الشيطان الأكبر وحكومة غير جديرة بالثقة، لقد قام الإمام بتعليم هذه المفاهيم للشعب قبل سنوات عديدة، اليوم وبعد كل هذه السنوات يقول رؤساء الدول الأوروبية: أمريكا ليست جديرة بالثقة؛ هذه هي العقلانية. أمريكا ليست أهلاً للثقة في جميع المواضيع والقضايا."

وفي إشارة منه إلى زيارة الرئيس الأمريكي ترامب الأخيرة إلى السعودية وإبرامه صفقات لبيع السلاح لها بمئات المليارات من الدولارات، توجه سماحته بالخطاب للحاضرين بقوله: "أنتم تلاحظون، الحكومة السعودية مُجبرة على تقديم نصف احتياطاتها المالية من أجل التسوية مع رئيس أمريكا الجديد. للتسوية ثمنها أيضاً، إذا كان الخوض في التحديات عقلانياً ومتوافقاً مع المنطق ومصحوباً بالثقة بالنفس فإنّ كلفته أقل بكثير من التسوية." وأضاف الإمام الخامنئي: "الثورية تعني أن لا يستسلم الشعب ومسؤولوه لأي تجبُّر".

وتابع سماحته كلمته قائلاً: "انظروا إلى مدى وقاحة أعدائنا! الرئيس الأمريكي في نظامٍ قَبَلي متخلّف منحطّ يقف إلى جانب رئيس القبيلة ويرقص معه بالسيف، وفي الوقت ذاته يوجّه اتهامه إلى نحو 40 مليون ناخب من الشعب الإيراني شاركوا في انتخابات حرة". وأضاف: "يواجهنا أعداء يتسمون بكل هذه الوقاحة والصلافة حيث يقفون إلى جانب الذين يقتلون الشعب اليمني في الأزقة والأسواق ليل نهار، ويتحدثون عن حقوق الإنسان أيضاً، أفهل توجد أكثر من هذه الوقاحة!.. منذ ما يقرب من سنتين ونصف والسعودية تمطر اليمن بالقنابل ليل نهار؛ لا مراكزها العسكرية فحسب، بل الأزقة والأسواق والمساجد وبيوت الناس، وتقتل الأبرياء".

وفي إشارة منه إلى إدعاء أمريكا رعايتها لحقوق الإنسان وفرضها في نفس الوقت الحظر والحصار على الجمهورية الإسلامية قال قائد الثورة الإسلامية: "أمريكا والسعودية يتغزلون ببعضهم البعض ويتشدقون بحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت يفرضون الحظر على الجمهورية الإسلامية.. يا لها من صلافة ووقاحة!"

كما أشار السيد الخامنئي لما يعانيه المسلمون في اليمن والبحرين وسوريا وليبيا من شدائد بقوله: "للأسف ففي شهر رمضان يعاني إخواننا في بعض البلدان من الشّدائد، في اليمن، البحرين، سوريا وليبيا يعاني المسلمون الصّائمون من هذه المشاكل العظيمة، في اليمن تواصل الحكومة السّعوديّة القصف ليلاً نهاراً، فلتعلم الحكومة السّعوديّة أنّها لو واصلت انتهاج هذا الأسلوب لعشرة أعوام، أو لعشرين عاماً أخرى فإنّها لن تنتصر على الشّعب اليمني."

وفي الشأن البحريني تساءل الإمام الخامنئي لماذا تتدخل الحكومة السعودية بقواتها العسكرية في قضايا الشعب البحريني والتي ترتبط به فقط حيث قال سماحته: "في البحرين، تواجد الحكومة السعوديّة غير منطقي، قضايا الشعب البحريني مرتبطة بالشعب البحريني فقط، لماذا تتدخّل حكومة أجنبيّة بقواتها العسكريّة؟ حتّى لو تمكنوا من خلال هذه الرشوة البالغة مئات المليارات أن يستدرجوا أمريكا لمساندتهم، فإنهم لن يبلغوا أيّ نتيجة."

ورأى قائد الثورة الإسلامية في الحوار والمفاوضات السبيل الناجع لحل ما تعانيه بلدان العالم الإسلامي من حروب بالنيابة إذ قال سماحته: "سواء في سوريا أو في البحرين أو في اليمن أو في أي نقطة من العالم الإسلامي يُشعل فيها الأعداء نيران الحروب النيابية. نحن نعتقد أن سبيل الحل يتمثل في التفاوض من خلال الحوار وعدم حقن هذه البلدان بالأسلحة."

وفيما يتعلق بشخصية مفجر الثورة الإسلامية الإمام الخميني رحمه الله أكد السيد الخامنئي على ضرورة تكرار الحقائق المتعلقة بشخصية هذا الإمام الجليل والثورة الإسلامية بكل تفاصيلها وخصوصياتها لكي لا تُصاب هذه الحقائق بالتحريف مع مرور الزمن حيث قال سماحته: "إذا لم تُكرر الحقائق بتفاصيلها وخصوصياتها، فإنها ستُمنى بالتحريف مع مرور الزمن. وأنتم جميعاً تعلمون أنه ثمة دوافع كثيرة تستهدف تحريف شخصية الإمام (رحمه الله) وتحريف الثورة الإسلامية التي كانت أكبر فنونه وانجازاته رحمه الله."

وأضاف الإمام الخامنئي: "ينبغي علينا تكرار الحقائق التي تتعلق بالإمام الخميني والثورة الإسلامية لكي نسلب فرصة وأرضية التحريف من الذين يبتغون القيام بذلك"

وتابع الإمام الخامنئي كلمته واصفاً جذابية شخصية الإمام الخميني بقوله: "كان الإمام يتحلى بجاذبيات في شخصيته وفي شعاراته، وكانت لهذه الجاذبيات من القوة ما استطاعت إنزال مختلف طبقات الناس وشرائحهم من الشباب إلى الميدان". وأضاف سماحته: "لقد كان الإمام يتمتع بشخصية في غاية القوة والاقتدار، وكان يتسم بالصراحة والصدق، وقد تجلى إيمانه وتوكله على الله سبحانه وتعالى في قوله وفعله على حدّ سواء".

ورأى السيد الخامنئي في عرض الإمام الخميني لبعض الأسس ومنها الإسلام المحمدي الأصيل أحد العوامل التي عملت على شد الناس نحو شخصية الإمام الراحل رحمه الله وعرّف سماحته الإسلام المحمدي الأصيل بقوله: "الإسلام الأصيل يعني ذلك الإسلام الذي لا يُغلّ بأغلال التحجّر ولا يُقيَّد بقيود الالتقاط. ففي الفترة التي كان يسودها التحجر من جانب والالتقاط من جانب آخر، طرح الإمام الإسلام الأصيل، وهذا ما كان يتمتع بجاذبية للشباب المسلم".

وتعرّض السيد قائد الثورة الإسلامية لبعض الأسس والمباني التي طرحها الإمام الخميني بقوله: "طرح الإمام طائفة من الأسس والمباني ومنها: الاستقلال، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والعدالة الاقتصادية، والتخلّص من نير الهيمنة الأمريكية. والأسس هذه بأسرها تتسم بالجاذبية"

كما أكد قائد الثورة الإسلامية على ضرورة شرح وتوضيح معالم وإنجازات الثورة الإسلامية ومرحلة الدفاع المقدس وغيرها من الحركات الجهادية العظيمة التي لم يشاهدها جيل اليوم وسمعوا عنها قصصاً فحسب بقوله: "الشباب لم يشاهدوا مرحلة الملاحم الكبرى، لم يروا مرحلة انتصار الثورة، الدفاع المقدس، مرحلة الحركات الجهادية العظيمة في مواجهة الساعين للتجزئة، الشباب سمعوا هذه القصص ولذلك يتوجب علينا شرح المزيد لهم."

ونوّه الإمام الخامنئي بما حققته الثورة الإسلامية والإمام الخميني رحمه الله بقوله: "الثورة الإسلامية التي تحققت بواسطة الإمام الخميني الجليل لم تكن مجرد انتقال سياسي فحسب، بل كان هدف الثورة الإسلامية يتمثل في تغيير هذا الوضع، والذي حول المجتمع إلى مجتمع يحمل هوية، لديه استقلاله، أصالته، إبداعه وكلامه الجديد؛ هذا هو التغيير الذي أحدثته الثورة الإسلامية"

واعتبر السيد الخامنئي في قدرة الثورة الإسلامية على تعبئة الشباب المسلم واحدة من النعم العظمى حيث قال سماحته: "إن شعارات الثورة بمقدورها أن تجذب الجيل الشاب في بلدنا وفي البلدان الأخرى ولاسيما في الدول الإسلامية، وهذه هي قدرة تعبئة الثورة، وأقولها بأن على المسؤولين والناشطين السياسين أن لا يغفلوا عن قدرة الثورة هذه التي بمستطاعها تعبئة الشباب المسلم، وهذه نعمة عظمى"

وفي جزء آخر من كلمته توجه قائد الثورة الإسلامية إلى أبناء الشعب الإيراني بالشكر لمشاركتهم الواسعة في الانتخابات الرئاسية والبلدية التي شهدتها الجمهورية الإسلامية مؤخراً حيث قال سماحته: "ثمة قضية بالغة الأهمية وهي قضية الانتخابات الرئاسية التي تم إجراؤها. والواجب عليّ أن أتقدم بالشكر من صميم قلبي لكل فرد شارك في هذه الانتخابات وأدلى بصوته في صناديق الاقتراع، وقد فاقت أعدادهم 41 مليون ناخب. فقد منحت هذه الانتخابات سمعة حسنة لنظام الجمهورية الإسلامية ودلّت على ثقة الناس العامة بالنظام الإسلامي"

كما تطرق سماحته إلى المشادات الكلامية التي شهدتها المناظرات الانتخابية بين المرشحين بقوله: "طبعاً فقد قيل بعض الكلام في الدعايات والمناظرات، كانت هناك بعض التصرّفات الغيرأخلاقيّة، وجّهت الاتهامات لمختلف الأجهزة، لم تكن هذه أعمالاً جيّدة".

وتوجّه الإمام الخامنئي بخطابه للشعب الإيراني قائلاً: "الشعب، سواء تلك المجموعة التي فاز مرشّحها في الانتخابات أو تلك التي لم يفز مرشّحها، يجب عليهم أن يتعاملوا بسعة صدر، وأن يظهروا الحلم".

 

  • سیتم نشر النص الکامل لکلمة الإمام الخامنئي فور الإنتهاء من إعدادها