واستهلّ الإمام الخامنئي كلمته بالمباركة بميلاد الإمام علي بن موسى الرضا (ع)؛ حيث اعتبر سماحته تقارن ميلاد هذا الإمام العظيم مع جلسة تصديق حكم رئاسة الجمهورية مبعث تفاؤل وتبرّك للحضور الكريم ولقلوب الشعب الإيراني المفعمة بالشوق.
وأشار الإمام الخامنئي إلى عجز مختلف أساليب العدو عن إرضاخ الجمهورية الإسلامية بقوله: لقد قاموا [الأعداء] بفرض الحظر علينا؛ طبعاً سبَّبَ الحظرُ بعض المشاكل للبلاد، لكننا تنبهنا للإمكانيات التي لدينا؛ عندما فرضوا الحظر علينا استيقظنا والتفتنا لأنفسنا. نحن أقوياء اليوم على خلاف ما يرغب ويتمناه الأعداء.
وأضاف قائد الثورة الإسلامية: الجمهورية الإسلامية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه في السنوات الأولى [من تأسيسها] على الرغم من كل هذا الحظر والعداء. هذا يدلُّ على أننا استثمرنا هذه العداوات وعملنا على تقوية أنفسنا. عداء الأعداء الصريح وغير الصريح كلاهما قاما بزيادة صلابتنا؛ البعض يمارسون عداوتهم للشعب الإيراني بشكل صريح كالمسؤولين الحاليين في أمريكا والبعض الآخر يمارسون عداوتهم مرتدين قفازات مخملية ولكن بشكل منظم الشيء الذي أشرنا إليه سابقاً. وببركة هذه العداوة ازدادت ثقة الشعب والمسؤولين بأنفسهم ووجدوا سُبل مواجهة أساليب الأعداء.
كما أكد الإمام الخامنئي في خِضَّم كلمته على أن أربعة عقود من العمل في الساحة الدولية أثبتت أن تكلفة الاستسلام للقوى المتسلطة أكثر بكثير من تكاليف الصمود والوقوف في وجه هذه القوى.
وتطرّق قائد الثورة الإسلامية إلى الغوغاء التي أثيرت مؤخراً حول إطلاق الجمهورية الإسلامية صاروخاً حاملاً لقمر صناعي إلى الفضاء بقوله: إطلاق هذا الصاروخ الحامل لقمر صناعي، هو عمل علمي وتقني وطبيعي ومهمٌ للبلاد طبعاً، ولكن حتى فيما يتعلق بهذا الموضوع قاموا بإثارة الغوغاء.
وفي قسم آخر من كلمته استذكر الإمام الخامنئي حديث الإمام الرضا (ع) المعروف بحديث سلسلة الذهب حيث قال سماحته: نأمل أن نستطيع إرساء كلمة التوحيد وحقيقتها في حياتنا؛ سواء في حياتنا الشخصية أو في الحياة الاجتماعية أو في أساسات الحكم في الجمهورية الإسلامية بناء على حديث الإمام الرضا (ع) حيث قدّم عليه السلام كلمة التوحيد على أنّها أساس الدين وقال: كلمة لا إله إلا الله حصني ومن دخل حصني أمِنَ من عذابي.
وشرح الإمام الخامنئي دليل أهميّة هذه الجلسة بالقول: تأتي أهميّة هذه الجلسة من ناحيتين الأولى بدء مرحلة إدارة جديدة للبلاد حيث تنعقد الآمال على أن المسؤولين الذين سيدخلون ميدان العمل مع رئيس الجمهورية سیثلجون قلوب الشعب بإبداعاتهم الجديدة والقدرات التي تفوق القدرات السّابقة وسوف يحقّقون المطالب التي تحدّث حولها رئيس الجمهوريّة المحترم.
واستكمل سماحته حديثه قائلاً: ومن ناحية ثانية هذه الجلسة مظهر السّيادة الشعبية، هذه هي الجلسة الثانية عشرة من هذا النوع منذ بداية الثورة حتى اليوم، أي أنّ الشعب الإيراني لعب دوره في قضية اختيار مدراء الدرجة الأولى في البلاد اثنتي عشرة مرة منذ بداية الثورة، هذه قضية بالغة الأهميّة وقد تكفّل اختيار الشّعب بتشكيل عشرة مجالس شورى إسلامية وخمس مجالس بلدية في المدن وفي القرى وخمس مجالس خبراء.
وقارن الإمام الخامنئي وضع البلاد الحالي بما كان عليه قبل الثورة من دكتاتورية وتهميش للناس في مسألة الحكم حيث قال سماحته: لم يكن يوجد للناس قبل انتصار الثورة أيّ دور في إدارة البلاد وتعيين المدراء، كان الرؤساء والسلاطين وحاشيتهم يأتون ويرحلون وكان النّاس مجرّد جمهور مشاهد... جاءت الثورة الإسلامية لتنقل النّاس من الهامش إلى الصدارة.
وتوجّه الإمام الخامنئي إلى رئيس الجمهورية والحكومة المقرّر تشكيلها بتحديد التوجّهات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في الفترة المقبلة حيث قال سماحته: التوجّه الأول؛ هو الالتفات لمشاكل الناس. الالتفات للقضايا الدّاخليّة، مشاكل وهموم النّاس، قضيّة العيش والاقتصاد؛ حيث أنّه عليكم إيصال هاتين النّقطتين إلى مرحلة مقبولة خلال الأعوام الأربعة المقبلة.
وتابع قائد الثورة الإسلامية: التوجّه الثاني هو إقامة العلاقات الواسعة مع العالم. هذا ما يقع في الجهة المعاكسة تماماً لما يسعى إليه أعداؤنا وجبابرة هذا العالم. نحن قادرون على إقامة شبكة علاقات واسعة وكبيرة مع العالم وتقديم المعونة للشعوب والحكومات الأخرى وفي الوقت ذاته الاستفادة من معوناتهم المقدّمة إلينا.
واستكمل الإمام الخامنئي حديثه بالقول: التوجّه الثالث؛ قفوا بوجه أي مساع سلطويّة بقوّة وصلابة. أيّاً كان ذلك المتغطرس. نظام الولايات المتحدة الأمريكية اليوم يفوق الجميع تعديّاً وانتهاكاً ووقاحةً، يمكنكم الوقوف أمام هؤلاء وتخطّي حيلهم بصلابة، بقوّة، بالاستناد إلى القوّة الوطنيّة والاستعانة بهؤلاء النّاس.
وفي إطار آخر نبّه قائد الثورة الإسلامية إلى أهميّة البقاء على يقظة دائمة ومستمرّة في التعامل مع الأعداء مشيراً إلى حديث للإمام علي (عليه السلام) في هذا الصّدد حيث قال سماحته: واحدة من الملاحظات التي أود التأكيد عليها أن لا يفارق تواجد الأعداء وأساليبهم تفكير أحد. يقول أمير المؤمنين: "من نام لم يُنم عنه" إذا نمتم في خندقكم، ففي الخندق المقابل من الممكن أن يكون أعداؤكم مستيقظين. يجب أن لا ننسى الحذر في كل الأمور؛ مسؤولو البلاد هم المعنيون الأوائل بهذا الكلام. الأعداء منهمكون بعداوتهم، لكن بفضل الله، الشعب الإيراني شعب ذو تجربة وخبرة كبيرة.