وفي ما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقاها قائد الثورة الإسلامية خلال هذا اللقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم

أرحّب بكم أيها الإخوة والأخوات الأعزاء الطاقات المكرّمة العاملة على ازدهار البلاد وتقدّمها. أنتم شخصيات كريمة ونجيبة وملتزمة أخذتم على عواتقكم واحدةً من أصعب مهمّات إدارة البلد وتقدّمه، وتحمّلتم في سبيل سعادة هذا الشعب أعباء العمل  الثقيلة. الله تعالى يقدّر جهودكم ومساعيكم ونسأله أن يجزل لكم الأجر والثواب.

من الدارج بمناسبة يوم العمّال أن يثني أصحاب الأقلام والبيان والخطابة على شريحة العمال ومناقبهم، وهذه ممارسة محمودة وفي مكانها طبعاً. بغضّ النظر عن مدي تأثير الكتابات والخطابات في رفع مرتبة العامل، فإن المنقبة الأصلية والمحورية للطاقات العاملة في المجتمع هي أن العامل يضمن بجسمه وروحه وعقله مسيرة تقدم البلاد إلى الأمام وتوفير الراحة والخدمات للشعب. صحيح أن ثمة عوامل أخرى مؤثرة في هذا المضمار  - نظير الطاقات التي توفر رؤوس الأموال والطاقات الإدارية - وينبغي تثمينها وتقديرها في مواطنها، لكن العامل يقوم بهذا العمل بجسمه وروحه، ولهذه القضية قيمة وأهمية مضاعفة.

إذا لم تتوفر في بلد من البلدان طاقات إنسانيّة عاملة، أو إذا كانت هذه الطاقات ضعيفة، أو غير ماهرة، أو إذا شابت أذهانها وأفكارها طرائق سياسية متنوعة، فإن ذلك  البلد سيصاب بالشّلل. أنتم المنظومة العمّالية في البلد العمود الفقري للبلد، وأنتم الذين تعملون غالباً على الحيلولة دون إصابة البلد بالشلل. هذا شيء يجب أن يُعلم ويكون واضحاً ويتوجّب أن يعلمه ويفهمه جميع الناس. على مستوى صناعة الثقافة يجب أن يعرف الناس قيمة العمل والعامل، وعلى المستوى العملي أيضاً ينبغي للمشرّعين والتّنفيذيين أن يولوا هذه الأمور أهمية دائمة. إذا تمتعت شريحة العمّال في بلد من البلدان بالرعاية والأمل والأمن المهني، فستكون مسيرة ذلك البلد نحو التقدّم سهلة يسيرة. هذه حقيقة يجب أن يعلمها ويدركها الجميع.
 

أنتم المنظومة العمّالية العمود الفقري للبلد، وأنتم الذين تعملون غالباً على الحيلولة دون إصابة البلد بالشلل

و أنا أعتقد أن أهمية طبقة العمّال أعلى حتى من هذا. ما سلف ذكره أمرٌ يتعلق بكل مكان وبجميع البلدان. ولكن ثمة حالة مضاعفة هنا وهي أن العمال - إضافة إلى-  قيامهم بواجباتهم المهنيّة والعملية قاموا على أحسن نحو بالوظائف الثورية والوطنية. في بداية انتصار الثورة الإسلامية كانت حركة العمّال العظيمة إحدى مفاتيح النصرعمّال شركة النفط وغيرهم وغيرهم - وكذلك في فترة الدفاع المقدس. ففي جبهات القتال،  أين ما كان ينظر المرء يجد العمال الشباب والكهول يملؤون الفراغات. وفي الأحداث  السياسية المختلفة لم يرضخ العمال لإغراءات ووساوس الذين أرادوا أن يكون للعمّال مواقف مناهضة للثورة والنظام الإسلامي. هذه ليست بالأمور القليلة. طبعاً الكثيرون لا يعلمون هذه الحقائق، وقد لمسناها عن قرب.

في الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية حضرت شخصياً وسط جماعة عمالية في غرب  طهران، وشاهدت ماذا يفعل أعداء الإسلام والثورة، وكيف يخططون ويبرمجون وما هي مخططاتهم ليستطيعوا - منذ البداية ومع بزوغ أنوار الثورة وبواسطة طبقة العمّالتكريس نفوذهم السياسي التّابع لبعض القوى الكبرى. هذا ما شاهدته عن كثب. وشاهدتُ في مقابل ذلك الشريحة العاملة المؤمنة المتدينة، بفضل ما لها من إيمان وبفضل ثقتها بالإمام الخميني الجليل ورجال الدين، شاهدتها تقف بصراحة وشجاعة مقابل أولئك، وهذا ما تكرّر على مدى سنوات طويلة. وقد مضى على تلك الأيام 34 عاماً. حاول الكثيرون وسعوا وأنفقوا الأموال ليضعوا طبقة العمّال في مقابل النظام الإسلامي. لكن الطبقة العاملة وقفت وقاومت، وهذا على جانب كبير من الأهمية. هذه حقائق تكشف لنا قيمة المنظومة العمالية في إيران، قيمتها الإنسانية والثورية والحضارية. هذه أمور يجب أن تتحوّل إلى ثقافة ليعلمها ويدركها الجميع. وعليكم أيها العمّال أن تفخروا بذلك.

في العام الماضي أطلقنا شعار دعم العمل ورأس المال الإيرانيين. وهذه المسألة لا تنتهي في سنة واحدة. يرفع الأعزاء والمسؤولون تقارير عن إنجاز كذا وكذا، لا بأس،  بارك الله في أي عمل يُنجز بنية صالحة خيّرة، ولكن ينبغي متابعة الأمر بصورة جدّيّة ومحورية، وهذا يقع على عاتق كل الناس. هذا جانب مهم من صناعة الثقافة التي أشرنا  إليها.

رفعنا شعار: الإنتاج الداخلي، العمل ورأس المال الإيراني. هذا معناه أن لا يختطف بريق وسحرالأسماء الأجنبية الأنظار. فليعلم الجميع أن هذا المنتج الذي يشترونه إما  يزيد من رفاهية عامل إيراني أو يتسبّب في حرمانه وفقره ويزيد من رفاه العامل الأجنبي. طبعاً نحن نحبّ البشرية كلها، لكن العامل الإيراني يعمل لرفعة بلاده وشموخها، وهو جزء مهم وثمين وعزيز من جسد هذا الشعب، فينبغي تعضيده وتأييده وتقويته.  بعضهم لا يفهمون هذا ولا يدركونه، أو لا تختلف بالنسبة لهم علامات المنتجات الإيرانية والأجنبية، أو حتى على العكس، بدل أن يبحثوا عن علامات الإنتاج الإيراني  يبحثون عن علامات الإنتاج الأجنبي. هذا انحراف وخطأ. كل الناس مخاطبون بهذا الكلام.

إنني أؤكد وأصرّ وأطلب من كل الشعب الإيراني أن يتجّه نحو استهلاك المنتجات  الداخلية. هذه ليست بالقضية الصغيرة ولا بالعملية قليلة الأهمية، إنما هي قضيّة وممارسة كبرى. طبعاً الأجهزة والمؤسسات الحكومية وأجهزة الدولة - الحكومية بالمعنى العام للكلمة - تتحمّل من هذه الناحية واجبات مضاعفة. الوزارة الفلانية والمؤسسة الفلانية والدائرة الفلانية حينما تريد تأمين ما تحتاجه من بضائع ولوازم يجب أن لا  تستخدم البضائع الأجنبية مطلقاً، وتستخدم المنتجات الداخلية. طبعاً من الجانب الآخر يُطالَبُ المنتِج الداخلي - سواء كان مديراً أو عاملاً أو مستثمراً - ويُصَرُّ عليه  بأن يقدّم منتجات جيدة وكاملة ومناسبة. فكلا الجانبين مما أشار له ديننا الإسلامي المقدس واهتمّ به. يطالبنا الله سبحانه بمتانة العمل، ويطالبنا أيضاً باحترام  العامل، وبتأمين أمنه الحياتي والمهني، ويطالبنا الله كذلك بتأمين أمن رأس المال.

حينما تلاحظ هذه الأمور كلها إلى جانب بعضها، فلن تحصل هذه الحالات من الإفراط والتفريط تحت مسمّيات مختلفة، سواء في حيّز نشاط الاقتصاد الليبرالي الذي يسمّونه الحرّ - الحرّ يعني حرّاً لأصحاب رأس المال، وسجناً وحبساً وضغوطاً على الطبقات المظلومة والفقيرة، وتلاحظون اليوم ردود الأفعال على ذلك في أوروبا - أو في الحيّز الاشتراكي. الدليل الأكبر على خطأ الاقتصاد الذي يسمّى ليبرالي هو الأحداث الجارية  اليوم في أوروبا بشكل وفي أمريكا بشكل آخر. لقد أثبت الاقتصاد الرأسمالي خطأه وإخفاقه على الصعيد العملي وعلى صعيد التجربة، وهو لا ينفع حتى الطبقات التي تكوّن هذا الاقتصاد وظهر لحمايتها. والطبقة العمالية تُسحق منذ سنوات طويلة هناك، لكن الوضع حتى ليس في صالح أصحاب رؤوس الأموال والبنوك والكارتلات(الشركات) أنفسهم. وهذه هي بداية  المطاف، وسوف يزداد الأمر سوءاً في المستقبل. وهم لا يكفّون عن إطلاق الوعود بإصلاح الأمور، لكنهم لن يستطيعوا إصلاحها، فطريقهم طريق منحدر زلق، وهم ينحدرون إلى الأسفل، وهذا جزء من تضعضع الحضارة الغربية المادية الخاطئة. هذا ناهيك عن مشكلاتهم  الأخلاقية والعقيدية والنظرية والفكرية. هذه تجارب بالنسبة لنا. والعالم الاشتراكي أثبت عجزه وإخفاقه منذ سنوات طويلة.

للإسلام نظرته المتوازنة الإنسانية العادلة لكل المجالات والميادين، بما في ذلك هذا المجال، فهو يراعي هذا الطرف وذاك الطرف، ويدعو إلى الأخوّة بينهم وليس إلى التعارض والاختلاف، والجميع يركزون على الواجب الإلهي ويعلمون أن الله تعالى حاضرٌ ناظرٌ  يراهم. هذه يجب أن تكون ثقافة حياتنا، وينبغي أن نعمل على هذه الشاكلة.

 

الملحمة السياسية والملحمة الاقتصادية توأمان؛ كل واحدة منهما تعزّز الثانية وتصونها وتحفظها.

رفعنا شعار الملحمة السياسية والملحمة الاقتصادية. والملحمة الاقتصادية ليست بيد الحكومة فقط، فلا مراء أن التخطيط والبرامج الحكومية هي على جانب كبير من الأهمية. الملحمة تعني الحدث الجهادي الحماسي الكبير. هذا شيء يجب أن يأخذه الشعب الإيراني ومسؤولو البلاد بعين الاعتبار، ويردموا الهوّات ويملؤوا الفراغات بعد أن  يعرفوها ويشخّصوها. يجب النظر لحياة الطبقات الضعيفة والفقيرة وأخذها بعين الاعتبار  في كل البرامج والتخطيطات.. هذه هي الملحمة. على كل الناس سواء في ما يتعلق  باستهلاكهم أو إنتاجهم، والقطاعات الإنتاجية بشكل والقطاعات المستهلكة بشكل، والقطاعات الخدمية بشكل، على الجميع أن يعلموا أنه لا بدّ من قفزة واسعة لتقدم  البلاد، ولا بدّ من صناعة ملحمة. عندها ستتقدم البلاد وتستقر. الملحمة السياسية والملحمة الاقتصادية توأمان؛ كل واحدة منهما تعزّز الثانية وتصونها وتحفظها.

حين قلنا في بداية السنة الملحمة السياسية والملحمة الاقتصادية قلنا ذلك عن وعي وإدراك، وأدرك العدو أيضاً ماذا نقول؟ حاول العدو بالحظر والضغوط الاقتصادية المختلفة إخراج الشعب من الساحة، ويقول مع ذلك: إنني لا أعادي الشعب. هو يكذب.. يكذب  بكل سهولة وبكل وقاحة! معظم الضغوط هي من أجل إزعاج الناس وإيذائهم والتضييق عليهم  وتعريضهم للضغوط عسى أن يستطيعوا الفصل بين الشعب والنظام الإسلامي. الهدف هو الضغط  على الناس. إذا جرى الاهتمام بهذه الحركة الاقتصادية العظيمة وهذه القفزة  الاقتصادية وهذه البرمجة الصحيحة، سواء على مستوى التشريع أو على مستوى التنفيذ، وعلى سائر المستويات، فسوف يتمّ إحباط كل هذه الضغوط. على الشعب الإيراني ومسؤولي البلاد إبداء عزيمة راسخة لفرض اليأس على العدو.

و كذا الحال بالنسبة للملحمة السياسية؛ الملحمة السياسية تعني الحضور الواعي للشعب في الساحة السياسية وفي ساحة إدارة البلاد. والنموذج البارز لهذا التواجد هو المشاركة في الانتخابات التي ستقام بعد فترة وجيزة إن شاء الله وبتوفيق من الله في وقتها المقرر، وبمشاركة وتواجد واندفاع من قبل جماهير الشعب. ولأنهم أدركوا ما هو هدف الملحمة السياسية والملحمة الاقتصادية بدأوا بالتخريب والتشويه - حسب ما تمليه عليهم أوهامهم - من الآن. اليوم ثمة صنوف من الإعلام والدعاية غايتها بثّ اليأس في  نفوس الناس على الصعيد الاقتصادي، والتقليل من محفزات الشعب للحضور في الساحة السياسية وخصوصاً في ساحة الانتخابات. إنهم لم يعرفوا الشعب الإيراني بعد. هذه الحركة العظيمة للشعب الإيراني في الميادين المختلفة لم تستطع بعدُ أن تنبه المخططين وواضعي السياسات الاستكبارية خلف الكواليس من غفلتهم وجهلهم، فهم لا يعلمون من هو الجانب الآخر. لقد صبر الشعب الإيراني وقاوم طوال أكثر من ثلاثين عاماً على الرغم من كل هذه المعارضات والعداوات. إذا كان المسؤولون قد صبروا وقاوموا فما ذلك إلا بدعم من الشعب. الفضل الأول يعود للناس والثناء الأكبر تستحقه جماهير الشعب. هم الذين ربطوا على قلوب المسؤولين وساندوهم ليستطيعوا المقاومة - أين ما قاوموا - أمام تعسّف الأعداء والمستكبرين وضغوطهم وجشعهم. وكذا الحال اليوم أيضاً، وسيكون الوضع على نفس الشاكلة في المستقبل بتوفيق من الله.
 

إذا كان المسؤولون قد صبروا وقاوموا فما ذلك إلا بدعم من الشعب. الفضل الأول يعود للناس والثناء الأكبر تستحقه جماهير الشعب

قضية الانتخابات قضية مهمة. ساحة الانتخابات ساحة ظهور الاقتدار الوطني في البلد. الشعب الحيّ والنشط والمعتمد على الإرادة الإلهية والواثق بتعضيد الله وعونه، هذا الشعب سوف ينتصر في كل الساحات والميادين. وكذا الحال في هذه الساحة أيضاً.
قلنا: لتنزل إلى الساحة كل الأذواق والتيارات المختلفة وكل من يشعر بأن لديه المقدرة، وسوف تشارك كتل الشعب الهائلة البالغة عشرات الملايين في الساحة إن شاء الله، ولكن لا يخطئ الذين يرشّحون أنفسهم في حساباتهم، وليعلموا ما هي إدارة البلاد تنفيذياً. لا يخطئوا في تقييم حاجة البلاد لقوة وسلطة تنفيذية، ولا يخطئوا في تقييم  قدراتهم على حمل هذه الأعباء. إذا كانت لهم تقييماتهم الصحيحة فيخوضوا غمار الساحة،  والشعب ينظر وينتخب.

آلية الانتخابات في بلادنا آلية متينة. اعتراضات البعض هنا وهناك غير منطقية وفي غير محلّها حقاً. وجود مجلس صيانة الدستور في دستور البلاد - والذي شدّد عليه الإمام الخميني مراراً وتكراراً - وجود مبارك بحق. تشخيص مجلس صيانة الدستور؛ تشخيص مجموعةٍ من الأفراد العدول والمحايدين وذوي البصيرة في ما يخصّ الأهليات. هذا شيء مبارك وممدوح بالنسبة لنا ولكل أبناء الشعب. وأبناء الشعب يبحثون ويحققون بين الذين تمّ  تأييد أهلياتهم وصلاحيتهم، ويستفسرون من الذين يثقون بهم، وينظرون لسوابق المرشّحين  وشعاراتهم وكلامهم وأقوالهم، ثمّ يتخذون قرارهم.

المرشح للانتخابات يجب أن يكون أولاً مؤمناً معتقداً بالله وبهذه الثورة وبدستور البلاد وبهذا الشعب. وثانياً يجب أن يتحلى بروحية مقاومة. لهذا الشعب أهدافه وطموحاته السامية ومشاريعه الكبرى، وهو شعبٌ غير مستسلم، ولا أحد بوسعه التحدّث مع هذا الشعب بلغة القوة. الذين يتولون المسؤوليات العليا في السلطة التنفيذية يجب أن  يكونوا مقاومين أمام ضغوط الأعداء، فلا يسارعوا إلى الخوف والفزع، ولا يسارعوا لترك  الساحة. هذا من الشروط اللازمة. وثالثاً يجب أن يكونوا أفراداً مدبّرين ذوي حكمة. رفعنا في السياسة الخارجية شعارات العزة والحكمة والمصلحة. وكذا الحال في إدارة البلاد، وفي القضايا والشؤون الداخلية، وكذلك في الشؤون الاقتصادية. يجب أن ينظروا للأمور والأعمال من زاوية التخطيط والبرمجة وبحكمة وتدبير وبنظرة طويلة الأمد وشاملة وبهندسة صحيحة للأعمال والمهمات.

 

المرشح للانتخابات يجب أن يكون أولاً مؤمناً معتقداً بالله وبهذه الثورة وبدستور البلاد وبهذا الشعب. وثانياً يجب أن يتحلى بروحية مقاومة
 

التفكير الاقتصادي بطريقة يومية مؤقتة حالة مضرّة، وتغيير السياسات الاقتصادية بشكل دائم ممارسة مضرّة -إنها مضرّة في كل القطاعات وخصوصاً في المجال الاقتصاديوالاعتماد على الآراء والقرارات غير الخبروية حالة مضرّة، والثقة بالأساليب المحقونة الموجودة في الأنظمة الاقتصادية الشرقية والغربية أمرٌ مضرٌ أيضاً. السياسات الاقتصادية يجب أن تكون سياسات اقتصاد مقاوم. والاقتصاد المقاوم يجب أن يكون  مقاوماً في بُنيته الداخلية، وبمقدوره أن يصمد ولا يتلاطم بالتغييرات المختلفة في العالم هنا وهناك. هذه أمور ضرورية ولازمة. رئيس الجمهورية الذي يريد إدارة هذا البلد الكبير والسير في هذا الدرب الزاخر بالمفاخر بمساعدة الناس، يجب أن يتحلى بمثل هذه الخصوصيات. ورابعاً يجب أن يتحلى بالتهذيب الأخلاقي وعدم الخوض في القضايا الجانبية. هذه أمور ضرورية. وقد كانت هذه توصيتي دائماً لكل الحكومات. وتعلمون إنني دعمت دوماً الحكومات ورؤساء الجمهورية طوال هذه الأعوام. وقد أوصيتهم بتوصياتي أيضاً، وفي حالات كثيرة طالبتهم بإيضاحات. ما شدّدتُ عليه هو أن لا يخلقوا للناس  تكاليف ومشاكل وهموم وقلق، ولا يسبّبوا لهم التشويش والاضطراب. وطبعاً يجب أن لا يطلقوا وعوداً اعتباطية من دون أساس، ولا يُمَنّوا الناس أمنيات حالمة غير منطقية. بل  يتحركوا بطريقة منطقية ومعقولة ومتطابقة مع الواقع وبالتوكل على الله تعالى. ويجب أن يكون هذا هو الحال في المستقبل أيضاً إن شاء الله.

ما تعلمناه من تجربة الثورة طوال سنين، هو أن الله تعالى سينصر بفضله وهدايته هذا الشعب على كل أعدائه. والأعداء أنفسهم سيعترفون -وهم يعترفون اليوم- أن كل من يصطدم  بهذا الشعب وبهذه المسيرة العظيمة وبهذه المحفزات الإيمانية العميقة لدى هذا الشعب، سوف يسقط ويُهزم لا محالة.

نسأل الله تعالى أن يجعل مستقبل هذا الشعب العزيز وهذا البلد أفضل من ماضيه يوماً بعد يوم، وأن يمنّ عليكم أيها الشعب العزيز بالانتصارات المتعاقبة. وستستطيع طبقة العمّال والمنظومة العمالية الهائلة في البلاد التي صنعت لحد الآن كل هذه المفاخر، أن تضاعف مفاخرها في المستقبل، وتزيد من إشراق الوجه المشرق للطاقات العمالية بين الناس إن شاء الله.

والسّلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته.