في تموز من العام ٢٠١٦ وخلال اللقاء الذي جمع الطلاب الجامعيين بالإمام الخامنئي، طالب سماحته الشباب الجامعيين بمسألة هامة: تأسيس جبهة واحدة مناهضة لأمريكا. “من الأمور الأخرى التي أرى أنكم قادرون على النهوض بها تأسيس جبهة واحدة مناهضة لأمريكا و الصهيونية على مستوى الطلبة الجامعيين في العالم الإسلامي. قوموا بهذا العمل. اجتمعوا و فكروا ثم أسسوا جبهة مناهضة لأمريكا و الصهيونية.” (٢/٧/٢٠١٦) طبعاً لم تكن هذه المرّة الأولى التي يدعو فيها قائد الثورة الإسلامية الطلاب الجامعيين إلى إبراز حساسية تجاه القضايا العالمية، خاصة ما يجري في المنطقة، قبل عام من هذه الكلمة، وتماماً في اللقاء الذي جمع سماحته بالطلاب الجامعيين، صرّح الإمام الخامنئي بهذا الأمر لكن بصورة مغايرة: “إعملوا في خصوص القضايا الدولية للجمهورية الإسلامية، و في خصوص قضايا اليمن، و في خصوص قضايا العراق، و في خصوص قضايا سورية، و لتكن لكم تحليلاتكم الجذابة و نظرتكم للمستقبل… لو أردتم بالتالي أن يكون لبيئة الطلبة الجامعيين تأثيرها على البلاد كما ذكرنا فالطريق إلى ذلك هو أن تؤثروا على أجواء الطلبة الجامعيين و تؤثر أجواء الطلبة الجامعيين على البلاد.” (١١/٧/٢٠١٥)

 

الأجواء السياسية المعاصرة المعقّدة

السؤال الحالي هو، لماذا يولي قائد الثورة الإسلامية أهمية كبيرة لهذا الموضوع ويؤكد عليه بأساليب متعددة؟ لأن “الأجواء السياسية المتعددة الأبعاد في الظرف الراهن معقدة جداً. إنها متعددة الطبقات و الجوانب، و ليست كما كانت عليه في عقد الستينيات [الثمانينيات من القرن العشرين للميلاد]. لقد كانت الأمور واضحة في عقد الستينيات: كانت هناك حرب في غرب البلاد و جنوبها، و كان هناك عدوّ هجم، و كان الواجب معلوماً. و في طهران إذا ارتفعت راية مخالفة كانت تمحق من قبل الشعب نفسه فيقال له إنك تفعل هذا في فترة الحرب… الخطة اليوم خطة معقدة، فهي أمنية و ثقافية و اقتصادية و سياسية. البرامج و المخططات متشابكة بعضها مع بعض. الواجبات في مثل هذه الظروف جسيمة جداً” (٢/٧/٢٠١٦) من جهة أخرى فللأسف “العالم، هو عالم الظلم” (١٢/٩/٢٠١٧) ولا تزال “شريعة الغاب” تسيطر عليه، “شعب مؤلف من عدة ملايين -كبار وصغار ورجال ونساء ومرضى وسالمون والجميع - تُسلب أرواحهم بواسطة أناس آخرين؛ تُدمّر بيوتهم؛ تُنتهك أعراضهم ونسائهم؛ لا يملكون الدواء، يفتقدون الطعام، لا أمان لهم، لا رخاء لهم ولا يوجد أي حراك جدي بمعنى الكلمة في العالم لأجلهم.” (٢١/١/١٩٩٣)

 

ما هي مسؤولية حكومة المقاومة إزاء النظام الظالم الموجود حاليّا؟

النقطة الثانية هي أن “الجمهورية الإسلامية هي حكومة المقاومة … ماذا تعني حكومة المقاومة؟ أي عدم الاستسلام للغطرسة وللتجبّر، الوقوف موقف القوة. تقف حكومة المقاومة موقف القوّة.” (١٠/٥/٢٠١٧) لذلك فإن كل شخص، بناء على موقعيته والمسؤولية المناطة إليه، يجب عليه الإقدام على خطوات تغيّر الوضع الراهن. “السلطة القضائية” على سبيل المثال تجب عليها متابعة الدعاوى الحقوقية وإحقاق حقوق المظلومين من خلال المحافل الدولية. “يجب على السلطة القضائية اتخاذ المنحى الحقوقي واستخدامه وإعلان موقفها المخالف أو الداعم “بشجاعة وصراحة” في مواضيع كالعقوبات، مصادرة الأمريكيين للأموال، الإرهاب أو الدفاع عن شخصيات العالم المظلومة كالشيخ زكزاكي أو الدفاع عن مسلمي بورما وكشمير حتى ينعكس ذلك في العالم.” (٣/٧/٢٠١٦) أو على سبيل المثال أيضاً يجب على “السلطة التنفيذية” أيضا اتخاذ موقف شجاع حيال قتل المسلمين المظلومين في بورما. “على الجمهورية الإسلامية أن تحتفظ لنفسها بهذا الفخر بأن تعلن موقفها بصراحة وشجاعة حيال الظلم في أي نقطة من العالم؛ سواء في المناطق المحتلة من قبل الصهاينة، أو في اليمن حيث يرزح شعب اليمن تحت وطأة القصف، أو في البحرين أو في أي مكان آخر أو في بورما …” (١٢/٩/٢٠١٧)

 

ما هي مسؤولية الحراك المؤمن والثوري؟

على “الحراك الثوري والمؤمن” أيضاً لعب دوره في هذا المجال واستغلال كافة الفرص المتاحة من أجل رفع الظلم في العالم. مثلا، العالم هو عالم “الدبلوماسية العامة” و”توسّع الفضاء الافتراضي”، إذا يجب استغلال هذه الفرصة. “اتصلوا عن طريق الفضاء الافتراضي، وهو ما حصل بالنسبة لحالات مشابهة. وعلى حدّ تعبير المتأثرين بالغرب أسسوا حملات عامة في العالم الإسلامي ضد الهيمنة الأمريكية وضد السياسات الأمريكية والصهيونية” (٢/٧/٢٠١٦) هذا يعني أن الشاب المؤمن والثوري يجب أن يرتقي بذاته عن مجرد الانغماس في المواضيع السياسية المحليّة. عليه أن يعلم أن تقصيره في أداء المسؤوليات واستمرار الوضع الراهن في العالم هو بمثابة سحق دماء وحقوق المزيد من مظلومي العالم الرازحين تحت وطأة سلطة الأنظمة المتجبّرة والظالمة. بالإمكان قلب نظام هذا العالم الظالم شرط أن يعرف الحراك المؤمن والثوري أن “الكفاح لا يزال مستمرّاً” وأنّ “حياة أبناء الخميني” ليست مجرّد حياة عادية بل أن مسؤولية تاريخية تقع على عاتقه، وأنّ أعين مظلومين العالم تترقّب تأسيس جبهة متّحدة ضدّ الأمريكيين والصهاينة.