و في ما يلى النص الكامل للكلمة التي ألقاها قائد الثورة الإسلامية خلال هذا اللقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد أضحى اسم حججي اليوم اسماً بارزاً ممتازاً متألقاً في كل أنحاء البلاد، وهذا بفضل جهاد ابنكم الشاب واستشهاده بمظلومية. طبعاً شهداؤنا كلهم أعزاء وكلهم مظلومون. فضلاً عن محسنكم ـ وهو محسننا ـ ثمة شهداء آخرون استشهدوا على هذا النحو نفسه، أي إن العدو فصل رؤوسهم عن أجسادهم وطعنهم طعنات قاتلة وهم أحياء. لدينا شهداء من هذا القبيل. ودرجاتهم جميعاً عالية، وكلهم أعزاء عند الله تعالى. ولكن كما أن الجماعة عندما يكونون في مكان ما يتكلم أحدهم كممثل عنهم ويصبح الناطق بإسمهم كذلك صار هذا الشهيد محسن ممثلاً لكل هؤلاء الشهداء المظلومين، وأصبح في الواقع المتحدث بإسمهم. لقد عظَّم الله تعالى قدر هذا الشهيد العزيز ومكانته. طبعاً العزة التي يمنحها الله لشخص ما لها سببها وحكمتها، أي إنها ليست اعتباطية وليست من دون سبب. كانت هناك في هذا الشاب خصوصيات قد نكون مطلعين على بعضها ولا نكون مطلعين على كثير منها. لقد أعزَّ الله تعالى هذا الشاب بسبب هذه الخصوصيات، وحينما يصير عزيزاً يصبح ممثلاً ومتحدثاً بإسم كل هؤلاء الشهداء. أي إن هؤلاء الشهداء الذين استشهدوا من إيران وأفغانستان والعراق ومناطق أخرى في جبهات القتال ضد الأشرار التكفيريين وعملاء أمريكا وبريطانيا، هؤلاء كلهم في الواقع يتلخّصون في هذا الشاب ويتجلون فيه، فهذا الشاب هو ممثلهم، وهو رمز الشهادة بمظلومية، إنه رمز. لقد جعل الله ابنكم الشاب رمزاً للشهادة بمظلومية وشجاعة.

والحمد لله على أنَّ الشعب الإيراني قدّر مكانته بحق. هذه الحشود التي تجمعت لتشييع هذا الشاب ـ سواء في طهران أو في مشهد أو في أصفهان أو في نجف آباد ـ لها معانيها الكبيرة. هذه التجمعات لها معنى كبير جداً. في طهران كما نقلوا لنا من أخبار شارك في تشييعه أفراد متنوعون من نساء ورجال بأزياء غير متناسبة مع هذه الشهادة والجهاد وما شاكل، وحملوا صورة هذا الشاب بأيديهم، أي إن الله تعالى أخذ القلوب ووجّهها بهذا الاتجاه. لقد جذب الله تعالى القلوب نحو هذا الشهيد. هذه العزة التي منحها الله تعالى لهذا الشهيد هي في الواقع عزة منحها لشعب إيران. لقد حقق الشعب الإيراني عزة بهذا الذي حصل.

 

هذه العزة التي منحها الله تعالى لهذا الشهيد هي في الواقع عزة منحها لشعب إيران

 

يحاول الأعداء منذ سنين من خلال البوابات الثقافية أن يحرفوا شعبنا عن طريق الثورة والجهاد والكفاح الذي سار فيه، وهذا ما ترونه وتعلمونه. إن أهالي نجف آباد أناسٌ أذكياء وخبراء ودقيقون وذوو معرفة بالأمور والأشخاص. كلكم تعرفون الخطوط والإتجاهات وتعلمون ما الذي يحدث في هذا البلد من قِبَل الأعداء من أجل أن يجعلوا الثورة تُترك وتُنسى، ومن أجل أن يُنسى الإمام الخميني، ومن أجل أن يُضيّعوا خط الثورة الساطع بين الخطوط المتعددة، هناك مساع تبذل في هذا الاتجاه. ومن هم المستهدفون بهذه الهجمات؟ إنهم الشباب بالدرجة الأولى. أي إنهم يحاولون فصل هؤلاء الشباب وهذا الجيل الذي لم ير الثورة، ولم ير الإمام الخميني، ولم ير الدفاع المقدس، وهو اليوم في عهد الشباب، يحاولون فصله عن الثورة، وتثقيفه بالمفاهيم غير الثورية والمعادية للثورة. هناك مساع تبذل من أجل هذه الأهداف، وهم يبذلون هذه المساعي منذ سنين.

ولكن على الرغم من ذلك هناك حراك شعبي عظيم بين هؤلاء الشباب. هؤلاء الشباب أنفسهم الذين لم يروا الحرب، ولا فترة الدفاع المقدس، ولا تلك الأحداث الصاخبة في تلك الأيام، ولم يشاهدوا الإمام الخميني، ولا الثورة، هؤلاء أنفسهم تنجذب قلوبهم نحو الثورة إلى درجة تترك الإنسان حائراً حقاً. قلتُ مراراً إن شبابنا اليوم من حيث الميول للمفاهيم الثورية، سواء من حيث الكمّ أو الكيفية، إنْ لم يكونوا أكثر وأفضل من فترة الدفاع المقدس وعقد الستينيات [الثمانينيات من القرن العشرين للميلاد] فهم ليسوا بأقل من ذلك. ولا تتصوروا أن كل الشباب في ذلك الحين كانوا يذهبون إلى الجبهات، لا، خلال فترة الحرب أيضاً كان هناك البعض يذهبون للجبهات ويجاهدون ويعرّضون أنفسهم لمختلف صنوف المشاكل، وكان هناك البعض هنا يقضون أوقاتهم بممارسات الشقاء وانعدام الغيرة والعار المختلفة. أي إنَّ كثيراً من الشباب كانوا أيضاً على هذا النحو. كل شهدائنا خلال فترة ثمانية أعوام من الحرب المفروضة في حدود ثلاثمائة ألف أو ثلاثمائة ألف ونيّف مثلاً. وقد كان عدد سكان إيران في ذلك الحين أربعين مليون نسمة. من بين أربعين مليوناً، لنفترض أن مليونين أو ثلاثة ملايين أو أربعة ملايين ذهبوا إلى الجبهات، واستشهد منهم ثلاثمائة ألف شخص. فلم يكن هذا بالشيء الكثير مقابل أربعين مليوناً هم عدد سكان إيران. أي حتى في ذلك الزمن لم يكن الأمر بحيث يكون كل الشباب ثوريين. وإذا نظرتم اليوم فستجدون عدد الشباب ذوي الميول الثورية والفهم الثوري بالقياس إلى مجموع كل الشباب، أظن أنهم إمّا أكثر مما كانوا عليه في ذلك الحين، أو على الأقل أنهم بنفس معدلات تلك الفترة. وهذا على الرغم من العدو. حسنٌ، كان يجب إثبات هذا الشيء بشكل من الأشكال، وقد أثبت شهيدكم هذا الشيء ودلّ عليه. أي إن الله تعالى عظَّم قدر هذا الشاب وأعزّه وجعله رمزاً ليدُلّ على أن جيل الشباب اليوم هو على هذا النحو. لم ير هذا الشاب الإمام الخميني ولم يشهد فترة الحرب، ولم يعش فترة الثورة، لكنه سار بكل هذا الإخلاص والصدق للجهاد في سبيل الله، ويحاول ويسعى ويتوسل ويطلب من الله ومن الإمام الرضا ومن والديه بأن يسمحوا له بالتوجّه إلى جبهات القتال وأن يساعدوه في ذلك. هذه آية إلهية. هذه آية الله، وهي دليل على معجزة الثورة، والحمد لله على أن هذه المعجزة مستمرة وجارية.

 

اعتقد أنكم أنتم عائلة الشهيد بالدرجة الأولى، ومسؤولو البلاد بالدرجة الثانية، ومن ثمّ كل شعب إيران، مدينون لجهاد هذا الشاب وأمثاله

اشكروا الله، واعتقد أنكم أنتم عائلة الشهيد بالدرجة الأولى، ومسؤولو البلاد بالدرجة الثانية، ومن ثمّ كل شعب إيران، مدينون لجهاد هذا الشاب وأمثاله. الحق أنَّ الجميع مدينون لهذا الجهاد. لقد أعزّ هذا الجهادُ الجميعَ، وأعزّ الجمهورية الإسلامية، وأعزّ البلادَ، وأعزّ إيران، وأعزّ الشعبَ. وهذا ما لا تذكره الإذاعات الأجنبية طبعاً، فهي لا تريد الإشارة إليه، ولا تروم الاعتراف به وتسليط الضوء عليه، لكن محللي هذه القضايا يرون الأمور ويفهمون ما الذي يحدث في البلاد. هذه الحشود التي تجمعت في طهران لتشييعه وسارت في الشوارع، مع أية حشود يمكن مقارنتها؟ في أي مكان من العالم يحدث مثل هذا؟ وفي بلادنا نفسها كم يحدث مثل هذا الشيء؟ أو تلك الحشود التي تجمّعت في مشهد في الصحن الطاهر، أو تلك الحشود الهائلة في ساحة الإمام الخميني بإصفهان والتي شاهدتُ صورها، أو في نجف آباد حيث سمعتُ أن تلك الساحة الكبيرة كانت غاصّة بالحشود. الله تعالى يجتذب القلوب بهذه الطريقة ويأتي بها إلى هنا. هذه القلوب بيد الله، وهذا من فعل الله، لقد أعزّكم الله وهذا سلوانٌ لكم. المصاب مصابٌ كبير، لكن هذه العزة التي مَنَّ الله تعالى بها عليه وعليكم ومَنَّ بها على البلاد ببركته، هي مبعث فخر وسلوان لكم، للوالد وللوالدة وللزوجة. اشكروا الله أن مَنَّ على البلاد بمثل هذه العزّة بواسطة ابنكم الشاب أو زوج هذه السيدة.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.