وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة التي أجراها موقع Khamenei.ir مع سماحة السيد الجزائري:
 

في سؤالنا الأول لسماحتكم نودُّ أن نسمع منكم تقريراً حول العراق اليوم. كيف تشاهدون العراق اليوم الذي وصفه الإمام الخامنئي بأنه أضحى عراق الشهيد الحكيم بعد أن كان عراق صدام حسين؟

بسم الله الرحمن الرحيم. إنها فرصة طيبة في الحقيقة أن نلتقي بكم ونتحدث في محاور عديدة. عندما نتحدث عن العراق فلا بُدَّ أن أمُرَّ بمرحلة النظام البائد؛ النظام الصَّدامي. تعرفون أنَّ نظام صدام جاء إلى الحكم تقريباً بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة بقيادة السيد الإمام الخميني ضمن مخطط مدروس ومعروف والذي على ضوئه قام بانقلاب أبيض على أحمد حسن البكر الرئيس الأسبق للعراق ومن ثمَّ قاد هذه المرحلة لهدف مرسوم واستراتيجي من قِبَل أمريكا وحلفائها آنذاك لضرورة ضرب الثورة الفتية التي نهضت اليوم والتي أحدثت زلزالاً مدوياً في العالم الإسلامي والتي عبَّر عنها السيد الشهيد محمد باقر الصدر أنَّ ثورة الإمام الخميني قدّس الله نفسه أنَّها أخرجت المارد الإسلامي من قمقمه. هذه الثورة التي عُدَّت بالتصنيف العالمي على لسان مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة أنها سادس ثورة كبرى في العالم على غرار الثورات العالمية الكبرى. مرَّ العراق بسنوات عجاف طِوال قائمة على عملية القبضة الحديدية وقتل العلماء ومن أبرز العلماء الذين خسرتهم الساحة العراقية والإسلامية هو السيد الشهيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية بنت الهدى وكوكبة من علماء آل الحكيم وكثير كثير من سلسلة الدماء التي نُحرت في العراق من الشباب الإسلامي الواعي. ولكن هذه القبضة الحديدية في الحقيقة لم تفت من عضد العراقيين وبقي الخط يتنامى. ولربما عوَّلوا على عنصر الزمن إذا ما رحل السيد الإمام الخميني من هذه الدنيا فربما تضعف هذه الجذوة التي أوجدها السيد الإمام. ولكن ولله الحمد لقد منَّ الله على الأمة الإسلامية بقيادة فذَّة حكيمة ومحنكة وخبيرة وصاحبة تاريخ طويل من الجهاد والعمق الرسالي الكبير والذي ينطبق عليه أنَّه عالمٌ بزمانه هو آية الله العظمى الإمام الخامنئي حفظه الله ولي أمر المسلمين واستمرت هذه المسيرة.

أتذكر ولربما في العراق أول دعوة إلى بثِّ جذور الولاية في العراق وضروة اتباع ولاية السيد القائد كانت مجموعة من الشباب العراقي في مقدمتهم الشيخ الأستاذ الشهيد فاضل العمشاني قدس الله نفسه والشيخ الشهيد عز الدين الدَّرّاجي والأخ الشهيد أبو علي الفريجي وغيرهم من الشباب الذين بعضهم استشهد وبعضهم هُجِّر إلى خارج العراق وبعضهم اعتقل وبدأت هذه النواة تتنامى.

كان هناك هاجس عند العراقيين؛ نحن نستطيع أن نشارك أخوتنا في لبنان، في إيران في أي مكان ولكن الظروف لربما لم تكن مواتية. بعد دخول الاحتلال الأمريكي إلى العراق كان هناك ارهاصات في الساحة العراقية؛ كيف نتعامل مع الاحتلال الأمريكي؟! كيف نتعامل مع القوات الأمريكية؟ هل هي قوات احتلال أم أنها قوات مُحرِّرة؟ نحن نعرف أنَّ الشعار الذي رُفع هو تحرير العراق. ونعرف أنَّ الرسالة التي رُفعت هي حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق الإنسان ولكن الحقيقة أنَّ أمريكا لا يمكن الوثوق بها والاطمئنان إليها. يكفي أنَّ السيد الإمام الخميني قدّس الله نفسه أسماها بالشيطان الأكبر. هذه (الخدعة) في الحقيقة لم تنطلِ على ثلة ممن كانوا على خط الولاية، ولاية الفقيه، وبدأت بوادر تشكيل عمليات جهادية ضد الاحتلال الأمريكي بعد دخول الاحتلال الأمريكي مباشرةً. هو دخل في الشهر الرابع من السنة الميلادية، أول عملية جهادية ضد الاحتلال الأمريكي كانت في الشهر العاشر 2003. وتشكَّلت نواة كتائب حزب الله؛ وهو في الحقيقة فصيل جهادي آل على نفسه أن يواجه المحتل بقوة السلاح لأنَّنا نعلم أن العدو في هذا الزمن لا يعرف إلا منطق القوة وكانت هناك عمليات نوعية كبيرة جداً، إلى أن منَّ الله عزَّ وجل علينا بخروج الاحتلال الأمريكي في نهاية عام 2011. وأنا أتذكر في نهاية عام 2011 أنَّ القوات الأمريكية أرسلت موفد ومفاوض من قِبَل الحكومة ليفاوض المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله كان الهدف الأساس هو أن يوقفوا العمليات العسكرية ضدَّ الاحتلال الأمريكي حتى تخرج القوات الأمريكية غير ذليلة. وبعد تدخل والأخذ بالمفاوضات قبلت المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله بشرط أن لا تبقى جذور للاحتلال في العراق وخرج الاحتلال الأمريكي من العراق. كنا مدركين أنَّ قضية الساحة العراقية لا تقف عند هذا البُعد؛ وخصوصاً أننا نمتلك معطيات ومعلومات دقيقة عن أن أمريكا استطاعت أن تُجهِّز لمنظومة مستفيدة من المنظومة الوهابية قائمة على أساس تكفير المسلمين هذا من تحكم عليه بالشرك وهذا من تحكم عليه بالرِّدة وهذا من تحكم عليه بالضلالة وجنَّدت شخصيات كثيرة في المعتقلات الأمريكية آنذاك وخصوصاً في معتقل بوكا في البصرة. واحدٌ من الشخصيات التي جُنِّدت في البصرة في هذا المعتقل هو أبو بكر البغدادي. وكانت تلك الفترة خصوصاً في العصف الطائفي الذي حصل في عام 2006 و2008 والذي تزامن مع هدم المرقدين الشريفين للإمامين العسكريين كانت هناك معطيات ومعلومات أنَّ هؤلاء ينتقلون بغطاء أمريكي وبرضا أمريكي ومعلومات استخباراتية أمريكية. فعلمنا أنَّ المرحلة القادمة هي ليست مرحلة المواجهة المباشرة بل مقاتلة أذناب. وفعلاً اليوم الصراع السُّعودي القطري كشف الكثير من أبعاد هذه المؤامرة. اليوم واحدة من حسنات هذا الصراع أنَّ قناة العربية بدأت تبث جملة من الوثائق، وقناة الجزيرة أيضاً تبث جملة من الوثائق، لكنهم أجمعوا على أنَّ النصرة وداعش وجيش الشام وغيرها من التنظيمات الإرهابية التكفيرية كانت بتمويل من بعض الدول في المنطقة يواكبها غطاء أمريكي.

الحقيقة أنَّ أمريكا لا يمكن الوثوق بها والاطمئنان إليها. يكفي أنَّ السيد الإمام الخميني قدّس الله نفسه أسماها بالشيطان الأكبر

إذن المعركة اليوم هي معركة ذات أبعاد متعددة؛ فيها بعد سياسي، فيها بعد إعلامي وفيها بعد عسكري. قبل صدور الفتوى المباركة من السيد الإمام السيستاني حفظه الله بالجهاد الكفائي كان أبناء كتائب حزب الله متواجدين في مناطق حساسة جداً خصوصاً المناطق المحيطة ببغداد، وكنا مدركين أن بغداد مهددة بالسقوط تحت استراتيجية جديدة وهي إعادة بناء صياغة العملية السياسية بعد عام 2003 بعد أن شعروا أنَّ نفوذ الحركات المقاومىة أصبح واقعية في الساحة العراقية وتواجدوا فعلاً في منطقة في غرب بغداد وفي جرف الصخر ولذلك نحن في اعتقادنا أنَّ واحدة من أفضل المعارك التي كان لها دور كبير في بث روح المعنويات وكسر شوكة الإرهاب هي معركة جرف الصخر والتي أمَّنت طريق كربلاء بغداد ووفق المعلومات التي نمتلكها كانت هناك عمليات انتهاك لأعراض النساء وقتل وإبادة وذبح وقطع للرؤوس في هذه المنطقة والتي هي وكرٌ كبير من أوكار الدواعش. الحمد لله بدأت المعارك وصدرت الفتوى التي أحدثت التغيير في المعادلة والتي أعطت زخماً للقوى المسلحة وبدأ الشباب يتوافدون على الالتحاق بجبهات القتال والحمد لله استطاع العراق خلال فترة زمنية، نعلم أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية قالت أنه ينبغي أن نتعامل مع الدولة الإسلامية؛ أي داعش بشكل واقع، هناك إشارات بثُّوها باعتبارها أنها تملك مساحة لربما تفوق مساحة العراق وسوريا مع أنهم قالوا أنَّ المعركة قد تطول ولكن الحمد لله حُسمت في الحقيقة خلال فترة زمنية فاجأت الجميع. نحن اليوم في الساحة العراقية أكثر قوة وأكثر اقتداراً، هناك حقيقةً تكاتفٌ لربما لم تشهده الساحة العراقية بين القوات الأمنية والحشد الشعبي؛ ولذلك اليوم الحشد الشعبي حقيقة يُرصد له وهناك ضغوطات تُمارس من قِبَل السعودية وأمريكا لضرورة حل هذه المؤسسة لأنهم عرفوا أنَّ هذه المؤسسة باتت تلعب دوراً أساسياً وهي عنصر أساسي في كل الانتصارات التي تحققت في الساحة العراقية.

هناك ضغوطات تُمارس من قِبَل السعودية وأمريكا لضرورة حل الحشد الشعبي لأنهم عرفوا أنَّه بات يلعب دوراً أساسياً وهو عنصر أساسي في كل الانتصارات التي تحققت في الساحة العراقية

 

يؤكد الإمام الخامنئي دائماً خلال لقائه المسؤولين العراقيين على ضرورة عدم الوثوق بأمريكا ما هو سبب هذا التأكيد برأيكم؟

في نفس هذا الإطار هناك عبارة لسماحة السيد حسن نصر الله عندما قال: نحن لدينا حلفاء منذ أكثر من عشرين أو ثلاثين سنة لم يخذلونا في موقف واحد؛ وهي إشارة إلى الجمهورية الإسلامية، بخلاف حلفاء الآخرين والذين دائماً ينكثون بالعهود ويخالفونها وهذه صفة من صفات الشيطان. نحن أيضاً وبناءً على توصيات السيد القائد الإمام الخامنئي حفظه الله قلناها بصراحة للحكومة العراقية عليكم إذا لم تستطيعوا أن تتخلصوا من الضغط الأمريكي فعليكم أن تُنَّوعوا السلاح حتى لا تقعوا بيد الأمريكيين ويمنعوا عنكم السلاح في المواقف الحساسة، مثلما هو الحال الآن، هناك صفقات كثيرة معطلة مع العلم أنَّ العراق كان بحاجة إليها عندما قاتل داعش.

أمريكا لا يمكن الوثوق بها والاطمئنان لها لأنها صاحبة المشروع الكبير، هي صاحبة مشروع الشرق الأوسط الكبير، سياستها اليوم قائمة على أساس تقسيم المنطقة إلى دويلات ضعيفة في سبيل حفظ أمن إسرائيل أو زيادة مساحة إسرائيل لأنَّ إسرائيل تستفيد من الضعف، وفعلا بدأت المؤامرة في سوريا، ثمّ أرادوا أن يُوسّعوا الجبهة حتّى يُشغلوا المنطقة بهذه الحروب، ولكن هناك عبارة رائعة جدّاً للسيّد الإمام الخميني قدّس الله نفسه الزكيّة حيث يقول سماحته أنّ هذه الحرب نعمةٌ إلهيّة، وفعلاً هي نعمةٌ إلهيّة، حيث أنّها بصّرت كثير من النّاس الذين كانوا غافلين، هي بثّت روح الوعي، هي أعادت روح الجهاد إلى الساحة العراقية، حوّلت الكثير من المناطق التي لم تكن تحتوي المقاومة العراقية إلى حاضنة للمقاومة ولكلّ العمليّات التي كانت تجري أيام الاحتلال.

ترامب يتّهم إدارة أوباما بأنّها هي التي صنعت داعش، والبعض يحاول أن يُحرّف هذه القضيّة ويقول أنّ داعش مثلاً صنيعة إيرانيّة أو ما شابه ذلك

أمريكا شيطانٌ أكبر، صاحبة مشروع في المنطقة، وهي تُصرّح بشكل علني، والعجيب أنّ الكثير من الإعلاميين يحاولون أن يكونوا ملكيّين أكثر من الملك، ترامب يتّهم إدارة أوباما بأنّها هي التي صنعت داعش، والبعض يحاول أن يُحرّف هذه القضيّة ويقول أنّ داعش مثلاً صنيعة إيرانيّة أو ما شابه ذلك، هذا حقيقة ضحك على الذقون، ولكن الحمد لله كما قلت أنّ هناك وعي في الساحة اليوم، باتت كثير من ألاعيب أمريكا مكشوفة للجميع ولذلك في حقيقة الأمر، التجربة علّمت الشعوب وعلّمتنا أنّ هكذا كيان بهذه المواصفات التي تحملها أمريكا وإسرائيل، لا يمكن أبداً وقطعاً أن نضع أيدينا في أيديهم في أي لحظة من اللحظات.

 

فيما يتعلق بتقسيم العراق، لماذا بدؤوا بقضية استقلال كردستان بالتزامن مع اقتراب القضاء على داعش في الأراضي العراقية؟

طبعا هناك مؤامرة تقودها إسرائيل، ونحن في الحقيقة نأسف لإخوتنا في كردستان العراق أنّهم في الفترة الأخيرة باتوا يستغلّون انشغال قوّاتنا الأمنيّة في محاربة داعش، أي أنّ الكثير من التوسّع في الأراضي، في سهل نينوى في سنجار، في منطقة ديالى، في صلاح الدين وحتى في كركوك، حصل نتيجة انشغال قوّاتنا الأمنية في محاربة داعش في الرمادي وفي صلاح الدين، ظنّاً منهم أنّ العراق اليوم بات أضعف من قبل، هذه نقطة، والنقطة الأخرى أيضاً؛ من الأخطاء الاستراتيجيّة التي ارتكبتها حكومة كردستان وخصوصاً رئيس الإقليم كانت التعويل بشكل مباشر على إسرائيل والتبجّح بإسرائيل أنّها نصيرة لقضيّتهم وما شابه ذلك من رفع العلم الإسرائيلي وغيرها من إشارات خطيرة وأعتقد أنّه لا يمكن لأي منظومة أن تقبل بتواجد إسرائيلي في العراق أوفي أي منطقة أخرى، لا الجمهورية الإسلامية ولا تركيا تقبل ولا العراق يقبل ولا سوريا تقبل.

من الأخطاء الاستراتيجيّة التي ارتكبتها حكومة كردستان وخصوصاً رئيس الإقليم كانت التعويل بشكل مباشر على إسرائيل والتبجّح بإسرائيل أنّها نصيرة لقضيّتهم

إثارة الاستفتاء في إقليم كردستان في هذا الظرف له عدّة عوامل: العامل الأول أنّهم كانوا يعتقدون أنّ القوّات الأمنيّة العراقية أنهكت وأنّ الوضع الاقتصادي ضاغط وأنّهم في موقف أقوى مما كانوا عليه فاستفادوا من هذه المعطيات ولكن الجميع لم يدرك حقيقة واحدة هي أنّ قواتنا الأمنية اليوم أكثر اقتداراً من السابق وأعتقد أنّ ما شكّل الرافعة المعنوية لقواتنا الأمنيّة هو الحشد الشعبي، لقد شكّل الحشد الشعبي بالفعل رافعة معنويّة لقواتنا الأمنية، أي أنّه في كل المعارك التي أقيمت سابقا، كانت القوّات الأمنية لا تستطيع أن تحسم معركة إلّا بمعيّة الحشد الشعبي، بمرور الزمن تطوّرت القدرات القتاليّة للجيش وأيضاً ارتفعت معنويّات أفراده لأنّ الحشد الشعبي سند ورديف لهم فحقّقوا انتصارات في الموصل وغيرها، فأعتقد أنّهم أخطأوا في التشخيص وأخطأوا أيضا في قضيّة أنّنا ضعفاء، قد يكون هناك ظرف اقتصادي في العراق، قد يكون هناك وضع سياسي هش، لكن أعتقد أنّ هناك إرادة قويّة وهناك إيمان بضرورة المحافظة على العراق وعلى سيادته.

 

ما هو سبب فشل مخطط استقلال كردستان العراق خلال أيام معدودة خلافاً لما كان يتوقّعه الجميع؟

نعم نحن نعتقد أنّ كل مقوّمات النّجاح غير متوفّرة في إقليم كردستان، أوّلاً هناك وضع إقليمي ضاغط، فلا الجمهورية الإسلامية تسمح بذلك ولا تركيا تسمح بذلك ولا حتّى سوريا الجريحة تسمح بذلك ولا نحن العراقيون الذين لا زلنا نضمّد الجراح نقبل بذلك. العراق بلد متنوّع الأعراق والأطياف، وليس العراق فحسب، الجمهورية الإسلامية بلد متنوّع الأعراق والأطياف، تركيا أيضاً بلد متنوّع في الأعراق والأطياف، أي أنّ إقامة دول على أساس عرقي أو مذهبي أو ديني غير ممكن، تلاشى هذا الأمر. العراق بتاريخه الطويل عاش مع أطيافه وتنوّعه، أعتقد أنّ من العوامل الأساسيّة التي ساهمت في فشل مشروع كردستان، أوّلاً، الدور الكبير الذي مارسته الجمهورية الإسلامية والتي دخلت على خانة الحوار مع الأكراد وأعطت رسالةً واضحةً جدّاً، الوضع الإقليمي الضاغط، أيضا كما قلت تعافي قدراتنا الأمنيّة والعسكرية من العوامل، قوّة الحشد الشعبي، الإجماع الوطني داخل الساحة العراقيّة وطبعاً الانقسامات داخل إقليم كردستان حيث كانت هناك انقسامات حادّة وتبيّن أيضاً أنّ بارزاني ليس صاحب مشروع قومي ولا يعمل من أجل الأكراد بل هو صاحب مشروع شخصي بالأساس والأجندة التي تقف خلفه أجندة إسرائيليّة واضحة المعالم وهو يعترف بذلك، كل هذه العوامل ساهمت في هذه القضية وأثبتت أيضاً، وهذه نقطة أساسيّة ومهمّة جدّاً، أثبتت اليوم أنّ العراق قادر على المحافظة على أراضيه وعلى وحدته وسيادته واستقلاله وأنّ العراق اليوم تعافى بشكل كبير وبات يتعاطى مع دول الجوار بالحوار والمنطق ولغة المحبّة واستطاع أن يُثبت وجوده في الساحة من جديد وأعتقد كما عبّر الإمام سماحة آية الله الخامنئي حفظه الله خلال لقائه الأخير مع رئيس وزراء العراق بأنّه من حقّ العراق أن يلعب دوراً في المنطقة اليوم لأنّه هو المنتصر. 

 

حول مسيرة الأربعين وتوافد الحشود المليونية إلى حرم الإمام الحسين (ع) من داخل وخارج العراق، كيف يمكن لنا تفسير هذه الظاهرة الفريدة وما هي المعاني التي تتضمنّها هذه المسيرة؟ 

 

كل ما عندنا اليوم من عزّة وكرامة وانتصار في لبنان، في سوريا، في اليمن، في العراق وفي أي منطقة فيها صراع بين المستضعفين والمستكبرين إنّما هي عائدة للإمام الحسين عليه السلام.

حقيقةً فإنّ غالبيّة الشّعب العراقي كما تعلمون هم من المحبّين لأهل البيت عليهم السلام  سُنّة وشيعة وواحدة من الأمور الجميلة في زيارة الأربعين أنّها كشفت معدن الشخصية العراقية القائمة على أساس الكرم وحسن الضيافة وهذا حقيقة مشهد لا يمكن أن تجده في بلد من البلدان، أن يقوم الإنسان وحتّى الفقير الذي لا يملك قوت يومه بالتبرّع بما لديه لزوّار الحسين عليه السلام. هذا مشهد لا يمكن أن نشاهده إلا في عراق الحسين، إلا في الارتباط بالإمام الحسين عليه السلام الذي أوصل النّاس إلى حقيقة أنّ كلّ ما قدّمه الإمام الحسين كان من أجل الأجيال ولهذا تجد أنّ التضحية والفداء والإيثار يتجلّى في هذه الأيّام، ومن الأشياء المفرحة حقيقة في زيارة الإمام الحسين عليه السلام هو هذا العدد الكبير الذي بات يتجاوز الملايين لربّما يصل في أقصى حدوده إلى عشرين مليون أو أكثر وفي أقل حدوده إلى ١٥ مليون، كيف تستطيع أن تُطعم هؤلاء؟ كيف تستطيع أن تؤوي هؤلاء؟ أن تسقي هؤلاء؟ هذه كلّها من بركات أبي عبدالله الحسين، لكن ما يهمّنا حقيقة هو التمسّك بأهداف الإمام الحسين واتّخاذ أقواله وشعاراته مبادئ لهذه الأجيال، أعتقد أنّ كل ما عندنا اليوم من عزّة وكرامة وانتصار في لبنان، في سوريا، في اليمن، في العراق وفي أي منطقة فيها صراع بين المستضعفين والمستكبرين، كل بركة الانتصار إنّما هي عائدة للإمام الحسين عليه السلام، كما عبّر الإمام السيّد الخميني: كل ما لدينا من عاشوراء.

 

 

كيف ترون دور المرجعيّة في النجف خلال الأحداث الأخيرة؟
 

في الحقيقة المرجعيّة العليا في النجف المتمثّلة بمقام السيّد السيستاني حفظه الله هي مرجعيّة تمتاز بالحكمة والحنكة والدّراية وهي حريصة كلّ الحرص على وحدة العراق واستقلاله وسيادته وكانت لها بصمات طيلة عمليّة التغيير والتبدّل من ٢٠٠٣ إلى يومنا هذا فيما يتعلّق بكتابة الدستور كان عندها إصرار أن يُكتب بأيادي عراقيّة خالصة وأن لا يشترك المشرّع الأمريكي في ذلك وأيضاً كلمتها كانت محفوظة، كان عندها إصرار على أنّه يجب أن تتمّ المحافظة على مواعيد الانتخابات وأن يكون الشعب العراقي هو الحر في اختيار حكومته.

المرجعيّة العليا في النجف المتمثّلة بمقام السيّد السيستاني حفظه الله هي مرجعيّة تمتاز بالحكمة والحنكة والدّراية وهي حريصة كلّ الحرص على وحدة العراق واستقلاله وسيادته وقد أوصانا السيّد القائد حفظه الله سماحة الإمام الخامنئي بضرورة المحافظة على هذه المرجعيّة 

 كان لها تشخيص كبير في الحقيقة في عمليّات الوحدة الإسلاميّة وضرورة حفظ المذاهب والذي عبّرت عنه تجاه أهل السنّة في العراق، أنّهم ليسوا إخوتنا بل أنفسنا وأعتقد أنّ الدور الرّيادي الكبير للمرجعيّة تمثّل بفتوى الجهاد الكفائي التي حفظت دماء وأعراض العراقيين، لذلك نحن نقول أنّ الجميع مدينٌ لهذه الحكمة والحنكة والدراية وقد أوصانا السيّد القائد حفظه الله سماحة الإمام الخامنئي بضرورة المحافظة على هذه المرجعيّة وأن نكون طوع بنانها ونحن كذلك طوع بنان هذه المرجعيّة.