وفي ما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقاها سماحته خلال هذا اللقاء:

 

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيما بقية الله في الأرضين، وعلى صحبه المكرّمين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

مرحباً بكم كثيراً أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات، المسؤولون عن مسيرة التبليغ الشعبي العظيمة على مدى السنة، والمسؤولون عن الأجهزة التي تساعد مجلس تنسيق التبليغ، وتقومون بهذه الأعمال الكبرى. نبارك ذكرى ولادة الإمام العسكري (عليه الصلاة والسلام) والتي حدثت في مثل هذا اليوم، ونُحيّي على أعتاب التاسع من شهر دي يومَ الحركة الشعبية العظيمة ونُثمِّنها ونُجلُّها، ونتمنى أن يجعل الله تعالى هذه الحركة الشعبية والبركات المترتبة عليها مشمولة بلطفه ورحمته وقبوله وبركاته.

الإعلام والتبليغ هو الواجب المهم الذي يقع على عاتق مجلس تنسيق التبليغ. وللتبليغ جذوره القرآنية، فهو ليس بالعمل الذي اخترعناه نحن أو تعلمناه من أحد في العالم. يقول الله تعالى في سورة الأحزاب المباركة: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا» (2). ويقول في سورة المائدة المباركة: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ» (3). يأمر إله العالم رسوله بالتبليغ، وقد ذُكرتْ قضية التبليغ مراراً وتكراراً في آيات القرآن الكريمة عن لسان الرسل والأنبياء: «أبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ» (4). فما معنى التبليغ؟ معناه الإيصال. وما معنى الإيصال؟ إنه إيصال رسالة أو كلام. هذا هو معنى التبليغ الإسلامي. ولكن شرط هذا التبليغ أن يكون صادقاً ويلامس القلوب وأميناً ومسؤولاً، هذا هو معنى التبليغ. والواقع أن هذا هو العمل العظيم الذي تقومون به. هناك تبليغ أيضاً في أنظمة الحكم المادية، والغربية خصوصاً، أو ما يسمى بالبروباغاندا (5)، وهذا التبليغ يختلف اختلافات أساسية وجذرية عن ذلك. الهدف من البروباغاندا السيطرة على الرأي العام الشعبي من أجل الوصول إلى السلطة والمصالح والمال. وللإنصاف فإن خبرة الغربيين في هذه القضية جيدة وهم ماهرون بدرجة عالية. إنهم يجيدون التبليغ بمعناه الغربي، أي البروباغاندا الغربية، فيكتسبون به المال ويصلون إلى السلطة. بأي عمل؟ بالسيطرة على الرأي العام للناس. لكن التبليغ الإسلامي ليست هذه هي قضيته. التبليغ الإسلامي عبارة عن التفاهم مع الناس، وليست القضية قضية سيطرة، بل هي قضية تفاهم، وتوجيه الأذهان نحو هدفٍ سامٍ عال، وتقريب الأذهان بعضها من بعض. فما هو تأثير هذا التفاهم؟ تأثير هذا التفاهم أن يساهم الناس أنفسهم وبشكل مسؤول في الأعمال المهمة وأعمال الخير. هكذا هو الأمر.

ليست القضية في التبليغ الإسلامي قضية وصول إلى السلطة، ولا قضية حصول على مال، بل هي قضية الأخذ بيد الناس إلى مقام المسؤولية

ليست القضية في التبليغ الإسلامي قضية وصول إلى السلطة، ولا قضية حصول على مال، بل هي قضية الأخذ بيد الناس إلى مقام المسؤولية، فيشعر الناس أنفسهم بالمسؤولية ويخوضون في الأمور، ومن المؤكد أن النتيجة التي تترتب على حركة الناس العظيمة هذه سوف تعود منافعها على الناس أنفسهم. هذا هو معنى التبليغ، فهو إذن مختلفٌ تماماً عن ذلك العمل الذي يقوم به الغربيون. في تلك البروباغاندا الغربية لا إشكال في خداع الرأي العام، ولا إشكال في التمثيل، ولا إشكال في السلوكيات التمثيلية، ولا إشكال في الكذب. كل ما يوصل الإنسان إلى تلك النتيجة المادية جائزٌ ومباحٌ في البروباغاندا الغربية، ولكن الأمر ليس كذلك إطلاقاً في التبليغ الإسلامي. ففي التبليغ الإسلامي لا بُدَّ من الصدق والأمانة والشعور بالمسؤولية وما إلى ذلك. كان هذا حول أصل قضية التبليغ.

عندما يصبح الرأي العام ناشطاً في قضية ما، وعندما يكون له رؤيته فيها فمن الطبيعي والحتمي أنَّ ذلك سيحرك الأجسام والأذهان، ويأخذ بالإبداعات إلى ساحة العمل. الفرص والأخطار توضح للناس في التبليغ الإسلامي بشكل طبيعي، ويُحدَّد لهم من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء ويُعَرَّفون لهم، ويمنح الناس الثقة بالنفس. هذه أمور موجودة في التبليغ. لاحظوا تبليغ الرسل والأنبياء بتلك الظروف الصعبة التي أحاطت بهم. عندما كانوا يحفرون الخندق في معركة الخندق في أعسر الظروف ـ كان المسلمون يحفرون خندقاً في جانبٍ مهمٍ من المدينة المنوّرة ـ وكانوا جياعاً وكان الجوّ حاراً جداً جداً، وكان الرسول (ص) يحفر ويعمل معهم. فوصل المسلمون في حفرهم إلى صخرة صلبة لم يفلحوا في تحريكها من مكانها مهما حاولوا، فقالوا للرسول إنَّ هناك صخرةً صلبةً جداً لا نستطيع تحريكها، فجاء الرسول بنفسه وأمسك بالمعول وضربها ضربة قوية بالمعول فانقدح منها شرر، فقال الرسول إنني رأيت في هذا الشرر قصر كسرى وأنتم تستولون عليه. لاحظوا! في أية ظروف كان الرسول الأكرم (ص)، في أصعب الظروف، لكنه يقول إنني أرى قصر كسرى تستولون عليه، وأرى امبراطورية الروم ـ في ضربة أخرى ـ تهزمونها. أي إنه الأمل والثقة بالذات. طبعاً نظرة الرسول تختلف عن نظرات أمثالنا، وبثه للأمل وإخباره يختلف عن إخبار أمثالنا كالاختلاف فيما بين الأرض والسماء، فقد كان يرى ويشاهد بشكل واقعي، أما نحن فنُحلل الأمور. يجب أن يكون هناك أمل وثقة بالذات في التبليغ. أسوء حدث بالنسبة لشعبٍ ما أنْ يفقد ثقته بنفسه ويخسر أمله بالمستقبل.  

أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات، اعلموا أنَّ أهم ما تهدف إليه مخططات الأعداء اليوم وأعمالهم الهائلة التي يقومون بها هو أن يسلبوا الشعب الإيراني ثقته بنفسه التي يمتلكها. وسوف أخوض في هذه القضية وأتكلم عنها. الحرب الناعمة التي يشنها العدو اليوم تهدف بشكل أساسي إلى أن يفقد الشعب الإيراني أمله. ويفهم من هذه الآية التي قرأناها «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ» أنَّ لهذا التبليغ أعداؤه. عندما يقول سبحانه يبلغون رسالات الله ويخشون الله ولا يخشون سواه، فواضح أنَّ غير الله قد اصطفوا مقابل هؤلاء الذين يبلغون رسالات الله، وهناك معركة. أو في هذه الآية الشريفة «بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» (6)، يقول سبحانه إن الله يحفظك ويعصمك فلا تقلق ولا تهتم للعدو، وواضحٌ من هذا أنَّ هناك صفوف الأعداء وجبهتهم مقابل تبليغ الرسول. أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات، ما معنى هذا؟ معناه أنكم عندما تبلغون وتقومون بمهمة التبليغ على نحو أساسي، وتمارسون التبليغ الإسلامي فسوف تصطف مقابل تبليغكم هذا جبهة معادية. هذا ما يجب أن تعلموه.

الحرب الناعمة التي يشنها العدو اليوم تهدف بشكل أساسي إلى أن يفقد الشعب الإيراني أمله.

التبليغ ساحة حرب. البعض تسوؤهم كلمة الحرب، فما أن يُقال حربٌ اقتصادية أو حربٌ ناعمة أو حربٌ إعلامية، حتى يستاء هؤلاء ويقولون: «يا سيدي، لماذا تكثرون الحديث عن الحرب؟ تحدثوا عن السلام»! الحرب موجودة بالتالي. إنها غفلة منَّا إذا كان العدو متنبه لنا ـ إذا كانت جبهة العدو متوجهة نحونا وترمي سهامها نحونا ـ ونكون نحن غافلين. يقول الإمام أمير المؤمنين: «مَن نامَ‌ لَم‌ يُنَم عَنه» (7). إذا نمت في خندقك فليس معنى ذلك أن الطرف المقابل وعدوك نائم أيضاً، بل هو يراقبكم ويرصدكم، وينتظر أن يأخذكم النوم. يجب أن لا يخاف الإنسان من اسم الحرب، والعدو الآن في حالة حرب، والحرب ليست حرباً عسكرية ـ هم طبعاً لا يشنون حرباً عسكرية، فهي حماقة منهم أن يشنوا حرباً عسكرية ـ ولكن ثمة حربٌ، الحرب الناعمة، وهناك حروب أخطر من الحرب العسكرية، والعدو في حال حرب ضدنا. حسنٌ، إذن دققوا في أن التبليغ يعني مواجهة العدو. التبليغ الصحيح معناه مواجهة عدو مواجهةٌ حقيقيةٌ وجهاً لوجه، ومواجهة الظلم والظلمات. هذا هو معنى التبليغ، وهذه هي حقيقة التبليغ.

حسنٌ، نحن على أعتاب الذكرى الأربعين، أربعون سنة على ماذا؟ أربعون سنة على ظاهرة استطاعت تغيير وحلحلة بنية السلطة والقوى في العالم. لا تنظروا إلى أنَّ القوة الفلانية الكثيرة الضجيج في العالم لا تزال في مكانها، نعم، لا ندَّعي أننا نروم القضاء على كل القوى الكبرى في العالم ـ ليست هذه المهمة مهمتنا، وسوف تحصل في يوم من الأيام بواسطة يدٍ إلهية ـ مهمتنا هي القضاء على بنية القوة ونظام القوة أي نظام الهيمنة في العالم، وقد قضينا عليه. نظام الهيمنة معناه تقسيم العالم إلى فئتين من البلدان، أو فئتين من الشعوب: فئة مهيمنة وفئة خاضعة للهيمنة. وقد قلبنا هذا النظام وهذه المعادلة الخاطئة في العالم. لقد أثبتنا أنه يمكن أن يكون هناك شعب ليس مهيمناً ولا خاضعاً للهيمنة، لا يريد أن يفرض على أحد منطق القوة ولا يخضع هو بدوره لمنطق القوة أبداً. لقد أثبت الشعب الإيراني هذا عملياً. يكتبون في الكتب ويُطلق المفكرون والمحللون السياسيون مثل هذا الكلام، ولكن أين هذه الكتب والكتابات من الواقع؟! والثورة الإسلامية هي التي أوجدت هذا الواقع. لقد حطَّمت الثورة الإسلامية هذه البُنى.

ولم يقعدوا مكتوفي الأيدي مقابل تحطيم البُنى هذا، فقد بدأت العداوات منذ اليوم الأول واستمرت إلى هذا اليوم حيث مضى قرابة أربعين عاماً. طوال هذه الأعوام الأربعين لم يُوفِّروا أيَّ عملٍ استطاعوا القيام به من مختلف أنواع العداء ـ وأنتم تعلمون ذلك، وبالطبع فإن هذه الأمور ينبغي تبيينها لجيل الشباب الذي لم يشهدها ـ من حربٍ وحظرٍ وسُبابٍ واتهاماتٍ وتغلغلٍ ومؤامراتٍ وأعمال أمنيةٍ وأعمال ثقافيةٍ وبث خلافاتٍ داخلية، فعلوا عبر إنفاق الأموال كل ما يستطيعون فعله ضد إيران، وقد فشلوا وهُزِموا في كل الحالات والمواقع، وها هي تمضي أربعون سنة. لو كان المقرر لمؤامراتهم أن تؤثر لكانت الجمهورية الإسلامية قد سقطت لحد الآن مائة مرة، ولأبلت سبعة أكفان كما في المثل الدارج، ولكننا اليوم نتمتع بالاقتدار منذ أربعين سنة، وقد استطاع شعب إيران المقاومة لمدة أربعين سنة حيال العداء والخبث والضغوط، والتغلب عليها.

لقد اجتاز شعب إيران سبعة دهاليز صعبة لا تستطيع الشعوب الأخرى العبور من واحد منها، ولكم أن تقارنوا، هل تتذكرون الصحوة الإسلامية؟ انطلقت بعض التحركات في بعض البلدان، ولوحظت بعض علامات العظمة، ووقفت الشعوب وتحركت، فما كان مصيرها؟ وإلى أين وصلت؟ وما الذي استطاعت فعله؟ لقد انتهت حركة الصحوة الإسلامية في البلدان العربية ـ في شمال أفريقيا وفي منطقة غرب آسيا ـ إلى حرب داخلية وفتنة داخلية واقتتال الإخوة وخلافات مذهبية وطائفية وقومية ولا يزالون يعانون لحد الآن. لقد كان هذا الدهليز الأول. لم يستطيعوا اجتياز حتى الدهليز الأول، بينما اجتاز الشعب الإيراني هذه المراحل باقتدار وشموخ.

لم يكن إسقاط الحكم الملكي واستئصال جذوره بالعمل الصغير الذي تمَّ في هذا البلد. لقد نشأ هذا البلد لقرون طويلة على الحكم الملكي، وكانت هناك قوة وسلطة مطلقة لا تأبه للشعب، ولا تستند إلى الرأي العام، وتفعل ما تشاء، وتحكم بما تريد، لقد عشنا على هذه الحالة لقرون. واستطاعت الجمهورية الإسلامية وإمام الأمة والشعب السائر خلف الإمام الخميني، استطاعوا استئصال هذه الجذور، وقد كان عملاً كبيراً جداً، بيد أن بعض الأعمال التي حصلت بعد استئصال جذور الحكم الملكي كانت أكبر من ذلك. الحفاظ على النظام الإسلامي طوال هذه الأعوام الأربعين، أتعلمون أية ضغوط هائلة تُمارس على هذا البلد وعلى هذا الشعب؟ واستطاع هذا الشعب الصبر والتحمل والصمود. إنَّ مقارنة الثورة الإسلامية بهذه الحالات من الضجيج والتمرد والنهضات والثورات التي حصلت في البلدان العربية لهي مقارنةٌ تحمل (الكثير من ) الدروس والعِبر. وتلك التي نجحت ـ على سبيل المثال بعض بلدان شمال أفريقيا التي استطاعت تحقيق استقلالها في كفاحها ضد فرنسا وما شاكل ـ هُضِمت وذابت بعد مدة قصيرة في ثقافة تلك الجماعة الاستعمارية نفسها. رئيس وزراء أحد هذه البلدان ـ ولا أريد ذكر الأسماء الآن ـ جاء إلى هنا وكان له لقاؤه معي عندما كنت رئيساً للجمهورية، وبدأ يتحدث معي، وكان يتكلم العربية، وأراد أن يقول شيئاً فلم يكن يعرف الكلمة العربية المناسبة له، فالتفت إلى المستشار والمرافق الذي كان معه وذكر له الكلمة الفرنسية وسأله ماذا يعادلها بالعربية، فأخبره المستشار بمعنى الكلمة باللغة العربية! أي إن الثقافة الفرنسية كانت مهيمنة على ذلك البلد إلى درجة أن رئيس وزراء ذلك البلد لم يكن يُجيد لغته التي هي اللغة العربية، وكان يجب أن يترجموا له الفرنسية إلى العربية ليعلم ما معنى تلك الكلمة بالعربية. هكذا تورطت هذه البلدان وبقيت في منتصف الطريق؛ هذا الطريق الذي تسير فيه الجمهورية الإسلامية باقتدارٍ منذ أربعين سنة. لقد كانت حالات العداء هذه في الماضي وهي موجودة اليوم أيضاً.

لاحظوا، المهم أن ندرك في كل فترة من الفترات طبيعة عداء الأعداء وكيف يمارسون عداءهم وما الذي يفعلونه ضدنا، يجب أن نفهم مخطط العدو، والحالة تشبه بالضبط الحرب العسكرية. في الحرب العسكرية إذا استطعت أن تتوقع ما هي خطة العدو فسوف تستطيع صدها والوقاية منها وسوف تستعد لها، فإما أن تدافع بشكل جيد أو أن تشن هجوماً استباقياً. هكذا هو الحال في الحرب العسكرية، وكذا الحال في الحرب الإعلامية والتبليغية وفي الحرب الاقتصادية وفي الحرب الثقافية وفي الحرب الأمنية وفي حرب النفوذ والتغلغل ـ وهذه كلها حروب ـ في كل هذه الحروب القضية هي أنَّه يجب أن تتوقعوا ما الذي يريد العدو القيام به. ولا حاجة اليوم إلى التوقع فالأمر واضحٌ لكل إنسان واع. هناك آلاف المدافع ـ مدافع الكذب ومدافع تضخيم المشكلات ـ تطلق قذائفها نحو هذا الشعب بالطرق الموجودة اليوم والتي لم تكن موجودة سابقاً. وهذا ما نقوله في خصوص الفضاء الافتراضي، نقول احذروا من قصف مدافع العدو في هذا الفضاء. احذروا من أن يستخدم العدو هذا الفضاء ضد هويتكم وضد وجودكم وضد نظامكم وضد ثورتكم. يطلقون وينشرون إحصائيات لا أساس لها من الصحة ويكذبون وينسبون الأقوال كذباً ويشوّهون الوجوه والشخصيات التي يحترمها الناس والذين يجب أن يؤمن بهم الشعب، ويكتمون نجاحات الثورة، ويبثون الأوهام والأكاذيب، ويُشيعون عدم النجاح ونقاط الضعف والنواقص ويضاعفونها ألف ضعف إذا كانت واحدة، وإذا كانت في مكان واحد يعمِّمونها ويقولون أنها في كل مكان. هذه هي أفعال العدو. هذه هي أعمال العدو. لماذا؟ لأن العدو أدرك سرَّ انتصار الثورة الإسلامية، سرُّها هو عقيدة الشعب وإيمانه، ويريدون القضاء على هذا الإيمان. وإذا لم يستطيعوا ذلك بين طبقة كبار السن فهم يريدون القضاء على هذه العقيدة بين الشباب والناشئة والجيل الصاعد حتى لا يعود الناس واقفين سنداً لهذه الثورة وهذا النظام. هذا هو هدفهم. ما يقوم به العدو في الوقت الحاضر هو بثُّ اليأس بين الناس ونشر التشاؤهم وسلبهم ثقتهم بأنفسهم وتصوير المستقبل حالكاً في أنظارهم.

وللأسف هناك في الداخل أيضاً جماعة يقومون بنفس عمل العدو هذا. والبعض من هؤلاء يدرك ما الذي يقوم به والبعض لا يدرك ويفعل ذلك. يقوم بنفس ما يقوم به العدو بالضبط. بثِّ اليأس بين الناس، ونشر التهم ضد هذا وذاك، ونشر الأكاذيب المفضوحة التي يصنعها العدو وإحلالها محل الصِّدق. هذه ممارسات للأسف يقوم بها البعض في الداخل أيضاً. الذين يقومون بأعمال العدو في الداخل لا تقوى لهم، ودينهم سياسي، وبدل أن تكون سياستهم دينية أصبح دينهم سياسياً يدور مدار الألاعيب السياسية. يجب أن تكون سياستنا دينية لا أن يكون تديننا باتجاه الألاعيب السياسية وباتجاه الأهداف السياسية الدنيئة الحقيرة. هكذا هُم، لا تقوى لهم، يقومون بأعمال العدو نفسها من أجل تقوية التيار الفلاني ولضرب التيار الفلاني، ولرفع الشخص الفلاني ولخفض الشخص الفلاني. هذه للأسف أعمالٌ تتم في الداخل.

البعض بدون وسائل إعلام، والبعض أصحاب وسائل إعلام، وأصحاب مواقع إخبارية، وأصحاب منابر تبليغية، ويستطيعون أن يقولوا كلامهم ويتحدثوا، ولكن من دون أي اعتبار وتقدير (للأمور)، فهم لا يراعون لا الله ولا الدين ولا الإنصاف، ويفعلون الشيء نفسه الذي يريده العدو. والعدو بدوره بمجرد أن يرى مثل هذه الأمور والأشياء في الداخل يسارع بكل شوق وغبطة لتغطيتها، فحين يقولون شيئاً في النهار تجد إذاعات بريطانيا وأمريكا تنشر مساءً ما يقولونه بشكل واسع. إنهم يُفرحون العدو ضد الشعب الإيراني وضد النظام الإسلامي، والثمن هو بثُّ اليأس في نفوس الناس، وبثُّ القنوط بين جيل الشباب. وخصوصاً الذين إما أنهم يمتلكون كل الإمكانيات الإدارية اليوم، أو الذين كانت كل الإمكانيات بيدهم سابقاً، الأمر لا يختلف. هناك أناسٌ والمرء يشاهدهم إما أنَّ كل الإمكانيات الإدارية للبلاد تحت تصرفهم اليوم أو كانت كل الإمكانيات الإدارية تحت تصرفهم بالأمس، وإذا بهم يلعبون دور المعارضة. لا يحقُّ للذين تقع البلاد تحت تصرفهم (اليوم) أو كانت تحت تصرفهم، لا يحق لهم إطلاق التصريحات واتخاذ المواقف ضد البلاد، يجب أن يتخذوا مواقف مسؤولة ويجب أن يتحملوا مسؤولياتهم. إنني عندما تكون هناك إمكانيات بيدي لا أستطيع أن أكون شاكياً بل يجب أن أتحمل مسؤوليتي وأجيب ما الذي فعلته بهذه الإمكانيات. بدل أن يتحملوا مسؤولياتهم يمارسون دور الشاكي والمدّعي ضد هذا وذاك ويتكلمون ضد هذا وذاك، هذا غير ممكن، والشعب لا يقبل هذا الشيء. وقد يتوهم شخصٌ أنه يؤثر في الشعب، لا، الشعب واع ويفهم ولا يتقبل هذه الحالة.

كان التاسع من شهر دي دفاعاً عن قيم الثورة وقيم الدين. لقد كان صمودنا هناك صموداً في الدفاع عن الانتخابات.

كل مدراء الجمهورية الإسلامية منذ بداية الجمهورية الإسلامية وإلى اليوم قدَّموا خدمات مهمة. وقد شاهدنا ذلك وكنا حاضرين عن قرب وشاهدنا ما قدَّموه من خدمات. وبالطبع فقد تسببوا في أضرار بعض الأحيان، فكانت هناك خدمات وكانت هناك أضرار. مهما كانت خدمات مسؤولي الحكومات والسلطات القضائية والسلطات التشريعية طوال هذه المدة يجب أن يكون الإنسان شاكراً لها ويشكرها، وقد كانوا في الغالب خدومين. يجب توجيه النقد للأضرار والسلبيات، ولكن ليكن النقد منصفاً مسؤولاً، وليس نقداً مصحوباً بالسُّباب والاتهامات. النقد وتقبل النقد واجب، والتهم والتشويه حرام. النقد يختلف عن توجيه التهم، ويختلف عن التشويه، ويختلف عن تكرار كلام العدو. النقد يجب أن يكون منصفاً وعقلانياً ومسؤولاً. ليست ميزة إيجابية تصوير الأجواء على أنها حالكة سوداء. أن نبادر هكذا دون أي رادع ونقوم بإدانة هذا الجهاز وذاك الجهاز وهذه السلطة وتلك السلطة من دون أي تمييز، فيمكن لأي شخص ولأي طفل أن يحمل بيده الحجر ويحطم الزجاج، هذه ليست ميزة إيجابية. الميزة الإيجابية أن يتحدث الإنسان بمنطق وبإنصاف ولا يتحدث بدافع أهوائه النفسية ولأغراضه الشخصية وللاستيلاء على السلطة والقوة، بل يجب أن يضع الله نصب عينيه «إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا» (8). اعلموا أنَّ هذا الكلام نفسه الذي تقولونه سيكون يوم القيامة عملاً يتجسد أمامكم، وسوف يؤاخذكم الله تعالى عليه ويسألكم عنه. لا يمكن أن يطلق الإنسان أيَّ كلام بدافع أهوائه القلبية. التظاهر بالثورية غير النزعة الثورية. التظاهر بالثورية معناه أن يعمل الإنسان وكأنه ثوري. النزعة الثورية عملية صعبة وتحتاج إلى التزامٍ وتدين. لا يمكن أن يكون الإنسان لعقد من الزمن الكل في الكل في البلد ثم يتحول في العقد التالي إلى معارضٍ للبلد، هذا غير ممكن (9). التاسع من (شهر) دي بكل ما له من عظمة كان ردّ الشعب على مثل هذه الألاعيب. كان التاسع من دي دفاعاً عن قيم الثورة وقيم الدين. لقد كان صمودنا هناك صموداً في الدفاع عن الانتخابات. لقد قلتُ بصراحة إنهم يضغطون من أجل أن نلغي نتائج الانتخابات، وأنا لن أخضع لإلغاء الانتخابات، هذا ما أعلنته. القضية قضية قيم الثورة وقيم النظام الإسلامي. وقد كان هذا هو الواقع يومذاك وهو موجودٌ اليوم أيضاً. يجب أن نراقب أنفسنا كثيراً، يجب أن نراقب كثيراً. قال الإمام الخميني إنَّ المعيار هو حال الأفراد في الوقت الحاضر، فما معنى هذا الكلام؟ لقد كان الإمام الخميني حكيماً؛ معناه أنه لا يمكن لأي إنسان أن يضمن بقاءه صالحاً إلى حين الموت، فيجب أن يراقب نفسه، وعلى حد تعبير الشاعر: أحكام الصلاح والطلاح كلها رهن بالعواقب (10). ما الذي شاهدناه في هذه الأعوام الأربعين أو الخمسين بعد انطلاق نهضة الإمام الخميني، منذ عام 40 أو 42 [1961 ـ 1963 م] ؟ حالات صعود، وحالات هبوط، وحالات تطرف، وحالات ارتخاء، وحالات إفراط، وحالات تفريط، لقد شاهدنا أموراً عجيبة خلال هذه المدة! يجب أن نراقب أنفسنا ونصونها بدقة.

من الأعمال التي ينبغي القيام بها في باب الإعلام والتبليغ الردّ على الشبهات التي تُقذف بين الناس. طبعاً على أجهزتنا التبليغية كلها أن تدقق وتعمل، وزارة الإرشاد، ومنظمة التبليغ، ومكتب التبليغ، والأجهزة المسؤولة عن شؤون الاتصالات والإعلام، والإذاعة والتلفزيون وغيرهم. الكل يجب أن يدققوا، فالعدو يخلق الشبهات باستمرار، شبهات متراكمة شيئاً تلو الآخر! يجب فكُّ هذه العقد، ورفع هذه الشبهات، ويجب إراحة الأذهان وتنويرها. يجب أن لا يشعر شبابنا بالدوار والحيرة، واحد من هذا الجانب وآخر من ذاك الجانب، الشبهات والإشكالات تُصنع باستمرار! ينبغي مساعدة الشباب ومساعدة أذهانهم.

حسنٌ، العدو يخلق الشبهات ويُضخِّم الأمور. وأعداؤنا يتحدثون في أجهزة التواصل والإعلام التي يمتلكونها بطريقة وكأن لهم ألف ضعف عدد المتلقين والمستمعين الذين لهم على أرض الواقع. يُصوِّرون الألف شخص وكأنهم مليون شخص. هكذا يوهمون ويظهرون. يجب عدم الانخداع بخداعهم، وينبغي عدم الانخداع بتضخيمات العدو هذه. ولو كانت هذه التحليلات التي يطرحونها عن الجمهورية الإسلامية ـ حيث يقولون إن المكان الفلاني من الجمهورية الإسلامية مدّمر، والمكان الفلاني منها منهار، والمكان الفلاني ميت، والمكان الفلاني قضي عليه، وهي في ويل وثبور ـ لو كانت هذه التحليلات واقعية، وكما قلتُ لكنا قد متنا مائة مرة لحد الآن. وقد كانوا يقولون منذ اليوم الأول إن الجمهورية الإسلامية سوف تزول بعد ستة أشهر، ثم وجدوا أن هذا لم يحصل عند انتهاء الأشهر الستة، فقالوا سوف تسقط بعد سنتين، وقد انقضت لحد الآن أربعون سنة. ليعلم الجميع بتوفيق من الله، أننا في هذه المرحلة وفي المراحل الأخرى، سوف نفرض على أعدائنا، سوف نفرض على أمريكا المجرمة ومن يساعدها، سوف نفرض عليهم الإحباط والفشل بفضل من الله.

عدونا الأصلي، وهو الولايات المتحدة الأمريكية، من أفسد الحكومات في العالم وأكثرها ممارسة للظلم. إنها تدعم الإرهابيين، وقد دعموا داعش ما استطاعوا ـ والآن رغم كل التشدقات والترهات التي يطلقونها، وكما تفيد الأخبار، لا يزالون يساعدون داعش والتكفيريين من أمثال داعش في الخفاء ـ يدعمون الإرهابيين، ويدعمون الحكومات الدكتاتورية، وكانوا يدعمون شاه إيران، ويدعمون العائلة السعودية الظالمة، ويدعمون بعض العوائل الظالمة في المنطقة. فهل ثمة أعمال أسوء وأكثر فساداً من هذه؟! يحمون المجرمين، سواء المجرمون الذين يرتكبون جرائمهم في فلسطين، أعني الكيان الصهيوني، أو المجرمين الذين يرتكبون جرائمهم في اليمن، حيث يضرجون في كل يوم عدداً من الناس بالدماء. ويرتكبون الجرائم داخل بلدانهم نفسها. يضغطون على الزنوج، يُطلق رجال الشرطة الأمريكية من دون أي عذر مقبول (النار) فيقتلون النساء الزنجيات والرجال الزنوج والأطفال الزنوج والشباب الزنوج، وتحكم المحاكم الأمريكية على القتلة بالبراءة، فتطلقهم ليذهبوا لحالهم وأعمالهم. هذا هو جهازهم القضائي، ثم يُشكِلون على الأجهزة القضائية في باقي البلدان وعلى الجهاز القضائي المتدين في بلادنا! طبعاً ليس جهازنا القضائي خالٍ من الإشكالات. فلتعلموا أنني لست عديم الاطلاع على الإشكالات الموجودة في السلطة القضائية أو السلطة التنفيذية، وربما كانت معلوماتي أكثر من كثيرين، لكنني أرى النقاط الإيجابية أيضاً. نقول في الدعاء في زيارة أمين الله: «ذاكرَةً لِسَوابِغِ آلائِك» (11). يجب أن يأخذ الإنسان نعم الله بعين الاعتبار. نعم، لدينا قاضٍ فاسد، ولدينا قاضٍ عادل وموثوق. وليس من حقنا أن نرفض الجميع بحكم واحد. لدينا مدير تنفيذي وقح يلهث وراء الجاه والأنانية ويعبد المال، ولدينا مدير تنفيذي نظيف دؤوب. ليس من حقنا إصدار حكم واحد على هؤلاء جميعاً، يجب التدقيق والحذر. وهذه قوى العالم الغربي ومحاكمه أمامنا ـ ومنها أمريكا ـ فأية فضيحة هي سجونهم، وأية معضلات عجيبة معضلاتهم التي يخلقونها للناس ـ الرشاوى وغيرها من الأعمال ـ لكنهم يوهمون في الأفلام الهوليوودية وغيرها وكأنهم جهاز نظيف طاهر. ونموذج ذلك ما قلته الآن: إذا قُتِل الزنجي في أمريكا فلا ضمانة بأن يُعاقَب قاتله، هذه هي الحكومة الأمريكية.  

العدو يبذل قصارى جهده من أجل إيجاد خلافات بين الناس في الداخل؛ سواء الخلافات السياسية أو الخلافات المذهبية أو الخلافات القومية أو الخلافات اللغوية

حسنٌ، هذا العدو أمامنا، وهو يبذل قصارى جهده وسعيه، وينفق الأموال، ويكثر التخطيط من أجل أن يستطيع إيجاد خلافات بين الناس في الداخل ـ سواء الخلافات السياسية أو الخلافات المذهبية أو الخلافات القومية أو الخلافات اللغوية ـ إنهم يبذلون كل مساعيهم. وهم يبتزون الأثرياء الذين حولنا ويأخذون أموالهم، ويتلقون المساعدة منهم ليستطيعوا القيام بأعمال ضد بلادنا. وهم يقومون بكل ما يستطيعون. ولكن بتوفيق من الله فقد تمرّغ أنفهم في الوحل وليعلموا أننا سنتقدم إلى الأمام باقتدار. سوف نفرض اليأس على أمريكا بإذن الله تعالى في كافة المجالات. الذين كانوا سابقاً على رأس الحكومة في أمريكا لم يجلسوا مكتوفي الأيدي، أولئك أيضاً عملوا الكثير. لقد كان ريغان (12) أقوى من ترامب (13) وأعقل منه (14)، وقد عمل ضدنا بشكل عملي، وبضجيج وتهديد. لقد كان ممثلاً، وكان تمثيله أفضل من هذا (15)، وقد بادر ضدنا عملياً وقصفوا طائرتنا وفعلوا تلك الأفعال، فأين ريغان اليوم وأين الجمهورية الإسلامية اليوم؟ لقد تقدمت الجمهورية الإسلامية اليوم أضعاف ما كانت عليه في زمن ريغان، وتطورت ونَمَت في جميع الجوانب. وهو الآن يتقلب في العذاب الإلهي وقد تحلّلَ جسمه وتحول إلى تراب، وروحه حسب القواعد والضوابط التي لدينا تعاقب وتجازى في جهاز العدل الإلهي. وهؤلاء أيضاً على نفس النحو. سوف تبقى الجمهورية الإسلامية بتوفيق من الله واقفة صامدة، وستبقى لوعة ضعف الجمهورية الإسلامية أو إخراجها من الحلبة تعذّب نفوسهم. طبعاً استطاع بعضهم بفضل القفاز المخملي أن يلهوا البعضَ منا، استطاعوا لبرهة من الزمن أن يلهونا ويشغلونا بمقدار من اللين الظاهري أو بالقفاز المخملي ـ الذي قلنا عنه أنه يُغطي يداً معدنية صلبة ـ لكنهم سرعان ما فُضِحوا. لقد تبينت اليوم الحقائق بخصوص النوايا القذرة التي تحملها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإسلام والمسلمين والجمهورية الإسلامية.

يجب أن نعلم ما هي الأعمال التي يستطيعون القيام بها. إنهم يفرضون الحظر، فعلينا أن نجعل اقتصادنا داخلياً ومتدفقاً داخلياً وأن نجعله اقتصاداً مقاوماً حتى لا يترك الحظر تأثيره. ليأخذ المسؤولون الاقتصاديون الاقتصاد المقاوم بعين الجد ولا يكتفوا باللسان. الاقتصاد المقاوم لا ينسجم مع الاستيراد المنفلت، ولا ينسجم مع ضعف الإنتاج، ليعملوا على تقوية الإنتاج الداخلي. لتفضل الدوائر الحكومية ومؤسسات الدولة البضائع الداخلية على البضائع الخارجية المشابهة لها. الأجهزة الحكومية زبون مهم من زبائن السوق، فهي تشتري كل شيء، وتحتاج إلى كل شيء، فليُفضِّلوا الإنتاج الداخلي، وليُقبِل الناس على الإنتاج الداخلي. فكل هذا يُبطِل سحر الحظر الذي يفرضه العدو. قد لا تؤتي هذه الإجراءات أكلها خلال ستة أشهر أو سنة، بيد أن العلاج الحقيقي ليس سوى هذا. وكذا الحال بالنسبة للأعمال الإعلامية والتبليغية، وكذا الحال بالنسبة للحرب النفسية، وكذا الحال بالنسبة لمواجهة النفوذ والتغلغل، ليحذروا من تغلغل ونفوذ مندسّي العدو في أجهزة صناعة القرار وفي أجهزة اتخاذ القرار. ولا يأبهوا لتملق الأعداء وإبدائهم المودّة والمحبة، وأقوالهم بأن تعالوا نمدُّ أيدينا لبعضنا ونتصافح ونجلس معاً وما شاكل. ليعلموا ما الذي يريد العدو أن يفعله. إذا علمتم هذا وإذا علمنا هذا، وإذا راعيتم هذا وراعيناه، فاعلموا أن الجمهورية الإسلامية سوف تواصل تقدمها في هذه المسيرة نحو الأمام، وهذه المشكلات الموجودة ـ وأنا على علم بمشكلات الغلاء والتضخم والركود ومختلف المشكلات التي يعاني منها الناس في المجالات المعيشية والاقتصادية ـ يمكن معالجتها بهمم المسؤولين، وسوف يمنُّ الله تعالى بالأجر على هذه الهمم التي سوف تحلُّ العقد إن شاء الله. اللهم بحق محمد وآل محمد اهدنا لما فيه رضاك ونصرتك، وأعنا عليه.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الهوامش:

1 ـ في بداية هذا اللقاء تحدث آية الله الشيخ أحمد جنتي رئيس مجلس تنسيق التبليغ الإسلامي.

2 ـ سورة الأحزاب، الآية 39.

3 ـ سورة المائدة، الآية 67.

4 ـ سورة الأعراف، الآية 62.

5 ـ السعي لإشاعة شيء وترويجه.

6 ـ سورة المائدة، شطر من الآية 67.

7 ـ نهج البلاغة، الكتاب رقم 62.

8 ـ سورة الإسراء، شطر من الآية 36.

9 ـ ضحك الحضور.

10 ـ مصرع من بيت شعري لحافظ الشيرازي: «أحكام الصلاح والطلاح كلها بالعواقب، لا أحد يعلم بأية حال سيغادر في النهاية».

11 ـ إقبال الأعمال، ج 2 ، ص 273.

12 ـ رونالد ريغان الرئيس الأمريكي الأسبق.

13 ـ دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الحالي.

14 ـ ضحك الحضور.

15 ـ ضحك الحضور