قضية فلسطين اليوم واحدةٌ من أكبر قضايا ومصائب العالم الإسلامي وستبقى هكذا في المستقبل. هل قيامهم بتهجير شعبٍ من بيته وحياته وبلاده وأرضه يُعتبر مزحةً؟! يُسكنون غاصباً مرتزقاً خبيثاً في تلك البلاد، ويُقدِّمون له الدعم، ويغضُّون الطرف عن جرائمه ولا يتفوهون إزاءها بأية كلمة، أياديهم ملطخةٌ بدماء شعوب المنطقة حتى المرفق. ولم يكتفوا بقيامهم بكلِّ ذلك، يريدون من المسلمين وأصحاب البيت أن يوقّعوا على تنازلهم عن هذا البيت (وأن يعترفوا) بأنَّ هذا البيت هو من حق المغتصب ولا حقَّ لصاحبه فيه؟! إنّهم يريدون القيام بهذا الأمر.
هل مات الشباب الفلسطينيين الغيارى؟ هل مات شباب البلدان الإسلامية المجاورة لفلسطين وغيرها من البلدان الإسلامية حتى يقوم الأعداءُ بحلِّ أكبر قضايا العالم الإسلامي بهذه الطريقة التي تصبُّ في مصلحتهم وفي ضرر الأمة الإسلامية؟ ما هو هذا الصمتُ الذي يعمُّ العالم الإسلامي اليوم؟ قبل عدة سنوات، هل كان لأحدٍ في العالم الإسلامي الجرأة على التفوه بكلمةٍ واحدةٍ حول الحوار مع حكومة إسرائيل الغاصبة؟ تجرأ شخصٌ خائنٌ – وهو ذاك الطاغية المصري (1) – وأقدم على ذلك ونال بعد مدة قصيرة جزاء عمله (وخيانته) تلك.
يقومون اليوم بتقديم القضية الفلسطينية على أنها قضيةٌ بسيطة. أمريكا تدعونا (اليوم) للجلوس والتفاوض مع الصهاينة، مع هؤلاء اللصوص، مع هؤلاء القتلة، مع هؤلاء الذين يُعذِّبون الشعب الفلسطيني منذ أربعين عاماً، ويقومون ببثِّ سمومهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ويرتكبون الخيانة ويطعنون في الظهر، هؤلاء هم السبب في كلِّ أو معظم مشكلات العالم الإسلامي. يطلبون (من المسلمين) التفاوض معهم والتوقيع على أنَّ بيت المقدس وأرض فلسطين والجولان هي ملكٌ للصهاينة!
إنَّ موقفنا من القضية الفلسطينية واضحٌ وجليُّ. إننا نؤمن بأن حلَّ القضية الفلسطينية يتمثَّل في زوال الكيان الإسرائيلي. لا يقولنَّ أحدٌ أنه ليس بالإمكان ذلك؛ كلمة لا يمكن ليس لها وجود في العالم. كل شيء ممكن. جميع الجبال العظيمة التي تمنع حركة البشر قابلةٌ للزوال. مضت أربعون عاماً؛ حتى لو مضت أربعون عاماً أخرى، مصير إسرائيل هو الزوال ويجب أن تزول. منذ فترةِ ليست بالطويلة لم يكن يظنُّ أحدٌ أنَّ قوة الشرق العظمى (2) ستزول وتضمحل بهذه الطريقة. لو قال أحدٌ منذ عامين أنَّ قوة الشرق العظمى سوف تزول من الوجود، لكان خرج عليه البعض قائلين:نعم، أنتم أناسٌ سُذج فعلاً! في ذاك اليوم الذي خاطب الإمام الخميني (رحمه الله) غورباتشوف (3) في رسالته قائلاً: إن البحث عن الماركسية يجب أن يتوجه من الآن فصاعداً إلى المتاحف، ضحك البعض مستهزئين! لم تمض سنتان أو ثلاث سنوات (على تلك الرسالة) حتى تحققت نبوءة الإمام. بعد وفاة الإمام (الخميني) بأقل من عام تغيَّر كل شيء؛ كيف لا يمكن لذلك الحدوث؟
قدرة أمريكا الاستكبارية سوف تزول هي الأخرى، سوف تتلاشى وتضمحل، هذه القدرة الجهنمية ليست خالدة، وإسرائيل ليست خالدة أيضاً. هذا هو كلام حكومة وشعب إيران ونظام الجمهورية الإسلامية، وهذا ما سوف يحدث. سوف يتحقق هذا بشكل عملي في ظل صحوتكم أيها الشعب (الإيراني) وصحوة (بقية) الشعوب المسلمة.

 

~الإمام الخامنئي 1991/8/19

الهوامش:
1-  الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات.
2-  الاتحاد السوفييتي السابق.
3-  ميخائيل غورباتشوف: آخر رئيس للاتحاد السوفييتي السابق.