وفي ما يلي النص الكامل لكلمة قائد الثورة الإسلامية خلال هذا اللقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم (1)
إن وجود مجموعة" الخيّرين بناة المدارس"، والتي هي من المظاهر المباركة لثورتنا وبلادنا، يثبت عدة أمور: أحد هذه الأمور، هو ما سبق وأن قيل، وهو أن شعبنا لا يتردد أبداً في الإنفاق عندما يشعر بأن الموطن موطنٌ حسن ومناسب، هذه نقطة مهمة جداً. البعض يعاتبون ويقولون لماذا لم يأت الناس ويُقدِّموا مساعداتهم مثلاً في القضية الفلانية. حسنٌ، يجب تقديم الإيضاحات للناس بأن هذا أمرٌ واجبٌ وشيءٌ صحيح. وعندئذٍ سيأتي الناس ويبادرون من أنفسهم. لاحظوا هذه الحوزات العلمية هي مثال واضح لهذه القضية. فالناس من دون أن يعرفهم أحد، ومن دون أن يرسل إليهم أحد ويطالبهم، ومن دون أن يحاسبهم، يأتون ويُخمّسون أموالهم التي حصّلوها بجهودهم، ويعطوننا خمسها؛ يعطونها لرجال الدين ولعلماء الدين ومراجع التقليد. والحال أننا لا نأخذ منهم إيصالات ولا ضمانات ولا نطالبهم بشيء. أحياناً يبقون ينتظرون في صفوف الانتظار أياماً طويلة من أجل أن يأتوا ويعطوا هذا المال. لماذا؟ لأنهم يعتقدون أن هذا العمل عملٌ صحيحٌ وصالحٌ وحسن.
ونموذجكم هذا نموذجٌ آخر. يأتي تاجرٌ غني ومتمكن، جمع مالاً، هو ماله الخاص، ولن يسأله أحد لماذا تمتلك هذا المال وكيف يجب أن تنفقه، لكنه يأتي بكل رغبته،) لقد قدَّموا لي بعض التقارير: بُنيت عشرات المدارس من قِبَل خيّر من الخيّرين). هذه الظاهرة قيّمة جداً من دون أن يكون لها أي غرض سياسي أو شخصي. طبعاً ثمة في العالم مؤسسات خيرية ظاهرها أنها خيرية لكن باطنها ومحتواها إما سياسي أو أمني أو تجسسي، وهناك دوافع وحوافز تقف وراءها. أما هنا فإن هذا الخيّر المتكفّل ببناء المدرسة يأتي ويعطي هذا المال من دون أن يكون له أي حافز سوى الخدمة وسوى أداء عمل حسن وصالح واكتساب الحسنات. بناءً على ذلك، هذه هي النتيجة الأولى التي نستخلصها، وهي أننا إذا استطعنا أن نتفاهم مع الناس ونشير إلى حُسنِ عمل معين وصِحَةِ طريق معين، فإنهم سيكونون مستعدون لدفع تكاليف كبيرة من دون أن يُطلب منهم ذلك. وقد شاهدنا نماذج سابقة لذلك خلال فترة الدفاع المقدس وأمور أخرى، هذه نقطة.

 إذا استطعنا أن نتفاهم مع الناس ونشير إلى حُسنِ عمل معين وصِحَةِ طريق معين، فإنهم سيكونون مستعدون لدفع تكاليف كبيرة من دون أن يُطلب منهم ذلك.

 

النقطة الثانية، هي اهتمام الناس بأمر المدرسة. كانت هناك أعمال خيرية في السابق أيضاً، فكانوا يبنون الحسينيات والمساجد ويقومون بأعمال متنوعة، لكن الاهتمام بالمدرسة دليلٌ على وجود ظاهرة في البلاد، فهو دليل على أن شعبنا والمتمكنين من المساعدة يدركون جيداً أهمية تعليم الأبناء. هذه بدورها نقطة أخرى يشعر بها المرء في هذه العمل.
والنقطة الثالثة، (النقاط من هذا القبيل كثيرة لكنني سأذكر هنا هذه النقاط فقط)، التي يمكن للمرء أن يستنبطها من هذه العملية هي أنه في أي عمل وموضوع يُحيل مسؤولو البلاد والمدراء الأصليون للبلاد الأمور فيه إلى الناس، سينجح ذلك الموضوع ويتقدم إلى الأمام. إنها تجربة ويجب أن نتعلمها، وقد ذكرت هذا مراراً، تارةً تكون النظرة ضيّقة ويمسك المسؤول الحكومي بزمام الأمر في يده حصرياً، فتكون النتيجة التوقف والمراوحة في ذلك الأمر. ولكن حين يعطي الأمر للطاقات الشعبية العظيمة اللامتناهية وللناس بمحفزاتهم وقدراتهم المادية والمعنوية، فإن الأمر سينمو ويزدهر.
والأمر على هذا النحو هنا أيضاً. كانت لدينا الكثير من المشكلات بخصوص المدارس. ففي بداية الثورة كانت هناك في البلاد مدارس فيها ثلاث أوقات للدوام أو حتى أربع أوقات، وقد زالت هذه المشكلة والحمد لله. وقد كان لمساعدات الناس دور كبير جداً، وينبغي أن تستمر هذه العملية إن شاء الله. أنتم أيها السادة المسؤولون عن هذه القضية والذين خضتم غمار هذه العملية الكبيرة والجميلة، واصلوا هذا العمل بشوق ورغبة وتحفيز إن شاء الله، واعلموا أن الله تعالى سوف يوفيكم أجوركم، فهذا العمل فيه ثواب وهو حسنة وصدقة جارية. ونواياكم بحمد لله خالصة فحافظوا عليها خالصة وتقدموا بهذه المشاريع إلى الأمام.

الاهتمام بالمدرسة دليل على أن شعبنا والمتمكنين من المساعدة يدركون جيداً أهمية تعليم الأبناء.

بالطبع يجب توصية الإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام (وأنا أقول إن شاء الله سيوصونهم) لتعمل على توعية الرأي العام بوجود مثل هذه الأعمال والمشاريع. ولحسن الحظ فإن أمثال هذه الأعمال أخذت تنمو وتنتشر في أنحاء البلاد، وهي تزداد يوماً بعد يوم. وقد ظهر "خيّرو العلاج" في غضون الأعوام الأخيرة الماضية وهم يقومون الآن بأعمال جيدة. على كل حال الخيرون في البلاد كُثر وعددهم كبير ويرغبون في القيام بأعمال صالحة، وينبغي إرشادهم للأعمال والثقة بهم.
سمعت أن الأعزاء" الخيّرين بناة المدارس" يتوقعون مزيداً من تعاون أجهزة التربية والتعليم معهم، ولحُسن الحظ لاحظت أن الدكتور السيد حافظي قد توجه بالشكر للوزير المحترم ومعاونه (2)، وكان هذا مبعث سرور بالنسبة لي أن أشعر بوجود تعاون.
لا تقوموا بتغيير أسماء المدارس، لنفترض أن ذاك الخيّر الذي بنى المدرسة أطلق عليها اسم شهيد له أو اسم شخص يحبّه، فليتم الحفاظ على هذه الأسماء، وليتم تسهيل الأمور على من يريد القيام بعمل بناء المدارس الخيّر، وليتم تكريمه، وهذا ما سيحصل إن شاء الله.

يجب توصية الإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام لتعمل على توعية الرأي العام بوجود مثل هذه الأعمال والمشاريع.

والنقطة التي ذكرها السيد فاني ( (3أيضاً نقطة صحيحة تماماً، أي قضية تمتين بناء المدارس، وهي عملية مهمة جداً، ويجب الحفاظ على هذه المدارس التي تُبنى حتى لا تغدو قديمة وبالية بسرعة.
 تقبّل الله منكم وزاد من توفيقاتكم.
والسلام عليكم ورحمة الله

الهوامش:
1.    أقيم مهرجان "الخيّرين بناة المدارس" في المحافظات في الفترة الممتدة من 20 شباط إلى 20 آذار 2014 م، ومرحلة المدن من هذه المهرجان ستستمر من الثامن من أيار 2014 م إلى الحادي والعشرين من 2014.
2.    السيد مرتضى رئيسي، معاون وزير التربية والتعليم ورئيس مؤسسة تحديث وتنمية وتجهيز المدارس.
3.    وزير التربية والتعليم الإيراني.