وفيما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقاها سماحتها خلال هذا الاحتفال:

 

بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله سبحانه وتعالى على النعمة التي أفاضها علينا؛ نعمة وجود الشباب المؤمن والضبّاط الطاهرين والمخلصين الذين يبشّرون جيش الجمهوريّة الإسلاميّة ونظامها الدفاعي بمستقبل مشرق، أنتم أيّها الشباب الأعزّاء -سواء الشباب الذين أنهوا دراستهم في هذه الكليّة الحربية ووصلوا إلى رتبة الضباط، أو الشباب الذين دخلوا للتوِّ إلى ساحة العلم والتجربة والإيمان وسوف يستفيدون إن شاء الله استفادة عظمى- أبنائي الأعزّاء والأبناء الأعزّاء والمتألّقين للشعب الإيراني؛ أبارك لكم جميع إنجازاتكم ونجاحاتكم، كما أشكر من كلّ قلبي جميع قادتكم ومسؤوليكم الذين أخذوا على عاتقهم هذا العبء الثقيل.

لقد كان برنامج هذا اليوم برنامجًا جميلًا جدًا وفي نفس الوقت غنيّ المضمون والمحتوى، وأسأل الله سبحانه أن يثبّت هذه الشعارات وهذا النهج في روحكم وقلبكم وفكركم وعملكم لسنوات طويلة، وأن تستمروا بالعمل بهذه الشعارات والالتزام بهذا النهج.
تُعتبر القوى المسلّحة في كلّ بلد أحدُ أركانِ الاقتدار والقوةِ فيه، ومن المؤكد أنّ أساس الاقتدار العسكري في أيّ بلدٍ يشكّل مظهرَ القدراتِ العامة لهذا البلد أمامَ سائرِ الدول، ولكن لا ينبغي أن ننظرَ إلى معنى الاقتدار في القوى المسلّحة نظرةً بسيطةً ساذجة، فالقوى المسلحة المقتدرة هي القوى التي تستطيع بطاقاتها ومعنوياتها وعزمها الراسخ أن توظِّفَ أساليبها وسلوكها وحركتها في ساحات المسؤولية. الجموع والعدّة والكثرة والتدريبات العسكريّة والتجهيزات والمعدّات لا تفيد ولا تُسهم في صنع المستقبل والمصير ما لم تكن متلازمة مع الإيمان والبصيرة والعزيمة الراسخة والرؤية بعيدة المدى.

تعتبر القوى المسلّحة في كلّ بلدٍ أحد أركان الاقتدار والقوة فيه، ومن المؤكد أنّ أساس الاقتدار العسكري في أيّ بلدٍ يشكّل مظهر القدرات العامة لهذا البلد أمام سائر الدول.

فالعدد الكبير في القوى المسلّحة أو في التجهيزات المتطوّرة أو حتى في التدريبات العصريّة؛ كلّ هذا لوحده لا يكفي لصناعة قوّة واقتدار البلد أو الشعب، ولا يؤدّي إلى اقتدار تلك الأمّة. فلا بدّ من توفّر عناصر الإيمان والعزيمة والشعور بالمسؤوليّة وإدراك حقيقة مسؤوليّة القوى المسلّحة، هذه الأمور هي التي تستطيع أن تجعل القوى المسلّحة بالمعنى الحقيقي للكلمة ركن قوة الأمة واقتدارها.
استطاعت القوى المسلّحة في نظام الجمهوريّة الإسلاميّة -سواء جيش الجمهوريّة الإسلاميّة أو الحرس الثوري وقوى التعبئة وسائر الأفراد في مجموعة نظام القوّات المسلّحة- أن تثبت قدرتها على مدى السنوات الطويلة [ثمانية أعوام من الدفاع المقدّس] وأن تظهرَ ما تختزنه من قوةٍ روحيةٍ ومعنوية، ومن قدراتٍ علميّة وقدرةٍ على الإبداع وعزيمةٍ راسخة؛ لذلك فإنّ العالم يحسبُ لهذه القوّات المسلّحة كلَّ حساب ويأخذها على محمل الجد ويعلم أنّه أينما كانت الساحة ساحةَ مسؤوليّةٍ وساحة حربٍ وقتال ضدَّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة فسيكون أداء القوات المسلّحة متكاملًا وممتازًا.

استطاعت القوى المسلّحة في نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، أن تثبت قدرتها على مدى السنوات الطويلة للدفاع المقدس، وأن تظهرَ ما تختزنه من قوةٍ روحيةٍ ومعنوية، ومن قدراتٍ علميّة وقدرةٍ على الإبداع وعزيمةٍ راسخة.

أيّها الشباب الأعزّاء والأبناء الفدائيّون لهذا الشعب الذين اخترتم لأنفسكم هذه الساحة الخطيرة ورهنتم أنفسكم لرفع جاهزيّةِ منظومةِ القوّات المسلّحة باطّراد؛ تدرسون وتتعلّمون وتفكّرون وتحقّقون، وتلمّون بالإنضباط وسائر الفنون العسكريّة، استمروا بهذه النيّة وبهذا الفكر وبهذه الهمّة العالية كي تكونوا الركنَ المهم لاقتدار بلادكم بكل ما للكلمة من معنى.
إن لهذه الكليّة التي تتزيّن بالاسم المبارك لأمير المؤمنين (عليه السلام) مفاخر عدّة. فهؤلاء الشهداء الذين نرى صورهم النورانيّة في هذا المكان، جميعهم كانوا من هذه الكليّة؛ فهنا تربّوا واستطاعوا أن يقوموا بدورهم. وهناك عددٌ من جنودنا وشهدائنا الأعزّاء من الشباب الجامعي لهذه الكليّة. هذه الكليّة مكانٌ مبارك، فهي كليّة ومحلٌّ لتربية أناس يفتخر بهم الشعب الإيراني، ويُعَدّونَ أساسَ ومنشأ اقتداره المعنوي، عليكم أن تقدّروا ذلك وتعرفوا قيمته، وافتخروا أنّكم تقومون ببناءِ أنفسكم في مركزٍ كهذا.
إنّ المجتمع الإسلامي اليوم، بل المجتمع البشريّ، يحتاج إلى رسالتكم ورسالة الشعب الإيراني الإسلاميّة، فهذا العالم اليوم مبتلًى بحوادث عديدة يصنعها الأنانيّون والجشعون. إنّ عالم اليوم، مع وجود الوسائل الجديدة المدمرة والمهلكة، هو بأيدي الكثير من الأشخاص الذين لا يعرفون سوى رغباتهم الفرديّة والقبلية ولا يدركون معنى الفضيلة ولا يمتّون للإنسانيّة بصلة. في هكذا عالم، عندما يرتفع نداء الإسلام عاليًا وعندما ترفرف راية الإسلام، فإنّ أنظار كلّ العالم ستلتفت إلى هذا النداء وإلى هذه الراية، وهذا ما حصل فعلًا هذه الأيام. ومن الطبيعي جدًا أن تظهر ردّات فعلِ الأعداء، فهم يستخدمون الفنّ والسياسة والقوة العسكرية وشتّى الوسائل لكي يظهروا الإسلام بصورة سيّئة أمام العالم.

العالم اليوم مبتلًى بحوادث عديدة يصنعها الأنانيّون والجشعون (الذين) لا يعرفون سوى رغباتهم الفرديّة والقبلية ولا يدركون معنى الفضيلة ولا يمتّون للإنسانيّة بصلة.

إنّ تخويف الناس من الإسلام هو من الأعمال [البرامج والخطط] الأساسيّة والمهمّة التي تقوم بها الشركات الفنيّة (1) المعروفة في العالم. لماذا؟ لو لم يكن الإسلام مهدِّدًا لمصالحِ عتاةِ العالم، لم تكن لتظهر ردّات الفعل هذه في المقابل. كما ترون، إنّهم يقومون بتشكيل جماعات باسم الإسلام وباسم الحكومة الإسلاميّة، يجهّزونها ويسلّحونها ويدعمونها ليقوموا بقتل الناس الأبرياء، ويجعلون كثيرًا من الدول غير آمنة بواسطةِ تلك الجماعات؛ كلّ ذلك يشير إلى مدى نفوذ رسالة الإسلام [وانتشارها]، فهم يخافون من الإسلام الحقيقي ومن الإسلام الأصيل، الإسلام الذي حمله جيل الشباب الذي سبقكم في ساحات الحرب وفي ساحات السياسة وفي ساحات الثورة، وأظهروه للعالم، واليوم أنتم ورثة أولئك الشهداء العظام وأولئك الرجال العظماء. وإنّ رسالة الإسلام، رسالة للإنسانيّة ورسالة السلام والعزّة والافتخار ورسالة حياة يعمّها الأمن والأمان؛ وهذا ما لا يريدُ له الأعداء في العالم أن يُعرف ولا أن تتعرّف عليه الأمم.
أعزائي ادرسوا جيّدًا وتعلموا العلوم العسكريّة بشكل جيّد وليكن ذلك متلازمًا مع مراعاة الضوابط الإسلاميّة والمباني الدينيّة، وعليكم أن تبدعوا، كما كان محقّقونا وعلماؤنا الشباب يقدّمون في الساحات العلميّة المختلفة المفاخرَ والإنجازات العلميّة؛ كذلك أنتم عليكم أن تقدّموا المفاخر العسكريّة وإنجازات النظم والتشكيل العسكري والابتكارات الجديدة التي يمكن أن ترتقي بالمؤسّسةً العسكريّة إلى أعلى القمم؛ ابتكروا ذلك وعمّموه في أوساطكم.
أسأل الله سبحانه وتعالى لكم التوفيق والعناية وبعون الله تعالى سوف تشهدون أيها الشباب الأعزّاء مستقبلًا أفضل وأوضح وأرقى في هذا البلد وسوف تساهمون مساهمةً كاملة ببناء ذلكَ الغدِ المشرق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الهوامش:
1- المقصود: السينما الهوليودية وسائر الأعمال الفنية الموجّهة في هذا الإطار.