وخلال اللقاء بقادة وكوادر القوات الجويّة في جيش الجمهوريّة الإسلامية اعتبر قائد الثورة الإسلاميّة أنّ الأيام الإلهية والمناسبات المهمّة في الثورة الإسلاميّة سبب في ثبات وصلابة النّظام وشدّد سماحته: ستكون مسيرات الثاني والعشرين من بهمن (١١ شباط) هذا العام أكثر إبهاراً للعيون من مسيرات ٢٢ بهمن السّابقة. 

كما رأى الإمام الخامنئي أنّ "الثبات بوجه الظم والفساد على المستوى الدّولي وفضحه" يعتبر ضمن السياسات الأصوليّة وأكّد قائلاً: أكثر حكومات العالم ظلماً وقسوة اليوم هي أمريكا. هي أكثر ظلماً من الجميع. أمريكا أسوء من داعش الوحشيّة. حكومة أمريكا هي النظام الذي أنشأ وأسس داعش. كانت هي من سهّل عملهم ووقفت ورائهم.

ولفت سماحته إلى أنّ رئيس جمهورية أمريكا الحالي أشار خلال دعاياته الانتخابيّة إلى أنّ أمريكا هي من أسّست داعش وتابع قائلاً: أمريكا هي التي أسست داعش ودعمته أيضاً، ومن المحتمل أن تكون الجماعات الوحشية في أمريكا من أمثال بلاك ووتر هي التي أخذت على عاتقها تعليمهم بعض الأساليب الوحشية العنيفة. بيد أن الإدارة الأمريكية رغم كل هذه الهمجية والبربرية تدعي في الإعلام الدولي متبجّحة أنها تدافع عن حقوق الإنسان وعن المظلومين وعن حقوق الحيوان، ولابد من فضحهم عبر تبيان الحقائق.

واعتبر قائد الثورة الإسلاميّة أنّ دعم الظلم للشعب الفلسطيني على مدى ٧٠ عاماً وارتكاب الجرائم بحقّ الشعب اليمني وظلمه نماذج بارزة تدلّ على ظلم الأمريكيين وأردف سماحته القول: تُقصَف البنى التحتية في اليمن ويُقصَف الشعب المظلوم في هذا البلد يومياً على يد حلفاء أمريكا وبالسلاح الأمريكي، غير أن الحكومة الأمريكية لم تحرّك أي ساكن، ولكنها وبكل وقاحة تدعي عبر استعراض قراضة حديد إرسال الصواريخ من إيران دون أي دليل. ففي الوقت الذي يكون شعب اليمن قد ضُرب عليه الحصار كيف يمكن إرسال الصواريخ؟ علماً بأنه يجب مواجهة الظالم ومعونة المظلوم وفق التعاليم الإسلامية الصريحة.

وأشار الإمام الخامنئي إلى مثال يشير إلى خوض الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران في قضايا المنطقة وصمودها وقال سماحته: فيما يخصّ قضيّة المقاومة في منطقة غرب آسيا، أراد الأمريكيون اقتلاع جذور المقاومة لكنّنا صمدنا وقلنا بأنّنا لن نسمح بذلك. وقد ثبت للعالم اليوم بأنّ أمريكا أرادت وعجزت وأردنا وكنّا قادرين.

وأوضح سماحته أنّ هدف العدو يتلخّص في منع استمراريّة وصمود الثورة وتابع قائلاً: العدوّ يستغلّ أيّ وسيلة تُتاح له. بدءاً ممّن يدّعون حيازة الفكر حيث أنّهم يقدّمون الأموال لهم من أجل قيامهم بإنتاج فكر يستهدف أُسس الثورة إلى أن يصلوا إلى المنظّرين المزيّفين والكتّاب المأجورين واستغلال إمكانيات الساحة الافتراضيّة؛ يستغلّون كلّ ما أمكن لهم استغلاله لأجل توسيع نطاق استهدافهم لمخاطبيهم.

وتحدّث قائد الثورة الإسلامية عن أنّ مثل هذه الأعمال مورست منذ بدايات الثّورة وأضاف قائلاً: يستغلّون كلّ هذه الأمور ويبذلون قصارى جهدهم وتنبثق فجأة مسيرات في الثاني والعشرين من بهمن (١١ شباط، ذكرى انتصار الثورة الإسلاميّة)؛ ترون كيف تسير حشود الجموع في كافّة أنحاء البلاد رغم الشتاء القارص وتحت الثلوج والأمطار. أو خذوا مظاهرات التاسع من شهر دي (٣٠ كانون الأول) على سبيل المثال. مظاهرات التاسع من دي في عام ٢٠٠٩ أو مظاهرات ٩ دي هذا العام (ضدّ مثيري الشّغب) حيث شاهدتم بأيّ روحيّة وحماس نزل النّاس إلى الشّوارع، لأنّهم شعروا بوجود العدو. الثّورة مخلوقٌ حيّ ينمو باستمرار.

كلّ تلك المساعي وأنشطة العدو لا تقتصر على الساحة الافتراضيّة فقط بل تؤثّر على حياة النّاس أيضاً لكنّ محبّة الثورة الإسلاميّة تخلق ردّة فعل كهذه بين النّاس.

وأشار سماحته إلى المسيرات المقرّر انطلاقها هذه السّنة بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإسلاميّة قائلاً: أقولها لكم هذا العام أيضاً أنّه بحول وقوّة من الله ستبهر مسيرات الثاني والعشرين من بهمن العيون لأنّ النّاس يشعرون بأنّ العدو يسعى لنصب الأفخاخ بعد أن سمعوا ما تفوّه به بعض رجال السياسة الأمريكيين وغيرهم من هراء؛ طبعاً ليس من الضروري أن يكون هجوماً عسكريّاً. ستكون مشاركة النّاس هذا العام أكبر من السابق وسيأتي الجميع بتوفيق من الله.

فيما يخصّ العدالة والعدل الاجتماعي قال الإمام الخامنئي: نحن متقاعسون ومتأخرون في بحث العدالة الاجتماعية وإزالة الفوارق الطبقية بين شرائح الناس المختلفة، ولم يتم العمل الذي لابد من إنجازه في هذا المضمار بما ينبغي، ولابد لنا من أن نجدّ في متابعة هذه القضية، ونحن نتابعها ولا نتخلى عنها بتوفيق الله، والسبيل إلى ذلك بالطبع يكمن في مكافحة الظلم والفساد.

وتابع قائد الثورة الإسلامية حديثه في هذا المضمار قائلاً: إن للعدالة مفهومها الواسع، سواء على صعيد المجتمع أو على الصعيد الدولي، وسواء في البعد السياسي أو البعد الاقتصادي. وعلى خلاف القيم الأخرى التي تعدّ نسبية فإن للعدالة قيمة مطلقة في جميع هذه الشؤون.

وشدّد سماحته: العدالة قضية ضرورية، ولابد من مكافحة الفساد ومقارعة الظلم، وهي مهمة صعبة جداً. فإنّ مَثَل الفساد كمَثَل التنّين الذي له سبعة رؤوس كما في الأساطير، فإن قطعت رأساً من رؤوسه سيتحرك بستة رؤوس أخرى، وليس من الهيّن القضاء عليه. ومن هنا فالتصدي لأولئك الذين ينتفعون من الفساد أمر عسير للغاية، ولكنه من الأمور التي يجب إنجازها. لقد أمضى أمير المؤمنين عليه السلام فترة حكومته بالنهوض بهذه المهمة تقريباً ولم ينتهِ الأمر. علماً بأن التصدّي لرجال الحكومة الذي تغلغل الظلم والفساد فيهم قائم، ولكن لابد وأن يُتابع الأمر بصورة جادة وبمزيد من الشدة في العمل.

واعتبر الإمام الخامنئي أنّ واحدة من أعظم ميزات الجمهوريّة الإسلاميّة هي شعبيّة هذه الثّورة. لقد كانت الثورة الإسلاميّة ثورة دينيّة، وكان النظام الذي وجد نظاماً دينيّاً وشعبيّاً لذلك ترون أنّ أبناء وأعزّاء الناس انطلقوا نحو الجبهات وحاربوا ولقوا حتفهم لكنّهم لم يتذمّروا لأنّ ذلك كان في سبيل الله ولأجل الإمام الحسين (عليه السلام).

وأكّد قائد الثورة الإسلاميّة على أهميّة دور الشّعب في الثّورة وقال سماحته: هذه الثّورة ثورةٌ شعبيّة ويجب أن يكون للنّاس الأولويّة في كافّة الخطط والبرامج. يتمّ تكرار اسم النّاس بشكل مستمر، جيّدٌ تأكيد المسؤولين خلال تصريحاتهم على كلمة "الشعب" لكن فليعرفوا النّاس. هؤلاء النّاس هم الذين يسطّرون ملحمة الثاني والعشرين من بهمن. فلتسمعوا ما يقوله هؤلاء النّاس إذا ما أردتم فهم كلامهم. هؤلاء النّاس هم الذين ينسحبون بمجرّد شعورهم بوجود عدد من المخرّبين في السّاحة مع أنّه لديهم اعتراضات وشكاوى ومن ثمّ ينزلون إلى الساحات في التاسع من دي ويطلقون شعاراتهم.

وأردف الإمام الخامنئي قائلاً: على المسؤولين أن يعرفوا هؤلاء الناس وأن يعملوا من أجلهم، وهذا لا يتنافى مع العمل لله، لأن الله هو الذي أمرنا بأن نعمل للناس وأن نكون خدّاماً لهم.

ما يقوله النّاس هو اشتكاء من الفساد والتمييز. لقد تحمّل النّاس العديد من المشاكل ومن الطبيعي أن لا يرضوا بالفساد ويشتكوا من التمييز. يجب على مسؤولي القوى الإجرائية والقضائية والدستوريّة متابعة هذه الشكاوى بشكل جدّي