في البداية أزيل قبح التفاوض مع إسرائيل. لا عَلَى الله عن ذلك السياسي المصري الذي لا أوّد ذكر اسمه. بالطبع فإنه قد لعن على هذا المنبر مراراً وتكراراً على مدى سنوات ولا أريد ذكر اسمه ثانية. فهذا الرجل هو الذي تفاوض مع إسرائيل في بادى الأمر وأزال ما ينتاب عملية التفاوض من قبح وسوء. ففي البداية جلبوا الأعلام، ثم عملوا شيئا فشيئاً على استدراج الدول العربيّة ودول الجوار الواحدة تلو الاخرى إلى طاولة الحوار؛ وهي نفس تلك الدول التي قدّمت كلّ هؤلاء الشبّان، وتجزعت كلّ تلك المصائب والمعاناة، وأطلقت كلّ تلك الشعارات، وتمشدقت كلّ تلك الاذعاءات.

لقد قلنا منذ اليوم الأول إن مفاوضات الصهاينة مع العرب مبنية على الحيلة والخديعة. فالصهاينة لا يسعون إلى حل مشاكلهم مع العرب، بل يريدون -كما يتوفون - أن يحذوا مما يتهددهم من خطر ثم يعيدوا الكرّة في الاعتداء والتجاوز؛ لأن الاعتداءات الصهيونية لم تنته بعد؛ وهناك اعتداءات قادمة أيضاً. فعندما يثبتون أنفسهم من الناحية الجغرافية سيصل الدور إلى وضع اليد على المصادر الحيوية والمالية والاقتصادية لتلك الدول العربيّة! فهل سيدّعونهم يتنفسون الصعداء يا ترى؟ بمجرد أن تظفر إسرائيل بالتسلط والاقتدار فلن تُبقي عليهم باقية. إن الحكّام العرب لم يتلتفتوا إلى هذه القضايا ولم يفكروا بمصالح بلدإنّهم وشعوبهم بل وتستقبلهم مع شديد الأسف. بالطبع إن الضغط الأمريكي كان قد لعب الدور الأساسي في هذه العملية.