وخلال اللقاء تحدّث قائد الثورة الإسلامية حول الاتفاق النووي قائلاً: يجب أن لا نُلدغ من جُحرٍ مرّتين وأن لا نستفيد من تجاربنا ونعقد الآمال على أمور عديمة الأهميّة. حسناً عندما يقولون بأنّ أمريكا هُزمت من الناحية الأخلاقية وفقدت ماء وجهها في قضية الاتفاق النووي ... حسناً هذا صحيح، لكن هل فاوضنا لكي نريق ماء وجه أمريكا أو أنّنا فاوضنا من أجل رفع العقوبات؟ والآن قد عادوا ليقولوا بأنّ العقوبات الثانويّة سوف تعود.
واستطرد سماحته قائلاً: أو يُقال بأنّ العلاقة بين أوروبا وأمريكا قد تكدّرت، وهل فاوضنا لأجل هذا؟ طبعاً فإنّ أوروبا لن تُعارض أمريكا.
وتحدّث الإمام الخامنئي حول تاريخ مواقف الدول الأوروبية تجاه الجمهورية الإسلامية قائلاً: لقد نكثت البلدان الأوروبية خلال المفاوضات النووية في عامي ٢٠٠٤ و٢٠٠٥ عهدها بشكل فاضح ووعدت ولم تفي. وقد التزم الأوروبيون الصمت خلال العامين المنصرمين عندما نقضت أمريكا الاتفاق النووي مرات متعددة. يجب على أوروبا أن تُعوّض اليوم انعدام الصدق ذاك وصمتها.
وشدّد قائد الثورة الإسلاميّة على ضرورة مراجعة التجارب والاعتبار منها قائلاً: مقدّمة أيّ قرارٍ هي أن ننظر في تجاربنا السابقة؛ "من جرّب المُجرّب حَلّت به النّدامة"، لا ريب في أنّنا سوف نتضرّر إن لم نتعلّم من التجارب.
وأردف سماحته قائلاً: توجد عدّة تجارب أمامنا؛ سوف تؤيّدون كلامي جميعاً ما إن أقوم باستعراض عدّة تجارب واضحة. هذه [التجارب] مهمّة لاتخاذ القرارات في الحاضر ومهمّة لمن سيأتون في المستقبل أيضاً.
واستعرض قائد الثورة الإسلامية محطّات من المواقف الأمريكية السابقة حيال إيران قائلاً: التجربة الأولى هي أنّ حكومة الجمهورية الإسلامية لا تستطيع التعامل مع أمريكا؛ هذه هي التجربة الأولى. لماذا؟ لأنّ أمريكا لا تلتزم بتعهداتها. لا تقولوا بأنّ هذه التصرفات محصورة بهذه الحكومة وهي من أفعال ترامب. لا! الحكومة الأمريكية السابقة أيضاً جلست معنا وتحدّثت إلينا؛ لقد تصرّفوا هم أيضاً وفق هذا المنوال ... نكثوا عهدهم بصورة مغايرة. لقد قاموا هم أيضاً بممارسة التهديد. وقاموا هم أيضاً بالعمل خلافاً لعهودهم. هذا ردٌّ على أولئك الذين قالوا لنا مراراً وتكراراً على مدى الأزمنة بأن لماذا لا تفاوضون أمريكا ولماذا لا تتعاملون معها؟ هذا هو الرّد عليهم.
وفي معرض ذكره للتجارب تابع الإمام الخامنئي قائلاً: التجربة الثانية هي عمق عداء أمريكا لإيران. عداء أمريكا لا يدور حول قضايا مثل القضية النوويّة، الموضوع أبعد من ذلك: هي قضية تبلور نظام لا يعير أمريكا أيّ اهتمام وقد أمسك بيده بيرق الإسلام. أمريكا تعارض بشدّة هذا النوع من الأنظمة. تسعى أمريكا للقضاء على مقوّمات القوة في الجمهورية الإسلاميّة.
وفيما يخص التجربة الثالثة لفت قائد الثورة الإسلاميّة إلى أنّ المرونة مقابل العدو لن تجعل شفرته أقلّ حدّة بل ستزيد من وقاحته وصلافته وقال سماحته: لقد قام بوش الثاني أمام مرونة الحكومة في ذلك الوقت بإطلاق اسم محور الشرّ عليها. إذا أردتم أن تقوموا بما من شأنه الحدّ من العداء، قوموا بذلك لكنّ السبيل ليس اللين المرونة
وتكلّم سماحته حول التجربة الرابعة التي أثبتت أنّ الصمود بوجه أمريكا سبب تراجعها قائلاً: - التجربة الرابعة هي أن الصمود أمام أمريكا يؤدي إلى تراجعها. فإن اعتراف الأمم المتحدة اليوم بحقنا في تخصيب اليورانيوم لا يعود سببه إلى المفاوضات وإنما يعود إلى تقدمنا في الملف النووي..
وحول تاريخ المواقف الأوروبية عند المنعطفات الحساسة قال الإمام الخامنئي: التجربة الخامسة هي تجربة تماشي أوروبا مع أمريكا في القضايا الهامّة. - التجربة الخامسة هي مواكبة أوروبا لأمريكا في القضايا الهامة. نحن لا نروم الصراع مع أوروبا بيد أن هذه الدول الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) أثبتت بأنها تساير أمريكا في أشد المسائل حساسية. تصرّف فرنسا المعيب في دور الشرطي السيّء الذي لعبته خلال المفاوضات النووية وعرقلات البريطانيين فيما يخصّ إنتاج الكعكة الصفراء كانت من ضمن هذه الأمثلة.
وختم قائد الثورة الإسلاميّة بذكر التجربة السادسة قائلاً: التجربة السادسة هي عدم ربط قضايا البلاد بالاتفاق النووي والقضايا الخارجيّة ... يجب أن لا نربط قضايا بلادنا بأمر خارج عن نطاق إرادتنا.
وأعلن قائد الثورة الإسلامية عن الشروط الموضوعة أمام أوروبا التي تدفع الجمهورية الإسلامية للاستمرار في الاتفاق النووي قائلاً: يجب أن تتعهّد أوروبا بأن لا تطرح مسألة الصواريخ وحضور الجمهورية الإسلامية في المنطقة. كما أنّ أمريكا نقضت القرار ٢٢٣١ ويجب على أروبا أن تصدر قراراً مضاداً لنقض أمريكا.
وتابع سماحته في هذا المضمار قائلاً: يجب أن تواجه أوروبا أيّ عقوبات تُفرض على الجمهورية الإسلامية وأن تقف بصراحة بوجه العقوبات الأمريكية، وإذا ما استطاع الأمريكيون توجيه ضربة لمبيعات نفطنا، يجب أن نتمكّن من بيع كميّة النفط التي نحدّدها ويجب على الأوروبيين التعويض ضمن آليّة مضمونة وشراء نفط إيران. كما يجب على المصارف الأوروبيّة أن تضمن التجارة مع الجمهورية الإسلاميّة.
وأشار الإمام الخامنئي إلى أنّ إيران لا تنوي التشاجر مع الدول الأوروبية الثلاث قائلاً: ليس لدينا نزاع مع هذه البلدان الثلاثة، لكنّنا لا نثق بهم. انعدام الثقة هذا يعتمد على سوابقهم. إذا ما تباطئ الأوروبيون في تلبية مطالبنا فحق إيران في بدء الأنشطة النوويّة محفوظ. متى ما رأينا بأنّه لا توجد فائدة من الاتفاق النووي فسوف يكون إحدى السبل اللجوء إلى مواصلة الأنشطة المتوقّفة.
وتحدّث سماحته حول العداء الأمريكي العميق لإيران قائلاً: منذ انتصار الثورة الإسلامية وحتى يومنا هذا مارست أمريكا أنواع حالات العداء للإيقاع بالجمهورية الإسلامية، ونظّمت شتى صنوف الممارسات السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية ضد الجمهورية الإسلامية بغية إسقاطها.
وتابع سماحته مؤكّداً: لقد باءت جميع هذه المؤامرات بالفشل وهُزمت؛انظروا إلى الجمهورية الإسلامية بعد أربعين عاما كيف باتت تحث الخطى وتمضي قدما وهي تتمتع بقدرات مختلفة، والأعداء بكل ممارساتهم هزموا.
واستطرد قائد الثورة الإسلامية قائلاً: حالهم حال القطّ الشهير في قصّة توم وجيري؛ وسوف يُمنون بالهزيمة في المستقبل. لا يراودنا أدنى شك في هزيمة الأعداء وإنّ كلّ مطّلع على المعارف الإسلامي يعلم هذا الأمر.
وفيما يخص الرئيس الأمريكي الحالي قال الإمام الخامنئي: لن يكون مصير الرئيس الأمريكي الحالي أفضل من أسلافه أمثال بوش والمحافظين الجدد وريغان وسوف يُمحى [اسمه] من التاريخ.

وقيّم قائد الثورة الإسلاميّة أداء مجلس الأمم المتحدة بالقول: لم يكن أداء الأمم المتحدة جيّداً على مدى هذه الأعوام؛ منذ مدّة سحب الأمين العام للأمم المتحدة كلامه حول إدانة جرائم السعوديين ضدّ اليمنيين بعد يومٍ واحد من تصريحه. هذه النماذج تُثبت أنّ الأمم المتحدة تقع تحت ضغوط أمريكا وأشباه قارون في منطقة الخليج الفارسي.
وعدّد الإمام الخامنئي جرائم وملفات حقوق الإنسان الأمريكية حيث أشار سماحته إلى نماذج مثل ” إحراق أعضاء الفرقة الداووديّة في أمريكا في عهد كلينتون“، ”التعذيب الفظيع الذي يُمارس بحقّ السجناء في سجون غوانتنامو، أبوغريب في العراق وسجن أمريكي آخر في أفغانستان“، ”حريّة بيع الأسلحة في أمريكا من أجل تأمين مصالح شركات تصنيع السلاح“، ” تصرّفات الشرطة الأمريكية المهينة والمشينة بحقّ السود في أمريكا وقتلها لهم“، ”دور أمريكا المؤثّر في تأسيس ودعم داعش“، ”دعم أمريكا للكيان الصهيوني في ممارسات القتل التي يرتكبها وآخرها كان في غزّة“ و“دعم السعوديين ومساعدتهم في قتل الشعب اليمني وقمع الشعب البحريني“ وتابع قائلاً: يجب على الأمم المتحدة في حال كانت مؤسّسة ”الأمم“ ولم تكن تابعة للنظام الأمريكي أن تتابع هذه الملفات بجديّة وأن تُعوّض تقصيرها الذي مضى.