لقد كان إجراء العدالة والدفاع عن المظلوم ومواجهة الظالم -أيّا كان الظالم، وأيّا كان المظلوم - أمراً مهمّاً بالنسبة لأمير المؤمنين (عليه السلام). لم یشترط أمير المؤمنين  (عليه السلام) الإسلام ليدافع عن المظلوم. أمير المؤمنين الملتزم بالإسلام، والمؤمن من الطراز الرفيع، وأكبر قادة الفتوحات الإسلامية، لم يشترط أن يكون المظلوم مسلماً لكي يدافع عنه. في قضيّة "الأنبار" -إحدى المدن العراقية- كان البعض قد ذهب باتجاه حكومة الشام وقتل الحاكم المنصّب من قبل أمير المؤمنين في هذه المدينة، وهاجموا الناس، وأغاروا على منازلهم وقتلوا البعض ثمّ عادوا. يقول أمير المؤمنين في الخطبة التي ألقاها بهذه المناسبة - وإحدى خطب نهج البلاغة التي تقشعرّ لها الأبدان هي خطبة الجهاد هذه؛ «فانّ الجهاد باب من ابواب الجنّة»؛  يسعى فيها لحثّ الناس على السير في سبيل مكافحة هذا الظلم الكبير- فيقول عليه السلام: «ولقد بلغني أنّ الرّجل منهم کان یدخل علی المرأة المسلمة والأخری المعاهدة»؛ لقد تناهى إلى سمعي أنّ رجال تلك الفرقة المُغيرة كانت تدخل منازل تأوي نساءً مسلمات أو نساء اليهود والمسيحيين والمجوس. لم يكن أمير المؤمنين يهتمّ لكون المرأة التي تعرّضت للهجوم من أهل الكتاب -يهوديّة أو مسيحيّة أو مجوسيّة- أو امرأة مسلمة. يتحدّث حولهنّ جميعاً بصيغة واحدة.  «فینتزع حجلها و قلبها و قلائدها و رعثها»؛ كان ذلك الشخص المهاجم ينتزع من النساء القراط والأساور والعقود والذهب والخلخال؛ «ما تمتنع منه الّا بالاسترجاع و الاسترحام»؛ وهذه المرأة مسلمة وغير مسلمة، لم يكن لديها أمام هذا المهاجم من وسيلة تدافع فيها عن نفسها سوى الاستجداء. ثم يقول أميرالمؤمنين:  «فلو أنّ امرءأً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما کان به ملوماً»؛ ويتابع عليه السلام خطبته قائلاً: «بل کان به عندي جدیرا»؛ أي أنّه يجدر أن يموت أيّ غيور أسفاً على هذا النوع من الأحداث!
يخاطب الإمام عليه السلام مالك الأشتر في ذاك الكتاب (الرسالة) المعروف بأن عامل النّاس على هذا النّحو وذاك النّحو ولا تكن في معاملتك لهم كالسّبع الضاري تغتنم أكلهم. ثمّ يتابع عليه السلام: «فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق»؛ أي أنّهم بشرٌ مثلك.
لذلك فإنّ الإسلام ليس شرطاً بالنسبة لأمير المؤمنين في الدفاع عن المظلوم وإحقاق حقوق الإنسان؛ للمسلمين وغير المسلمين هذا الحق. أنظروا أيّ منطقٍ رفيع وأيّ بيرقٍ شامخٍ رفعه أمير المؤمنين على مدى التاريخ! ثمّ يتحدّث البعض في العالم حول حقوق الإنسان؛ لا تعدو كونها كذبة ورياء؛ لا يراعون حقوق الإنسان حتّى داخل بلدانهم، فما بالك بأنحاء العالم! لقد تحدّث أميرالمؤمنين (عليه السلام) حول حقوق الإنسان بهذا الأسلوب وعمل بها أيضاً.

~الإمام الخامنئي ٢٠٠١/١٢/٧