في عيد الأضحى‌ ثمة تقدير وتکریم من الله عزّ وجلّ لرسول مختار هو النبي إبراهيم (عليه السلام) الذي ضحى في ذلك اليوم. والتضحية بالأحباء هي أحياناً فوق التضحية بالروح. كان يجب على النبي إبراهيم (ع) أن يضحي بيديه بحبيبه وعزيزه في سبيل الله، وهذا الحبيب هو ابنه الشاب الذي منحه الله له على كبر سنه بعد عمر طويل من الانتظار، حيث يقول تعالى: «الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل و إسحاق». لقد وهب الله تعالى هذين الولدين لهذا الأب وهو في سن كبير، وبعد عمر من الانتظار والشوق حسب الظاهر. ولم يكن له أمل في أن يرزق ذرية بعد ذلك. يذكر سيد شهداء العالم كله الإمام أبو عبد الله الحسين (عليه الصلاة و السلام) - وهو مظهر الإيثار والشهادة - هذه الحادثة في دعاء‌ عرفة‌ الشريف فيقول: «وممسك يدي إبراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنّه وفناء عمره». هذا ما ورد في دعاء‌ الإمام الحسين المبارك في يوم عرفة الذي وفق المؤمنون يوم أمس لقراءته.
هذا الإيثار وهذا التجاوز هو رمز للمؤمنين الذين يرومون السير في طريق الحقيقة والتعالي والعروج إلى المقامات العليا. الأمر غير ممكن من دون تضحية. هذه هي في الواقع النقطة الرئيسية في كل الامتحانات التي نمرّ بها.. القضية قضية إيثار و تضحية. والتضحية‌ تكون أحياناً بالروح وأحياناً بالمال وقد تكون أحياناً تراجعاً عن كلام تفوّه به شخص ويريد أن يبقى عليه بكل إصرار ولجاجة. والتضحية في بعض الأحيان هي تضحية بالأعزاء والأحبة والأبناء والأقارب. الامتحان معناه اجتياز وادي المحنة. تعرض محنة أو شدة أمام الإنسان أو الشعب ويكون اجتيازها وعبورها هو الامتحان. إذا استطاع ذلك الممتحَن عبورها فسيصل إلى هدفه ومقصده. وإن لم يستطع - أي لم يستطع تفجير المواهب الكامنة‌ في وجوده والتغلب على هوى نفسه - فسوف يبقى يراوح مكانه.. هذا هو الامتحان. ليس الامتحان الإلهي من أجل أن يعرفنا الله و يرى ما هي أوزاننا و حدود قدراتنا. إنما الامتحان نفسه خطوة نحو الهدف والغاية. حينما نمتحن أنا وأنتم فمعنى ذلك أننا إذا استطعنا اجتياز الشدة والمحنة فسوف نعيش واقعاً جديداً وحياة جديدة ومرحلة جديدة. ولا فرق بين الفرد والأمة في هذا المجال.

~الإمام الخامنئي ٢٠١٠/١١/١٧