الخطابات

كلمته في حشود أهالي مدينة يزد

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين سيما بقية الله في الأرضين.أنا مسرور جداَ وأشكر الله تعالى أن مَنّ عليَّ بالتواجد بين أهالي يزد الحميمين الودودين المؤمنين الأعزاء، وأن أؤدي هذا الواجب الذي كنت أشعر به على عاتقي منذ مدة طويلة ألا وهو زيارتكم أيها الجماهير الأعزاء.مدينتكم ومحافظتكم - أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في يزد - مركز للعلم، والفن، والعمل، والجد، والابتكار، والإيمان، والتدين. لقد تألق أهالي مدينة ومحافظة يزد الأعزاء دوماَ كأناس موهوبين وأنقياء وناضحين بالإيمان والتدين، ومليئين بطاقات العمل والإبداع والحركة، ومستعدين للمساهمة في كافة الميادين التي كان المتوقع من الشعب الإيراني طوال تاريخه المعاصر أن يتواجد فيها سواء ما رأيناه وجربناه منهم قبل الثورة أو بعد انتصارها. لقد ساهموا في مجالات الدفاع المقدس، وفي مجال الدفاع عن هوية الثورة الإسلامية، ومن بعد الدفاع المقدس سجلوا حضورهم إلى اليوم في مضمار الدفاع عن القيم التي شن الأعداء هجماتهم السياسية والثقافية ضدها. في كل هذه السوح والميادين شاهدنا أهالي يزد الأعزاء وخبرناهم متأهبين، متوثبين، مستعدين للعمل، مشمرين عن سواعدهم، وأصحاب عزيمة وإرادة.لا أنسى مجيئي إلى يزد في الأيام التي لم يكن الشعب الإيراني قد ذاق فيها شهد النصر بعد، وكان أهالي المدن المختلفة لهذا البلد يعملون كلٌّ حسب قدراته وهمته لتثمير هذه الحركة العظيمة. وقد أدهشني الحال التي شاهدتها في مدينة يزد... روح الثورة المتوثبة إلى جانب النظام والانضباط والسكينة والرزانة. وشاهدت في هذه المدينة المرحوم آية الله الشهيد صدوقي في تلك الفترة لا بوصفه رجل دين بارز في المدينة وحسب ، بل كقيادي ديني وسياسي وثقافي ... قائد ثوري حقيقي في مدينة يزد وجميع مدن المحافظة. بقيت عدة أيام في يزد واطلعت على وضع المدينة.كنت عائداَ من المنفى، وشاهدت المدن الأخرى، لكن الوضع في يزد كان وضعاَ استثنائياَ بدون مبالغة. حول مناقب أهالي يزد الأعزاء من الضروري لشخص مثلي أن يتحدث بإخلاص معكم أهالي يزد و مع الشعب الإيراني بما يراه ويعلمه ويشعر به.في جميع مدن هذه البلاد التي التقيتُ بجماهيرها، شددتُ دوماَ على أن جماهيرنا يجب عليهم معرفة هويتهم ومدينتهم بدقة وبشكل صحيح، وأن يعرفوا قدر أنفسهم، فهؤلاء الجماهير لهم جذورهم التاريخية والعلمية والثقافية والسياسية العميقة. ولهذا السبب نتحدث عن مناقب مدينة يزد و أهالي يزد و محافظة يزد.أعزائي، حاول أعداء هذا الشعب منذ عشرات الأعوام أن يمزقوا هويتنا التاريخية و يبيدوها. لقد توهمونا شعباَ عديم الجذور. خلطوا بيننا وبين شعوب ليس لها تاريخ، ولا سابقة حضارية، ولا قائمة مطولة بأسماء العلماء والمفكرين والفنانين على مر التاريخ. أساءوا معاملتنا. وقد خدع البعض منا للأسف فاقتنعوا بأحكام العدو في الشعب الإيراني.مدينة يزد كما أشرت مدينة علم؛ إستعراض أسماء علماء يزد في الحقول العلمية المختلفة، لا سيما العلوم الدينية، يستدعي ساعات طويلة لكي يسرد المرء مجرد أسمائهم ويذكرهم بإيجاز. و هذه ظاهرة لا تختص بالماضي فقط. ففي زماننا هذا، وخلال فترة دراستنا الدينية، وأنشطتنا الاجتماعية كان هناك في هذه المحافظة علماء بارزون و شخصيات مميزة ورموز متألقة. واليوم أيضاَ حينما ننظر نجد محافظة يزد سجلت طوال أربعة عشر عاماَ متتابعاَ أكبر نسبة قبول في الجامعات بين المشاركين في امتحانات قبول الجامعات في كل البلاد. هذا ليس بالشيء الهين. إنه دليل على أن المواهب العلمية، والقدرة على التحول إلى علماء ونخبة وأذرع قوية وعقول مفكرة تستطيع هز هذا الشعب والتقدم به نحو المستقبل الذي رسمته له الثورة الإسلامية، كبيرة في هذه المحافظة. على الشاب اليزدي، والرجال والنساء اليزديين، والمثقفين اليزديين، والأساتذة اليزديين أن يعرفوا قدر هذه المواهب. وعلى الجميع أن يعلموا أن شكر هذه النعمة يكمن في معرفتها واستثمارها و تفعيلها.تجربة أهالي محافظة يزد في الدفاع المقدس أيضاَ تجربة ناجحة. لم يقعد أهالي يزد في منازلهم ليكتفوا بالدعاء للجنود بالنصر، بل نزلوا إلى ميدان القتال. لا أنسى في جبهة القتال أن لواء الغدير ومقر الغدير الخاص بأهالي يزد كان من أفضل وأقوى وأكثر المجاميع المسلحة التي شاهدناها في ساحة الحرب انضباطاَ وتقبلاَ للأخطار. شهداؤكم المميزون، ومعاقوكم، وأسراكم الأحرار الشامخون، وعوائلهم الصابرة، كلهم شواهد على هذا التواجد الشجاع لأهالي يزد في ميادين الخطر يوم الحاجة إليهم.أنتم متفقون في الجامعات، وصالحون في ساحة الحرب، ومتميزون في مجال الصناعة، وجيدون في مضمار الزراعة رغم جفاف الطبيعية في هذه المنطقة والإقليم. إذا وجد اليزدي عين ماء في ناحية ما تمنح من الماء بمقدار دلو صغير واحد كل ساعة، لعرف قيمة حتى هذا القليل واستثمره وأوجد به حقلاَ أو مزرعة أو بستاناَ نفع به نفسه والآخرين. هذه ظاهرة لها قيمة كبيرة : الجد والمثابرة.شاهدت قبل خمسين عاماَ حقولاَ في العراق بين كربلاء والنجف كان جميع أهالي العراق -أولئك الذين نلتقيهم- يعلمون أنها من إنتاج اليزديين. قالوا إن اليزديين جاءوا من إيران وأحيوا هذه الحقول بين كربلاء والنجف في منطقة لم يكن للعمل والجد فيها معنى. أينما ذهبوا من أرجاء البلاد أبدوا عن أنفسهم هذا الجد والكد... الجد ترافقة القناعة.لقد تحدثت مع جماهيرنا الأعزاء حول الإسراف عدة مرات. وقد عرضت هذه الفكرة في الصلاة الماضية أيضاَ (1)، وطلبت من الناس عدم الإسراف. ومن المناطق التي يمكنها أن تمثل نموذجاَ لاجتناب الإسراف مدينتكم ومحافظتكم هذه. وأقول بين قوسين إن هذا خُلُق طبيعي لهؤلاء الناس شريطة أن لا تفرض الحالة الأرستقراطية نفسها. الأرستقراطية تشبه مرضاَ إذا دخل على أي موضع همّش فيه الكثير من الخصال الحسنة المحمودة، وانحدر بها تدريجياَ نحو الضعف والتلاشي، وربما قضى عليها نهائياَ. ينبغي أن لا نقع نحن الإيرانيين في أسر حالة البذخ والأرستقراطية. القناعة والعمل سجايا طبيعية لدى اليزديين. أضف إلى ذلك علمهم و فنونهم بكل تلك المواهب الموزعة على المجالات المختلفة والتي تحدثت عنها. هذه الآثار المعمارية، وهذه المنظومة المعمارية الجميلة التي نحن فيها الآن ... مجموعة أمير جخماق، والمسجد الجامع، وغيرها من النقاط في هذه المدينة والمحافظة، كلها دلائل على الذوق الفني الخالد عبر التاريخ... إنه ذوق محلي وتراث محلي لمدينة ومحافظة من المحافظات.أروم أن استخلص من كل هذا فكرة معينة أنطلق منها إلى الموضوع الموجز الذي أود طرحه عليكم. أنه الثقة بالنفس. هذه من خصال اليزديين: الثقة بالنفس. حين تلاحظون الفرد اليزدي في بلاد الغربة وفي الصحاري بين كربلاء والنجف وفي أي مكان آخر من هذه البلاد، حين تلاحظونه قادراَ على الوقوف على قدميه بقوة والشروع بالإنتاج والبناء وإنتاج الثروة إلى جانب تلك الخصائص الإيجابية التي ذكرتها، فهذا ناجم عن ثقته بنفسه.أريد أن أقول لكم ولجميع الشعب الإيراني إن من الأدوية الضرورية والمؤثرة جداَ -الأدوية الروحية والفكرية - التي يحتاجها شعبنا ولابد أن يشيعها وينميها في أوساطه، هو دواء الثقة بالذات. على الشعب الإيراني المحافظة على هذه الثقة بالذات التي أحرزها بفضل الثورة وببركة الصمود في ساحة الثورة المحفوفة بالمخاطر، ومن ثم عززها في ميدان الدفاع المقدس الذي ثبت فيه رغم كل مشكلاته. الثقة بالنفس تمنح شعبنا الجرأة والهمة والقدرة على السير في الطريق الطويل إلى الأهداف المرسومة للمجتمع الإسلامي . والأمر متعذر من دونها. لا يمكن طي هذا الطريق من دون الثقة بالذات.إخوتي وأخواتي الأعزاء، لم تكن ثورتنا مجرد ذهاب دولة وحلول أخرى تمسك زمام السلطة مكانها. لم تكن هذه هي القضية. لو كانت كذلك فلِمَ يَنزل الشعب إلى الساحة ويقدم كل تلك التضحيات؟ جماعتان تتنافسان فيما بينهما و تعمل إحداهما ضد الأخرى كما تلاحظون في بلدان أخرى حيث تدخل جماعة معينة إلى الساحة وتقاتل فتنتصر أو تهزم. أما أن يدخل شعب إلى الساحة بكل وجوده، وبجسمه وروحه، وبكامل قدراته، وبشبابه وأمواله، فمعنى ذلك أن الحركة التي تحصل ليست مجرد تداول للسلطة بين جماعتين... إنها تحول عظيم نحو جملة من الأهداف الجماهيرية والوطنية؛ هذا هو معناها.لقد رسمت ثورتنا جملة من الأهداف. حينما نظرشعبنا المؤمن إلى الهدي الذي رسمه له دينه وجد أن هذه الأهداف هي ذلك الشيء الذي يحتاج إليه، لذلك تحركوا في سبيل الدين وقدموا شبابهم وأرواحهم وأموالهم وصمدوا على هذا السبيل. ما نرومه هو بلوغ هذه الأهداف. فما هي هذه الأهداف؟ لو أردنا التعبيرعنها بكلمة واحدة لقلنا المجتمع الإسلامي. نحن نسير اليوم في طريق المجتمع الإسلامي. المجتمع الإسلامي هو ذلك المجتمع الذي تسوده العدالة بشكل تام، وتتفشى الأخلاق الإسلامية بين أبنائه على نحو واسع، ويكتسب الناس فيه المستوى الذي طمح أنبياء الله إلى تحقيقه في المجتمع الإسلامي. إنه مجتمع مقتدر، وشجاع، ويتمتع بمواهب الحياة إلى جانب عبوديته لله و تسليمه لإرادته. الحرية الحقيقية للشعب و للإنسان هي أن يوظّف إرادته وهمته وطاقاته وقدراته لتحسين حاله، وأن يرى هذا التحسن في العبودية لله. نحن نطمح إلى هذا.هذا هو الفراغ الكبير الذي يعاني منه العالم الليبرالي الديمقراطي في الغرب. كثّروا المعامل والعجلات الدوّارة، و وسّعوا من نطاق العلم، لكنهم عجزوا عن تأمين العدالة الاجتماعية، وانحدرت الأخلاق الإنسانية نحو الحضيض. هذا ليس كلاماَ أقوله أنا ها هنا. وهل يمكن التفوّه عبر نافذة ومنبر عالمي بشيء يذاع في العالم ويكون بخلاف ما يشعر به الناس في تلك البلدان... إنه ما يقولونه هم أنفسهم. الأزمة الأخلاقية اليوم تخيم بظلالها على الليبرالية الديمقراطية. الأزمات الجنسية، والاقتصادية، والأخلاقية والعائلية تمثل اليوم معضلات بلدان أذهلت التاريخ بتقدمها العلمي.ليست سعادة الإنسان في تطور علومه، فالعلم وسيلة للسعادة، وسعادة الإنسان في سكينة أفكاره وطمأنينة روحه وحياته الخالية من الهموم والقلق. إنها في حياته التي يسودها الأمن الأخلاقي والمعنوي والمادي والشعور بالعدالة في المجتمع. وهذا ما يعدمه الغرب، وليس يعدمه وحسب بل يبتعد عنه يوماَ بعد يوم. وهو ما رسمناه هدفاَ لنا وعرضناه على العالم. ولم نرسمه نحن لأنفسنا بل رسمه الله لنا. سار الشعب الإيراني في هذا الطريق بمقتضى إيمانه بهذا الطريق. إخوتي وأخواتي الأعزاء، أهالي يزد الأعزاء، أيها الشعب الإيراني العزيز، إذا أردنا بلوغ ذلك الهدف فنحن بحاجة للثقة بالنفس. يجب أن نقول إننا قادرون... مثلما استطعنا لحد الآن إنجاز المهام التي انعقدت عليها الإرادة الوطنية. هل من الهين في بلد يتعرض لضغط الاستكبار والاستعمار وتحكمه أفسد الحكومات في العالم و يرى شرق العالم و غربه مصالحهم في بقاء تلك العائلة المشؤومة في السلطة، هل من الهين إسقاط تلك العائلة ونسف أسس الحكم الملكي الوراثي بشكل تام وتأسيس نظام جماهيري يعتمد أصوات الشعب وعواطفه في مثل هذا البلد الذي تأثر بالاستبداد طوال قرون متمادية. هل هذا شيء هين؟ شعب إيران فعل هذا. ما من بلد في المنطقة اليوم يرتقي إلى مستوى الجمهورية الإسلامية من حيث الاعتماد على أصوات الجماهير وعواطفهم.إن الإنسان ليتحسر حين يشاهد البعض ولاعتبارات سياسية - بل يجب أن أقول لاعتبارات فئوية - يتحدثون وكأن البلد يفتقر للديمقراطية. هذا عدم إنصاف. منذ ثمانية وعشرين عاماَ ولهذا الشعب انتخابات واحدة في كل سنة كحد متوسط... انتخابات حرّة، انتخابات مبتنية على أساس العقلانية... انتخابات بمشاركة جماهيرية واسعة، وذات تنوع وتيارات مختلفة. لماذا نفرح أعداءنا بتكرار كلامهم حين يحاولون إنكار وجود الديمقراطية في ظل الإسلام ولا ينفكون يطلقون الأحكام السلبية ضدنا؟لقد أسس الشعب الإيراني هذا الصرح المبارك بثقته بالنفس، واستطاع تحقيق الديمقراطية و بأسلوب جديد غير مسبوق: الديمقراطية الدينية. الديمقراطيات لها أطرها في أي مكان من العالم. ما من مكان في العالم توجد فيه ديمقراطية دون أن توجَّه بإطار أو أهداف معينة، إما بواسطة الأحزاب، أو بواسطة الأجهزة القضائية، أو بواسطة أجهزة معينة خارج الجهازين القضائي والتنفيذي. هكذا هو الحال في كل أنحاء العالم. وقد استقينا هذا الإطار من الإسلام، لأن الشعب الإيراني شعب مسلم مؤمن. هذه هي الديمقراطية الدينية... الديمقراطية الإسلامية.السبب في أن الشعوب المسلمة في البلدان الأخرى ينظرون للشعب الإيراني بعين الإجلال والإعظام هو أن هذا الشعب تجرأ أولاَ على اقتحام الساحة، وتجرأ نظام الحكم على إفساح المجال للجماهير، ثم إنه أطلق في العالم معنى خاصاَ و شكلاَ معيناَ وصيغة خاصة للديمقراطية لم يكن العالم يعرفها... أطلقها و رفعها كالراية.تخضع الشعوب والحكومات لتأثيرات الضجيج الإعلامي للأعداء في كل مكان من العالم، لكن الشعب الإيراني لم يخضع لهذا الضجيج. في قضية الديمقراطية الدينية، وفي الكثير من القضايا الأخرى، في قضية المرأة وفيما يتصل بمنهجنا في السياسة الخارجية، و في علاقاتنا بأقطاب القوى الكبرى، في أي من هذه القضايا لم ينفعل الشعب الإيراني إزاء الضجيج الإعلامي، ولم يغير مساره، وسيبقى كذلك بعد اليوم. أقول إن على الشعب الإيراني المحافظة على هذه الثقة بالذات.من مؤشرات هذه الثقة بالذات دخول إيران ميادين الاكتشاف العلمي بمستوياته العالية، ومنها ميدان الطاقة الذرية التي جرت على ألسن جميع أبناء شعبنا، لكن الأمر لا يقتصر على هذا الميدان، فقد اقتحم شبابنا وعلماؤنا و مبرّزونا الميادين الخاصة بأمور على جانب كبير جداَ من الحساسية والدقة والجدة، وحققوا إنجازات كبرى. في مجال الخلايا الأساسية، واكتشاف أدوية جديدة غير مسبوقة لبعض الأمراض العضال - وقد أعلنوا عنها و سيعلنون عن غيرها إن شاء الله - وعلى صعد أخرى، أبدى الإيراني مواهبه وأثبت ثقته بنفسه وتقدم إلى الأمام وسنتقدم بعد هذا أيضاَ.لقد ضاعفوا البون العلمي بيننا و بين العالم طوال عشرات السنين التي مثلت فترات تطور العلوم في العالم. لكننا سنختزل هذه المسافة بفضل من الله، ولن نكتفي بالعلم، إذ ينبغي أن نضع قضايا المعنوية والأخلاق و بناء الذات ضمن واجباتنا.أتحدث بعض الشيء عن الانتخابات ، ثم عن محافظتكم ومدينتكم. قضية الانتخابات قضية الشعب الإيراني المهمة هذه السنة. وقد كانت لنا قضايانا المهمة طبعاَ، لعل أهم قضايا البلاد في نهايات العام التي نحن فيها الآن هي انتخابات المجلس. طبعاَ لا يزال أمامنا زمن حتى ذلك الحين وثمة متسع من الوقت للتحدث والكلام عن الموضوع، ولدي ما سأقوله في حينه إن شاء الله. ما أريد قوله لكم اليوم هو أن يعرف الشعب الإيراني قدر الانتخابات. الانتخابات معرض لإظهار عزيمة الشعب الإيراني و نضجه الوطني، وثباته ، وعمقه، ويقظته، والتزامه بالديمقراطية الدينية.ما شددتُ عليه في كافة الانتخابات، وأود التأكيد عليه الآن أيضاَ و بنفس الدرجة، هو مشاركة الجماهير وتثمينهم للممارسة الانتخابية. وأقول لكم - أقولها مغلفة طبعاَ - إنه جرت محاولات في هذا البلد لإغلاق باب الانتخابات حتى يستطيع الأعداء القول إن الجمهورية ليست نظاماَ شعبياَ جماهيرياَ. بذلت جهود بهذا الاتجاه لكن الله حال دون نجاحها. تغلبت الإرادة الإلهية على إرادة المسيئين، وانشدت قلوب الناس نحو الانتخابات فشاركوا فيها خلال دورات عديدة وشؤون مختلفة على الرغم من إرادة الأعداء. وكذا الحال في هذه الانتخابات.ما أريد التأكيد عليه هو المشاركة الجماهيرية بالدرجة الأولى. والمسألة الثانية التي تحظى هي الأخرى بأهمية كبيرة مسألة تشخيص النائب الأصلح. إعلان صلاحية المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور معناه أنهم يحظون بالحد الأدنى اللازم من الصلاحية. وتوجد بينهم شخصيات ذات صلاحية عالية وآخرون بصلاحيات أدنى. المهمة الفنية التي تقع على عاتق الشعب الإيراني وأهالي المدن والمراكز الانتخابية هي أن يدققوا و ينظروا و يعرفوا الأصلح فينتخبوا أفضل الموجودين... الأفضل من حيث الإيمان، ومن حيث الإخلاص، والأمانة، والتدين، والاستعداد للتواجد في ميادين الثورة، والأعرف بآلام الناس واحتياجاتهم والأكثر شعوراَ بها. هذه فرص متاحة، وعلى شعبنا العزيز في كل أنحاء البلاد - وهذا لا يختص بمحافظة يزد - أن يجدّوا بوعي ويقظة وبصيرة ويميّزوا الأصلح فينتخبوه ويشكلوا المجلس... المجلس الذي يحتاجه مجتمعنا حالياَ.طبعاَ على شعبنا التفطن إلى أن الدعايات الملوّنة المنوّعة ليست معياراَ، والوعود غير العلمية ليست معياراَ. قلت للنواب المحترمين حينما التقيتهم في الدورات المختلفة: أيها السادة والسيدات المحترمون ليس واجب النائب إطلاق وعود عمرانية للناس في منطقته الانتخابية وأننا سنقوم بالمشروع كذا والعمل كذا. هذه مهمات تنفيذية تقع على عاتق الحكومة. واجب النائب هو أن يستطيع تشخيص القانون الذي تحتاجه البلاد و سنّه.وحينما يشرَّع هذا القانون ويغدو قانوناَ - حينما توضع هذه القاعدة - تضطر الأجهزة التنفيذية والقضائية للعمل وفق القوانين وهي تفعل ذلك . ليس الملاك إعطاء وعود كبرى غير عملية. على الجماهير أن يتنهبوا... ثمة علامات سلبية أحياناَ. سوء الأخلاق الانتخابية من قبل أنصار المرشحين حالة لا تليق بشعبنا. توجيه التهم للشخصيات المؤمنة المصونة من الناحية الإسلامية والشرعية، وإراقة ماء وجوههم في المنشورات السرية والصحافة ومواقع الانترنت وغيرها... هذه الممارسات ليست من المصلحة إطلاقاَ. إنني أطلب بجد وإصرار من كافة أنصار المرشحين أن لا يعبروا عن حبهم لمرشحيهم عن طريق تسقيط الآخرين وإهانتهم وتوجيه التهم لهم. إمدحوا وأطروا المرشح الذي تناصرونه ما شئتم، ولكن لا تسقّطوا الآخرين. هذه علامة سيئة. من الدارج في بعض أنحاء العالم إفشاء الأسرار العائلية، والتقاط صور خفية لبعضهم و نشرها. وهؤلاء حين يدخلون المجلس - وقد شاهدتم في التلفزه - يدخلون في عراك و يتعاملون مع بعضهم بالأيدي والأرجل بسبب قضية من القضايا! هذه ليست فضيلة للنائب. ما ينبغي لشعبنا العزيز أن يتذكره بخصوص الانتخابات هو الاستعداد للمشاركة الشاملة الواسعة في الانتخابات والسعي لمعرفة الأصلح ومراعاة السلوكيات الانتخابية.أما بخصوص يزد، سواء محافظة يزد أو مدينة يزد... طبعاَ أصدقاؤنا اليزديون اعترضوا عليَّ دوماَ لأن زيارتي ليزد تأخرت طوال هذه الأعوام، وأنا أؤيد ذلك واعترف به. وثمة الآن والحمد لله زيارات للمحافظات يقوم بها مسؤولو الحكومة، يسافرون و يزورون و يتعرفون على الحاجيات. ولا تزال هناك محافظات لم أزرها بعد كمحافظة فارس بجواركم، ومحافظة كردستان، ومحافظة كرمانشاه، هذه محافظات لم نزرها بعد، وسنزورها في المستقبل إن شاء الله إذا امتد بنا العمر لذلك. نشكر الله على توفيقه هذا. المهم أن تتعاون الحكومة بكل مؤسساتها، والمؤسسات غير الحكومية، وكل واحد من أبناء الشعب، والمؤسسات الأهلية ، والمراكز الاقتصادية والثقافية و سواها، تتعاون جميعاَ لعمارة المحافظة و ازدهارها.القرارات التي اتخذتها الحكومة لهذه المحافظة أثناء زيارتها لها، نرجو أن توفق لتنفيذها بشكل كامل إن شاء الله.خطوة الحكومة هذه في زياراتها للمحافظات خطوة جيدة ومباركة جداَ. إنني أثمن خطوة الحكومة هذه وأسفارها إلى المدن البعيدة وانتهاجها سبيلاًَ شعبياَ... هذه أمور قيمة... يزورون كل المدن البعيدة والقريبة؛ أهالي بعض المدن لم يكن بوسعهم التقاء مدير عام على الإطلاق، ويرون الآن رئيس الجمهورية أو الوزير بالقرب منهم، ويستطيعون أن يتحدثوا إليه ... هذه ممارسة قيمة علينا تثمينها. القرارت التي تتخذ للمحافظات حتى لو افترضنا أن بعضها لا يطبق فإن ما يطبق منها مغتنم وقيم... ينبغي العمل بجد و مثابرة.أشاروا إلى قضية المياه. أعلم أن المشكلة المهمة في محافظة يزد هي مشكلة المياه. طبعاَ كانت قضايا العمل و الغلاء من الأمور المهمة لديكم حسب ما تشير الاستبيانات. على كافة المسؤولين، سواء أؤلئك الذين يسنّون القوانين، أو الذين ينفذونها ، أو الذين يلاحقون المتخلّف عنها - وهذه هي السلطات الثلاث - أن يعملوا في هذه المجالات. وقد أوصيت وأكدت وأؤكد أيضاَ، بيد أن إنجاز الأعمال، و مواجهة المشكلات ومكابدة العقبات - التي يواجهها المسؤولون على شتى المستويات - ليست عملية بسيطة...إنهم يبذلون جهدهم، وجهدهم هذا قيم. المهم أن تكون ثقة شعبنا بمسؤوليه ثقة عميقة، وعلينا الحفاظ على هذه الثقة. العدو طبعاً يحاول فصم العرى القلبية والعاطفية بين المسؤولين والجماهير. فيوجه تهمه و تسقيطه في كل حين وحسب الظروف إلى جزء من أجزاء الجمهورية الإسلامية ، فيهاجم السلطة التنفيذية حيناَ، والسلطة التشريعية حيناَ، والسلطة القضائية في حين آخر، والأجهزة الأخرى للنظام في فترات أخرى. هذا هو عمل العدو، وهدفه أن يزرع الحيرة والشك في نفوس الجماهير، لكن جماهيرنا يقظة وبصيرة لحسن الحظ، فهي تحسب حساباتها في القضايا المختلفة بنحو صحيح ودقيق. لذا فالعلاقة بين الجماهير، وبين المسؤولين والجماهير علاقة متينة وحميمة، وستزداد متانة يوماَ بعد يوم إن شاء الله، وسيرى الناس ويشعروا عملياَ أن المسؤولين مخلصون لهم و مستعدون للعمل و لديهم الكفاءة اللازمة، ويستطيعون إنجاز الأعمال والتقدم بها إلى الأمام.أرى من الضروري أن أشكركم أيها الجمهور العزيز على لطفكم وصفائكم واجتماعكم في هذا اليوم البارد في هذه الساحة والشوارع التي التقيناكم فيها ونحن في الطريق. أسأل الله تعالى لكم التوفيق، وهناك نقاط أخرى في هذه المجالات سأذكرها بالتدريج طوال أيام إقامتي في هذه المحافظة إن شاء الله.اللهم نزل رحمتك وبركاتك وفضلك على هؤلاء الجماهير الأعزاء. اللهم نوّر قلوبهم وأرواحهم بأنوار لطفك فقلوبهم وأرواحهم خاضعة خاشعة أمامك. اللهم احشر الشهداء الأبرار لهذا الحشد الكبير وهذه المحافظة مع شهداء صدر الإسلام. اللهم ارفع من درجات العلماء الكبار والقادة الدينيين البارزين الذين عرفناهم طوال هذه الأعوام، المرحوم الشهيد صدوقي، والمرحوم آية الله خاتمي، وآية الله أعرافي من ميبد، والعلماء الكبار الآخرين الذين تعرفنا عليهم عن كثب و شعرنا بأهمية جهودهم ومساهماتهم. اللهم اشمل الشباب الصالحين والآباء والأمهات الصالحين المؤمنين في هذه المحافظة بتوفيقك وهديك، وضاعف يوماَ بعد يوم من التقدم والرقي المادي والمعنوي لهؤلاء الناس. احشر الروح الطاهرة لإمامنا الجليل مؤسس هذه النهضة العظيمة وصاحب الحق على جميع الشعب الإيراني، مع أرواح الأنبياء والأولياء المطهرة.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.1-خطبتا صلاة عيد الفطر السعيد 13/10/2007م

100 يوم من الطوفان