بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك الميلاد السعيد لسيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) في أحد أهم أيام شهر رجب المبارك، أباركه لكم أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات ولجميع مسلمي العالم ممن يرون للإمام علي (عليه السلام) شأناً رفيعاً، وكذلك لكل المظلومين والأحرار وطلاب العدالة في العالم ممن سمعوا بعدل علي، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا شيعة أمير المؤمنين وأتباعه بالمعنى الحقيقي للكلمة.
أذكر نقطة بخصوص الاحتفاء بهذه الولادة العظيمة وهي أن خصائص أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) وتميّزه وتألق إيمانه الأصيل والجهاد العصيب الشاق الذي تحمله ذلك الإنسان الكبير منذ صدر الإسلام وإلى آخر عمره، والعدالة الفذة التي سحرت لا المسلمين فقط بل حتى الواعين من غير المسلمين، والعبادة الخالصة المتضرعة المنقطعة النظير لذلك الرجل العظيم، وباقي صفاته الممتازة، ليست شيئاً يختلف بشأنه المسلمون من أية فرقة ومذهب كانوا.
الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) شخصية تتفق كافة الفرق الإسلامية على عظمته، وسماته، وشأنه، ومنزلته السامية في الإسلام. لذلك يتسنى القول بكل جرأة إن علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) يمكن أن يكون محور الاشتراك والانسجام والتضامن بين الفرق الإسلامية. في جميع الأزمنة والعهود، اعتبرت كافة الفرق الإسلامية - باستثناء جماعة قليلة من النواصب الخارجين عن حيّز الفرق الإسلامية - منزلة أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) نفس تلك المنزلة الرفيعة والمميزة التي تلاحظونها في كتب الفريقين شيعة وسنة. إذن أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) ملتقى الفرق الإسلامية ونقطة اشتراكها، ويمكن أن يكون مصدراً للوحدة بين المسلمين.
هذا ما يحتاجه العالم الإسلامي اليوم. اليوم إذ يعمل أعداء الإسلام - وهم ليسوا أنصاراً لهذه الفرقة ولا لتلك، ويدعمون أحياناً فرقة لضرب أخرى، ويمارسون العاكس في أحيان أخرى - على بث الخلاف والنزاع بين المسلمين، وفي مثل هذه الفترة حيث المسلمون بأمسّ الحاجة إلى الوحدة والتعاطف، يمكن لأمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) أن يمثّل مظهر هذه الوحدة، ويكون محوراً يذعن له ويعترف به جميع المسلمين. ما من طرف بوسعه الادعاء أن أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) ملك له. نقول نحن الشيعة في الزيارة الجامعة: معروفين بتصديقنا إياكم نحن مشهورون بمودتنا وحبنا وعشقنا لأمير المؤمنين وآل الرسول، لكننا لا نستطيع الادعاء أن أمير المؤمنين لنا نحن فقط. لا، جميع مسلمي العالم من شتى الفرق يعتقدون أن أمير المؤمنين هذه الشخصية العظيمة والإنسان الفريد والمظهر التام للإسلام لم يتخلف بمقدار ذرة أو لحظة واحدة عن اتباع الرسول الأكرم ولم يقصّر في ذلك. منذ فترة طفولته وحتى صباه وإلى ريعان شبابه وحتى آخر عمره لم يتوان لحظة واحدة عن الجهاد في سبيل الله والإسلام والقرآن.
إذن، هذه نقطة فحواها أننا - سواء كنا شيعة أو سنة أو من الفرق والمذاهب المتنوعة بين هاتين الفرقتين - يمكن أن نجعل أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) ملاكاً ومحوراً لوحدتنا. الإمام علي للجميع، وقد أتبع هو في حياته المباركة شعارات وأساليب هي لكل الناس وسوف أتحدث عنها... هذه نقطة.
النقطة الأخرى هي أن محبة أمير المؤمنين لها قيمة ومكانة سامقة جداً. في الرواية أن من حمل محبة أحد في قلبه حشر يوم القيامة معه. المحبة شيء مهم جداً لكنها لا تكفي لوحدها، فالاتباع والاقتداء أمر ضروري. نحن المعروفين في العالم بأننا شيعة فسّرنا التشيع بأنه: الشيعة من شايع علياً . يجب أن نسير خلفه ونتحرك باتجاه تلك القمّة.
طيب، لنتنبّه الآن إلى الشيء الذي جعله الإمام علي في الدرجة الأولى من الأهمية في حياته الحافلة بالمعاني والمضامين والدروس. من هذه الأشياء قضية العدالة التي يمكن القول ربّما أنها كانت العلامة الأبرز في سيرته. عدم مصانعة الظالم، والتعاطف مع المظلوم، والمساعدة لأخذ حق المظلوم من الظالم أحوال ممكن ملاحظتها في حياة أمير المؤمنين وكلماته وخطب نهج البلاغة بكل وضوح وفي مئات المواضع. دقّقوا في هذه العبارات الثرة لأمير المؤمنين: والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهّداً أو أجرّ في الأغلال مصفّداً أحب إلي من أن ألقى الله ظالماً لبعض العباد وغاصباً لشيء من الحطام. لاحظوا، هذا هو مؤشر حكومة الإمام علي وعلامتها. أي حتى لو تعرضت لأعتى الظروف فمن المستحيل أن أمارس أدنى ظلم ضد أحد من الخلق أو أجمع لنفسي شيئاً من حطام الدنيا وأطلب ذخائرها وطيباتها. الدنيا في عين أمير المؤمنين - بمعنى ما يريده الإنسان لنفسه من خيرات الحياة - مرفوضة ومعافة تماماً. يخاطب الدنيا قائلاً: غرّي غيري. أيتها اللذائذ ويا جماليات الحياة المادية اذهبي واخدعي غيري. لا تستطيعين خداع علي. هذا هو شعار أمير المؤمنين.
ما هو الشيء الأكثر أهمية اليوم في النظام الإسلامي - النظام الإسلامي الذي تأسّس باسم الإسلام في هذا البلد - والذي ينبغي أن يكون أشد حساسية من أي شيء آخر؟ إنه العدالة. أي لو كان أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) في زماننا ومجتمعنا هذا وبين أبناء شعبنا الذي يعبّر عن حبّه له بهذه الطريقة، فما هو الشي ء الذي كان سيهتم به أكثر من غيره؟ العدالة يقيناً. العدالة ليست مطلب جماعة خاصة من الناس أو أبناء بلد معين أو شعب بذاته. العدالة هي المطلب الطبيعي والتاريخي لكل أبناء البشر على امتداد تاريخهم. إنه الشيء الذي تتعطش له الإنسانية، والذي لم يتحقق بالمعني الحقيقي للكلمة إلّا في حكومة الأنبياء الإلهيين العظام ممن استلموا زمام الحكم أو الأولياء الكبار كأمير المؤمنين. أرباب الدنيا والمليئة قلوبهم بأهوائها وشؤونها المادية لا يستطيعون تطبيق العدالة. تطبيق العدالة يستدعي روحاً ثرة وإرادة قوية وأقداماًً ثابتة. يتعين أن ينصّب كل همنا وجهدنا على أن نستطيع السير خلف أمير المؤمنين في هذا الطريق. نعترف أننا لن نتمكن من تطبيق العدالة كعلي بن أبي طالب. هذا ما نذعن له. نحن أصغر وأضعف من أن نستطيع الوقوف بصلابة - كالفولاذ أو الصخرة - مقابل الأمواج، ولكن علينا السعي بمقدار طاقتنا. طالب أمير المؤمنين العدالة من عمّاله وولاته رغم أنهم لم يكونوا في مستواه. إذن واجب تطبيق العدالة يقع على عواتقنا نحن أيضاً و ينبغي علينا متابعته. هذا ما يجب أن يطالب به الناس ويتحول إلى ثقافة عامة لشعبنا. أكثر ما يجب أن يطالب به شعبنا هو العدالة والإنصاف، سواء في القضايا الداخلية للبلد أو القضايا العالمية. انعدام العدالة المتفشي في العالم اليوم، والظلم الفاحش الذي يمارسه الجبابرة والمتغطرسون في العالم ضد البشرية والشعوب، العمل ضد مثل هذا المنكر الفظيع - من وجهة نظر المسلم الذي يعيش من أجل سيادة الإسلام وفي ظل الجمهورية الإسلامية - يجب أن يعد فريضة واجبة. هذا ينبغي أن يكون شعارنا في حياتنا سواء في القضايا الداخلية أو العالمية.
إذا أردنا تطبيق هذه العدالة فالخطوة الأولى هي أن نثق بالعون الإلهي ونقوّي الصلة بين قلوبنا والله. هنا نصل إلى قضية الدعاء، والعبادة، والتضرع، والمناجاة، والتوسل بالله. شهر رجب ربيع العبادة والتضرّع والتوسل بالله. ينبغي عدم الاستهانة بأيام العبادة هذه في شهر رجب وشهر شعبان، وفوق ذلك شهر رمضان. إذا أردنا السير باقتدار في ميادين الحياة على الطريق المستقيم والصراط القويم الذي دلّنا عليه الإسلام فيلزمنا أن نمتّن علاقتنا بالمبدأ الأعلى وحضرة الباري تعالى. إنها علاقة تتأتى بالدعاء والصلاة واجتناب الذنوب. لذلك لاحظوا أمير المؤمنين - ذلك الرجل الشجاع القوي الذي تعد شجاعته في ساحة الحرب من مشهورات العالم التي لا يختلف حولها اثنان - حينما يقف في محراب العبادة يتململ تململ السليم.... يتلوّي حول نفسه كمن لذعته أفعى ... يذرف الدموع ويبكي ويعفّر ناصيته بالتراب. انظروا في دعاء كميل والمناجاة الشعبانية المنسوبين لامير المؤمنين ولاحظوا أي يضرّع كان يبديه هذا الإنسان العظيم السامي مقابل الخالق! هذا درس لنا.
إنني أشكر الله لرؤيتي شعبنا وخصوصاً شبابنا يميلون نحو المعنويات والله والدعاء والتضرع.
اليوم هو الثالث عشر من رجب يوم بداية الاعتكاف. لاحظوا أن الآلآف من شبابنا قصدوا المساجد في مختلف أنحاء البلاد واعتكفوا فيها. بأفواه صائمة وبطون خالية وشفاه عطشى يتضرعون إلى الله تعالى ويناجونه في هذا الجو الحار. هذا شي قيم جداً. ليعرف شعبنا قدر هذا الاعتكاف جيداً.
وأوصي هنا المسؤولين المعنيين بشؤون الاعتكاف: مع أن اجتماع آلآف الأشخاص في أماكن معينة يعد فرصة جيدة وسمعنا أن بعض مسؤولي المساجد ينظّمون لاستثمار هذه الفرصة برامج جماعية لينتفع الناس أكثر، لكني أود التوصية بأن لا تكون هذه البرامج الجانبية في أماكن الاعتكاف مما يتناقض خلوة كل واحد من المعتكفين. الاعتكاف الذي يمارسه الشباب هو في الحقيقة اختلاء بالله.... إنه عمل فردي أكثر منه عملاً جماعياً. إيجاد صلة بالله. لا تكون البرامج الجماعة في مراكز الاعتكاف بحيث تؤثر سلباً على لذة الاختلاء بالله والارتباط الفردي والقلبي به. ليفسحوا المجال ويعطوا الوقت و يدعوا هؤلاء الشباب يتلون القرآن، ونهج البلاغة، والصحيفة السجادية.
إنني أوصي بالصحيفة السجادية خصوصاً في أيام الاعتكاف هذه. الصحيفة السجادية هذا كتاب معجز حقاً. ولحسن الحظ ترجمت وتوفرت ترجماتها وجاءوني العام الماضي بترجمة جيدة للصحيفة السجادية ورأيتها؛ كانت ترجمة جيدةً جداً. لينتفعوا من هذه المعارف المبثوثة في أدعية الإمام علي بن الحسين ( سلام الله عليه ) في الصحيفة السجادية ويقرأوها ويتأملوها. إنها ليست أدعية وحسب، بل هي دروس، وكلمات الإمام السجاد وكل الأدعية المأثورة عن الأئمة ( عليهم السلام) والتي وصلتنا زاخرة بالمعاني والمعارف.
إذن، شهر رجب شهر العبادة والتوسل إلى الله والتضرع، وهو شهر التشبّه بأمير المؤمنين. لنقوّ ارتباطنا بالله كي نستطيع الخوض في كل ميادين الحياة بإرادة قوية وخطوات ثابتة وذهنية نيّرة. من أجل أن يحقّق الشعب سيادته وعزته عليه أن يتحلى بإرادة صلبة، ويعلم ماذا يريد، ويطمئن قلبه لذكر الله.
يواجه شعبنا اليوم تحدّيات عالمية لأجل الإسلام. علّمنا الإسلام أنكم إذا أردتم السير في الصراط المستقيم وبلوغ السعادة الدنيوية والأخروية فعليكم أن تكونوا مستقلين ولا تخضعوا للقوى الظالمة المستكبرة الجائرة. هذه هي نقطة الخلاف بين الشعب الإيراني وأعدائه. هنا مكمن الخلاف. يريد شعب إيران عدم الخضوع لقوى الاستكبار وأن لا يضحي بمصالحه من أجل مصالح الاستكبار. ما يرومه الاستكبار العالمي - وعلى رأسه اليوم أمريكا - هو النقيض من ذلك تماماً. هدفهم مصادرة مصالح الشعوب وفرص حياتهم وإمكاناتهم وخيراتهم لصالحهم. كل ادعاءاتهم وشعاراتهم الإنسانية في ظاهرها كذب محض وهذا هو هدفهم الحقيقي. لذا لو أراد شعب الحياة مستقلاً حقاً، وليس خدعة الاستقلال كبعض البلدان المستقلة في ظاهرها لكن استقلالها مجرد خدعة وواقعها أنها في قبضة القوى الكبرى، فلا يمكن أن يسير والقوى الكبرى في طريق واحد.
طيب، ثمة مثل هذا التحدّي حيال الشعب الإيراني. إذا أراد الشعب الإيراني النجاح في هذا التحدّي والحفاظ على عزته واستقلاله فهو بحاجة لإرادة متينة وخطوات راسخة. والحمد لله أثبت شعب إيران طوال هذين العقدين أو الثلاثة من عمر الثورة والجمهورية الإسلامية أنه واقف بقوة أمام القوى المعتدية المتجبرة الطامعة. هذا الصمود الذي يمثل عزة الشعب الإيراني وعزة الإسلام يمكن أن يتواصل ويستمر بالتوكل على الله تعالى والاستمداد من القدرة الإلهية. طبيعة القوى الكبرى أنها تحاول إقصاء الشعوب عن الساحة بالترويع والتهديد و الإرهاب. فهي تعلم أن مصارعة الشعوب عملية متعذرة. بوسع القوى الاستكبارية استبدال الحكومات غير المعتمدة على شعوبها بسهولة، ونرى أنهم يفعلون ذلك في كثير من البلدان، ويهددون في كثير من المناطق فيؤثّر تهديدهم. لكن الاستكبار عاجز عن مواجهة الحكومة والنظام المعتمد على شعبه وإرادة شعبه وعواطفه وإيمانه، لأن ذلك مواجهة للشعوب والجماهير.
منذ بداية انتصار الثورة وإلى اليوم حاولت أمريكا - التي قصّرت الثورة يدها عن إيران - مراراً إقصاء نظام الجمهورية الإسلامية ومسؤولي البلد عن الساحة بهذه التهديدات والترويع، لكنّها لم تفلح ولن تفلح بعد الآن أيضاً، فنظام الجمهورية الإسلامية يتوكأ على أصوات الجماهير وعواطفهم.
الحماقات التي ترتكبها القوى الكبرى والساسة الناهبون المعروفون في العالم تبعث في بعض الأحيان على حيرة الإنسان حقاً، يقولون الآن، يجب علينا تعبئة الشعب ليقف بوجه نظام الجمهورية الإسلامية! ينفقون الأموال ويصادقون على تخصيص ملايين الدولارات لأجل أن يوقفوا الشعب بوجه الجمهورية الإسلامية. هذه محض حماقة. معنى ذلك أن يوقفوا الشعب مقابل الشعب! هل هذا ممكن؟ نظام الجمهورية الإسلامية ما هو إلّا هذا الشعب الإيراني. هل يمكن تحريض شعب إيران وتعبئته ضد شعب إيران؟! النظام الذي ينقطع عن شعبه، نعم يمكن أن يكون عرضة للتهديد، أما نظام الجمهورية الإسلامية المتوكئ على أصوات الشعب وعواطفهم وإيمانهم وعلى الدعم الحاسم لجماهير الشعب، فلا يمكن مواجهته بهذه الأساليب. قد يهددون ويتذرعون؛ يتذرعون أحياناً بالقضية النووية، وبقضايا أخرى أحياناً.
أقول فيما يتصل بالقضية النووية - ذكرت للشعب الإيراني مراراً وأقولها مرّة أخرى - المكسب الذي تحقق للشعب الإيراني في القضية التقنية النووية مكسب تاريخي عظيم، والشعب الإيراني غير مدين فيه لأي أحد. إنه علم تمت تبيئته وشيء حققته مواهب شبابكم واندفاعهم وذوقهم وحنكة مسؤوليكم؛ إنه ملك للشعب الإيراني وما من قوة بمستطاعها سلب الشعب الإيراني هذا الامتياز وهذه التقنية وهذا الحق الكبير.
المسؤولون لحسن الحظ يتابعون القضية بجد. نحن نفرّق بين شخصيات وحكومات تريد سلب الشعب الإيراني هذا الامتياز بسبب عنادها مع الجمهورية الإسلامية - كأمريكا التي تقول بصراحة إنّنا نعارض تمتع شعب إيران بهذا الامتياز - وبين الذين يقولون لنجلس مع إيران ونتفاوض حول مختلف القضايا بما في ذلك القضية النووية حتى نجد طريقة لتبديد القلق إذا كان ثمة قلق. لا بأس، وافقنا على التفاوض مع الدول الأوربية. وقبل ذلك لم يكن التفاوض حتى معهم إيجابياً جداً بالنسبة لنا. لكننا وجدناهم يحترمون الشعب الإيراني ويكرّمونه ويصرحون بأننا نعترف بحق الشعب الإيراني ولا يقتربون من الخطوط الحمراء التي تهم الشعب الإيراني ومسؤولي البلاد ولا يشيرون إليها، فقلنا لا بأس؛ وافق المسؤولون وبدأوا التفاوض. لكن على الأوربيين 0 وهم طرف التفاوض أمام الشعب الإيراني - التنبّه إلى أن المفاوضات تتقدم حينما لا يسودها مناخ التهديد. الشعب الإيراني شعب غيور ولا يرتاح لتهديداتهم وأقوالهم: إذا فعلتم كذا فسنفعل كذا! نحن يزعجنا التهديد ولن يخضع شعب إيران لأي تهديد.
مسؤولو البلاد يتخذون قراراتهم بحنكة في القضية النووية. مسؤول إدارة هذا البلد وتمشيته هو اجتماعات المجلس الأعلى للأمن القومي وعلى رأسه رئيس الجمهورية المحترم. هؤلاء هم أصحاب القرار. ما يقال من قبل رئيس الجمهورية والمسؤولين حول القضية النووية مجمع عليه من قبل كافة مسؤولي البلد. أن يحاول الأعداء توظيف كلمة هنا و هناك والإيحاء بوجود اختلاف وتصدع فهذه محاولات بلهاء منهم. رؤساء السلطات الثلاث متفقون، وممثلو القيادة موجودون ويتابعون هذه القضية بدقة وتدبّر وبمسؤولية الأشخاص المصممين المتحمسين.
مواقف الجمهورية الإسلامية واضحة. لدينا خطوط حمراء معينة. إذا دخل أطراف التفاوض وهم يحترمون شعب إيران ومنزلة نظام الجمهورية الإسلامية ويراعون الخطوط الحمراء، فسوف يفاوضهم مسؤولو بلدنا شريطة أن لا يهدّد أحد شعب إيران. الشعب حساس حيال التهديد.
وقد قلنا صراحة: إذا ارتكب أحد حماقة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية فإن ردها العملي سيكون عنيفاً.
أحياناً ولأجل معالجة مشاكلهم الداخلية - سواء الأمريكان أو الصهاينة الذين تحتوشهم داخل بلدانهم مشكلات عديدة، سواء الحكومة الأمريكية، حكومة بوش خصوصاً على أعتاب انتخاباتهم، أو هؤلاء الصهاينة سود الوجوه في فلسطين المحتلة - يطلقون كلاماً معيّناً؛ فليطلقوا؛ ليقولوا كل ما حلا لهم. وأحياناً ينوون ارتكاب حماقة بالمعني الواقعي للكلمة، فليعلموا عندها أن الشعب الإيراني سيقطع اليد التي تعتدي على الجمهورية الإسلامية وإيران العزيزة. ولا يختلف الأمر لو كانت هذه اليد المجرمة تتولّى مسؤولية حكومية أو لا. ليست القضية أن رئيس جمهورية أمريكا الحالي قد يرتكب حماقة في الأشهر الأخيرة من رئاسته وتبقى تبعاتها على الحكومة الأمريكية القادمة؛ لا؛ لن يكون هذا. إذا ارتكب أحد حماقة في هذا المجال فسوف يتابعه الشعب الإيراني - حتى حينما لا يعود مسؤولاً- وليعلم أنه سيعاقبه يقيناً.
لقد نوّر الله تعالى قلوبنا بالاتكال عليه وملأها بالأمل. لم نيأس من العون الإلهي لحظة واحدة، وأتمنى أن لا نيأس من هذا العون لحظة واحدة حتى النهاية. وكما قال هو لا تيأسوا من روح الله . جعل الله هذا الشعب شعباً ذا إرادة وعزيمة وأمل.
أعزائي، أيها الإخوة والأخوات، لا سيما الشباب الأعزاء، إذا أردتم بقاء هذه الإرادة القوية وهذا الروح المتوثبة فيكم فعليكم أن تزيدوا من متانة علاقتكم بالله يوماً بعد يوم؛ تحدثوا مع الله تعالى وناجوه؛ اطلبوا منه، ولوذوا به من الشرور والآفات، واطلبوا منه العون. سيرى شباب هذا البلد إن شاء الله أياماً أحلى وأطيب بكثير من الأيام التي مرّوا بها. الآفاق المستقبلية للجمهورية الإسلامية مشرقة ونيّرة. نتمنى أن يوفقنا الله تعالى لأن نرضي عنا القلب المقدس لإمامنا المهدي (أرواحنا فداه) وأرواح الشهداء الطيبة والروح الطاهرة لإمامنا الراحل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.