بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك هذا العيد الكبير العام لكافة طلاب الحق والحرية في العالم وللأمة الإسلامية الكبرى وللشعب الإيراني العزيز المؤمن ولكم أيها الحضور المحترمون والإخوة والأخوات الأعزاء.
ليس استذكار البعثة بمعنى استذكار حادثة تاريخية - هذا ما ينبغي أن نتذكره دائماً حيال هذا الحدث الكبير وهذه الخاطرة البشرية والإنسانية - إنما التشديد على هذه الذكرى العظيمة هو في الحقيقة تكرار ومراجعة لدرس لا ينسى بالنسبة للأمة الإسلامية بالدرجة الأولى، سواء كل واحد من أبناء الأمة الإسلامية أو شخصياتها البارزة ونخبها - الساسة، والعلماء، والمستنيرون - وبالنسبة لكل البشرية بالدرجة الثانية. إنها مراجعة درس واستذكار حادثة زاخرة بالعبر.
أبعاد هذا الحدث متنوعة جداً، ولو أراد شخص التعبير ببيان بليغ - وإن على نحو الإجمال- عن جوانب مسألة البعثة، لوجب تحرير كتب بأكملها والتحدث ساعات طوال عنها. ولكن بمجرد أن يلقي الإنسان نظرة أولية على هذا الحدث يتعلم منه دروساً عديدة. لاحظوا أن الرسول الأكرم بهذه الرسالة المستوعبة لكل حاجات البشرية للكمال، ظهر وبدأ دعوته في مجتمع لم يكن فيه أي من تلك الكمالات المنشودة.
الرسول كان رسول العلم في ذلك المجتمع الخالي من العلم، وكان رسول العدل في ذلك المجتمع الذي لا تشم فيه للعدالة رائحة، ويهيمن فيه الأقوياء والجبابرة والزعماء المتعجرفون على أرواح الناس وأموالهم. كان رسول الأخلاق والتسامح والصفح والإنصاف والمحبة في مجتمع عانى شحة وقحطاً حقيقياً في هذه الأحوال. كان مجتمعاً عنيفاً، متجبراً، خاضعاً لمنطق القوة، بعيداً عن الأخلاق والمعنوية والعلم، منشداً للأهواء النفسية والعصبيات الجاهلية وأنواع التكبر الفارغ غير المبرر. في مثل هذا المناخ المتحجر الصعب، وفي مثل هذا الوضع الصخري الخالي من أية مياه أو زروع نمت هذه الغرسة طوال ثلاث عشرة سنة في تلك الظروف العصيبة وانتهت تلك الأعوام الثلاثة عشر إلى تأسيس حكومة وتشكيل مجتمع يقوم على أساس العلم والعدل والتوحيد والمعنوية والأخلاق والكرامة. أبدل الذلة عزةً، وحوّل الوحشية إلى أخوة، والعصيبة إلى تسامح وتعقل، والجهل إلى علم، وأوجد قاعدة متينة ولبنة محكمة استطاع المسلمون على أساسها ولقرون طويلة الرقي إلى قمة التحضّر في العالم والارتقاء إلى مراتب ومستويات غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية.
ولم يستمر أمد هذه الحكومة لأكثر من عشرة أعوام. لاحظوا كم هو ثلاثة عشر عاماً مضافاً إلى عشر سنوات في عمر الأمم. إنها بمثابة ثانية واحدة أو ساعة عابرة. في مثل تلك الفترة القصيرة ظهرت حركة هائلة يمكن القول إنها شطرت التاريخ إلى شطرين: شطر ما قبل الإسلام وشطر ما بعد الإسلام. وأخذت بيد الإنسانية إلى الأمام ورسخت دعائم الأخلاق، وتركت للبشرية دروساً لا تنسى؛ انظروا لعظمة البعثة من هذه الزاوية.
ما ضمن هذه النجاحات هو طبعاً عناصر متظافرة كثيرة، لكن على رأسها هو ذلك العنصر المحكم الراسخ الطافح بالمعنوية والنقاء ومعرفة الخالق والاتكال عليه، أي وجود الرسول نفسه. كان الرسول الأكرم أعلم أهل مكة وأعقلهم. كان قبل أن يبعث نبياً أكرم الناس في تلك المنطقة وأشرفهم وأحسنهم أخلاقاً.
وشمل اللطف الإلهي هذا الإنسان المميّز بين أولئك الناس وألقيت تلك الأعباء على عاتقه، فقد اختبره الله، وكان الله يعرف عبده ويعلم على عاتق من يضع هذا العبء، ووقف الرسول وصمد. هذا الوقوف وهذه الاستقامة مع المعرفة العميقة بالهدف الذي يتحرك نحوه والطريق الذي يسلكه أضحى رصيداً لكل الخطوات التقدمية التي قطعها الرسول ولازدهار هذه الحركة العظيمة. نعم، الحق منتصر ولكن بشروط. شرط انتصار الحق هو الدفاع عن طريق الحق.
في الطور الأول من البعثة، وبعد مضي ثلاث سنوات أو أكثر - حيث كانت الدعوة خفية سرية - استطاع الرسول أن يكسب للإسلام ثلاثين أو أربعين شخصاً. وبعد ذلك جاء الأمر الإلهي: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. إنا كفيناك المستهزئين. أعلن دعوتك وانزل إلى الساحة وارفع الراية واجعل عملك علناً. نزل الرسول إلى الساحة وحدث ما تعرفونه حيث فزع أكابر قريش وصناديدها وأثرياء ذلك المجتمع وأقوياؤه. الشيء الأول الذي فعلوه هو تطميع الرسول الأكرم. جاءوا لسيدنا أبي طالب وقالوا له إذا كان ابن أخيك يريد الزعامة جعلناه زعيماً مطلقاً، وإذا أراد الثروة أعطيناه منها ما يجعله أثرانا، وإذا أراد أن يكون ملكاً اخترناه ملكاً علينا، ولكن قل له يقلع عن كلامه هذا. وكان أبوطالب يخاف على حياة الرسول ومؤامراتهم ضده، فجاء إلى الرسول وروى له رسالة أكابر مكة، وربما نصحه وأوصاه بأن يتنازل بعض الشيء؛ لماذا الصمود والإصرار إلى هذه الدرجة؛ هذا غير ضروري. فقال الرسول: يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي لأعرض عن هذا الأمر لا أفعله حتى أظهره الله أو يذهب بما فيه.
وجاء في الرواية أيضاً: ثم أغرورقت عيناه من الدمع.. فاضت العيون المباركة للرسول بالدمع ونهض من مجلسه. وحين شاهد أبو طالب هذا الإيمان والثبات تغيّرت حاله بشدة وقال: يا بن أخي اذهب وقل ما أحببت.. سر وراء هدفك وغايتك. والله لا أسلمنّك بشيء. هذا الصمود يصنع صموداً. وهذه الاستقامة من الرسول كرّست جذور الاستقامة لدى أبي طالب. وهذا الالتزام بالهدف وعدم تهيّب العدو، وعدم الطمع في أيدي الأعداء، وعلى الانشداد للامتيازات التي يريد أن يمنحها الأعداء مقابل إيقاف هذه الحركة تخلق صموداً وسكينة وثقة بالطريق والهدف والإله الذي يختص به هذا الهدف. لذلك استطاع المسلمون وهم يومئذ ليسوا أكثر من ثلاثين أو أربعين شخصاً أن يثبتوا مقابل كل تلك المشكلات والصعاب ويزداد عددهم يوماً بعد يوم. كانوا يشاهدون في مكة ما يصنع المشركون بعمار وبلال وكيف يعاملون سمية وياسر ويعذبونهم ويقتلونهم. كانوا يرون كل هذا ومع ذلك يؤمنون. هكذا هو تقدم الحق. الحق لا يتقدم بمجرد الدعة والأمن والأمان ورفع رايته والمناداة به في الظروف الطيبة. يتقدم الحق حينما يبدي صاحب الحق وتابعه عن نفسه صموداً وثباتاً في طريق تقدم الحق.
تقول الآية القرآنية: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم. ليس معنى أشداء على الكفار أن يكونوا في حالة حرب دائمة مع الكفار. الشدة هنا بمعنى المتانة والصمود وعدم الانهيار. ثمة معدن يصدأ ويتآكل وينخر ويتلف. وثمة معدن لا يتآكل ولا يصدأ ولا يتهرأ ولا ينخر رغم تقادم القرون عليه. هذا هو معنى أشداء. الشدة معناها القوة والمتانة. القوة قد تكون تارة في ساحة الحرب فتبرز بشكل معين. وقد تكون في ساحة الحوار مع العدو فتبرز بشكل آخر. لاحظوا كيف كان الرسول يتحدث مع عدوه في الحروب حينما كان يجب عليه أن يتحدث. موقف النبي عندها كان زاخراً بالصلابة والثبات وعدم التضعضع على الإطلاق. في حرب الأحزاب دخل النبي في حوار مع الجانب الآخر، ولكن أي حوار؟! اقرأوا التاريخ. إذا كانت ثمة حرب فهي بشدة وإذا كان ثمة حوار فهو بشدة. وإذا كان ثمة تعامل كان بشدة وصلابة. هذا هو معنى أشداء على الكفار.
رحماء بينهم أي إذا كانوا فيما بينهم كانوا مرنين أودّاء بعيداً عن تلك الشدة والصلابة. هنا ينبغي التعاطف وبذل القلوب وكسبها. هنا ينبغي التعامل مع البعض بالتعاطف والرحمة.
الصمود في بداية البعثة كان من شأنه الاستقامة العجيبة ثلاث سنوات في شعب أبي طالب. ليس هذا مزاحاً. ثلاث سنوات في وادٍ بجوار مكة بلا ماء ولا نبات وتحت الشمس المحرقة. الرسول وأبو طالب والسيدة خديجة، وكل المسلمين وعوائلهم عاشوا في هذا الشعب بين الجبلين. وقد أغلق الطريق كي لا يصلهم طعام. أحياناً كان بوسعهم أن يدخلوا المدينة في أيام الموسم - والتي كانت أياماً حرة لا حرب فيها- لكن بمجرد أن يريدوا شراء شيء من حانوت كان أبوجهل وأبو لهب وسائر زعماء مكة يوصون خدمهم وأبناءهم بأن يدفعوا ضعف الثمن للشيء الذي يريد المسلمون شراءه كي لا يسمحوا لهم بشرائه. أمضوا مثل هذا الواقع الصعب لمدة ثلاث سنوات. ليس هذا بالهزل.
إنها الاستقامة الأولى وذلك العمود الصلب للخيمة، والقلب المتوكل على الله الذي أوجد مثل تلك الصلابة في الأجواء وأهّل الجميع للصبر والصمود؟ كان الأطفال يبكون من الليل إلى الصباح وكانت أصوات بكائهم تصل أسماع كفار قريش من شعب أبي طالب وترق قلوب الضعفاء منهم لكنهم لا يجرأون على مساعدتهم خوفاً من الأقوياء. لكن المسلمين الذين شاهدوا أبناءهم يتلوّون أمامهم - وكم ماتوا في الشعب، وكم مرضوا، وكم عانوا الجوع - لم يتزلزلوا أبداً. يقول الإمام علي لابنه العزيز محمد بن الحنفية: تزول الجبال ولا تزل. إنها نصيحة الرسول ووصيته، وهذا هو سبيل نهضة الأمة الإسلامية وبعثتها. إنه درس الرسول لنا. هذا ما تُعلمناه البعثة.
مجرد أن نجلس ونقول إن آية نزلت وجاء جبرئيل وبعث النبي بالرسالة ونفرح بأن آمن فلان ولم يؤمن فلان، فهذا لا يعالج مشكلة. المسألة هي أن نستلهم الدروس من هذه الحادثة التي وهي أم كل الأحداث في فترة حياة الرسول المباركة. كل هذه الأعوام الثلاثة والعشرين دروس.
ذات مرة قلت لبعض الأصدقاء إن علينا دراسة حياة الرسول بالملّي مترات. كل لحظة في حياته حدث ودرس وتجل إنساني عظيم. وهكذا هو الحال بالنسبة لكل هذه السنوات الثلاثة والعشرين. ليقرأ شبابنا تاريخ حياة الرسول من المصادر الموثوقة ويروا ما الذي حدث.
حين ترون أن أمة بهذه العظمة قد ظهرت إلى الوجود - واليوم أيضاً تكمن أفضل الأقوال وأفضل الحلول، وأفضل الدروس، وأفضل المعالجات للبشرية في منظومة الأمة الإسلامية - فقد ظهرت ونمت وتجذرت بهذا الشكل. وإلّا لن نتقدم إلى الأمام لمجرد أن الحق معنا. الحق وبجانبه الصمود. يقول الإمام علي - وقد رويت عنه قوله هذا مراراً - في حرب صفين: لا يحمل هذا العلم إلّا أهل البصر والصبر. لا يستطيع حمل هذه الراية إلّا من تكون لديهم بصيرة أولاً ، فيفهمون ما القضية وما الهدف. ثانياً: من يتحلّون بالصبر، والصبر هو الاستقامة والصمود والثبات. هذا هو الدرس الذي ينبغي أن نتعلّمه من البعثة.
كان إمامنا العزيز رشحة من ذلك الينبوع الفياض حيث استطاع إطلاق هذا المشروع العظيم في العالم. هو أيضاً كان قلبه مفعماً بالإيمان بهذا السبيل. وكما قال القرآن الكريم: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلّ آمن بالله ورسله وملائكته. الرسول نفسه كان أول المؤمنين.
وفي ثورتنا كان الإمام الجليل هو المؤمن قبل غيره بهذا السبيل والمفعم قلبه بالإيمان بهذا الطريق وهذا الهدف؛ كان يفهمه ويعلم ماذا يفعل. كان يفهم عظمة هذا العمل ومستلزماته، وأول مستلزماته هو أن يقف بصلابة في هذا الطريق بالتوكل على الله. فوقف بقوة. واكتسب شباب هذا الشعب الصمود من صموده. وحينما فاضت ينابيع الصبر والسكينة هذه استغرقت جميع أبناء الشعب، فصدق عليهم قول الله تعالى: هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم. حينما تنزل هذه السكينة في قلوب الناس يتضاعف إيمانهم. ثم يقول: ولله جنود السماوات والأرض. من ماذا تخافون؟ جنود الأرض والسماء لله. كن مع الله تكون لك وطوعك جنود الأرض والسماء. هذه هي السنن الإلهية.
لاحظوا أن الله تعالى خلق شيئين في آن واحد: أحدهما هذا العالم بكل قوانينه وسننه. والآخر قواعد الشريعة ودين الناس ودليلهم. خلق هذين الشيئين معاً وهما متطابقان على بعضهما. إذا عملتم طبقاً للقوانين الإلهية - أي طبق إرادته التشريعية - تطابق عملكم وحياتكم وسلوككم مع قوانين الخلقة، كالسفينة التي تسير باتجاه الرياح فتساعدها الرياح، أو تجري مع تيار الماء فيساعدها هذا التيار.
سنن الخلقة تعين الإنسان السائر في هذا الطريق، ولكن شريطة أن يتحركوا. وقد تحرك الشعب الإيراني وأعانته سنن الخلقة وقوانين الله الطبيعية. وإلّا من كان يتصور أن ترفع فجأة راية الإسلام في قلب المنطقة الأكثر حساسية في العالم - أي الشرق الأوسط - وفي بلد تحكمه إحدى أكثر الحكومات تبعية للاستكبار العالمي - أي حكومة الشاه البهلوي- وفي مجتمع تلوّثت أذهان الكثير من مثقفيه ونخبه طوال عشرات الأعوام بالتعاليم الغربية والوساوس الغربية والأهواء النفسية وأن يدعو هذا المجتمع الأمة الإسلامية إلى الإسلام؟ من كان يتصور أن مثل هذا الشيء ممكن؟ لكنه تحقق.
معنى ذلك أن الجماعة أو الشعب إذا تحرك في هذا الطريق فسوف تعينه الرياح الإلهية الموافقة أي سنن الخلقة وتأخذ بيده إلى الأمام.
ليست القضية قضية إيران فقط. لقد استيقظ العالم الإسلامي اليوم وتحلّى بالوعي. ذات يوم كان التصور السائد أن كل ما يريده جبابرة العالم وشقاته - أمريكا أحياناً والاتحاد السوفيتي السابق أحياناً- سوف يحصل، ولا حيلة أمام رجال السياسة سوى التصرف طبقاً لميولهم. واليوم غاب هذا التصور بين الشعوب نهائياً وهُمّش بين الساسة والنخب السياسية إلى حد كبير. ينبغي الصمود والثبات.
أقول لشعب إيران وأتباع البعثة المحمدية أن السبيل هو الصمود. وقد اختار نظام الجمهورية الإسلامية تبعاً لإمامه الجليل هذا الصمود وانتفعنا منه ولم نخسر شيئاً. اجتمعت كل أبواق الاستكبار لتثني الشعب والحكومة الإيرانيين ونظام الجمهورية الإسلامية بمختلف صنوف البراهين والتحليلات عن دعم الفلسطينيين فلم يوافق الشعب الإيراني ولن نوافق فيما بعد أيضاً. نحن ندافع عن الشعب الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني محق؛ الحق معه؛ إنه شعب مظلوم. العار لدعاة الحرية وحقوق الإنسان إذ يغضعون أنظارهم عن كل هذا الظلم الذي يتعرض له هذا الشعب، ويواصلون مناصرتهم لحقوق الإنسان دون أي خجل. أنا استغرب؛ في أي مكان من العالم يستطيع الإنسان المنصف حتى لو كان الفلسطينيون أقلية أجنبية في بلدهم - لا نقول إنهم أصحاب البلد، بل نفترض أن الفلسطينيين أقلية على أرضهم، أو مهاجرين جاءوا إلى فلسطين - أن يصبر على كل هذا الجور الذي يتعرضون له؟ يهدمون بيوتهم، يقتلون شبابهم، يسجنون رجالهم، يهددونهم دوماً، يقصفون بيوتهم، يمنعون رزقهم، يحاصروهم اقتصادياً، يخربون مزارعهم، يفسدون حياتهم كلها. ومع ذلك يقف السيد بوش ولا يخجل أبداً ويقول إننا ملتزمون بالحرية! هل هذه حرية! هل هذه حرية؟! العار لكم! هل هذه مناصرة للحرية؟!
يعرضون شعباً لكل هذه الضغوط وفي بيته؟ وأقوياء العالم يدعمون دائماً الطرف الظالم المعتدي القاتل الإرهابي ويغضون الطرف عن كل الظلم الذي يتعرض له هذا الشعب، ومع ذلك يظهرون ويقولون إننا أنصار الحرية وأنصار كذا وكذا؟
الشعب الإيراني يقظ ويفهم الحقيقة. طبيعة الاستكبار هي أنكم إذا تراجعتم خطوة تقدم هو خطوة. لا يظن أحد أن التراجع أمام الاستكبار والعدول عن المواقف الصحيحة والحق والدعوات الصحيحة ستجعل الاستكبار يخجل ويتعامل بنجابة ويقول: طيب، طالما تراجعوا هم خطوة إلى الوراء سنراجع نحن أيضاً خطوة إلى الوراء. هذا شيء غير موجود.
إذا تراجعتم خطوة واحدة إلى الوراء تقدم هو خطوة إلى الأمام. وإذا أخليتم خندقاً سيتقدم ويستولي على ذلك الخندق. على الأمة الإسلامية النظر لقضاياها بهذه الطريقة. وعلى رجال السياسة في العالم الإسلامي النظر للأحداث المحيطة بهم من هذه الزاوية. الشعب الإيراني واقف صامد وقد قال كلامه الحق. كلامنا هو كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة. نقول: نريد أن نكون عبيداً لله فقط وليس لأمريكا أو القوى المتغطرسة المستكبرة الشقية أو فراعنة العصر. لا نريد أن نكون عبيداً لأبي لهب الزمان وأبي جهل العصر. من هو أبو جهل العصر؟ لقد مات أبوجهل وولّى؛ واليوم أيضاً يوجد أبوجهل. اليوم أيضاً يوجد في العالم أبوجهل ؛ ويوجد أبولهب. مأجّجوا النيران والشقاة الحمقى.. هؤلاء موجودون اليوم في العالم... أبوجهل عصرهم هم من يصنعون القنابل الذرية ويهددون العالم كله، ثم يشددون الخناق دون سبب على أحد الشعوب ويقولون: لماذا تريدون الحصول على الطاقة النووية، ونحن نعلم أنها لإنتاح الكهرباء والاستخدام السلمي لكننا لا نسمح لكم لأنها تمنحكم هذه القدرة. هذا هو كلام السادة. مقابل هؤلاء المتعجرفين الشقاة الجهلة الذين لا يفهمون منطقاً ولا كلاماً، وهم أشبه بالشقاة والأوباش البلهاء الذين ينظرون دوماً لسواعدهم وعضلاتهم ويقيسون قواهم ويعربدون، إذا تراجعتم أمامهم خسرتم. هذا شيء جرّبه الشعب الإيراني. نحن نواجه هذه القضايا منذ ثلاثين عاماً تقريباً، لكننا تقدمنا حقاً على الأرض.
الشعب الإيراني اليوم لا يقارَن بالشعب الإيراني قبل عشرين أو خمس وعشرين سنة من حيث العلم، والتقنية، والتجربة، والمهارات المختلفة، والتنمية العظيمة الشاملة الوطنية والاجتماعية، والاقتصادية، ومن حيث نفوذه واقتداره في المنطقة. هذا نتيجة تلك الاستقامة. وهذا هو درس البعثة. على كل واحد منا أن يعلم هذا ويفهمه. يجب أن نتعرف على تاريخ الرسول ونعلم أن ذلك اليوم كان يوم بعثة الرسول الكريم، واليوم هو يوم بعثة الأمة الإسلامية.
على الأمة الإسلامية اليوم أن تشعر بالبعثة وتعتبر نفسها مبعوثة وتتحرك بوعي وبصيرة، وتضيف إلى علومها وقدراتها وانسجامها الوطني والإسلامي الدولي، فتوحيد كلمة الأمة الإسلامية مهم جداً.
هذه هي رسالة الشعب الإيراني والثورة الإسلامية ورسالة الجمهورية الإسلامية. والأفق مشرق أمامنا. نعلم بتوفيق من الله ما الذي نفعله ونعلم إلى أين سنصل ونعلم أن التحرك وليس المراوحة أو التراجع هو الوسيلة لبلوغ الهدف.
نتمنى أن يمن الله تعالى على هذا الشعب العزيز ببركات بعثة الرسول، ويزيد من عزة الأمة الإسلامية يوماً بعد يوم؛ ويرضي عنّا القلب المقدس للإمام المهدي (أرواحنا فداه) وأرواح الشهداء الطاهرة والروح المطهرة لإمامنا العزيز.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.