الخطابات

كلمته في شباب مدينة أهواز

بسم الله الرحمن الرحيمإخوتي وأبنائي الأعزاء أهلاً ومرحباً بكم. حضوركم يعيد إلى خاطري الذكريات الحماسية لبدايات الحرب ونهاياتها في أهواز. شباب خوزستان وأهواز من المجاميع النادرة التي أثبتت تأثيرها في حراسة استقلال البلاد والثورة الإسلامية والعزة الوطنية. لقد شهدنا هذا في أهواز والمناطق المحيطة بها وفي كل خوزستان. لا تزال هناك بين الوجوه المتألقة جداً التي أتذكرها عن فترة الدفاع المقدس عدة وجوه بارزة من أهواز لن أنساها أبداً. نتمنى أن يجعلكم الله تعالى أيها الشباب الأبرار بتوفيقاتكم ونوركم وفيضكم من الكنوز التي ستعزز أسس النظام الإسلامي واستقلال البلاد وعزة الشعب إن شاء الله.الشيء الذي من المهم أن يتنبه له جميع شباب البلد هو أن يعلموا أسباب النـزاع القائم اليوم بين الاستكبار والإسلام. لا يمكن إنكار أن الاستكبار يعادي الإسلام اليوم لأنهم أنفسهم يذكرون ذلك بصراحة. رئيس الجمهورية الأمريكي ذكر » الحروب الصليبية «. والدعائيون الاستكباريون يمارسون أنشطتهم الدعائية العدوانية ضد الإسلام في كل أنحاء العالم وبنحو متواصل.. ينتجون الأفلام والألعاب الكومبيوترية، ويصطنعون الدعاية، ويكتبون المقالات.. كلها ضد الإسلام. لماذا يعادون الإسلام؟ هذا سؤال كبير. هم أنفسهم يقولون إننا نعارض الإسلام لأنه ينتج الحروب والإرهاب والكراهية! يبثون الأكاذيب والتهم في فضاءات الرأي العام العالمي بكل هذه الصراحة والوضوح. الأمريكيون هم الذين يشعلون الحروب في العالم. هم الذين يتطاولون ويهجمون عسكرياً على حقوق الشعوب وحدود البلدان. يأخذون جنودهم عبر آلاف الكيلومترات فيعتدون على هذا البلد وذاك، وعلى هذه الحدود وذلك الشعب. لو نظرتم في تاريخ المائة عام الماضية ترون أن معظم الحروب من صناعة الغربيين. الحربان العالميتان الكبريان من صناعة الأوربيين. الأنظمة الرأسمالية الحاكمة في أمريكا أشعلت حروباً عديدة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. هم الذين يزرعون الكراهية بين الشعوب. الإسلام برئ من هذه التهم. ليس الخلاف على هذا.. إنهم يكذبون.. الخلاف على أن الإسلام يدعو الشعوب المسلمة إلى الاستقلال وينبِّه المسلمين إلى عزتهم، ويعلمهم أن يكونوا واعين لحقوقهم ويطالبون بها ويقفوا بوجه المتطاولين عليها. الاستكبار يعارض هذا الدفاع وهذه المعرفة. هذا هو سبب النـزاع بين الإسلام والاستكبار.ليس صراع الاستكبار الأمريكي وأذنابه - أينما كانوا في العالم - مع الجمهورية الإسلامية بسبب حقوق الإنسان والإرهاب. الأصباغ والطلاء الكاذب الذي يخلعونه على ادعاءاتهم مفضوح في العالم اليوم. خلافهم مع الجمهورية الإسلامية مرده إلى أنها تريد أن تكون عزيزة مستقلة وأن تحكم أصوات الشعب في إيران لا أصوات المستكبرين العالميين ومراكز القوة. الوفاء للجمهورية الإسلامية وأركان النظام الإسلامي اليوم وفاء لاستقلال البلاد وحقوق الشعب ووفاء لهتاف » لا « بوجه المعتدين الأجانب. الأسلوب الدعائي للاستكبار العالمي طوال الأعوام الماضية وفي الوقت الحاضر هو العمل أكثر فأكثر على تحريف وتضليل الرأي العام العالمي. ليس بوسعهم تمرير مشاريعهم من دون تضليل الرأي العام. وقد ينجحون إلى حد ما في خداع الرأي العام، بيد أن سلوكهم القبيح المنفّر لا يترك الحقائق خافية. كل من يريد اليوم معرفة معنى حقوق الإنسان والديمقراطية التي يريدها الأمريكيون لمنطقة الشرق الأوسط فلينظر إلى العراق. العراق اليوم ساحة لاختبار الادعاءات الأمريكية. يتعرض الشعب العراقي بقوة السلاح والجيوش للإهانة والضغوط والعسف الذي لا يطاق ، ومع ذلك يريدون أن يظهروا للرأي العام العالمي كمحررين للشعب العراقي أو إنهم يتوخّون مراعاة حقوق الشعب العراقي! من في العالم يصدّق هذا؟حكاية هؤلاء حكاية ذلك القصّاب الذي ذبح وسلخ الغزال الهارب من الذئب! لاحق ذئب غزالاً كان يهرب بجسد دامٍ.. ووصل قصّاب فزجر الذئب ففر، وقبض هو على الغزال. تصور الغزال أن القصّاب سيطلقه ليعود إلى بيئته، لكنه قيّد أرجله ووضعه في سيارته وجاء به لأصدقائه، ثم وضع السكين على رقبته، فقال له الغزال تصورت أنك أنقذتني من الذئب، لكنني حين أنظر الآن أرى أنك الذئب الحقيقي.يضغطون على الشعب العراقي بقواتهم العسكرية، وتسليط حاكم أجنبي عليهم، والاستيلاء على مصادرهم، وإفشاء الفوضى في بلادهم، والتطاول على عوائلهم وأعراضهم ونسائهم، ويريدون من شعوب المنطقة والشعب العراقي والرأي العام العالمي أن يصدق أنهم منقذو الشعب العراقي! هل هذا إنقاذ؟! هذه هي حقوق الإنسان الأمريكية والديمقراطية الأمريكية لبلدان منطقة الشرق الأوسط! يتحدث رئيس الجمهورية الأمريكي عن الإرهاب الفلسطيني دون أي خجل! الإرهاب الصهيوني لحكومة إسرائيل المصطنعة الكاذبة يضغط على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من خمسين سنة، ويسحقهم تحت أحذية الصهاينة.. يهدمون البيوت علناً وصراحة.. ويقتلون الناس.. ويفتكون بالشباب.. ويلقون القبض على الرجال ويذلون النساء. هذا إرهاب واضح لا ينكره حتى الإسرائيليون فهم يقولون إننا نمارس الاغتيالات. هذا الشخص يتجاهل كل هذا ثم يصف بالإرهاب الخطوات العنيفة التي يمارسها شاب فلسطيني من أجل الدفاع عن شرفه وبيته وكمواجهة بسيطة ضد الاعتداء! هذه هي نصرتهم لنهضة مكافحة الإرهاب! هذا هو معنى الإرهاب في منطقهم! شعوب المنطقة تطفح بكراهية أمريكا وذنبها الأوربي أي بريطانيا. هذا شيء لا يختص بشعبنا. كل شعوب المنطقة تكرههم. وهم الذين أوجدوا هذه الكراهية. الذين يعتدون على حقوق الشعوب واستقلالها وعزتها وأعراضها وحدودها سوف يملؤنها بكراهيتهم فلماذا يعاتبونها على كرهها أياها؟ نعم.. نحن نكرهكم.مقابل الروح المتمردة الطاغية للاستكبار لا يوجد اليوم سوى عامل واحد يستطيع المقاومة والاحتواء والوقوف بوجه هذا الطغيان ألا وهو يقظة الشعوب وإرادتها. حينما يكون الشعب يقظ سيعرف حقوقه ويعرف أعداءه وأهداف أعدائه وسيعتزم الوقوف بوجههم. هنا سوف تعطل كل إمكانات الاستكبار وأمريكا ومعداتها الحربية. هنا لن يستطيعوا فعل شيء. هذه هي النقطة الأساسية التي شددت عليها الثورة الإسلامية منذ البداية وهي الدعامة القوية التي قام عليها النظام الإسلامي. هنا ينبغي أن تعرفوا قدر أنفسكم أيها الشباب. وهنا يجب أن يعرف المسؤولون قدر هؤلاء الشباب المتحمسين المؤمنين أصحاب الإرادة الصلبة. هنا يجب على مسؤولي التربية والتعليم ومسؤولي التعليم العالي والجامعات أن يثمنوا هؤلاء الشباب المؤمنين ذوي العزيمة والإرادة. الذين يهمهم شرفهم الوطني واستقلالهم وقيمهم الإسلامية لا يرتضون تواجد العدو وتطاوله ويرفضونه. وهذه حالة قيمة للشعب.أعزائي، سلحوا أنفسكم بالعلم والعمل ما استطعتم. فترة شبابكم كفترة شباب الجيل الذي سبقكم فترة تاريخية مصيرية لهذا الشعب. لو قعد الجيل الذي سبقكم في البيوت وانتهج اللاأبالية لغرق شعبنا في الفساد والتبعية والذلة والهوان أمام أمريكا. لكنه وقف وتسبب في انتصار الثورة وانتصار البلد في الحرب ودافع دفاعاً مستميتاً عن هويته وشخصيته الوطنية. وقد حان الدور اليوم للجيل الجديد. العدو يهاب شبابنا ويعلم أنه لو وقف في الساحة جيل شاب ضخم العدد له نفس إيماننا فلن يستطيع أي سلاح أو قنابل أو صواريخ أن تركِع هذا الشعب. كل خطوة تقطعونها في طريق تطوركم العلمي والعملي والأخلاقي هي بمثابة رصاصة تطلق ضد الأعداء. هذه الحرب وهذا القتال جهاد كبير. في الماضي أيضاً ركزّ رجالنا ونساؤنا وقومياتنا المختلفة - عربنا، وفرسنا، وتركنا، وكردنا، ولُرنا، وبلوشنا - في كل أنحاء البلاد على الدفاع عن شرف البلاد وهويتها واستقلالها وعلى مجابهة الاستكبار وعملائه في الداخل وأحرزوا النجاح والتوفيق في هذه المهمة. وكذلك الحال اليوم أيضاً. العرب، والفرس، والترك، والبلوش، والكرد، واللر، وكل القوميات الإيرانية متمسكة بحبل الإسلام وبوحدة الكلمة وتواصل هذا السبيل المبارك. على جيلنا الشاب أن يتقدم علمياً، كما تقدم لحد الآن. والضجيج الذي يطلقونه كما يتوهمون ضد الجمهورية الإسلامية في العالم بذريعة أسلحة الدمار الشامل وما إلى ذلك ما هو إلا تغطية خادعة.. ليست هذه هي القضية.. القضية هي أن حصول الجيل الشاب الكفوء في هذا البلد على تقنيات عالية حالة تزعجهم وتؤذيهم.. يريدون أن تبقى الشعوب تابعة هابطة المستوى تمد أيديها إليهم، وتكون ذليلة ضعيفة دوماً كي يتسنى لهم فعل ما يشاءون بها. والعمل في مواجهتهم هو أن تقوّي الشعوب نفسها علمياً وإيمانياً.إنهم لا يرتاحون لجيل شاب ذي إرادة وعزيمة راسخة وطهارة وبراءة - أولاده وفتياته - يقف في طليعة النـزعة المعنوية والدينية في العالم الإسلامي. يريدون جيلاً شاباً فاسداً متهرئاً.. هذا ما يرتاحون له.. وعلى شبابنا مقاومة إرادة العدو. أولاً يجب على مسؤولينا أن يربطوا على قلوبهم بواسطة هذا الجيل الشاب وبالاعتماد على هذا الشعب. عزيمة شعبنا المؤمن مظهر للعزيمة والإرادة الإلهية. لا يخف المسؤولون من أحد أو شيء ولا يهابوا ضجيج الأعداء. هذا الخندق الوطني العظيم تحت تصرفهم فليستثمروه جيداً. على أبناء الشعب - والشباب خصوصاً - أن يعرفوا قدر أنفسهم وأن يعملوا على بناء أنفسهم. في فصل الصيف هذا يقضي كثير من شبابنا الصالح أوقات فراغهم في تعبئة البناء أو في تعبئة قوات المقاومة أو يساعدون على رفع المستوى العلمي والتعليمي للآخرين. البعض يثقلون على أجسادهم ويعملون للآخرين. والبعض يرسمون برامج جيدة ومنظمة لقراءة الكتب ورفع مستواهم الفكري. هكذا تنقضي أوقات فراغ الشباب المؤمن. وصلتني تقارير عديدة عن شباب قضوا عطلتهم الدراسية الصيفية في مناطق نائية وشيدوا المساجد، والمستوصفات، ومدوا الطرق، وبنوا الحسينيات والجسور للقرويين، جاءوني بصور هذه الأنشطة وشاهدتها. يقول الرسول طبقاً لإحدى الروايات: » إنما سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله «. وشبابنا يمارسون سياحتهم بهذا الشكل.. سياحتهم هي العمل للناس. هذه ظاهرة قيمة. اعرفوا قدر شبابكم وقدر التربية المعنوية والدينية والدراسة الإسلامية والمعرفية والاطلاع على تاريخ التقدم العلمي الذي يسير شبابنا اليوم على سياقه والحمد لله، وابذلوا جهدكم في هذا السبيل واعلموا أن العدو يريد أن لا تتقدموا ولا تبنوا بلادكم، لكنكم يجب رغم إرادة الأعداء أن تتطوروا علمياً، وجسمياً، ومعرفياً، وإيمانياً، وأخلاقياً. كنت على علم إلى حد ما بالترتيبات التي ذكرها حضرة السيد جزائري دامت بركاته.. إنها جيدة جداً.. عسى أن يعينه الله وزملاءه.. هممهم قيمة جداً، والعمل الذي قاموا به سيكون مباركاً إن شاء الله. نتمنى بفضل هذه الأيام وهي أيام عزاء سيدة الإسلام الكبرى بل سيدة التاريخ البشري الكبرى الصديقة الطاهرة سلام الله عليها، أن تشملكم وجميع الشعب الإيراني ألطافها وبركاتها ونظراتها وأولادها الطيبين الطاهرين لا سيما سيدنا بقية الله أرواحنا له الفداء.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

100 يوم من الطوفان