بسم الله الرحمن الرحيم

نسأل الله تعالى من صميم قلوبنا أن يشمل هممكم و جهودكم ببركاته، و أن تنتهي هذه المساعي التي تبذل خالصة و قربةً إلى الله تعالى للنتائج التي تطمحون إليها في قلوبكم إن شاء الله، أي تحقيق حج إسلامي حقيقي يرضي الروح المطهرة لسيدنا خاتم الأنبياء ( صلى الله عليه و آله و سلّم ).
فريضة الحج فرصة منحها الله تعالى لنا. إنها فرصة لشخص الإنسان المسلم، و فرصة للأمة الإسلامية الكبرى، و هي اليوم فرصة لنظام الجمهورية الإسلامية الذي يرفع راية سيادة الإسلام و الشريعة الإسلامية. علينا جميعاً الانتهال من هذه الفرصة.
فرصة الحج بالنسبة للفرد المسلم هي فرصة دخول الإنسان إلى مناخ معنوي جد رحيب و واسع. ننتزع أنفسنا من ثنايا حياتنا العادية بكل شوائبها و إشكالاتها و نتجه صوب أجواء النقاء و الروح المعنوية و التقرب إلى الله و الرياضة الاختيارية. منذ بداية دخولكم هذه المراسم تحرّمون على أنفسكم الأمور المباحة لكم في حياتكم اليومية الدارجة.. إنه الإحرام.. أي تحريم أمور شائعة مباحة جائزة في الحياة العادية المألوفة، و الكثير منها مدعاةٌ للغفلة، بل إن بعضها سبب في الانحطاط.
تُنتزع منا جميع أسباب التفاخر الظاهري المادي، و أولها الثياب. تُستبعد جانباً المناصب، و المراتب، و الثياب الفاخرة و يرتدي الجميع لباساً واحداً.. لا تنظروا في المرآة لأن ذلك من مظاهر الأنانية و النرجسية. لا تتعطّروا بالعطور الطيبة لأن ذلك أداة من أدوات التظاهر و البروز. لا تهربوا من الشمس أو الأمطار إلى تحت السقوف - أثناء المسير - لأن ذلك من مظاهر طلب الراحة و الدعة. إذا مررتم بمكان تفوح منه روائح كريهة فلا تمسكوا أنوفكم، و كذلك سائر أعمال الإحرام.. تحريم الأمور الباعثة على الراحة و شهوة النفس و الشهوات الجنسية خلال هذه المدة، سواء كانت سبباً في التفاخر، أو سبباً في التمييز؛ كل هذه تُرفع و تزول.
بعد ذلك يأتي الدور للدخول في فضاء بيت الله و المسجد الحرام و تلك العظمة و الجلال دون الابتعاد عن البساطة و عدم التجمّل، و الشعور بذلك بالعين، و اليد، و بكل الوجود. العظمة و الجلال و لكن ليس من نوع العظمة المادية و عظمة الأموال و الزينة المادية، بل من نوع آخر لا يمكن حتى وصفه للناس العاديين. و من ثم الدخول في هذا السيل الهادر الدوّار و التحرك حول مركز واحد، و بذكر الله، و الدعاء، و البكاء، و الخشوع، و الكلام مع الله تعالى. و كذا الحال بالنسبة للسعي بين الصفا و المروة بعد ذلك، و الوقوف في عرفات و المشعر، و فرائض أيام منى. هذا هو الحج.
أشار الأعزاء إلى أنني أوصيت براحة الحجاج و رعايتهم. نعم، هذا طبيعي، لكن هذه الراحة لا تعني الخمول و اللذائذ. لقد ذكرت للأعزاء القائمين على الحج دوماً طوال الأعوام الماضية أن هذه الراحة تعني فراغ البال لأجل هذا الهيام و الانجذاب و الانقطاع إلى الله. افعلوا ما من شأنه أن يفرغ بال الناس ولا يعيشوا هموماً معينة فيستطيعوا بذلك أداء هذه الفريضة على أفضل وجه. هذه هي الغاية. و إلا، ليس المراد الراحة الحيوانية و راحة الأكل و النوم و الأكل الأفضل و الأكثر، كلا، هذا ليس ذوقي، كي نتوخّى هذه الأمور و نجري وراءها.
ليس الحج سفرة ترفيهية إنما هو رحلة معنوية. إنه سفر إلى الله بالجسم و الروح كلاهما. السفر إلى الله ليس سفراً جسمانياً بالنسبة لأهل السلوك، إنما هو سفر قلبي و روحي. و هذا السفر إلى الله هو بالنسبة لنا جميعاً نحن الناس سفر بالجسم و الروح معاً، و لا فائدة من أن نأخذ الجسم إلى هناك و لا نأخذ الروح. أو أن يتحول الحج لا سمح الله بالنسبة لبعض من تتكرر لهم هذه النعمة - حيث يوفّقون للذهاب إلى الحج بشكل متكرر فيشاهدون بيت الله و يزورونه - إلى شيء يبعث على اللاأبالية و عدم الاهتمام، فيعجزون عن الإيحاء لأنفسهم بتلك الثورة الداخلية أو وجدانها في نفوسهم. هذا ليس بالشيء الإيجابي.
رحمة الله على المرحوم الشيخ محمد بهاري - و من المقرر أن يقام له في هذه الأيام حسب الظاهر مراسم تكريم سنوية أو ملتقى تكريمي - الذي يقول في إحدى كتاباته أن الدعاء، و الذكر، و ربما الصلاة إذا تكررت من دون توجّه إلى الله فستؤدي إلى القسوة! نصلي و تكون الصلاة سبباً في قسوتنا! لماذا؟ لأن قلوبنا غير حاضرة و غير خاشعة أثناء الصلاة. إذن، هذه الصلاة إما أن تؤدّى بخشوع فتكون مدعاة رقة و قرب و لطف و نقاء، أو تقام بلا خشوع فتكون حسب قوله سبباً في قسوة القلب.
كذلك الحج.. ينبغي أداء هذه الأعمال بتوجه و حضور.. » أياماً معدودات « (1) ... » معلومات « (2) ... مجموع أيام الحج و العمرة ليس أكثر من عدة أيام. فرصة الحج الممتدة لعدة أيام تمرينٌ و تعليم تجريبي يرى من خلاله الإنسان أن بالمستطاع العيش على هذه الشاكلة أيضاً.. يمكن العيش بلا تفاخر و لا اكتراث للذائذ المادية. لا أننا نريد أن نعيش حياتنا كلها في حالة إحرام، ليس هذا المراد، ينبغي أن تصيبوا من طيبات الرزق التي أحلّها الله تعالى، إنما يجب تبديد التعلق و التعطّش و اختصار الحياة في هذه الأمور - و هذا ما نعاني منه حيث نظن الحياة هذه اللذائذ و الشهوات المادية و الأهواء الفارغة العبثية - كي نفهم أن بالإمكان تخصيص فصل من الحياة و جزء من الأيام، و ساعات من منتصف الليل لحالة النقاء و الانقطاع إلى الله هذه. هذا ما تتدربون عليه و تتعلمونه هناك. يتعلم الحاج أن بالمستطاع القيام بذلك. انظروا كم هي فرصة عظيمة.
عليكم أيها العاملون في شؤون الحج أن تفعلوا ما من شأنه جعل العدد الكبير من الناس الذين يأتون للحج معكم أو المتواجدين هناك - القادمين من بلدان أخرى - يدركون هذه النقطة في الحج و يتعرفون على هذه الفرصة و يندفعون نحو اقتناص هذه الفرصة. هذه من أهم الأعمال التي يضطلع بها العاملون في شؤون الحج سواء رئيس القافلة، أو رجال الدين في الحج، أو مدراء الأقسام المختلفة الثقافية و غير الثقافية. الشعور بأن هذه فرصة توفرت الآن و لا تتوفر دوماً ليس بالشعور الذي ينتاب الجميع. كم من الناس يتمنون يوماً واحداً من أيامكم هناك، لكن الفرصة لا تتوفر لهم. الذين يشتاقون للحج في العالم كثيرون، فاغتنموا هذه الفرصة طالما توفرت لكم الآن. هذه فرصة الفرد و على ضوئها تتبين واجبات مسؤولي الحج و العاملين فيه. هذه الفرصة الأولى.
الفرصة الثانية هي تلك التي تتهيأ للأمة الإسلامية التي تتعرض بسبب تعدد قومياتها، و أعرافها، و مناطقها في العالم، و ثقافاتها، و عاداتها، و أذواقها للفواصل و التباعد بشكل طبيعي. فالله تعالى لم يبعث الإسلام لعرق خاص، أو لثقافة خاصة، أو لمنطقة معينة من العالم، بل بعثه للبشرية كافة، و البشر كلهم متباينون عن بعضهم من حيث اللون، و اللغة، و العادات، و الأذواق، و المناخات التاريخية و الجغرافية. إذن، ثمة أرضية للاختلاف في الأمة الإسلامية. و يجب أن لا يظهر هذا الاختلاف و لا يكتسب تحققاً و حالةً فعلية. الحج فرصة كبيرة للأمة الإسلامية كي تلتئم بعض الفواصل الطبيعية أو ربما المصطنعة و المفروضة.
الحج فرصة للأمة الإسلامية. من بين هذه الأعداد الهائلة التي تشارك في الحج كل عام خذوا مقطعاً زمنياً من عشرة أعوام و أنظروا كم مليون إنسان يشاركون في الحج من أفريقيا، و آسيا، و أوروبا، و من كل أرجاء العالم، من نساء، و رجال، متعلمين، و غير متعلمين، و ذوي أذواق و مشارب مختلفة. لو ساد نداء الاتحاد » و لا تفرقوا « (3) الإسلامي على هذه الحشود فلكم أن تتصوروا أي حدث عظيم سيقع. ستبهت كل أسباب الاختلاف تلك. واحد سني، و آخر شيعي، و لدى الشيعة فرق مختلفة، و بين السنة فرق مختلفة، و مذاهب فقهية مختلفة، و عقائد مختلفة، و عادات شتى تؤدي للتباين على نحو طبيعي.. كل هذه تجمعها يد الحج العطوفة و تقرِّبها و تكاتف بينها.
و أريد أن أذكر هاهنا نقطة على هامش هذه القضية. كم هو جفاء كبير أن يصطنع شخص من وسيلة الوحدة هذه أداةً للشقاق و الفُرقة؟ هذا خطاب للجميع، و ليس فقط لذلك التكفيري السلفي المتعصب الذي يقف في المدينة ويسبّ مقدساتكم.. إنه خطاب للجميع. ليدقق مسؤولو الحج - مسؤولو القوافل و رجال الدين فيها - فلا يصنعوا من وسيلة الوحدة هذه أداةً للتفرقة، و يملأوا القلوب بالأحقاد و الآلام. لن أعدِّد الأمور التي تعتبر أدوات تفرقة. فكّروا بأنفسكم و انظروا ما هي الأشياء التي تملأ قلب الشيعي بالضغينة على أخيه المسلم غير الشيعي، و تملأ قلب السني بالبغضاء على أخيه المسلم الشيعي.. انظروا ما هي هذه الأمور و استخرجوها و أرموها جانباً إذ لا ينبغي جعل الحج و هو مناسبة الوئام و الوحدة و توحيد القلوب و النوايا و العزائم في العالم الإسلامي، لا ينبغي جعله على العكس من ذلك وسيلة للفصل و زرع البغضاء.
معرفة هذه القضية و مصاديقها تتطلب الكثير من الوعي و الدقة. هذه أمور في منتهى الجد.
الفرصة الثالثة هي الفرصة المتاحة أمام الجمهورية الإسلامية. الجمهورية الإسلامية مظلومة. أقول لكم - و قد قلت هذا لسنوات عديدة - إن الجمهورية الإسلامية نظام تجتمع فيه كافة أركان الاقتدار المعنوي.. إنه نظام مقتدر، لكنه مقتدر مظلوم.. و هاتان الحالتان غير متناقضتين. لماذا هو مظلوم؟ لأسباب شتى منها أن أعداء الجمهورية الإسلامية ولكي لا تنتشر أفكار الجمهورية الإسلامية و مبادئها بين مجتمع المسلمين الكبير يكذبون بحق الجمهورية الإسلامية بمختلف الأشكال و الصنوف.. من الأكاذيب العقيدية و الفكرية إلى الأكاذيب الطائفية و السياسية و التنفيذية.. يفعلون كذا و يفعلون كذا، و يقولون هذا و يقولون ذاك، يفكرون كيت و يعملون كيت.. ثلاثين عاماً و هم يحوكون الأكاذيب ضدنا. أنتم بوصفكم القائمين على شؤون الحج، و الذين تفيض قلوبكم بالاعتقاد و الإيمان بنظام الجمهورية الإسلامية ما هو واجبكم الأول في الحج حينما تلتقون بأخيكم المسلم الذي تعرض لهذا الإعلام؟ الإيضاح. أوضحوا معارف الإسلام و معارف النظام الإسلامي. الجمهورية الإسلامية جمهورية » إسلامية «. أكثريتنا نحن الشعب الإيراني شيعة لكن نظامنا نظام يشمل الشيعة و السنة. و آية ذلك أن إخوتنا السنة في الداخل، و أكثرية عظمة من مسلمي العالم و هم سنة دعمونا و دافعوا عنا في الثورة، و بعد انتصار الثورة، و في الحرب المفروضة، و وقفوا لأجل الجمهورية الإسلامية و قتل بعضهم. هذه هي الجمهورية الإسلامية.
ثمة في البلدان الإسلامية سواء في أفريقيا، أو آسيا، و في كل أنحاء العالم، و حتى في قلب البلد الذي مارس ضدها أكثر العداء - أي الولايات المتحدة الأمريكية - مسلمون ليسوا من الشيعة لكن قلوبهم طافحة بمحبة الجمهورية الإسلامية، و محبة الإمام، و محبة هذا الشعب الكبير ذي العزيمة و الإرادة، و ذلك لأن الجمهورية كانت جمهورية إسلامية. أولئك يحرِّفون هذا ويبدِّلونه و يريدون وصم الجمهورية الإسلامية كذباً بوصمة معادة الفرق الإسلامية. اذهبوا و أوضحوا هذه الأمور. ليعلم إخوتنا المسلمون و أخواتنا المسلمات في كل العالم أن هذه الجمهورية جمهوريتهم، و ليعلموا أنه جرى فيها ما يتمنى قلب كل مسلم أن يجري و يحصل. أي مسلم في العالم لا يطمح لسيادة القرآن؟ و قد ساد القرآن هنا.. سادت الشريعة هنا.
من في العالم الإسلامي اليوم لم يدمَ قلبه لهيمنة الأجانب و الكفار و نفوذهم في البلاد الإسلامية؟ قلوبهم دامية ولا يستطيعون قول شيء.. لا يسمحون لهم بالكلام. الجمهورية الإسلامية هي ذلك المنبر الكبير، العظيم، العالمي، و الحر الذي ينادي هنا بصوت عالٍ بمكنون قلوبهم و بهتافهم المختنق في حناجرهم. ولهذا يعاديه المستكبرون. هذا هو سبب عداء أمريكا لنا.. إننا نطلق كلام قلوب المسلمين. ليست الشعوب المسلمة مجموعة بضع حكومات فاسدة طبعاً. قلوب الشعوب المسلمة مملوءة قيحاً من نفوذ أمريكا، و تدخل أمريكا، و تكبر أمريكا، و تكبر الاستكبار الأمريكي و غير الأمريكي؛ قلوبها دامية، لكن عيونها بصيرة و أيديها قصيرة. هذا الكلام يُطلق هنا بصراحة من قبل الجميع في كافة مستويات الدولة من أعلاها إلى أدناها. هذه حقائق جد مرنة و جميلة حول الجمهورية الإسلامية، فاذكروها كي يعلمها و يستوعبها العالم الإسلامي و الشعوب المسلمة. طبعاً لا يكون هذا الإيضاح مقتصراً على عدد قليل من الخواص كالطلبة الجامعيين مثلاً ممن يطلعون في البلدان الإسلامية و الجامعات على هذه الأمور بحكم اتصالاتهم و علاقاتهم العامة الدولية المتنوعة، بل ليعلم ذلك جميع الناس. هذه هي فرص الإيضاح أمام الجمهورية الإسلامية.
طبعاً أنا لا أعتقد أننا يجب أن نصلح مظهرنا الخارجي و ليكن باطننا ما يكون، كلا، اعتقد بجد أن واجبنا الأول و الأمر الأول الموجّه لنا هو أن نصلح أنفسنا، سواء داخل قلوبنا و بواطننا أو داخل بلادنا.
داخل بلادنا أيضاً يجب أن نصلحه نحن. شعبنا شعب مؤمن ذو عزيمة و إرادة.. شعب مستعد و صادق، و لكن ثمة هنا و هناك أفراد و تيارات و مجاميع تتسمّى بمسميات عدة كالنخب السياسية وما إلى ذلك تشوِّش فضاء المجتمع و تحارب فيه النقاء و الصدق، وتعرِّض الجماهير للضبابية الذهنية و الشكوك.
هذا الشعب هو ذاته الذي حقق الانتصار لهذه الثورة العملاقة، و أسس هذا النظام المتين العظيم و حافظ عليه بكل اقتدار لمدة ثلاثين عاماً. إنه شعب من هذا الطراز بهذا الإيمان و هذه العزيمة الراسخة. هذه المكتسبات لا تتحقق مجاناً. ما لم يكن الشعب مضحياً و ذو إرادة و عزيمة صلبة لا تتحقق هذه الأمور طبعاً. و نأتي و بسبب عدائنا مع زيد و عمر و هذه الحكومة و تلك الحكومة و المسؤولين التنفيذيين أو مسؤولي كذا و كذا، نعرِّض أساس النظام للشكوك و الاستفهامات، و نرسم له صورة سوداء حالكة! الشيء الذي يمارسه بعض النخبة السياسيين للأسف.
الأجواء الإعلامية للبلاد.. و الأجواء الصحفية.. و أجواء الإعلام السياسي في البلاد ليست أجواء تبعث على الارتياح أبداً. علينا استلهام الدروس من الإسلام لأعمالنا، و سلوكنا، و مواقفنا، و أن نعلم أن النظام الإسلامي، و البركات الإلهية، و الفضل و الرحمات الربانية تستمر و تبقى طالما كنّا ملتزمين مقيدين، إذ ليس لله قرابة معنا. قلتُ مراراً إن بني إسرائيل هم الذين يقول الله تعالى عنهم كراراً في القرآن: » اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم و أني فضلتكم على العالمين «(4). فضّل الله بني إسرائيل على العالمين، لكنهم بسبب بطرهم لم يعرفوا قدر النعمة الإلهية و كفروها قيل لهم » كونوا قردةً خاسئين « (5)، » ضربت عليهم الذلة و المسكنة «(6).. فتحوّلوا إلى هذا الحال.
الرحمة الإلهية تنـزل علينا و تشملنا حينما نراقب أنفسنا و نروّضها.. نراقب كلامنا و تصريحاتنا و أفعالنا و إعلامنا. مناخ اللاأبالية في الكلام و التصريح ضد الحكومة و ضد فلان و فلان لأغراض خاصة ليس بالشيء الذي يتجاوز عنه الله تعالى بسهولة.. يقول الله تعالى » و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة «(7).. نعم، بعض أنماط الظلم و بعض الممارسات تعود نتائجها و آثارها على الجميع و ليس على ذلك الظالم فقط، و ذلك بسبب سلوك عدد من الناس ممن يمارسون الظلم في أقوالهم و في أعمالهم و في أحكامهم و تقييماتهم. ينبغي الحذر من هذه الأمور.
يجب أن يكون الحج درساً لنا.. درساً للحاج الذي يذهب للحج، و لنا أيضاً نحن الذين ننظر و ندعو ونتمنى أن يؤدوا إن شاء الله حجاً مقبولاً كاملاً. وفقنا الله جميعاً لأن ننتفع أقصى المنفعة من دروس الحج.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش
1 - البقرة، 184.
2 - الحج، 28.
3 - آل عمران، 103.
4 - البقرة، 47.
5 - البقرة، 65.
6 - البقرة، 61.
7 - الأنفال، 25.