بسم الله الرحمن الرحيم
هذا اللقاء طيب جداً و مما يبقى في الذاكرة و يعيد للذهن العديد من الذكريات التي كانت لنا مع القادة و العناصر المضحية في القوة البرية خلال أعوام الدفاع المقدس. جزء كبير من مفاخر الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعود بلا شك للقوة البرية في الجيش التي تشكل الكتلة الأساسية و الأهم لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، و أود أن يكون لقاء اليوم ترجماناً عملياً لمشاعري تجاه القوة البرية و جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ما من شيء أكبر قيمة و أهميةً لمنظمة مسلحة من أن تكون قادرة على النهوض بواجبها على نحو صحيح في لحظات الحاجة. من الطبيعي أن ينظر الشعب في أي بلد للقوات المسلحة على أنهم الأشخاص القادرين عند وقوع حادث مذهل مرير على الدفاع عنه كسور متين. في فترة الدفاع المقدس وقع مثل هذا الاختبار المجيد للجيش. طوال ثمانية أعوام من الدفاع المقدس، و على امتداد جبهات الحرب الطويلة، استطاعت القوة البرية بمقدار طاقتها و همتها التي أدهشت الصديق و العدو في الكثير من الأحيان، استطاعت النهوض بواجبات جسيمة. الشهداء الشامخون في القوة البرية بجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، و معاقو هذه القوة، و العناصر المخلصة المؤمنة التي أمضت طوال تلك الأعوام لحظات صعبة مجهدة، هؤلاء شهود صادقون على الجهد الشامل و الصادق للقوة البرية في جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية طوال تلك الأعوام. أنا نفسي كنت في بعض الحالات شاهداً على هذه المساعي الصادقة المؤمنة.
يوم ظن أعداء الجمهورية الإسلامية أن قواتنا المسلحة لا تمثل خطراً، أو خطراً شديداً على القوات المعتدية، وقفت قواتنا المسلحة كالسد المنيع أمام هجوم الأعداء. ثمانية أعوام من جهود القوات المهاجمة المدعومة من قبل كافة مراكز القوة العسكرية و الإسناد و التسليح، لم تجد نفعاً، و بقيت حدود البلاد سليمة بفضل اقتدار قواتنا المسلحة و دعم شعبنا، و اضطر الأعداء المتجاوزون للاعتراف بإخفاقهم و الابتعاد عن حدودنا.. هذه مفخرة كبيرة.
خلال القرنين الأخيرين كانت هذه المرة الأولى التي تستطيع فيها قواتنا المسلحة الوقوف أمام الأعداء و فرض الهزيمة و الإخفاق عليهم بكل شموخ و عزة.. و ذلك في حرب طويلة و أمام طرف مهاجم مدعوم من قبل العالم كله تقريباً. شكلت القوات المسلحة في بلادنا؛ جيش الجمهورية الإسلامية، و كذلك حرس الثورة الإسلامية، و التعبئة، شكلوا منظومة مقتدرة مؤمنة استطاع كل طرف منها حسب موقعه الخاص و مسؤولياته المحددة إقصاء التهديدات عن هذا البلد، و سوف يستطيعون ذلك في المستقبل أيضاً بفضل من الله.
في الوقت الذي انعقدت فيه إرادة العتاة الدوليين المستكبرين على تحويل كل مسرح الحياة البشرية إلى ساحة حرب، و شن حروب الهيمنة، و النفط، و توسيع مناطق النفوذ الاستكباري، و تنمية مصالحهم الدولية غير المشروعة تحت عناوين جميلة و براقة من قبيل الحرية، و الديمقراطية، و حقوق الإنسان.. على الشعوب التحلي باليقظة جداً، و بذل المساعي في سبيل تقوية ذاتها داخلياً، و بمقدور القوات المسلحة الإسهام بنصيب وافر من هذه المسؤولية الكبرى.
تلاحظون اليوم أن منطقة الشرق الأوسط النفطية الغنية تتعرض للتطاول و تدخل السياسات المختلفة بجريرة كونها ثرية و تتوفر على مصادر النفط التي تحتاجها القوى الصناعية في العالم، حيث يخلقون كل يوم أزمة و تهديداً في جزء منها. ينتهزون ضعف الشعوب و الاختلاف بين الحكومات و القوى في هذه المنطقة و هي منطقة إسلامية و ملك للمسلمين. ضحية هذه الأطماع و النـزعة الاستكبارية هم الشعوب المظلومة التي لا تستطيع الدفاع عن هويتها و قواها المعنوية. لاحظوا كيف تم التعامل خلال الأعوام السابقة مع الشعبين العراقي و الأفغاني الجارين! من هم الذين ذهبوا ضحية السياسات الدولية المعقدة سوى الناس العزّل الذين لا ملاذ لهم؟ الشعوب طبعاً لا تفنى بهذه الضغوط و إذا استطاعت الحفاظ على هويتها الوطنية فإن هذه الضغوط لا تستطيع إخضاعها، رغم أنها ستتلقى ضربات و خسائر على المدى القصير، إلا أنها ستستطيع على المدى البعيد و بفضل هممها و بتجميع طاقاتها أن تعوّض هذه الخسائر. إن ذلك في أيدي الشعوب إذا أرادت و عقدت العزيمة.
في مثل هذه الظروف بالغة الحساسية يحتاج شعبنا قبل كل شيء إلى تقوية ذاتها و تحصينها معنوياً و مادياً. جانب من هذا الاقتدار يعود للشؤون الاقتصادية و الثقافية و السياسية، و جانب مهم منه يعود للمنظومات العسكرية التي ينبغي عليها مضاعفة قدراتها داخلياً باطراد و على كافة المستويات.. تمتين التنظيم، و رفع مستوى الاقتدار القتالي، و القدرات اللازمة لإنتاج المعدات و تكميلها، و صيانتها، و الحفاظ على المستوى العالي لروح المسؤولية العسكرية و جميع الشؤون الأخرى الممكنة التحقيق بالإبداع وإدارة المدراء الصالحين ذوي الشعور بالمسؤولية. لحسن الحظ تتمتع القوة البرية في جيش الجمهورية الإسلامية اليوم بقيادة و مسؤولين و مدراء صالحين مؤمنين. كما تتمتع بآلاف العناصر الشريفة المؤمنة في مختلف وحداتها الموزعة على شتى أنحاء البلاد. نحمد الله على هذا الواقع الآخذ في التحسن باستمرار. توصيتي هي أن لا تفرطوا بأية فرصة مساعدة على الاستعداد. الاستعداد لا يعني بالضرورة أنه سوف يُستخدم على المدى القريب. لكن عدم الاستعداد يمثل على الدوام خطراً كبيراً و مذهلاً للبلاد و لسمعة القوات المسلحة. ينبغي الحفاظ على الجاهزية ومضاعفتها دوماً.. الجاهزية المعنوية و المادية.
أسأل الله تعالى أن يشملكم جميعاً يا أعزائي بلطفه و هديه و رحمته، و يجعلنا جميعاً قادرين على النهوض بواجباتنا المجيدة الكبرى الملقاة على عواتقنا، و يجعل كل يوم من أيامنا خيراً من اليوم الذي سبقه، و يحشر الشهداء الأبرار من جيش الجمهورية الإسلامية و القوة البحرية و كافة المنظمات المسلحة في الجمهورية الإسلامية مع أوليائهم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.