بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً أعزي بمناسبة استشهاد أعظم شهيد في تاريخ البشرية الإمام أبي عبد الله الحسين صانع تلك الملحمة الخالدة و موقظ الأمة الإسلامية على امتداد التاريخ. و ثانياً أرحب بالإخوة و الأخوات الأعزاء الذين جاءوا من مدينة قم بمناسبة الذكرى السنوية لصحوة أهالي تلك المدينة اليقظين الواعين، و أقاموا هذا الاجتماع المفعم بالصفاء و الصميمية.
قضية التاسع عشر من دي ليست مجرد حدث تاريخي. أهمية هذا الحدث تعود إلى أن شريحة من الشعب الإيراني - و هم أهالي قم الأعزاء - شعروا بوقوع شيء معين قبل وقوعه. ساعدهم حس اليقظة و الوعي لديهم كي يطلقوا تياراً هائلاً في البلاد. قضية توجيه إهانة للإمام الجليل في إحدى الصحف و بقلم أحد مرتزقة البلاط الطاغوتي لم تكن شيئاً على جانب كبير من الأهمية من وجهة نظر الكثيرين من ذوي النظرات السطحية الظاهرية آنذاك، إذ لم يكن هؤلاء ليشعروا و يدركوا عمق القضية و الجوانب الخفية لهذه المؤامرة. حينما لا يشعر الإنسان بالمؤامرة فمن الطبيعي أن لا يبدي ردود فعل حيالها. لكن أهالي قم و شبابها شعروا بأهمية الحدث و أدركوا مغزاه و فهموه. هذا أهم جانب من هذا الحدث الذي وقع في تاريخ ثورتنا. لو لم تتحلوا أنتم أهالي قم بالوعي و الفهم الذي تحليتم به يومذاك، و لم تخرجوا إلى الشوارع و لم تدافعوا و لم تقدموا الشهداء، و لم تفضحوا نظام الطاغوت تلك الفضيحة المنقطعة النظير، لربما لم يكن سياق الكفاح الثوري قد سار و وقع بالشكل الذي سار فيه و استمر. نقطة البداية مهمة جداً و هي ليست بالشيء الذي تأتي به الصدفة، إنما ينبع من فهم و إدراك حدث تختفي الكثير من أبعاده عن الأعين. و قد توفرت هذه الميزة في حدث التاسع عشر من دي في قم و الذي أثبت أن أهاليها يتحلون بالوعي الصحيح لقضية و حالة سوف تأتي مستقبلاً، أي إنهم فهموا المؤامرة، و علموا ما الذي سيقع بعد هذه المقالة التي نشرت في الصحيفة ضد الإمام (رضوان الله تعالى عليه). و لأنهم فهموا المؤامرة لذلك أبدوا ردود الفعل حيالها.
و هذا هو الدرس اليوم أيضاً. الحاسة الإنسانية العميقة لشعب من الشعوب يجب أن تشعر بالأحداث قبل وقوعها و تفهم أي شيء سوف يقع فيبدي الشعب بذلك ردود الفعل المناسبة. و حينما ننظر على طول تاريخ الإسلام نجد أن عدم توفر هذا الإدراك و الحس السياسي السليم أبقى الشعوب نائمةً على الدوام و مكّن أعداء الشعوب من أن يلحقوا بها كل ما يحلو لهم و هم آمنون من ردود أفعالها.
انظروا لحادثة كربلاء من هذه الزاوية. الكثير من المسلمين في نهايات الستين عاماً بعد الهجرة - أي الخمسين عاماً بعد رحيل النبي الأكرم - لم يكن لديهم تحليل صحيح لما يجري. و لأنهم يفتقرون للتحليل لذلك لا يبدون رد الفعل المناسب. لهذا كانت الساحة مفتوحة أمام الذين يريدون اجتراح أي انحراف في مسيرة الأمة الإسلامية من دون أن يصدهم أحد. و وصل الأمر إلى درجة أن شخصاً فاسقاً فاجراً سيئ الصيت و مفضوحاً - شاب لا تتوفر فيه أي من شروط الحاكم الإسلامي و خليفة الرسول، بل كان في الاتجاه المعاكس لسيرة الرسول في أعماله و ظاهره - يصبح قائد الأمة الإسلامية و البديل للرسول! لاحظوا كم يبدو هذا الشيء عجيباً في أنظاركم اليوم؟ لكنه لم يبدُ عجيباً في أنظار الناس في لك العهد. لم يشعر الخواص بالخطر. و البعض ممن شعروا بالخطر ربما، لم تسمح لهم مصالحهم الشخصية و طلبهم للعافية و الراحة أن يبدوا رد فعل معين. جاء الرسول بالإسلام ليهدي الناس إلى التوحيد، و الطهر، و العدالة، و سلامة الأخلاق، و الصلاح العام للمجتمع الإنساني، و يجلس اليوم مكان الرسول شخص غارق في الفساد و الفسق، و لا يعتقد بأصل وجود الله و توحيده. بعد خمسين عاماً على رحيل الرسول يتولى زمام الرئاسة مثل هذا الشخص! هذا الأمر يلوح لكم اليوم عجيباً جداً، لكنه لم يكن كذلك في أعين الكثير من الناس يومذاك.. عجيب.. أصبح يزيد خليفة و نشروا الجنود الغلاظ الشداد في أنحاء العالم الإسلامي ليأخذوا له البيعة من الناس. و سار الناس جماعات جماعات و بايعوا.. العلماء بايعوا، و الزهاد بايعوا، و النخب بايعوا، و رجال السياسة بايعوا.
ما الذي ينبغي فعله في مثل هذا الظرف حيث تسود الغفلة على العالم الإسلامي إلى حد أن الناس لا يشعرون بالخطر؟ ما الذي يجب أن يفعله شخص كالحسين بن علي و هو مظهر الإسلام و نسخة بلا تغيير عن رسول الإسلام الكريم - حسين منّي و أنا من حسين - في مثل هذه الظروف؟ عليه أن يفعل ما يوقظ العالم الإسلامي لا في ذلك الأوان فقط بل على امتداد القرون التالية.. عليه أن يوعّيه و يهزّه و يحركه. هذه الهزة ابتدأت بثورة الإمام الحسين. أما أن الإمام الحسين دعي للحكومة في الكوفة فسار إليها، فهذه ظواهر الأمر و ذرائعه. حتى لو لم يدع الإمام الحسين (عليه السلام) لوقعت تلك الثورة. كان يجب على الإمام الحسين أن يقوم بهذا التحرك، ليدل على ما هو الواجب فعله من قبل المسلمين في مثل هذه الظروف. عرض الوصفة على كل المسلمين في القرون التالية. كتب وصفة.. لكن وصفة الحسين بن علي لم تكن وصفة كلام و ألفاظ و أوامر يصدرها لغيره و يبقى هو جالساً في مكانه. كانت وصفة عملية. تحرك بنفسه و دلّ على الطريق. قال نقلاً عن الرسول إذا رأيتم الإسلام قد نبذ جانباً، و الظالمين تسلطوا على الناس و راحوا يغيّرون دين الله و يتعاملون مع الناس بالفسق و الفجور، و لم يقف المرء بوجه هذا الواقع و لم يثر ضده »كان حقاً على الله أن يدخله مدخله«.. هذه وصفة.. هذه هي ثورة الإمام الحسين. لو ضحّى الإمام الحسين بروحه الطاهرة المباركة الغالية، و هي أسمى الأرواح في العالم في سبيل هذه الثورة، لما كانت في نظره ثمناً باهضاً. إذا جرت التضحية بأرواح خيرة الناس و هم أصحاب الإمام الحسين لما كانت ثمناً باهضاً في نظر الإمام الحسين. أسر آل الله و حرم الرسول و شخصية مثل زينب تؤسر بيد الأجانب - كان الحسين بن علي يعلم أنه حينما يقتل في تلك الصحراء فسوف يأسرون هذه المرأة و الأطفال - لم يكن هذا الأسر و هذا الثمن الكبير شيئاً جسيماً ثقيلاً في نظر الإمام الحسين من أجل هذا الهدف. الثمن الذي ندفعه يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار في ضوء ما يتحقق مقابله للإسلام و المسلمين و الأمة الإسلامية و للمجتمع. أحياناً ينفق الإنسان مائة تومان و يكون مسرفاً، و أحياناً ينفق مائة مليار و لا يكون مسرفاً. ينبغي النظر ما الذي نأخذ مقابل ذلك.
الثورة الإسلامية كانت عملاً بهذه الوصفة. عمل إمامنا الجليل بهذه الوصفة. مجموعة من الأشخاص ذوي النظرة الظاهرية السطحية - و هم طبعاً أشخاص طيبون، لم يكونوا أناساً سيئين، فقد كنا نعرفهم - قالوا حينها أنه جاء بهؤلاء الشباب إلى الساحة ليقتلوا و تسفك دماؤهم و هم خيرة شبابنا. تصوروا أن الإمام لم يكن يدري أن أرواح هؤلاء الشباب معرضة للخطر. كانوا يتألمون له، و هذا ناجم عن حسابات خاطئة. نعم، قدمنا كل هؤلاء الشهداء و المعوقين في الحرب المفروضة و فجعت كل تلك العوائل.. هذا ثمن كبير، و لكن مقابل ماذا؟ لقد حافظنا على استقلال البلاد، و على راية الإسلام، و على هوية إيران الإسلامية مقابل ذلك الإعصار الهائل. الإعصار الذي أوجدوه لم يكن إعصار صدام. كان صدام الجندي الأمامي في جبهة العدو. و قد وقفت خلفه كل أجهزة و عالم الكفر و الاستكبار. حتى لو افترضنا أنهم لم يشاركوا في هذه المؤامرة منذ البداية فإن مشاركتهم فيها لاحقاً كانت واضحة و جلية. الكل جاءوا و اصطفوا وراء صدام. أمريكا جاءت، و السوفيت يومذاك جاءوا، و الناتو جاء، و البلدان الرجعية التابعة للاستكبار جاءت و منحت الأموال، و المعلومات، و الخرائط، و الإعلام. تحركت هذه الجبهة الهائلة لتقضي على إيران الكبيرة الرشيدة الشجاعة المؤمنة قضاءً تاماً. أرادوا أولاً إخضاع منطقة معينة من قبل شخص صغير و منحط مثل صدام، لتبقى ثانياً في قبضة أمريكا. المصيبة التي أنزلوها طوال مائتي عام ببلادنا و خلقوا كل هذه المشاكل للشعب أرادوا مواصلتها لمائة عام أو مائتي عام أخرى. لكن شعبنا وقف و إمامنا الجليل وقف.. طبعاً قدمنا أرواحاً عزيزة و شهداءً كباراً و شباباً محبوبين، لكن هذا لم يكن ثمناً باهضاً مقابل ذلك المكسب.
و كذا الحال بالنسبة لقضية فلسطين اليوم. أوضاع غزة التي تلاحظونها ما هي إلا جزء ظاهري من القضية. أما باطن القضية فهو أن أجهزة الاستكبار التي لا تؤمن بأي من المبادئ الإنسانية ترغب في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.. هذه المنطقة الحساسة الزاخرة بالثروات و ذات الأهمية الجغرافية و الاقتصادية البالغة. و وسيلتها لذلك هي إسرائيل الغاصبة.. الصهاينة المسلطون على فلسطين المحتلة. هذه هي القضية. كل التحركات التي أنجزت في المنطقة طوال الأعوام الأخيرة - من قضايا لبنان إلى قضايا العراق و فلسطين - ممكنة الفهم و التفسير بهذا النظرة.. القضية هي أن هذه المنطقة يجب أن تكون في قبضة أمريكا و الاستكبار، و الاستكبار طبعاً أعم من أمريكا، لكن مظهره الأبرز و الشيطان الأكبر هو الحكومة الأمريكية. يريد الاستكبار أن يستولي على هذه المنطقة و يمسك بها في قبضته. الاستكبار بحاجة لهذه المنطقة و أداته في ذلك هي إسرائيل. كل هذه الأمور و القضايا التي جرت خلال هذه السنوات الأخيرة ممكنة التحليل في إطار هذه النظرة. لاحظتم أن وزيرة خارجية أمريكا قالت في حرب الثلاثة و ثلاثين يوماً إن هذا هو مخاض منطقة الشرق الأوسط! أي إن موجوداً جديداً سيولد من هذا الحدث ألا و هو الشرق الأوسط الذي تريده أمريكا. طبعاً تحقق هذا الحلم الأسود بما نزل على رؤوسهم، فالشجاعة، و اليقظة، و التضحية، و الإيثار، و الجهاد لدى الشباب المؤمن في لبنان صفع لا إسرائيل فقط، بل و أمريكا أيضاً، و كل حماتهم و أتباعهم. و الحال من هذا القبيل في غزة أيضاً.
يريدون أن لا يبقى أي عنصر مقاومة في المنطقة. و هم يرون أن الجمهورية الإسلامية هي أساس عنصر المقاومة هذا. و قد فهموا هذه النقطة بصورة صحيحة، فهنا مركز المقاومة.. هنا المكان الذي حتى لو لم تصدر عنه أية مبادرة، و لا أي كلام، فإن مجرد وجود الجمهورية الإسلامية مصدر إلهام لشعوب المنطقة. إنها وجود و هوية تنتصب هكذا في المنطقة على الرغم من أنوف كل القوى الاستكبارية و تتجذر يوماً بعد يوم .. و تزداد قوةً باستمرار. مجرد وجود هذا الهيكل العظيم الشامخ إنما هو شوكة في عيون الاستكبار و مبعث أمل للشعوب. نعم، هنا قطب المقاومة، و لا شك في هذا أبداً. الآخرون أيضاً استلهموا من هنا، لكن لأجل سحق المقاومة استهدفوا أولاً الحلقة الضعيفة.. الحكومة الجماهيرية المنتخبة في غزة.. هذا هو المظلوم الذي تمكنوا منه و راحوا يضربونه. كل من يعتبر - في العالم الإسلامي اليوم - قضية غزة قضية محلية و شخصية فهو نائم تلك النومة التي لوّعت الشعوب لحد الآن. كلا، قضية غزة ليست قضية غزة فقط.. إنها قضية المنطقة، إنما النقطة الأضعف هي هناك في الوقت الحاضر. بدأوا الهجوم من هناك، و إذا نجحوا فلن يتركوا المنطقة لحالها. حكومات البلدان المسلمة المحيطة بتلك المنطقة و التي لا تقدم المساعدات التي يجب أن تقدمها و تستطيع أن تقدمها، إنما ترتكب خطأً.. ترتكب خطأً. كلما ترسخت جذور إسرائيل في هذه المنطقة أكثر كلما تضاعفت هيمنة الاستكبار أكثر، و تفاقم بؤس هذه الحكومات و ضعفها و ذلتها أكثر.. لماذا لا يتفطنون لهذا؟ و الحكومات تجرُّ الشعوب وراءها نحو الذل؟ الحكومة الذليلة المطيعة التابعة تجعل من شعبها مطيعاً ذليلاً تابعاً. لذلك يجب على الشعوب أن تصحو.
أثبت شعبنا في هذه القضية يقظته و استعداده. أرى لزاماً عليَّ أن أشكر كل الشعب الذي أبدى موقفه و عزيمته في المظاهرات و المسيرات و الشعارات، و خصوصاً الشباب المؤمن المتحمس الذي سار نحو المطارات في طهران و المدن الأخرى كي يتوجه إلى هناك. لكنّ أيدينا قصيرة.. أيدينا قصيرة.. لو كان بوسعنا أن نتواجد هناك لكان لزاماً علينا أن نتواجد و كنّا سنتواجد فعلاً من دون ملاحظة أحد.. لكن هذا غير ممكن. ليعلم الجميع هذا.. حكومة الجمهورية الإسلامية و مسؤولوها يقدمون لذلك الشعب المظلوم أية مساعدة ممكنة، و قد فعلوا ذلك لحد الآن و سيفعلونه في المستقبل أيضاً، لكن شبابنا شباب متحمس. لقد أثبت جيل شبابنا بموقفه هذا اليوم أنه على شاكلة جيل »كربلاء الخامسة« - و هذه الأيام هي ذكرى كربلاء الخامسة - و جيل »و الفجر الرابعة« و عمليات »خيبر« و »بدر«. شباب اليوم مستعدون للتواجد في الساحة كشباب ما قبل خمس و عشرين سنة و ثلاثين سنة.
المال الذي منحته الأجهزة التجسسية و الاستعمارية المعادية لبعض العناصر الداخلية التي باعت أنفسها كي تصرف شبابنا عن هذا الطريق، و تكتب التحليلات و تصوّر هذا الاستعداد بأنه منافٍ للحكمة و المصلحة، ذلك المال ذهب هدراً. شبابنا يسيرون بالاتجاه الذي رسمته لهم الثورة و الإسلام و الإمام الحسين (عليه السلام). هذا هو واقع بلادنا. لكن على الشعوب في العالم الإسلامي أن تسجل تواجدها و عزيمتها بنحو ملحوظ.. يجب أن تطالب الحكومات. بعض الحكومات المسلمة بذلت مساعٍ جيدة لكنها غير كافية. ينبغي فرض التراجع على العدو عبر الضغوط السياسية و الضغوط الشعبية. لاحظوا أن الفاجعة التي تقع اليوم في هذه المنطقة على يد الصهاينة فاجعة نادرة النظير. شخص واحد يقع على الأرض في مكان ما من العالم وإذا بضجيج أجهزة حقوق الإنسان يرتفع، فيزعمون مناصرة حقوق الإنسان كذباً، و نفاقاً، و رياءً، و خداعاً. أما حينما يتساقط الأطفال الصغار، و النساء المظلومات على الأرض في غزة كأوراق الخريف فلا يسمع لهم أي نفس. لقد فضح الله تعالى أدعياء حقوق الإنسان هؤلاء، سواء في منظمة الأمم المتحدة، أو في ما يسمى بمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، أو في الحكومات التي تدعي ذلك. أصبحت حقوق الإنسان لقلقة لسان الحكومات الأوربية! أية حقوق إنسان!؟ أنتم لا تؤمنون بحقوق الإنسان. أنتم تكذبون. تذكرون اسم حقوق الإنسان رياءً و نفاقاً. و إلا كيف يمكن أن يرى رئيس الحكومة الأوربية الفلانية هذه الأحداث و لا يتهجّم على إسرائيل لو كان مؤمناً بحقوق الإنسان؟ و الأسوء من ذلك هم بعض مثقفي العالم الإسلامي. فساد الصحافة و الأجهزة الخبرية و الثقافية في العالم الإسلامي فساد مؤسف جداً. يكتبون التحليلات في الصحافة و الجرائد ضد الحكومة القانونية الحالية في فلسطين لكي يبرروا جرائم الصهاينة! الله تعالى لن يتجاوز عن هؤلاء. و في داخل إيران أيضاً توجد مثل هذه الحالات بدرجات معينة. طبعاً الرأي العام الحاسم للشعب في داخل إيران و الانسجام بين الشعب و الحكومة في هذا الاتجاه لا يسمح للبعض بمتابعة ذلك الخط المغلوط المخادع الخياني، و إلا ربما كان البعض قد تمادى أكثر من ذلك في إبداء مواهبه! التواجد الحاسم للشعب و الانسجام بين الجماهير و الحكومة في الشعارات لا يسمح لهم بذلك. لكن هذا يحدث للأسف في البلدان الأخرى. ما هي حصيلة هذه الأحداث و نتائجها؟ إنها بكلمة واحدة لا شك فيها: انتصار الحق على الباطل.
حتى لو استطاع العدو لا سمح الله أن يقتل المجاهدين الفلسطينيين - الذين يدافعون اليوم في صفوف حماس دفاعاً مستميتاً و يقاتلون بعزيمة و إرادة راسخة - واحداً واحداً، فلن تدفن القضية الفلسطينية بهذه الفجائع التي ترتكب. إنما ستنتصب يقيناً بقامتها الفارعة و تجاربها الماضية أقوى بكثير بكثير من الماضي، و ستطرق على رؤوسهم و تنتصر عليهم. ينبغي على شعبنا المسلم المحافظة على هذا العزم الراسخ في ذهنه و قلبه، و أن يغتنم هذه البصيرة و الوعي الذي حظي به، و يحافظ على تواجده، و يعرب بوضوح عن مواقفه و يعلنها للعالم أن الجمهورية الإسلامية صامدة على مواقفها المناهضة للظلم، و ستقاوم و تضحي من أجلها، و لا ريب أن ما ستحصل عليه أغلى و أثمن بكثير مما ستفقده. و لا شك أن الأرواح الطاهرة لشهدائنا الأبرار و الروح المطهرة لإمامنا العظيم ستسند الشعب الإيراني و ستسند هذا الجهاد و الدفاع المستميت، و ستحتفل جميع الشعوب المسلمة بالنصر إن شاء الله في المستقبل غير البعيد.
شملنا الله جميعاً بأدعية سيدنا بقية الله (أرواحنا فداه) و جعلنا من الأتباع الحقيقيين للحسين بن علي (عليه السلام).
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.