بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك لكنّ أولاًً أيتها الأخوات و الفتيات العزيزات الميلاد السعيد لسيدة النساء و أكثر الشخصيات تألقاً بين النساء على مر تاريخ البشرية، السيدة الزهراء الطاهرة ( سلام الله عليها ). و أبارك لكن أيضاً أيتها العزيزات، أخواتي و بناتي و أولادي مصادفة هذا اليوم العظيم مع ذكرى ولادة إمامنا العظيم الذي يعتبر هذا الرجل العظيم أيضاً نقطة عطف في النظر للمبادئ الإسلامية في كافة المجالات، و منها قضية المرأة و النساء.
لقد كان اجتماع اليوم اجتماعاً طيباً. كان هذا الاجتماع برأيي اجتماعاً جيداًً جداًً و مفيداًً و رائعاً؛ سواء بالنسبة لي أو بالنسبة للذين سوف يطلعون على هذا الاجتماع و تقاريره. لقد استمعت إلى أحاديث السيدات المحترمات على مدى نحو ساعتين. و كان هذا هو الهدف الرئيسي؛ أي متابعة هدفين من أهداف هذا الاجتماع: أحدهما هو أن تطرح بصورة علنية عدد من القضايا ذات الأهمية بواسطة مجموعة من خيرة نساء البلد حسب اعتقاداتهن؛ خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة، و هذا ما حدث. فجميع اللواتي تکلمن اليوم يتمتعن بذهنية سامية قوية منطقية منظمة و كنّ أيضاً صاحبات آراء في المواضيع التي طرحنها، و کان هذا رائعاً جداًً و استمتعت به کثيراًً. و كتبت بعض الملاحظات حول مواضيع هؤلاء السيدات و سأستفيد منها إن شاء الله. و المواضيع التي طرحت - خاصة البعض منها - عميقة جداً و مثيرة للاهتمام. و كان هذا أحد الهدفين.
الهدف الثاني هو النظرة الرمزية لهذا الاجتماع. كما أشرت مراراً فإننا أصحاب حق في قضية المرأة؛ و نحن أصحاب حق في العالم في هذا الصعيد. و أما أن تأتي المؤسسات التابعة للأمم المتحدة أو غيرها أو المجموعة الصحافية الفلانية لتضع علامة استفهام على موضوع الحجاب و ما شابه ذلك باسم حقوق الإنسان و تدّعي، فهذا لن يغيّر حقيقة القضية. إننا أصحاب الدعوى في العالم. و حينما أقول العالم، أعني العالم الغربي. نحن الذين نخاطب العالم قائلين: لقد ارتكبتم خيانة بحق البشرية جمعاء و خاصة بحق المرأة؛ و ذلك عن طريق جر المرأة و الرجل إلى مستنقع الابتلاءات الجنسية و إشعال نار الشهوة الجنسية غير المباحة و غير المنظمة في المجتمع، و بإغراء المرأة بالتبرج و الخوض في وسط الساحة. من الواضح أن المرأة تمثّل الجانب الجميل من خلق الإنسان. و لا ينفك هذا الجانب الجميل بطبيعته عن شيء من الستر؛ هذه هي ميزة هذا الجزء الجميل و الرائع من الوجود البشري. و تمزيق هذا الستار و ترويج ما يجب متابعته و إشباعه وفق النظام و القانون - أعني حاجة الإنسان الغريزية، سواء في المرأة أو الرجل - بصورة غير شرعية و غير منظمة في المجتمع، يعتبر من أكبر الخيانات التي ارتكبت بحق المرأة بالدرجة الأولى و بحق البشرية برمتها بالدرجة الثانية - سواء الرجل أو المرأة - هذا ما قامت به السياسات الغربية. طبعاً الخسارة الأولى و أكبر الأضرار تنعکس عليهم. و الآن فإن قضية المثيلة الجنسية في العالم الغربي هي إحدى هذه الابتلاءات. هم طبعاً لا يبدون ذلك؛ لكن حقيقة القضية هي أن هذا الوضع صار بالنسبة للمفکرين و لهم من الآلآم الكبيرة التي لا يمكن علاجها و لا مناص لهم أيضاً. التحرك بهذا الشكل، و نشر الأدبيات التي تحث على الإباحية و التعري في مجال القضايا الجنسية و العلاقة بين المرأة و الرجل، و جر المرأة - أعني هذا الجزء الجميل الرائع المحجوب المستور في الوجود البشري - إلى الساحة للعمل و الدعاية، و استخدام ابتساماتها و جمالها و جسمها و صورتها لترويج السلعة الفلانية السخيفة التي لا قيمة لها، و للحصول على المال، من الطبيعي أن هذه العواقب هي نتيجة تلك الأمور. هذا ما فعله العالم الغربي، و هذه الأمور هي التي قامت بها السياسات الغربية؛ و هذا لا علاقة له بالأديان، و لا بالمسيحية و اليهودية؛ بل له علاقة بالسياسات الجديدة التي نشرت في العالم منذ نحو مائة و خمسين عاماً و لا يسعني الآن تحديد تاريخها بشكل دقيق.
لاحظوا أنتم أدبيات البلدان الأوروبية في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر و نظرتهم إلى المرأة؛ إنها تختلف عما تابعوه في القرن العشرين و في كتاباتهم و أدبياتهم بالنسبة للمرأة على الإطلاق. كانت نظرتهم آنذاك متصفة بالنجابة و الحياء و هذا ما يتفق مع طبيعة كل من الرجل و المرأة. هنا يتضح أن هذا العمل السياسي قد تغلغل عن طريق الصهاينة و الأجهزة الاستعمارية؛ هذه الأمور بحاجة إلى البحث و العمل. لقد ازدادت هذه الحالة سوءاً يوماً بعد يوم حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم و ما تشاهدونه. لذلك على العالم الغربي أن يتحمل هذه المسؤولية؛ لأنهم طعنوا المرأة؛ و انتهكوا حقوقها؛ حطوا من شأن المرأة؛ و خانوها باسم الدفاع عنها. فهذه هي قضيتنا.
إن ما تطرقت إليه بعض السيدات حول الحقوق الإسلامية كان صحيحاً؛ و فيه مجال واسع للبحث و العمل و الإيضاح. أنا أوافق المواضيع التي ذكرتها بعض السيدات حيث قلن إننا لم نبذل ما يلزم من الجهود للعمل الصحيح القوي من الناحيتين الکمية و الکيفية لمواجهة الدعايات الفمينستية. إنني أوصي هنا مراكز البحث و الأكاديميات، و الجامعات، و الحوزات العلمية و أصحاب الرأي و أطالبهم بالعمل في هذا المجال. هذه القضية قضية مهمة. إننا لو عملنا في قضية المرأة بصورة صحيحة في بلدنا، فإنها ستكون خدمة حقيقية للمجتمع النسوي في جميع أنحاء العالم. من الممكن أن يعرف البعض قيمة هذه الخدمة اليوم، و يمكن أن يعرفها البعض الآخر في السنوات القادمة؛ لكننا إذا عملنا بشكل صحيح، فهذه خدمة بالنسبة لهن.
ما أريد أن أطرحه، هو نقطتان أو ثلاث نقاط قصيرة كتبتها لكي أقولها. النقطة الأولى هي إن وجود هذه المنظومة من النساء النخبة في المجالات المختلفة - و جميع النساء النخبة لا يتمثلن في هذه المجموعة الموجودة هنا؛ بل أنتن نموذج من النساء النخبة في كل أنحاء البلد - يدل على نجاح نظرة النظام الإسلامي و الإسلام إلى المرأة. لم يكن لدينا هذا العدد الهائل من النساء النخبة في فترة حكومة الطواغيت. هذا هو حديثي و أصر عليه. و اليوم العدد النسبي و المطلق للباحثات و الأستاذات و العالمات و المفكرات و الكاتبات و صاحبات الآفكار و الأقلام و الأديبات و الشاعرات و الفنانات - المتخصصات في فن القصة، و الشعر، و الرسم - يفوق بكثير أعدادهن خلال الفترة الطاغوتية؛ أعني تلك الفترة التي كانوا قد قضوا فيها على الحجاب و العفة و الفواصل بين المرأة و الرجل باسم الدفاع عن المرأة و كانوا يروجون هذا الإنحراف يوماً بعد يوم؛ حتى فاقوا الدول الغربية في بعض الأمور. و اليوم لدينا في نظام الجمهورية الإسلامية و في ظل الحجاب، هذا العدد الهائل من النساء النخبة في مجالات الفكر، و العلم، و العمل، و النشاطات السياسية و هذا العدد الكبير من المفكرات في مجالات الثقافة و الفن. لم يكن لدينا في ذلك اليوم جزء من أجزاء أو بعض أشخاص هذه المجموعة؛ بل كان العدد محدوداً للغاية. يناقض هذا الأمر تماماً ما كانوا يريدون الإيحاء به، أي إن ترويج الإنحراف لا يعني نمو المرأة و معنوياتها و مواهبها إطلاقاً، و ليس هذا و حسب بل إن إلهاء المرأة بالأمور الثانوية - أعني أدوات و موديلات الزينة المختلفة و المشاكل الثانوية المتنوعة التي لها علاقة بهذه الأمور - يمنع حركة النساء نحو الكمال و الرقي.
و في النظام الإسلامي فإن الحدود المرسومة - و التي تتلائم مع الفطرة البشرية للمرأة و الرجل علی حدٍِ سواء - تساعد على عدم استنزاف طاقاتهم و تساعد قدر الإمکان علی استخدام هذه الطاقات في مکانها الصحيح؛ و عندها تکون النتيجة النمو الفكري و العلمي و العملي في المجتمع النسوي و هذا ما نلاحظه اليوم. هذه هي النقطة الأولى. إن ما يقال - و لا يزال البعض طبعاً يرددون ذلک بکلّ جهل - من أنه: هل يمكن أن ينمو المجتمع النسوي برعاية الحجاب و الحدود الإسلامية و الشرعية، و ماذا سيكون شأن قضية المرأة في النظام الإسلامي؟ هذا جوابه العملي هو نفس وجود هذه المجموعة العظيمة من النساء النخبة في مجتمعنا و هي ظاهرة لم يشهدها بلدنا أبداً؛ و لم تكن في الفترة الطاغوتية أيضاً، و لا قبلها حيث كان وضع التربية و التعليم منحطاًً من جهة أخرى، و قد توفرت في النظام الإسلامي و الحمد لله. طبعاً النسبة العالية للناجحات في الجامعات و ما شابهها تأتي بالدرجة الثانية؛ الدرجة الأولى من هذه القضية هي أن مجموعة النساء النخبة تمكنت من التألق في القطاعات المتنوعة لنظام الجمهورية الإسلامية.
النقطة الأخرى هي إننا نلاحظ في بلدنا أن عدداً من الناشطين و الناشطات يحاولون التنسيق مع المجتمعات الدولية الناشطة في مجال المرأة، ثم يحاولون المسّ بالأحكام الإسلامية و التلاعب بها؛ و هذا غير صحيح. أنا لا أريد أن أقول إن ما جاء في فقهنا حول أحكام النساء، هو غاية القول؛ لا، من الممكن للدراسة التي يقوم بها فقيه ماهر بارع في مجال ما، تغيير الحكم الفقهي الفلاني المتعلق بالمرأة؛ و هذا صحيح؛ و ممكن أيضاً. فيما يتعلق بإرث المرأة من الأرض و الأموال غير المنقولة - و التي أشارت إليها السيدة - فإن الرأي الفقهي لعدد من كبار الفقهاء القدامى و رأينا الفقهي أيضاً هو أن بإمكان الزوجة بلاشك الحصول على الإرث من ثمن الأرض. و لا مانع في ذلك. لذلك فيما يتعلق بالقضايا الفقهية يمكننا القول بأنها ستتغير؛ لكن ما يجب القيام به في مجال القضايا الفقهية هو العمل الفقهي بواسطة الفقيه الماهر المتبحر في الأصول الفقهية إلى جانب النظر إلى المنهج الفقهي و أساليب البحث الفقهي؛ لا أن يعتمد أحد على ذوقه الشخصي تنسيقاً مع إحدى المعاهدات الدولية أو إحدى المجتمعات العالمية - و التي يختلف أصحابها من الناحية الفكرية عن جماهير هذه البلاد التي تعتقد بالمبادئ الإسلامية على الإطلاق - و أن يأخذ من الأحكام الإسلامية ما يريد و يترك ما لا يريد؛ هذا خطأ تماماً؛ و لا يمكن الدفاع عنه على الإطلاق. مما لا شك فيه أن هذا هو ما جاء في الأحكام الإسلامية و الفقه الإسلامي وفقاً للمصلحة و هو صحيح؛ و سيتضح هذا عن طريق الدقة في مختلف الجوانب.
أيتها الأخوات العزيزات، إن الذين يعملون في مجالات قضايا النساء و يفكرون و يشاهدون النواقص، يجب أن لا يروا سبل حلها في التصرف في أحكام الفقه الإسلامي؛ كلّا، إن الأحكام الفقهية التي تم استنباطها بالبحث وفقاً للمبادئ الإسلامية صحيحة تماماً و مطابقة للمصلحة. و لا ينبغي علينا أن نتصرف في أفكارنا و فقهنا بنظرة سطحية و بخوف و لخشية عدم مطابقتها مع ما يصدر من قرارات في بعض المحافل العالمية و المؤتمرات الدولية و هذا برأيي غير صحيح.
النقطة الأخرى التي تكررت في أحاديث الأخوات أيضاً، هي أن ما يكون في قمـّة الأولويات في مجال قضايا المرأة هو قضية الأسرة؛ أعني دور المرأة كعضوة في العائلة. أهمية هذا الدور في اعتقادي أكبر من جميع الأدوار التي يمكن للمرأة ممارستها. طبعاً، البعض يندد بهذا الحديث في المرحلة الأولى بکل قوة و يقول: سيدي أنتم تريدون حبس المرأة في البيت، و منعها من المساهمة و النشاط في مجالات الحياة المختلفة؛ كلاّ، نحن لا نقصد هذا على الإطلاق؛ و لا الإسلام يريد ذلك أبداً. عندما يقول الإسلام: ( و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ) فهذا يعني إن المؤمنين و المؤمنات شركاء في الحفاظ على النظام الاجتماعي و في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؛ و لم يستثن المرأة. و نحن أيضاً لا نستطيع أن نستثني المرأة. إن مسؤولية إدارة المجتمع الإسلامي و تقدمه تقع على عاتق الجميع؛ أعني على عاتق المرأة و الرجل؛ كل منهما حسب قدراته. إن القضية لا تدور حول إمكانية مسؤولية المرأة خارج البيت - و لا شك في ذلک؛ و الإسلام لا ينفي ذلک أبداًً - بل إن البحث يدور حول هذا السؤال: هل يحق للمرأة التضحية بدورها في الأسرة؟ كدور الأم أو الزوجة، و ذلك بسبب المغريات و الأشياء الرائعة التي يمكن أن تُصور لها خارج الأسرة. إننا نؤكد على هذا الدور. أنا أقول بأن أهم دور يمكن أن تمارسه المرأة على مختلف مستوياتها العلمية و الدراسية و المعرفية هو دورها كأم أو كزوجة؛ هذا الشيء أهم من كل أعمالها الأخرى؛ هذا هو العمل الذي لا يمكن أن يقوم به أحد إلّا المرأة. افترض أن لهذه المرأة مسؤولية مهمة أخرى - فلتكن - لكن عليها أن تعتبر هذه المسؤولية مسؤوليتها الرئيسية. إن بقاء الجنس البشري و نموه و سمو مواهب الإنسان الكامنة يتوقف علی ذلک؛ و عليه المعوَّل في الحفاظ على السلامة النفسية للمجتمع و السكينة و الهدوء و الطمأنينة إزاء حالات القلق و التوتر و الاضطراب؛ علينا أن لا ننسى هذا الأمر.
و ليس من المناسب أن تقلد المرأة عمل الرجل؛ لا، للمرأة عمل نسائي قيمته أكبر من أي عمل يقوم به الرجل. و اليوم فإن الأيادي المشبوهة جداًً تعمل علی إشاعة الصيحات المناهضة للقيم في العالم و هذا ما يمكن ملاحظته في کل مکان - و حتى في بلدنا مع الأسف - فهم يريدون إغراء المرأة بأن تتحول إلى رجل! و يعتبرون ذلک يحط ّ من شأن المرأة بأن لا تقوم ببعض الأعمال التي يقوم بها الرجال! و هل هذا يحطّ ّ من شأنها فعلاً؟ النظرة إلی هذه القضية من هذه الزاوية نظرة خاطئة. إنهم يعترضون لماذا أنتم تقولون بأن المرأة إمرأة و الرجل رجل. طيب، أفليس الأمر هكذا؟ أنتم تحبون أن نقول بأن المرأة رجل؛ و عندها تكون رجلاً مصطنعاًً و نسخة غير حقيقية عن الرجل! و هل هذا فخر للمرأة؟ الفخر للمرأة هو أن تكون إمرأة؛ أعني إمرأة و أنثى كاملة. و عندما ننظر من زاوية القيم السامية فإن هذه القيمة - أي المرأة الكاملة - لا تقل عن الرجل الكامل، بل إنها تفوق الرجل الكامل في بعض الأحيان. لماذا نتخلى عن هذا؟
طبعاً هناك مسؤوليات مشتركة. كما سبق أن قلنا، مسؤولية التواجد في المجتمع و تفهم آلامه العامة و السعي لحل هذه الآلام لا تختص بالرجل و المرأة؛ و لا يمكن للنساء التخلي عن مسؤولياتهن بهذا الشأن. إذا يجب على المرأة أن تقوم بعمل في هذا المجال، فعليها أن تفعل - و بلا أية حدود - لكن مسؤولياتها الخاصة أعني ذلك العمل الذي كلف الله تعالى المرأة به حسب طبيعتها يعتبر مهمة أيضاً.
على أي حال أنتم من النساء النخبة في البلد؛ سواء من هنّ في بداية العمل و الطريق كطالبات الجامعات أو من هنّ في المراحل الأولى من العمل، أو من مضى عليهن زمن طويل في السعي و العمل، اعلمن أن مسؤوليات نساء بلدنا اليوم هي مسؤوليات عظيمة. المسؤولية المضاعفة التي تقع اليوم على عاتقکنّّ، هي تصحيح النظرة الخاطئة لقضية المرأة و الرجل. النظرة التي يحاول العالم الغربي الإيحاء بها في قضية المرأة و الرجل نظرة خاطئة و باطلة، و ستؤدي إلى ضياع الكثير من القيم في المجتمع البشري، و هو ما تلاحظ الآن بوادره، خاصة في مجتمعنا. عليكن تصحيح هذه النظرة. طبعاً علينا أن نقول بأن الشعارات و اختلاقات العقل الغربي حول المرأة لم تستطع الحدّّ من أي ظلم كان يلحق و لا يزال يلحق بالنساء داخل الأسرة و خارجها على مدى التاريخ. لو افترضنا أن من الممكن الحد مما تعانية النساء من الظلم في بعض المجتمعات - و هو ظلم له أسبابه الطبيعية و الاضطرارية - فإن ذلك يحدث في ظل التزام الرجال بالأخلاق و القانون و تهذيبهم. لكن ليس هناك اليوم أثر لهذا في الغرب على الإطلاق. تدل احصائياتهم على أن إيذاء النساء و الضغوط البدنية المتنوعة عليهن و إيذائهن نفسياً، يفوق بكثير ما تعانيه النساء في بلدنا و الأماكن التي نعلم بها. لذلك لم يتمكّنوا من الحيلولة دون هذه المشكلة، بل في الوقت ذاته کانوا السبب في وقوع هذا الكم الهائل من الويلات.
علينا أن نتحلى بنظرة شاملة في قضية المرأة و توجد مثل هذه النظرة الشاملة في الإسلام. قضية إعطاء القيمة لأصالة المرأة و أنوثتها، تمثّل قيمة سامية بالنسبة لها؛ و تعد مبدأً. إن تشبّه المرأة بالرجال لا يعتبر قيمة لها على الإطلاق؛ كما أن تشبّه الرجال بالنساء لا يعتبر قيمة لهم. لكل واحد منهما دوره، و موقعه و مكانته و طبيعته، كما أن هناك هدفاً من وضعهما الخاص في الخلقة الإلهية الحكيمة و الذي يجب تحقيقه؛ هذه قضية مهمة.
و إن بإمكانكن أيتها السيدات ممارسة دوركن في هذا المجال؛ و بوسعكن البحث و الكتابة و النشر و تحقيق ذلك أيضاً على الصعيد العملي. طبعاً قلت مراراً و أقول الآن أيضاً: للأسف هناك ظلم في مجتمعاتنا - أعني المجتمعات الإسلامية و مجتمعنا الإيراني - کذلك الذي في المجتمعات الغربية في العلاقات العائلية بين المرأة و الرجل؛ يجب الحيلولة دون وقوع هذا الأمر. إن النصحية قد تفيد أحياناً و قد لا تفيد أحياناً، و يجب الحد من ذلك بقوة القانون. إن النساء يتعرضن للظلم. و الرجل يستغل ما لديه من القوة البدنية و مميزاته الأخرى في بعض الأحيان لممارسة الضغط على المرأة؛ فيجب الحيلولة دون هذا الشيء. و يمكن هذا عن طريق القانون؛ طبعاً كما قلنا، فإن هذا ممكن عن طريق تحلي الرجال بالأخلاق و التهذيب.
و تبيين صورة العلاقة بين الرجل و المرأة في الإخلاق و القانون الإسلاميين يعتبر من المواضيع التي ينبغي التركيز عليها في رأينا. قد يکون البعض ملتزمين بدينهم، لكنهم بسبب عدم تعرفهم الصحيح على المفاهيم الإسلامية و أخلاقيات التعامل بين المرأة و الرجل في الإسلام، فإن التزامهم هذا لا يقلل من أخطائهم و لا يخفف من تحكمهم و فرض ضغوطهم؛ لا بل إنهم يجمعون بين التدين و حب التحكم و ممارسة الضغط و هذا ما ينبغي تصحيحه. ينبغي أخذ الأخلاق الإسلامية بنظر الاعتبار في التعامل بين الرجل و المرأة خاصة داخل الأسرة. طبعاً قضية الحجاب مهمة جداً. و أنا أعتبر قضية الحجاب في غاية الأهمية. و تبرز أهميتها في بعض المواقع بأشكال غير مباشرة، و من هذه المواقع موقع الأسرة.
على كل حال نحن سعيدون جداً للقائكن اليوم. و نشكر الله على وجود هذا العدد الهائل من الأخوات الصالحات اللاتي تميزن جميعهن بالنشاط و التفكير و العمل في هذه المجالات. و نسأل الله أن يمنَّ عليكن بالمزيد من التوفيق و النجاح.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.