اعتبر سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي صباح يوم الخميس 04/6/2009 م في كلمته أمام حشود الشعب الهائلة التي حضرت مراسم الذكرى العشرين لرحيل الإمام الخميني
( رض ) أن رفع رايتي إحياء الإسلام و عزة و شموخ إيران و الإيرانيين بعدان للحركة التاريخية للإمام الراحل و أشار إلى جهود الأعداء للحؤول دون استمرار تقدم الشعب الإيراني و رفعته مؤكداً: ليحضر كل الشعب و كل الحريصين على تقوية النظام و الإسلام و الشعب الإيراني بكل قدراتهم و حيويتهم عند صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات 22 خرداد.
في هذه المراسم التي أقيمت في صحن المرحوم السيد مصطفى الخميني في المرقد الطاهر للإمام الخميني، عزّى سماحة الإمام الخامنئي ذكرى فاجعة رحيل الأب الجليل للشعب الإيراني و اعتبر الشعور بالهوية و الأصالة لدى المسلمين في العالم إحدى النتائج القيمة لرفع راية إحياء الإسلام من قبل الإمام الخميني (رض) مضيفاً: نتيجة لنهضة الإمام الراحل الإسلامية الكبرى، بعثت الحياة في الشعب الفلسطيني بعد عشرات الأعوام من الإخفاق، و شعرت البلدان العربية بالأمل بعد هزائمها المتعاقبة، و تلقّى الكيان الصهيوني باعتباره غدة سرطانية رسمت لنفسها وجهاً لا يقبل الهزيمة تلقى صفعة من أيدي الشباب الإسلاميين.
و ألمح قائد الثورة الإسلامية إلى الانتفاضات المتتالية للشعب الفلسطيني و الضربات المتوالية التي وجهها للكيان الصهيوني و انسحاب الكيان المحتل من لبنان و هزيمته في حرب الـ 33 يوماً في لبنان و حرب الـ 22 يوماً في غزة منوهاً: كل هذه الأمور تحققت ببركة إحياء راية الإسلام على يد الإمام الخميني ( رض ) إلى درجة أن الكيان الصهيوني اضطر إلى التخلي موقتاً عن شعار من النيل إلى الفرات.
و قال سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي تتمة لشرحه آثار و نتائج رفعة بيرق إحياء الإسلام: مساعي الشعوب المسلمة لتأسيس حكومة و نظام إسلامي، و بث روح الإمل بين المستنيرين في العالم الإسلامي و تخفيف لهجة العالم الغربي مقابل المسلمين كلها من بركات و نتائج الصحوة و الصمود العام في العالم الإسلامي.
و أكد سماحته: على المسلمين في كافة أنحاء العالم أن يعرفوا قدر هذه التجربة الناجحة و المغتنمة و تحديد طريقهم على أساسها لأن السبيل الوحيد لعزة الشعوب المسلمة و شموخها هو الصمود.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى تخفيف العالم الغربي لهجته إزاء المسلمين و مساعي الحكومة الأمريكية الجديدة لتقديم وجه جديد لها مضيفاً: أقول بحسم إن التغيير و الوجه الجديد لا يتحقق بالكلام و الشعارات بل هو بحاجة للعمل و تعويض الحقوق المغموطة الكثيرة التي للشعب الإيراني و شعوب المنطفة في عنق أمريكا.
و أوضح الإمام الخامنئي: الحكومة الأمريكية السابقة بمبادراتها العنيفة، و تدخلها العسكري، و تمييزها و تدخلاتها التعسفية رسمت لنفسها وجهاً قبيحاً و عنيفاً، و الشعوب المسلمة تمقت أمريكا من أعماق قلوبها.
و أضاف سماحته عارضاً نماذج من غمط أمريكا للحقوق: تتحدث أمريكا عن الديمقراطية و أهمية أصوات الشعوب لكنها تتجاهل أصوات الشعب الفلسطيني في انتخاب حكومته و تدعم بشكل تام الكيان الصهيوني واصفة الشعب الفلسطيني المظلوم بالشرير و المخلّ.
و ذكّر قائد الثورة الإسلامية بالأداء الأمريكي حيال الملف النووي الإيراني مردفاً: يلوذ الأمريكان بالكذب و كتمان الحقيقة مقابل الحق الطبيعي و المشروع للشعب الإيراني الذي يروم الحصول على التقنية النووية و استخدام الطاقة الذرية في شؤونه السلمية المختلفة و يتهمون الشعب الإيراني بالسعي لصناعة قنبلة ذرية.
و أضاف الإمام الخامنئي: لقد أعلن الشعب الإيراني و مسؤولوه مراراً أن الأسلحة النووية لا مكان لها في منظومتنا التسليحية، بل و أُعلن أن استخدام السلاح النووي محرَّم في الإسلام، لكن الغربيين و خصوصاً أمريكا يقولون في دعايتهم الكاذبة إن إيران تريد الحصول علی القنبلة الذرية و هذا النوع من التعامل سحق واضح للحق.
و أشار سماحته إلى مبادرة رئيس الجمهورية الأمريكي السابق الأبله لاحتلال أفغانستان و العراق بذريعة محاربة الإرهاب مؤكداً: يتضح صدق الساسة الأمريكان حينما يبادرون إلى التغيير على المستوى العملي، و إلا فالتغيير لا يحصل حتى بالمئات من الخطابات و الكلمات و إسماع الشعوب الإسلامية كلاماً معسولاً.
و أوضح أن » إحياء روح العزة و الشموخ لدى إيران و الإيرانيين « بُعد آخر من حركة الإمام الخميني العظيمة منوهاً: مسح الإمام الخميني عن الشعب الشعور بالدونية الذي بثته الحكومات التابعة و الدكتاتورية و المستنيرون التغريبيون في البلاد، و بثَّ باستمرار روح الثقة بالذات و الاعتماد على النفس ليثبت للشعب الإيراني إننا نستطيع و إننا قادرون.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي أن الإمكانيات المادية ضرورية لتقدم أي بلد مضيفاً: الركن الأساسي للتقدم و الاقتدار هو العناصر المعنوية و خصوصاً مشاعر الثقة بالذات و العزة الوطنية و التي بوسعها تقوية و تعضيد النظم المنتخبة من قبل الجماهير أمام العتاة و تمكين أي شعب من التأثير في المعادلات و السياسات الدولية.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية العزة الوطنية ضرورة أساسية جداً و أضاف مبيّناً أبعادها العملية المختلفة: الاعتماد على الشعب في إدارة البلاد، و الاكتفاء الذاتي و القدرة على التبادل و التعاطي في الميدان الاقتصادي، و إنتاج العلم و المساهمة الفاعلة في تشييد صرح العلم العالمي، و الفخر بالثقافة و التراث الوطني من الأمور التي تمنح العزة الوطنية معناها و مفهومها.
و اعتبر سماحته احترام كل إنسان المعنى العملي للعزة الوطنية على صعيد إدارة المجتمع مضيفاً: العزة الوطنية في السياسية الخارجية معناها التمتع بالاستقلال في الرأي بحيث لا تستطيع أية قوة فرض أية قضية على البلاد و الشعب.
و أشار آية الله العظمى الخامنئي إلى التزام الشعب و النظام الإسلامي » بالثقة الوطنية بالذات « و » العزة الوطنية « كتوجيهات قيمة للإمام الخميني مضيفاً: واجهت مسيرة البلاد خلال ثلاثين عاماً منعطفات معينة لكنها لم تتوقف أبداً، و الشعب الإيراني يحافظ على عزته الوطنية في كافة المجالات مواصلاً طريق الوصول إلى ذروة العلياء و التقدم، و سيصل بكل اقتدار إلى حيث لا يتجرأ الأعداء حتى على تهديده.
و انتقد الإمام الخامنئي الذي يقولون إن مكانة الشعب الإيراني قد هبطت مؤكداً: آثار عزة هذا الشعب الكبير بادية في مختلف القضايا العالمية، و كلام الذين يقولون إن الشعب الإيراني سقط من أعين العالم بسبب التزامه بالمبادئ كلام غير مقبول بالمرة.
و أضاف سماحته في هذا الصدد: أعداء الجمهورية الإسلامية النازعون للتدخل و العنف و الذين شكلوا جبهة متحدة حيال الشعب يحاولون بدعاياتهم الواسعة الإيحاء بضعة الشعب الإيراني بيد أن الواقع هو أن احترام الشعب الإيراني الكبير و الإمام الراحل العظيم ترسّخ حتى في أعماق قلوب الأعداء.
و اعتبر سماحته الانفصال عن الشعب و البعد عن القيم الإسلامية و نسيان خط الإمام المبارك خطراً كبيراً على البلاد مردفاً: ينبغي بالمحافظة على الهيكلية المتينة للنظام و الموروثة عن إمامنا العزيز، و بالاعتماد على همم الشعب و خصوصاً الشباب، مواصلة طريقنا إلى النصر النهائي.
و في ختام كلمته، طرح الإمام الخامنئي أربع نقاط مهمة حول انتخابات رئاسة الجمهورية الحساسة و المصيرية المقرر إقامتها في الـ 12 من حزيران 2009 م.
و أشار قائد الثورة الإسلامية في النقطة الأولى إلى الجهود التي تبذلتها وسائل الإعلام الأجنبية منذ أشهر للمساس بانتخابات رئاسة الجمهورية مضيفاً: أعداء الشعب يصفون الانتخابات تارةً بأنها »انتصابات«، و يقولون تارة أخری إن تنافس المرشحين لعبة موجَّهة و مسيطر عليها داخل الحكومة، و الانتخابات سيصاحبها تلاعب أكيد في الأصوات، و الهدف من كل هذه الجهود توجيه ضربة للديمقراطية الدينية و الحؤول دون المشاركة الواسعة للجماهير في الانتخابات.
و وصف الإمام الخامنئي شعب إيران بأنه شعب عزيز و ذكي و يقظ و صاحب اختبارات ناجحة مردفاً: يحاول العدو عبر إفشاء اليأس بين الجماهير حرمان النظام الإسلامي من سنده المتين أي أصوات الجماهير، و للأسف الشديد يكرر بعض الأفراد في الداخل عن غفلة نفس كلام العدو، و يساعدون عملياً في تحقيق أهدافه، و هؤلاء ينبغي الأسف لحالهم حقاً.
و عدَّ سماحته تعيين مسؤولي النظام من مفاخر الشعب الإيراني مؤكداً: يروم الأجانب سلب الشعب هذا الفخر و الشموخ، و لكن كل من يحب عزة النظام و الإسلام و الشعب الإيراني فمن الواجب عليه عقلاً و شرعاً المشاركة في الانتخابات.
و في النقطة المهمة الثانية المتعلقة بالانتخابات، اعتبر سماحته مشاركة مرشحين متنوعين بأذواق و أساليب عمل مختلفة و مناصرة المجاميع الشعبية المختلفة لهم اعتبرها من مفاخر نظام الجمهورية الإسلامية لكنه حذر من أن على الجميع بما في ذلك المناصرين المتعصبين للمرشحين الحذر من تحول هذه المناصرة و الحب إلى مماحكات و اضطرابات و من أن يُسيء العدو استغلال إيمانهم و مبادئهم.
و ألمح قائد الثورة الإسلامية في هذا الصدد إلى تواجد بعض الشباب المناصر للمرشحين في الشوارع مضيفاً: لن أقول شيئاً حول هذه الظاهرة و لكن حذار من أن تتحول هذه الحالة إلى جدل و نزاعات و اضطرابات، و من يصرّ على هذا الشيء فهو إما خائن أو غافل جداً.
النقطة الثالثة ذات الصلة بالانتخابات كانت موجَّهة للمرشحين المحترمين، فقد أوصى سماحته المرشحين الأربعة لانتخابات رئاسة الجمهورية بالدقة المتناهية للحؤول دون بروز حالات عداء و حقد مردفاً: ليس من الصحيح و المستساغ أن يبادر المرشح في خطاباته أمام الناس أو كلماته التلفزيونية إلى دحض المرشح الآخر من أجل إثبات نفسه.
و أضاف سماحة آية الله العظمى الخامنئي: إنني لا أعارض المناظرة و الحوار و النقد، لكن على الجميع السعي لممارسة ذلك ضمن الإطار الشرعي و الديني الصحيح فالشعب يقظ و يفهم و يعلم.
و نوّه قائد للثورة الإسلامية: اختلاف وجهات النظر حول المسائل المتعددة حالة طبيعية، لكن على المرشحين و أنصارهم في الخطابات و الاجتماعات المختلفة العمل على إدارة الأمور بأخوة و تعاطف و دون سلبيات.
و في النقطة الأخيرة من حديثه حول الانتخابات ذكرّ سماحته مرة أخرى: ليس لي سوى صوت واحد لا يعلم ماهيته أحد و لا أقول لأحد لأي مرشح أعط صوتك أو لا تعط صوتك، فهذه قضية تعود للشعب نفسه و هي ملك للشعب.
و أكد قائد الثورة الإسلامية في تلخيص كلمته: ما أطلبه من الناس هو الحضور يوم 22 خرداد [ 12 حزيران ]عند صناديق الاقتراع بكل قواهم و قدراتهم و نشاطهم.