بسم الله الرحمن الرحيم

أرحب بكم جميعاً أيها الشباب الأعزاء و الطبة الجامعيون و طلاب المدارس، و عوائل الشهداء الكريمة.
أطلق مسؤولونا على يوم الثالث عشر من آبان اسم يوم مقارعة الاستكبار العالمي. المقارعة و الكفاح أمر مهم و معقد. يمكن الكفاح أمام كل ظاهرة بطريقة معينة. العدو الذي يهاجم البلد عند الحدود يقارع بطريقة معينة. و العدو الذي يستخدم الأساليب الأمنية يقارع بطريقة أخرى. و العدو الذي يهدد أساس الشعب و المجتمع و البلد و يعادي الشعب من الأساس و يستخدم مختلف الأساليب يقارع بطريقة معينة. الكفاح الصحيح و المنطقي و المعقول و في الوقت ذاته الحاسم، يحتاج إلى عدة أمور:
من هذه الأمور الحافز النابع من الإيمان. لا يمكن بالدساتير فرض الصمود في الميدان على الشباب. يجب أن تتدفق المحفزات من القلب. و يجب أن تكون المحفزات نابعة من الإيمان. هذا شيء متوفر لدى شبابنا اليوم بالحد الكافي. إنني أقول عن اطلاع و معرفة بجيلنا الشاب و شرائحنا الشبابية. شبابنا اليوم لديهم دوافع أكثر و ليست أقل من شباب سنة 57 حيث هجم النظام البهلوي العميل لأمريكا على شبابنا في الشوارع و ضرّجهم بالدماء. كما أن دوافع شبابنا اليوم ليست بأقل من اليوم الذي توجه فيه عدد من الشباب و احتلوا السفارة الأمريكية التي أصبحت مركزاً و مقراً للتآمر ضد الثورة، إن لم تكن أكثر. و السبب واضح. لأن هناك ثلاثين عاماً من التجارب المتراكمة في تاريخ هذا الشعب. ذهنية الشباب اليقظة و عيونهم المفتحة و إن لم تشهد تلك الأيام لكنها تستلهم و تكتسب تلك التجارب. تجارب الشعب تزداد غنى و عمقاً و فائدةً جيلاً بعد جيل. إذن، شبابنا اليوم لا تعوزهم المحفزات و الدوافع على الإطلاق. بغض النظر عن بعض الثوريين المتهرئين النادمين الذين بدأوا و لأسباب شتى يفضلون الحياة الرغيدة و الاستسلام، أو الذين لم يروا التناغم مع العدو و توجيهاته عيباً، فإن شباب البلد و كتله الهائلة و معظمهم من الشباب يتوفرون على هذه المحفزات العميقة. أقول لكم: لو وقع اليوم حدث مثل الحرب المفروضة التي وقعت سنة 59، لكان تدفق الشباب على الجبهات و تطوعهم لمواجهة العدو العلني المهاجم أكبر من سنة 59 و 60.
العنصر الآخر الضروري هو البصيرة. حين ترون أني أشدد في لقاءاتي بالشباب و الطلاب و شرائح الشعب المختلفة على البصيرة و أكرر ذلك، فذلك لأنه في الواقع البالغ الأهمية للعالم اليوم و الوضع الاستثنائي لبلدنا العزيز - و هو وضع ممتاز في العالم اليوم - تحتاج أية حركة عامة إلى بصيرة عامة. و طبعاً أقول لكم أيضاً إن بصيرة شبابنا اليوم أشد يقيناً من بصيرة الشباب في مطلع الثورة و أثناء الثورة. كثير من الأمور تعلمونها اليوم و هي بالنسبة لكم من الواضحات بينما كان يجب أن نشرحها و نبينها للشباب يومذاك، لكن شبابنا اليوم يدركون هذه الأمور، فالبصيرة عالية. و مع ذلك أشدّد على البصيرة.
المسألة الأولى في البصيرة هي: ما هو هذا الاستكبار الذي يجب مقارعته و كفاحه. الاستكبار معناه وجود قوة في العالم أو عدة قوى تنظر إلى نفسها فتجد أنها ذات إمكانات مالية و تسليحية و إعلامية، لذلك تعطي لنفسها الحق بالتدخل في شؤون البلدان و الشعوب الأخرى تدخل المالكين. هذا هو معنى الاستكبار. روح التسلط و الهيمنة. هذا شيء كان قائماً بصورة واضحة في بلادنا قبل الثورة. أي إن أمريكا أنشبت أظافرها باستكبار في هذا البلد الكبير و في هذا الشعب العظيم بما له من تاريخ ثر، و راحت تتدخل في الأمور المهمة و الأساسية لبلادنا. و السبب هو أن ساسة البلاد كانوا فاسدين، و لم تكن لهم مكانتهم بين الشعب و كانوا يبحثون لهم عن سند فاستندوا إلى أمريكا. و أمريكا لا تعطي لأحد شيئاً بالمجان، فجعلت دعمهم رهناً بتدخلها التام في شؤون البلاد. ربما كان غريباً بالنسبة لكم، و لكن اعلموا أن الشاه محمد رضا اضطر من أجل عزل رئيس وزراء و تنصيب رئيس وزراء آخر مكانه، إلى السفر لأمريكا و البقاء هناك أسبوعين أو ثلاثة ليحصل على موافقتهم في عزل فلان و تنصيب علان مكانه! وصلت الأمور في بلادنا إلى هذه الدرجة. و كان الأمر أقبح حتى من هذا في السنوات الأخيرة من الحكم البهلوي. لم تكن القضية قضية سفر إلى أمريكا. هاهنا كان السفير الأمريكي و السفير البريطاني يذهبان إلى قصر الشاه و يقولون له: إعمل بالطريقة الفلانية في قضية النفط، و اعمل كذا و كذا في العلاقات العالمية.. تصرّف هكذا مع الشعب، و تصرّف هكذا مع المعارضين.. كانوا يصدرون له الأوامر، و الشاه يقبل. حينما يكون رئيس البلاد ضعيفاً و خائراً و مستسلماً أمام الأجانب إلى هذه الدرجة، فما بالك بالآخرين. هكذا كان وضع بلادنا. و هذا هو معنى الاستكبار.
أمريكا مستكبرة بكل معنى الكلمة. و القضية ليست قضيتنا و حسب، بل قضية العالم.. قضية العالم الإسلامي. الأمريكان يحملون هذه الروح الاستكبارية حيال كل أنحاء العالم. في الحرب العالمية الثانية، و بعد أن هزموا اليابان، أنشأوا لهم هناك قواعد و لا تزال قواعدهم في اليابان موجودة. و اليابانيون رغم كل تقدمهم العلمي لم يستطيعوا إغلاق القواعد الأمريكية في بلادهم! لديهم هناك قواعد عسكرية، يظلمون الناس و يؤذونهم، و قد جاء في الصحف و وكالات الأنباء أنهم يعتدون على الأعراض و لديهم ممارسات خلافية أخرى، لكنهم لا يزالون هناك. و في كوريا الجنوبية أيضاً لا تزال قواعدهم موجودة. و المخطط الأمريكي في العراق أيضاً هو أن ينشئوا قواعد لهم و يبقون في العراق خمسين سنة أو مائة سنة. و في أفغانستان التي لو كان لهم فيها قواعد لمكّنهم ذلك من الإطلال و السيطرة على بلدان جنوب غرب آسيا، و روسيا، و الصين، و الهند، و باكستان، و إيران. يبذلون كل تلك الجهود هناك ليؤسسوا لهم قواعد دائمية ويبقوا. هذا هو معنى الاستكبار.
الشعب الإيراني بإسقاطه النظام العميل لأمريكا طرد أمريكا من هذا البلد. كان بمقدور الأمريكيين بعد الثورة أن يصحوا على أنفسهم فوراً و يجدوا أن هذا الشعب مقتدر إلى هذه الدرجة، و بوسعه اقتلاع النظام المدعوم من قبل الشرق و الغرب، و باستطاعته إسقاط النظام الملكي بماضيه الممتد إلى 2500 سنة. كان بإمكانهم الاعتذار للشعب الإيراني و تعويض الخسائر و الأضرار التي وجّهوها للشعب الإيراني و التي يمكن تعويضها. لو كانوا قد فعلوا ذلك لانتهت مشكلتهم مع إيران. هذا مع أن الجمهورية الإسلامية ستبقى تعارض الظلم الذي يرتكبونه في العالم الإسلامي، و لكن ما كان سيستمر هذا السجال الشديد بينهم و بين الجمهورية الإسلامية و شعب إيران. لكنهم لم يفعلوا ذلك. لم يعتذروا و لم يعتبروا من سقوط النظام الملكي، إنما وضعوا أيديهم على مقابض أسلحتهم منذ اليوم الأول و غدت السفارة مقر تآمر و وكر تجسس، و بؤرة اتصالات مشبوهة لتحريض هذا و ذاك، عسى أن يستطيعوا إسقاط الجمهورية الإسلامية و هزيمتها. ارتكب الأمريكان هذا الخطأ الكبير. ثم فعلوا كل ما يستطيعون ضد الجمهورية الإسلامية و ضد شعبنا العزيز و بلدنا. و من نماذج ذلك الهجوم على طبس، و من النماذج أيضاً إسقاط طائرة الركاب الإيرانية حيث قتلوا نحو ثلاثمائة إنسان في الخليج الفارسي بضربهم الطائرة المدنية و إسقاطها في الماء. و من النماذج الأخرى هجماتهم على أرصفة النفط الإيرانية حيث هاجموا أرصفتنا النفطية في الخليج الفارسي زمن ريغان. و من الأمثلة الأخرى مساعدتهم الشاملة لصدام البعثي الخبيث عسى أن يستطيع الانتصار علينا في الحرب و توجيه ضربة للجمهورية الإسلامية. إذا أردنا اجتراح لائحة للجرائم الأمريكية من هذا القبيل لشكّلت هذه الجرائم كتاباً. ذات مرة صرّح أحد وزراء الدفاع الأمريكيين بمكنون قلوب الأمريكان و قال: علينا استئصال جذور الشعب الإيراني. لاحظوا، جذور الشعب الإيراني، و ليس الحكومة الإيرانية، و لا الجمهورية الإسلامية. كان يفهم القضية بصورة صحيحة و يدرك أن الجمهورية الإسلامية تعني الشعب، و مسؤولي الجمهورية الإسلامية يمثلون كل الشعب الإيراني، لذلك يقول إن علينا استئصال جذور الشعب الإيراني. كان هذا أسلوب الأمريكيين. و قد فعلوا كل ما يستطيعون فعله.
إمامنا الجليل الذي كان رجلاً استثنائياً في التاريخ بحق، قال مقابل كل هذه الممارسات: كلما تآمرتم أكثر كانت النتيجة في ضرركم و الجمهورية الإسلامية لن تتراجع، و أمريكا ليس بمقدورها ارتكاب أية حماقة. هذا هو الاستكبار. ليس للجمهورية الإسلامية أي تحرج أو مجاملات مع أية حكومة بيد أن الحكومة التي قُصِّرت يدّها عن المصادر المالية و البشرية الهائلة للبلد، و التي مارست كل ما استطاعته من التآمر هي الحكومة الأمريكية. تآمرت الحكومة الأمريكية ضد نظام الجمهورية الإسلامية و ضد شعب إيران طوال ثلاثين سنة، و وجّهت الضربات المتنوعة و خططت و دبّرت بأشكال مختلفة، و فعلت كل ما استطاعت. إذا تصوّرتم أنه بقي شيء يمكن للأمريكان فعله و لم يفعلوه فاعلموا أنه ليس هناك مثل هذا الشيء. لقد فعلوا كل ما استطاعوه. حسناً، تلاحظون أن نتيجة هذه المواجهة هي مزيد من الحيوية اكتسبها الشعب الإيراني و مزيد من التقدم حققته الجمهورية الإسلامية، و قوة متزايدة أحرزها هذا البلد و هذا النظام. هم الذين تضرروا. و قد صدرت عنهم أحياناً خلال هذه المدة كلمات ظاهرها طلب المصالحة، لكنهم متى ما ابتسموا لمسؤولي الجمهورية الإسلامية حينما دققنا وجدنا أنهم يخفون خنجراً وراء ظهورهم. لم يقعلوا عن التهديد، و لم تتغير نواياهم. الضحك التكتيكي، و الابتسام، و الوجه المنشرح التكتيكي لا يخدع إلا الأطفال. شعب بهذه العظمة و التجارب و المسؤولون المنتخبون من قبل مثل هذا الشعب إذا خُدعوا فهم سذّج جداً.. هم إما سذّج أو أنهم غارقون في الأهواء و النـزوات، و يلهثون وراء حياة الدعة و الراحة و العافية و يريدون التناغم مع العدو. و إلا إذا كان مسؤولو البلاد أذكياء و دقيقين و أصحاب تجربة و ناضجين و منشدين من الأعماق لمصالح الشعب، فلن يخدعهم الابتسام. رئيس الجمهورية الأمريكي الجديد هذا قال كلاماً جميلاً، و بعث لنا عدة رسائل شفهية و تحريرية أن تعالوا نقلب الصفحة و نبدأ وضعاً جديداً.. تعالوا نتعاون سوية لمعالجة مشكلات العالم.. إلى هذا الحد! و قلنا سوف لن نصدر أحكاماً مسبقة و إنما ننظر للأعمال. قالوا نريد إيجاد تغييرات. قلنا: طيب، لنرى التغييرات. منذ يوم الأول من فروردين حينما خطبت في مشهد قلت إذا مددتم نحونا يداً حديدية عليها قفّاز من مخمل فلن نمدَّ أيدينا لمصافحتها. وجّهت هذا التحذير هناك و مضت الآن ثمانية أشهر على ذلك. طوال هذه الأشهر الثمانية ما رأيناه كان بخلاف ما قالوه بألسنتهم و أبدوه في ظاهرهم. ظاهر القضية تعالوا نتفاوض، و لكن هناك إلى جانب التفاوض تهديد؛ بحيث لو لم تصل المفاوضات إلى هذه النتيجة المطلوبة سيحدث كيت و كيت! فهل هذه مفاوضات؟! إنها علاقة الذئب و الحمل التي قال عنها الإمام: نحن لا نريد علاقة الذئب و الحمل. تعالوا اجلسوا معنا على طاولة المفاوضات لنتفاوض حول الموضوع الفلاني.. حول الموضوع النووي مثلاً، لكن شريطة أن تنتهي المفاوضات إلى النتيجة الفلانية! مثلاً تخلي البلد عن النشاط النووي. و إنْ لم تصل المفاوضات لهذه النتيجة سنفعل كذا و كذا.. تهديد.
إنني استغرب، لماذا لا يعتبرون من الوضع السابق؟ لماذا هم غير مستعدين لمعرفة شعبنا؟ ألا يدرون أن هذا الشعب شعب يوم كانت في هذا العالم قوتان عظميان مختلفان في جميع الأمور تقريباً باستثناء معاداة الجمهورية الإسلامية - كانت هاتان القوتان العظميان أي أمريكا و الاتحاد السوفيتي السابق متحدتين فقط في معاداة الجمهورية الإسلامية - صمد و انتصر على هاتين القوتين العظميين. لماذا لا تعتبرون؟ إنكم لا تمتلكون اليوم حتى القدرة التي كانت لكم يومذاك. الجمهورية الإسلامية اليوم أقوى بمرات مما كانت عليه يومذاك، و لا زلتم تتكلمون بهذه اللغة؟ هذا هو الاستكبار. التحدث مع شعب من موقف الاستكبار، و ممارسة التهديد ضده. إذا لم تفعلوا كذا سنفعل كذا. شعبنا سيقول نحن صامدون.
ما تريده الجمهورية الإسلامية ليس أكثر من حقها المعقول. الجمهورية الإسلامية تنشد استقلالها و حريتها و مصالحها الوطنية، و تطلب العلم و التقنية للبلاد. هذه حقوق الشعب، و كل من يتطاول على هذه الحقوق سيقف الشعب الإيراني أمامه بكل قدرته و سوف يفرض عليه الهزيمة.
يوم تقلع أمريكا عن الاستكبار و عن التدخل غير المبرر في شؤون الشعوب ستكون حكومة كباقي الحكومات.. ستكون بالنسبة لنا حكومة كباقي الحكومات. و لكن طالما بقي الأمريكان طامعين في العودة لإيران و استئناف العهد الماضي و تغيير التاريخ و إعادة الزمن إلى الوراء و طالما أرادوا الهيمنة على بلادنا فلن يستطيعوا بأية وسيلة فرض التراجع على بلادنا. ليعلموا ذلك. و لا تغرّنهم هذه الاضطرابات التي حدثت بعد الانتخابات. الجمهورية الإسلامية أقوى و أعمق و أصلب جذوراً من هذه الأمور. واجهت الجمهورية الإسلامية أحداثاً أصعب بكثير و تغلبت عليها كلها. و يأتي الآن بضعة أشخاص إما إنهم سذج - و لا نريد إصدار أحكام حولهم و حول دوافعهم - أو أصحاب نوايا سيئة و خبيثة أو ليسوا أصحاب نوايا سيئة جداً لكن فيهم شيئاً من السذاجة و سوء فهم الأمور، يواجهون الجمهورية الإسلامية.. هؤلاء لا يستطيعون فرش السجادة الحمراء لأمريكا في بلادنا.. ليعلموا هذا.. الشعب الإيراني صامد.
أقول لكم أيها الشباب: أيها الشباب الأعزاء.. البلد بلدكم.. هذا البلد بلدكم.. و التاريخ لكم. لقد قمنا بدورنا. المقدار الذي كان جيلنا و جماعتنا تستطيع القيام به - بمقدار ما وفقنا الله - قامت به. البلد يُسلَّم اليوم لأيديكم و هو لكم. اليوم لكم و الغد لكم أيضاً. عليكم الإمساك بهذا البلد بقوة و بإرادة متينة. بمستطاع هذا البلد بفضل عزيمتكم و إرادتكم القوية المنبعثة من الإيمان الديني أن يزداد اقتداراً يوماً بعد يوم. عليكم إيصال بلدكم إلى حيث لا يجرأ أحد على تهديده. هذا منوط بعزمكم و إرادتكم.
على الشباب العكوف على العلم. قلت مراراً و أكرر أيضاً: الاقتدار الحقيقي لشعب ما رهن بالعلم. العلم هو الذي يوفر سائر مصادر الاقتدار و أرصدته للبلد. لا تغفلوا عن العلم، سواء كنتم طلاب مدارس أو طلبة جامعيين و في أية مرحلة كنتم. قضية العلم و قضية البحث العلمي على جانب كبير من الأهمية إلى جانب الحافز الديني. الدين مهم جداً. ليس الدين لمجرد عمارة الآخرة، إنّما هو يعمِّر دنياكم أيضاً. الدين يمنحكم الوجد و النشاط و الطراوة و الفتوة. الدين يمنحكم الروح التي تجعلكم ترون جميع القوى المادية صغيرةً و تافهة و لا أثر لتهديداتها و أعمالها. اعلموا أن النصر حليفكم و أن النصر الإلهي لكم. هذه القوى الكبرى التي تهدد - و أذنابهم الداخليون يساعدونها في محلهم - و مراكز القوى الاستكبارية و التهديدات ليس لهم من سبيل أمام الشعب المقتدر المؤمن سوى التراجع. ثقوا بالله تعالى و أحسنوا الظن به. حينما يؤكد الله: »و لينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز«(1) و أنه عزّ و جلّ سينصر يقيناً و بلا أدنى شك الذين يدافعون عن دينه و أهدافه، فهذا كلام صادق و وعد صادق. ثقوا بهذا الوعد، و تقدموا إلى الأمام باقتدار، و عزيمة كافية، و تهذيب للنفس، و بناء للذات.. البناء العلمي للذات، و كذلك البناء الأخلاقي للذات.. و سترون إن شاء الله اليوم الذي تعلو فيه بلادكم بفضل جهادكم إلى ذروة الفخر و الاقتدار.
أتمنى أن يسلّمكم الله تعالى جميعاً و يؤيدكم، و سيرى الجميع إن شاء الله تلك الأيام الحلوة المشرقة.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الهوامش:
1 - سورة الحج، الآية 40.