بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. الحمد لله خالق الخلق و باسط الرّزق و فالق الأصباح، ديّان الدين، رب العالمين. نحمده و نستعينه و نؤمن به و نتوكّل عليه و نصلّي و نسلّم على حبيبه و نجيبه، سيّدنا و نبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد و على آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين. الهداة المهديين. سيّما بقية الله في الأرضين. أوصيكم عباد الله بتقوى الله.
في الخطبة الأولى لصلاة عيد الفطر، سأتحدث لكم أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء المصلين حول موضوعين. الموضوع الأول، هو تهنئة هذا العيد الإسلامي العظيم. تبريك عيد الفطر يعني تبريك اجتياز شهر رمضان المبارك بنجاح. نحمد الله على أن وفّق شعبنا لأن يقضي هذا الشهر المبارک حقاً. أجواء البلد في كل أيام شهر رمضان، كانت معطرة بعنايات المؤمنين و المشاعر الطاهرة للشباب المؤمنين و أنفاس الصائمين المقدسة. شهر رمضان في هذا العام كان أفضل من العام الماضي من حيث توجهات و توسلات و نجاح الشعب في مجالات بناء الذات و المعنوية. علينا أن نعرف قدر هذا و نحافظ على آثاره المباركة لأنفسنا و لشعبنا، شهر رمضان هو شهر بناء الذات نحو التقدم. نسأل الله أن نواصل هذا الطريق و هذا النهج و هذه الحركة المباركة - التي يواصلها الشعب الإيراني العظيم على مدى السنوات الواحدة و العشرين - بنجاح و هذه هي النقطة الثانية التي كنت أريد أن أشير إليها. أي معرفة قدر البركات الإلهية و التوفيقات التي أنزلها الله على الشعب الإيراني في هذا الشهر.
يوم عيد الفطر - كما جاء في رواية أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام - أشبه بيوم القيامة؛ (1). أي يوم الجزاء. أسأل الله أن يجلب اجتماعكم الحاشد في هذه المراسم المعنوية و العبادية و السياسية، العناية و الرحمة الإلهية لكم، و يمكن للشعب الإيراني و مسؤولي البلد و جميع الذين تقع عليهم مسؤولية في أي مكان من البلد و أي قطاع من القطاعات العظيمة، و ذلك بالتوكل على الله و الاهتمام بالإرشادات الإلهية في القرآن و أحاديث أهل البيت عليهم السلام و إشارات الرجل المعنوي العظيم في عصرنا و خليفة الأنبياء - إمامنا العظيم - يمكن لهم مواصلة هذا الطريق، و أسأل الله أن يضمنوا سعادة الشعب و مستقبل هذا البلد.
بسم الله الرحمن الرحيم
و العصر. إن الإنسان لفي خسر. إلّا الذين آمنوا و عملوا الصالحات. و تواصوا بالحقّ و تواصوا بالصّبر. (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. و الصلاة و السلام على سيّدنا و نبينا أبي القاسم المصطفى محمد و على آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، الهداة المهديين المعصومين. سيّما بقية الله في الأرضين. و استغفر الله لي و لكم. أوصيكم عباد الله بتقوى الله.
أوصي ثانية جميع الإخوة و الأخوات الأعزاء المصلين بمراعاة تقوى الله.
في هذه الخطبة أتحدث باختصار حول موضوعين أو ثلاثة مواضيع حول القضايا الجارية في العالم و المجتمع الإسلامي و الشعب الإيراني العزيز؟
في البداية أبارك من الصميم ولادة السيد المسيح عليه السّلام - النبي الإلهي العظيم - لجميع مؤمني العالم و المسيحيين و المسلمين. مما لا ریب فيه أن قيمة السيد المسيح عليه السلام عند المسلمين، ليست بأقل من قيمته و قدره و منزلته عند المسيحيين المؤمنين بالمسيحية. هذا النبي الإلهي العظيم، قضى جميع مراحل حیاته بين الناس، بالسعي لكي يمكن له الوقوف أمام الظلم و التعدي و الفساد و الذين قيّدوا الشعوب عن طريق الإعتماد على المال و التعسف و كانوا يجرونهم إلى جحيم الدنيا و الآخرة. إن الآلام التي تحمّلها هذا النبي العظيم منذ فترة طفولته - حيث منحه الله النبوة في فترة طفولته - كانت في هذا الطريق. فمن المتوقع أن يتأس أتباع السيد المسيح و الذين يعرفون عظمة ذلك الرجل و منزلته المعنوية الرفيعة و مكانته السامية، يتأسوا به في هذا الطريق.
العديد من الذين يدعون اليوم التبعية للسيد المسيح، يسلكون طريقاً غير طريق السيد المسيح. هداية السيد عيسى بن مريم على نبينا و عليه السلام هي هداية إلى عبودية الله و المعارضة للفرعونية و الطغيان. هناك اليوم أشخاص، يدعون التبعية لذلك النبي الإلهي العظيم، حلوا مكان الفراعنة و الطواغيت الذين كان عيسى بن مريم يحاربهم. نتمنى أن تكون بداية السنة المسيحية، سنة مباركة للمسيحيين و للمسلمين، لاسیما للمسيحيين في بلدنا.
القضية المهمة في هذا العصر، هي قضية فلسطين حيث أن انتفاضة فلسطين و بيت المقدس لا تزال مستمرة. الذين كانوا يظنون بأنهم قادرون علی إبعاد الشعب الفلسطيني عن المطالبة بحقه، ارتكبوا خطأ، فهم لم و لن يستطيعوا باستخدام القوة و الضغط أن يصرفوا الشعب الفلسطيني عن مواصلة هذا الطريق. فمن الممکن أن يجبروا هذا الجيل على السكوت المفروض لمدة، و ذلك عبر القمع و الضغط و الإرهاب، لکن حلمهم هذا لایتحقق، حيث أن الصهاينة تصورا أنه سيكون بوسعهم السیطرة على أرض فلسطين المغتصبة بسهولة فیما بعد.
لقد قامت شعوب العالم و الشعوب المسلمة بدعم مقاتلي فلسطين المظلومين.شعبنا العزيز أثبت دعمه لانتفاضة الشعب الفلسطيني بكل وضوح. من الواجب أن أشكر عزمکم من الصمیم أيها الشعب الأعزاء الذين تحلوا بشموخ و عظمة فائقة في مسيرة يوم القدس العظيم و الاجتماع الحاشد في صلاة الجمعة.
لقد أحرز شعبنا العزيز، كما في السابق، الشرف لبلده و تاريخه و مسؤولي بلده. يوم القدس في هذا العام و كما كان متوقعاً أقيم بكيفية خاصة في كافة أنحاء العالم الإسلامي، و هذا يعود إلى حقانیة صوت الشعب الفلسطيني المظلوم. نتمنى أن تتعاون الحكومات مع شعوبها هكذا و تدعم الشعب الفلسطيني. ذلك الشعب المظلوم و المقهور و المحاصر على أيدي أكثر الأعداء همجية و وحشية، يحتاج إلى المساعدة. على شعبنا و حكومتنا و كذلك على الشعوب و الحكومات المسلمة الأخرى أن تقوم بدعم هذا الشعب المظلوم قدر وسعها. هذا هو الواجب الديني و الإنساني و العقلي الذي يحكم به العقل و إنه لواجب تاريخي يحكم به التاريخ.
علي أن أتحدّث باختصار حول قضايا البلد و قضايا شعبنا العزيز. أعزائي! ما حفظ شعبنا و بلدنا إزاء مؤامرات الأعداء و المتآمرين، يتمثل في عدة أسباب من أهمها وحدة كلمة كافة أبناء الشعب. كل أبناء الشعب يتحلّون بالوحدة، و كل أبناء شعب لا يكون بينهم نزاع و جدال مدمّر، و كل شعب يتعاطف مع مسؤوليه و يرى مسؤوليه جزءاً من كيانه و يعمل فيه المسؤولون بواجباتهم إزاء الشعب و يروا أنفسهم خداماً للشعب، فإن ذلك الشعب لا يهزم أبداً أمام كافة العداءات. هذا أمر قهري. لقد جرّب شعبنا هذا الأمر على مدى واحد و عشرين عاماً، لقد أثبتنا عدم الرضوخ للفشل في الساحات الصعبة. من يبدي عداوته للشعب الإيراني، فإن أحد أكبر عداواته أن يقضي على الوحدة الوطنية العظيمة و تعاطف الشعب مع المسؤولين أو يمس بها. هذه هي العداوة التي يبديها البعض.
نحن لا نعجب و لا نشتكي من العدو الذي ينفق ملايين الدولارات و يحمّل المسؤولية على عاتق بعض الأشخاص - فيضع مسؤولاً عن الحرب النفسية، و مسؤولاً عن نشر الشائعات، و مسؤولاً عن المؤامرات، و مسؤولاً عن بث التفرقة - نحن لا نتعجب و لا نشتكي منه فهو عدو على كل حال. لكننا نشتكي من الذين يُخدعون من قبل العدو داخل البلد و يتابعون هدفه و يقومون بدعمه. طبعاً إذا اقتضت الضرورة أحياناً فلن نكتفي بالشكوی. التعاون مع العدو، يعد بحد ذاته عداوة، طبعاً ليست هذه العداوة مع شخص خاص، أو مسؤول أو جماعة من المسؤولين، بل هي عداوة مع مصالح الشعب و ليس هناك شخص يمكن له أن يتحمل هذه العداوة و عليه أن لا يتحمّل. إنني ألاحظ أن البعض يكررون صوت الأعداء. إن شعبنا متحد و الحمد لله. كل من كان في مجموعة و يريد أن يجعل قلوب الشعب سيئة الظن و مكدرة بعضها من بعض، فمن المسلم به أن يسقط من عين الشعب و لا يعتبره الشعب صديقه.
أقول للمسؤولين في المستويات المختلفة إن أحد طرق النجاح العملي و كسب اعتماد الشعب، هو تعاون الأجهزة المختلفة و السلطات الثلاث فيما بينها. يجب أن لا يضعفوا بعضهم بعضاً. على الجميع أن لا يضعفوا القوى المسؤولة في البلد و مجلس الشورى الإسلامي. يمكن أن لا تكونوا راضين عن أقوال و مواقف نائب أو عدة نواب، و لكن عليكم أن لا تضعفوا المجلس. فالمجلس مؤسسة قانونية معتبرة كسائر المؤسسات القانونية. إذا خالف شخص حكماً صادراً من المحكمة الفلانية في القضية الفلانية، فيجب أن لا يضعف السلطة القضائية. طبعاً لأي حكم موافقوه و مخالفوه. و لكن يجب عدم تضعيف الحكومة. يمكن أن لا يكونوا راضين عن عمل مسؤول فلاني أو معترضين علیه، لكن لا يجب أن تضعف الحكومة و السلطة التنفيذية. فالمؤسسات القانونية كركن في هذا البناء الشامخ على عاتقها عبء. مجموعة هذه المؤسسات حافظت على متانة هذا البناء العظيم الذي و ينظر إليه مليار و عدة ملايين مسلم في أكناف العالم - الذين يتمتعون بقوة الإدراك و الفهم - فيشعرون بالكبرياء.
هناك البعض يقومون بتضعيف مجلس صيانة الدستور، و البعض الآخر يقومون بتضعيف مجلس الشورى الإسلامي، و البعض الآخر يقومون بتضعيف السلطة القضائية، و البعض الآخر يقومون بتضعيف الحكومة، و البعض الآخر يقومون بتضعيف مجمع تشخيص مصلحة النظام. توجيه الإشكالات إلى عمل أو عملين أو عشرة أعمال - حيث أن البعض من هذه الإشكالات يمكن معالجتها لو تم إيضاحها، أو حتى لو لم يكن بالإمكان معالجتها - يجب أن لا يسبب في أن نقوم بتضعيف المؤسسات. هناك البعض في المجلس السابق كانوا يطلقون شعار حلّ المجلس! يلاحظ المرء أحياناً أن نفس تلك الأصوات و الأحاديث و الحوافز كانت تعترض يوماً على المجلس و يوماً على السلطة القضائية و يوماً على السلطة التشريعية، دون أن يقدّموا أدلة صحيحة.
طبعاًً ما أوصي به حول الحفاظ على شأن السلطات و أراه من واجبي و واجب الجميع، لا يتنافی مع الاعتراض و تسجيل الإشكالات على بعض ممارسات هذه السلطات. أجل، أنا أرفع صوتي أيضاً و أقول بأن على مسؤولي البلد - سواء في السلطة التنفيذية أو في السلطة القضائية أو في السلطة التشريعية - مكافحة الفقر و الفساد و التمييز في هذا البلد. لو أرادوا ضمان أمن البلد و ظروف معيشة الجماهير و عزتنا الدولية، فلا سبيل عندهم إلّا مكافحة هذه الأمور. عليهم أن يعرفوا أنواع الفساد و عليهم مكافحتها بصورة جادة، لا بالحديث و اللسان، و طبعاً هناك البعض لا يتحملون حتى التحدث بذلک بالألسن، هؤلاء يعارضون أصل مكافحة الفساد و التمييز و الفقر! هؤلاء الذين يقومون باتخاذ مواقف من مكافحة الفقر و الفساد و التمييز، يتهمون أنفسهم دون أن ينتبهوا. فمن يعارض مكافحة الفساد؟ إنه ذلك الشخص الفاسد أو المخدوع من قبل شخص فاسد. و من يعارض مكافحة التمييز؟ إنه الذي یستفید من التمييز أو المخدوع من قبل المستفید من التمييز، و إن لم يکن کذلک لما عارض أبداً.
طبعاً نشكر الله على أن مسؤولي السلطات الثلاث أخذوا هذه القضايا بنظر الاعتبار برغبة و متابعة و قاموا بتبادل الأحاديث و اتخاذ القرارات. نسأل الله أن نلاحظ تنفيذ هذه القرارات و القيام بما أشير إليه و ذلك بفضل الله و لطفه.
اللهم! نسألك بحق محمّد و آل محمّد، أن تزید علاقة الناس و المسؤولين رسوخاً يوماً بعد يوم! اللهم! و اشمل الروح الطاهرة لإمامنا العظيم برحمتك و فضلك و مغفرتك. اللهم! بلغ سلامنا و صلواتنا و إخلاصنا للإمام المهدي المنتظر الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف. اللهم عجل في فرج ذلك العظيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد و لم يولد. و لم يكن له كفواً أحد. (3)
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الهوامش:
1) بحار الأنوار، ج 9، ص 362
2) سورة العصر: الآية 1-3
3) سورة التوحيد: الآية 1-4