بسم الله الرحمن الرحيم
الحضور بينكم أيها الشباب الأعزاء في غاية الروعة و الجمال، و بعيداً عن المبالغة، عليَّ أن أقول بأنكم بمثابة النجوم الزاهرة التي نوّرت سماء مستقبل هذا البلد. أتمنى لكم النجاح في حياتكم التي ستقضونها في هذه الدنيا و بين أبناء شعبكم و بلدكم إن شاء الله، و یمکنکم أن تمدّوا أرواح و أفئدة أبناء هذا البلد الصالحين بالمزيد من النورانية. لا يمكن للمرء أن يتصور أي حلية لمجموعة شابة غير حلية العلم و المعرفة و البحث العلمي و الفكر النيّر و الدين و العواطف المعنوية و النشاط الديني و الثوري.
أما أنا فأكنّ إكراماً فائقاً لهذه الجامعة، و کنت کثیر التردد عليها في الماضي. هي في الحقيقة تمثل أمَّ الجامعات الصناعية في البلد و أقدمها و ربّما أكثرها علماً على مرّ المراحل المختلفة. خلال اجتماعنا بأساتذة الجامعة الأعزاء قبل قليل، أشار عميد الجامعة إلى ما حصل من تقدم و تطور كمي و نوعي في الجامعة خلال السنوات التي أعقبت انتصار الثورة و ذلك في الحقيقة من دواعي الرضا و السرور. طبعاّ لست راضياً في قرارة نفسي عن ذلک، و أتمنى أن تحقق هذه الجامعة و كافة جامعات البلد المزيد من التطور على المستويات العلمية و العملية و البحثية و أن نحقق هذا العمل.
للدخول في الحديث لا بأس من أن أذكر لكم خاطرتين عن هذه الجامعة. طبعاً حديثي اليوم ينقسم إلى جزئين: أولهما كلمتي التي سألقيها على مسامعكم، أما الجزء الثاني فيختص بالردّ على الأسئلة. في القسم الأول من الحديث سأتحدث أساساً عما يتعلق بالجامعة، أعني القضايا التي تهمّ الجامعة و الطلبة الجامعيين.
الخاطرتان، تعودان إلى السنين الأولى من انتصار الثورة، الخاطرة الأولى تتعلق بالاجتماعات التي عقدناها مع جماعة من طلبة هذه الجامعة. و منهم من هو موجود اليوم أيضاً و يعدّ من مسؤولي البلد و من الشخصيات المعروفة نسبياً. لقد قاموا بعقد اجتماعات و وجّهوا الدعوة لي و لبني صدر و لم يكن حينها رئيساً للجمهورية، و كان المطلوب أن نتحدث عن ماهية خط الإمام، حيث كان البعض يستنكر منذ اليوم الأول أي وجود لخط الإمام. فكانوا يقولون: ما هو خط الإمام؟ كانت تلك الاجتماعات تعقد لبيان ماهية خط الإمام و حدوده، و هي ذكريات خالدة بالنسبة لي.
الذکری أو الخاطرة الثانية هي تلك التي نُقلت عنّي مراراً. لقد قلت هذا الموضوع في هذه الجامعة. كنت ألقي كلمة في هذه الجامعة خلال فترة رئاستي للجمهورية و كنت أجيب عن الأسئلة التي وجّهت إليّ. كتب أحد الطلبة يسألني عن العمل الذي سأختاره بعد انتهاء فترة رئاستي للجمهورية؟ - لأنه كانت هناك تصورات مختلفة - فقلت: لم أحدّد لي أي عمل و لا أدري ماذا سيحدث. لكنّ علي أن أقول: لو أمرني الإمام أن أتولى مسؤولية الدائرة العقائدية السياسية في كتيبة الشرطة في مدينة زابل و الذهاب إلى هناك، فسآخذ بيد زوجتي و أطفالي و أذهب إلى زابل، أي سأصبح مسؤولاً عن الدائرة العقائدية السياسية في تلك الكتيبة. أي إنني لم أحدد هدفاً شخصياً لي أبداً.
إنني و لحسن الحظ أشعر منذ البداية و لا زلت بشوق لطلبة هذه الجامعة و أجوائها و بيئتها العلمية، فهي جامعة رائعة للغاية و مغتنمة و أسأل الله أن تسنح لها الفرصة لكي تؤدي دوماً دورها البارز في القيام بالواجبات التي تقع على عاتقها.
لكن ما أريد أن أطرحه عليكم هو ما كنت أرغب في طرحه على الإخوة الأعزاء في اجتماع الأساتذة، لكن الفرصة لم تسنح. لذلك سأذكره أوّلاً و هو أن من أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الجامعات هو تحديث الفكر العلمي أو التفكير العلمي الحديث. فقضية التحجّر و الجمود و الالتزام بالأطر الجامدة المفروضة على الإنسان و التي لا يسندها منطق صائب يمثل آفة. ما هو واجب مبدئي للوسط العلمي و الجامعي هو تحقيق الحداثة على صعيد القضايا العلمية. هذا هو المعنى الحقيقي لإنتاج العلم. إنتاج العلم لا يعني نقله فحسب، بل الإبداع العلمي يحظی بالأهمية بالدرجة الأولى و هو ما أقوله لأنه يجب أن يتحول إلى ثقافة. هذه الحداثة العلمية أو التجديد الفكري لا ينحصر بالأساتذة فحسب، بل مخاطبها هم الطلبة و الوسط العلمي عموماً. هذا الإبداع العلمي - الذي يعبر عنه في قاموس المعارف الإسلامية بالاجتهاد - بحاجة إلى أمرين: أحدهما الكفاءة العلمية و الآخر الشجاعة العلمية. الكفاءة العلمية أمر ضروري. حدة الذكاء و الرصيد العلمي اللازم و السعي الدؤوب لكسب العلم، تعتبر من الأمور الضرورية لبلوغ الكفاءة العلمية، لكنها لا تكفي. فما أكثر الذين يتمتعون بكفاءة علمية لكن أية فائدة لم تتحقق من رصيدهم العلمي هذا، حيث لا يتقدّم بقافلة العلم إلى الأمام، و لا يحقق أي رقي للشعب على الصعيد العلمي. لذلك فالشجاعة أمر ضروري. طبعاً حينما يجري الحديث عن العلم، ربّما يتبادر إلى الأذهان تلك العلوم ذات الصلة بالجوانب الصناعية و الفنية بالدرجة الأولى - حيث تحظي بالأهمية الفائقة في هذه الجامعة - لكنني أتحدث على نحو الإطلاق و العموم. فالعلوم الإنسانية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و القضايا المتنوعة الضرورية لإدارة أي مجتمع و أي بلد بأسلوب علمي، كلها بحاجة إلى الابتكار و الحداثة العلمية، أي الاجتهاد. ما يلاحظ في أوساطنا العلمية - و اعتبره من أكبر العيوب - هو أننا نردد الكتب و النصوص الأجنبية و ندرسها و نحفظها و نتعلمها و نعلّم على طول عشرات السنين، لكننا لا نجد في أنفسنا القدرة على التساؤل و توجيه الإشكالیات! ينبغي طبعاً دراسة النصوص العلمية و كسب العلم من أي كان، لكن العلم لا بد أن يقترن بروح قوية و ثابتة و كفاءة تتمتع بالقابلية على التقدم بالعلم إلى الأمام لیتسنی له المضي قدماً في طريق الرقي. هكذا جاءت النهضات العلمية في العالم.
إننا اليوم - يا أعزائي - بحاجة إلى التطور العلمي في بلدنا. فإذا لم نبذل الأموال و الجهود و المساعي من أجل العلم، فإن مستقبلنا سيكون مستقبلاً حالكاً. هناك البعض يسعون لتحديد المسيرة العلمية أو إيقافها أو عدم الاهتمام بها. هذا ليس أمراً محبّذاً. لكن الفريضة العظمى التي تقع على عاتق هذا الجيل - و بالدرجة الأولى على عواتقكم أنتم الجامعيين - هي تعزيز البنية العلمية للبلد، فإذا ما افتقدنا العلم، فسيتخلف اقتصادنا و صناعتنا و إداراتنا و قضايانا الاجتماعية. إن الذين يفرضون هيمنتهم على عالمنا المعاصر، و تلك الأيدي الخفية التي تستولي على المصادر الإنسانية و المادية العظيمة في العالم، و تتطلع إلى المحيطات و الممرات البحرية الحساسة و تتدخل أينما شاءت، إنما استطاعوا إيصال البشرية إلى هذا البؤس عن طريق استخدامهم لآلة العلم! لذا فإن العلم أمر ضروري لمواجهة أفعالهم. فإذا ما أردتم أن تتقدموا علمياً فعليكم التحلّي بالشجاعة على الإبداع. على الأساتذة و الطلبة أن ينعتقوا من قيود الإيحاءات القائلة بجزمية التعريفات العلمية و ديمومتها.
طبعاً ينبغي أن لايُساء فهمي، فإننا لا نوصي أحد بالتورط في الفوضى العلمية، و الذين لا يتمتعون برصيد علمي في أي مجال، إذا ما أرادوا أن يحققوا الإبداع حسب ظنهم، فإنهم سيتورطون في اللغو العلمي، هذا ما نلاحظه على صعيد العدد من العلوم الإنسانية و المعارف الدينية، فهناك من الجهلة من اقتحموا الساحة دون أن يتمتعوا برصيد علمي كاف و يتحدثون، و يتصورون بأنهم يحققون الإبداع، وما هو من الإبداع في شيء، بل إنه فوضوية. لذلك لا أنصح بذلک على صعيد القضايا العلمية. فلا بد من كسب العلم، و علینا أن لا نتحول الی مستهلکین للنتاجات العلمية التي قدمها الآخرون. لا بد من إنتاج العلم بالمعني الحقيقي لمفهوم الإنتاج، طبعاً لهذا العمل، منهجيته و ضوابطه. المهم هو أن تحيى روح الإبداع العلمي و تبقى حية في الوسط الجامعي. لحسن الحظ لمست هذه الرغبة و الحب لدى الطلبة و أراها عند الأساتذة أيضاً. فعليهم أن يضعوا يداً بيد للرقي بالمستوى العلمي للبلد. إذا ما اقترن العلم بهدى الإيمان و العواطف السليمة و المعرفة المستنيرة الواعية، فإنه سيصنع المعاجز الكبرى التي يمكن لبلدنا أن يكون بانتظارها.
لقد أشرت إلى التعبّد العلمي و الاستسلام للجزمية العلمية في شتى العلوم. إنني أعتقد بشكل علمي بضرورة تبلور وعي ذاتي جمعي في كافة الأوساط العلمية إزاء الثقافة الغربية الدخيلة ذات الطابع المتغطرس. لقد انزعج البعض كثيراً لإثارتنا قضية الغزو الثقافي قائلين لماذا ترددون عبارة الغزو الثقافي؟! هذا و الغزو الثقافي يجول وسط الساحة يطلب من تنازله، حاول البعض أن يجدوه هنا و هناك! هذا الغزو الثقافي لا ينحصر ببعض الظواهر السطحية، بل القضية هي أن منظومة ثقافية في العالم تسعى لفرض متبيناتها و طروحاتها على سائر الشعوب و الدول الأخرى معتمدة في ذلك على ما لديها من ثروة نفطية و حق النقض الفيتو و أسلحة جرثومية و كيمياوية و نووية و سلطة سياسية. ربما يقع بلد ما ضحية الفكر المستورد فيفكر بما يمليه هذا الفكر و يتقبّل ما يضخّه الآخرون من أفكار. ليست هذه الأفكار من الطراز الأول، بل هي مستهلكة منسوخة لم يعد لها أية فائدة، لكنهم يعتبرونها حسب تصوراتهم ضرورية لبلد أو شعب، فيتمُّ ضخها إلى ذلك الشعب عن طريق وسائل الإعلام على أنها أفكار حديثة! هذه هي المصيبة الكبرى و العظمى التي تحيق بأي بلد.
على أساتذتنا و طلبتنا بما لديهم من عقليات متوقّدة أن يقوموا بدارسة الكثير من المفاهيم الحقوقية و الاجتماعية و السياسية ذات الطابع الغربي التي ينظر إليها البعض على أنها وحي منزل لا يمكن التشكيك فيه على الإطلاق في الورشات البحثية العظيمة للعلوم و من ثم إثارة الاستفسارات حولها و تحطيم حدود الجزمية، و إبداع طرق جديدة لكي يستفيدوا هم أنفسهم و يقترحوها على البشرية أيضاً. هذا ما يحتاجه بلدنا اليوم و يتوقعه من الجامعات. على الجامعات أن تخلق في بلدنا و شعبنا نهضة شاملة و عميقة على صعيد الأجهزة الدقيقة، كي يستطيع العاملون المتفانون العمل بما تجود به اقتراحاتهم و إبداعاتهم العلمية لإرساء الصرح الحقيقي لمجتمع زاهر عامر قائم على العدل و الأفكار و القيم الإسلامية. هذا ما يتوقعه بلدنا من الجامعات. بم يشغلون الجامعة لصدّ الأساتذة و الطلبة عن سلوك هذا الطريق؟ اعلموا أن ما تهتم به الأجهزة الاستخباراتية هو كيفية صرف الطالب المتيقظ و الجامعة الواعية في إيران و الحد دون سلوكه الطريق الذي يؤدي إلى رقي البلد و تقدمه. لقد تحدثت مراراً حول الفكر و الثقافة الغربية المستوردة. لعل البعض حمل ذلك على أنه نوع من التعصب و العناد. كلّا، فهو ليس تعصباً أو عناداً. ليس هناك سبيل أكثر سهولة و بساطة لتكبيل شعب ما من أن تستطيع القوى الكبرى في العالم أن تصوغ ثقافة ذلك الشعب و اعتقاداته وفقاً لحاجاتها. تلك الاعتقادات الذي تحث الشعب للاعتماد على نفسه و التقدم إلى الأمام و السعي للاستقلال و الحريةهي ألدُّ أعداء الذين يريدون أن يهيمنوا على كافة أنحاء العالم و يسخّروا البشرية برمتها لصالحهم. لذا يكافحون ذلك الفكر و تلك المعتقدات، و يسعون في سبيل ذلك إلى التوسّل بشتى الأدوات و المناهج لنشر أفكارهم و اعتقاداتهم و اتجاهاتهم في نفوس ذلك الشعب ليفكر كما يحلو لهم. و حينما فكّر كذلك، فإنه يعمل في ضوء ما يفكر به. هذا هو الأسلوب الرائج جداً حالياً، و هو التنظير الاستعماري. لقد قاموا بهذا العمل في إيران منذ بداية الثورة و يفعلونه الآن أيضاً. كما فعلوا ذلك في أمكنة أخرى من العالم، و هو لا يختص بهذا العصر و الزمان.
لقد بدأ الإنجليز خلال القرن التاسع عشر سلسلة من الحروب و الاعتداءات الاستعمارية، فكانوا يذهبون إلى أفريقيا و آسيا و الهند و الأمكنة الأخرى لفتح البلدان و استعباد أهلها. هناك اليوم عشرات الملايين من زنوج أمريكا يعيشون في تلك الظروف، هم أحفاد أولئك الرقيق الذين انتزعهم دعاة الحضارة في القرن التاسع عشر من أفريقيا و من أحضان عوائلهم و آبائهم و أمهاتهم و نقلوهم إلى أمريكا للعمل و الخدمة و الارتزاق. كانت هذه الأعمال جرائم سافرة لغرض تبرير هذه الأعمال المنافية للعقل و الشرع و لكافة القوانين البشرية، فإنهم كانوا يختلقون تنظيرات تحمل عنوان الثقافة و التنوير. فالاستعمار بذاته يعد أحد تلك التنظيرات، أي إننا نذهب إلى تلك المناطق لغرض إعمارها! هذا بعينه هو الرائج في عالمنا اليوم. إذ أن التنظير يمثل أحد الأساليب التي ينتهجها الذين يريدون أن يستثمروا حياة الشعوب و مواهبهم الإنسانية.
إنني أريد أن أثير انتباه الوسط الجامعي و شبابنا الجامعيين إزاء التنظيرات الغربية الدخيلة التي لا تهدف إلّا للحفاظ على العلاقات السلطوية للغرب مع بلدان من قبيل بلدنا. تطلق أحاديث كثيرة تحت عناوين مختلفة، غير أن الهدف واحد لا أكثر. لقد جاءت هذه الثورة و هذا النظام و هذه الحركة العظيمة الشعبية و انكسرت سلطة الغرب المتغطرسة في هذا البلد. لا يوجد في بلدنا اليوم أي رواج قانوني للقيم الغربية. و تسليم مصالح البلد للأجانب، يعدُّ اليوم أمراً مذموماً في بلدنا. اليوم يرى هؤلاء خاصة الأمريكان أن مائدة أطماعهم التي بسطوها بآلاف الآمال في هذا البلد قد جمعت و لملمت. و ليست هذه خسارة قليلة لمراكز السلطة و الهيمنة العالمية، فماذا يفعلون للعودة بالظروف الماضية؟ لقد جاءوا في بداية الثورة و شنّوا حرباً شعواء، لكن حينما لاحظوا أن أنوفهم قد تمرّغت في التراب، فهموا أن هذا ليس السبيل المجدي. لذلك تمسّكوا بالغزو الثقافي. الغزو الثقافي ليس أمراً سهلاً، إنه عمل النخبة. لذا يجلس النخبة و يفكّرون و يكتبون الوصفة و للأسف هناك البعض في داخل البلد يمهّدون السبيل لتنفيذها! فهؤلاء يطلقون الأحاديث، و هناك البعض يكررونها باللغة الفارسية و يلبسونها ثوباً محلياً! فينبغي الحذر من هؤلاء.
لدي الكثير من الأحاديث أريد أن أقولها للوسط الجامعي و الشباب الجامعي و الأساتذة الجامعيين. و هذه الأحاديث أحاديث جادة ينبغي الالتفات لها فلا يمكن محو ظاهر القضية و من ثم الركون إلى الراحة. هناك البعض يريدون أن يمحوا ظاهر القضية و شكلها. حينما نقول العدو، يقولون: من هو العدو؟ حينما نتحدث عن المؤامرة، يقولون بأنكم تسيئون الظن! لا يمكن إنهاء الأمر بمحو ظاهر القضية. فالقضية بذلك لا تتم معالجتها، بل ينبغي التفكير فيها. طبعاً السبب في أنني أطرح هذا الأمر على شريحة الجامعيين، هو أنني أكرم هذه الشريحة. إنني أشعر من أعماقي بأهمية الجامعة للبلد. إذ يمكن للجامعة توفير قمة الخدمات التي يمكن منحها للبلد. فالجامعة مهمة للغاية بالنسبة للبلد.
طبعاً هناك الكثير من الخدمات المتبادلة بين الجامعة و الثورة. إذا ما أردنا إعداد قائمة من الخدمات المتبادلة بين الثورة و الجامعة، لكانت تلك قائمة طويلة. بمجرد حضوري في اجتماع الأساتذة و مشاهدة بعض هؤلاء الأصدقاء ثارت الذكريات في خاطري و تداعت في مخيلتي الأيام الأولى لعودة الإمام و الدور الذي لعبوه آنذاك، في الأماکن التي لم نكن نلمس فيها الألقاب و الأطماع و الشهرة المزيّفة، بل كان يلاحظ الجهاد بکل إخلاص. ثم في فترة الحرب، تم تقديم ثلاثة آلاف شهيد من الطلبة الجامعيين للثورة و الإسلام، منهم تسعون من طلاب جامعتكم هذه. ليست هذه أموراً قليلة، بل هي خدمات الجامعة.
الثورة أيضاً قدمت خدمات للجامعة. أعتقد أن من أهم خدمات الثورة للجامعة تتمثل في أمرين: أولهما: منحت الثورة الجامعة الشعور بهويتها الوطنية المستقلة، و أنقذتها من حالة الانبهار و التأثّر بالأجانب. كما كان الوضع قبل انتصار الثورة. أمّا الثاني، فإن الثورة ألفت بين الجامعة و الشعب. كانت الجامعة قبل ذاك عبارة عن جزيرة منعزلة تتوسط محيط الشعب الصاخب. باستثناء العناصر المؤمنة الملتزمة من الأساتذة و الطلبة، كان الوسط الجامعي بحيث لو دخلتم لنالتکم أعراضها مما كان سائداً من ثقافة و إيمان و معتقدات عامة و مما كان الشعب ملتزماً به. لقد كان الوسط الجامعي مكاناً للهواجس الشخصية بالنسبة للغالبية العظمی من الأساتذة و الطلبة، باستثناء تلك الفئة القليلة من السياسيين المناضلين، أما سائر العناصر فقد كانت هواجسهم هواجس شخصية! لم تكن لديهم هواجس اجتماعية و ما كانوا يشعرون بآلام مجتمعهم. أکبر أمنية للطالب آنذاك کانت نجاحه و حصوله علی وسيلة للهروب خارج البلد. لقد كانت الجامعات منبهرة بالغرب و لم تتوفر لديها الإرادة للسير نحو الإبداع. هذا لا يعني أنهم لم تكن لديهم الرغبة في هذا الهدف، إنما كانت تلك هي الثقافة السائدة في الجامعة. الثقافة السائدة كانت ثقافة التبعية التي كانت حكومة الشاه تعمل على إشاعتها بقوة. حتى أن أولئك الذين كانوا يدعون إلی التجديد في الوسط الجامعي لم يكونوا مستنيرين شعبيين، بل كانوا يتميّزون بالبعد و الانفصال عن الشعب! العديد منهم غادروا البلد بعد انتصار الثورة إلى البلدان الأوربية و هم الآن يعيشون حياة الترف و يقضون أكثر أوقاتهم في المقاهي! هكذا كان وضع الجامعة، فجاءت الثورة و انقذت الجامعة من هاتين الآفتين الكبيرتين، و جعلت منها جامعة مستقلة، خلّاقة و أثارت فيها الثقة بالنفس، و التميّز بالقابلية على إنتاج العلم و الفكر المنسجم مع ثقافة الشعب بكافة شرائحه و مواكبة طموحات الجماهير و معتقداتها و العلاقات السائدة فيها، هذا ما يحظي بالأهمية الفائقة.
علي أن أقول لكم، بأن هذين الأمرين من النقاط المهمة التي إذا ما تعرضت الجامعة للخطر من قبل الأجانب و الأعداء، فإن أول ما يُقصف هو هذان المركزان المهمان الجوهريان، فهم يريدون سلب الثقة بالنفس من الطالب الجامعي و إدخال الأفكار و النظريات الدخيلة المترجمة إلى الجامعة و حقنها في عقول الأساتذة و الطلبة و من ثم فصلهم عن الناس و تطلعاتهم و إيمانهم. هذا هو الخطر الرئيس، و علاجه هو الحفاظ على العلاقة الفكرية مع جماهير الشعب و التمسك الوثيق بأصول الثورة. أعزائي! لا بد من تعزيز الصلة بالثورة أكثر فأكثر. لقد أضعنا - نحن الشعب الإيراني - هويتنا و مكانتنا على المستوى الدولي، و الثورة هي التي أعادت للشعب الإيراني هويته و مكانته.
اليوم يحاول أصحاب النظریات و أرباب الدعايات في الغرب العودة بذلك الخط الرجعي، أعني خط العودة إلى الخضوع للغرب. طبعاً كما قلت فإن مشروعهم هذا يحمل عنوان النظريات المستنيرة على الظاهر، أو الخطاب الجديد، أو العولمة أو نظرية تغيير الخطاب. يقولون بأنه لا يمكن لطالب هذه المرحلة أن يكون طالب فترة مقارعة الاستعمار. و يقولون: لقد انتهى عصر مناهضة الاستعمار و الاستكبار و ترديد شعارات الموت للاستكبار، و ولّى عصر المطالبة بتطبيق العدالة و مقارعة الرأسمالية، و انتهت فترة المناداة بالمبادئ و التبرّي و التولي السياسي، و الحوار الجديد الذي يحمله الجامعي هو منطق العولمة و الواقعية و اللحاق بالنظام العالمي الجديد، أي التبعية لأمريكا، و اسمه الظاهري هو العولمة. معنى ذلك هو أن يعود الشعب الإيراني إلى مرحلة ما قبل الثورة خاضعاً للهيمنة الأمريكية و عميلاً و آلة لضمان مصالحها. معنى ذلك أنه بالرغم من المساعي التي بذلها الشعب الإيراني و الأعلام التي رفعها على قمم النصر، و حالة اليقظة العظيمة التي أوجدها في نفوس الشعوب المسلمة عليه العودة إلى ما قبل انتصار الثورة. و ليس الهدف الواضح الحقيقي سوى هذا، لكنهم يريدون إخفاء هذا الهدف تحت عناوين جميلة من قبيل العولمة و التطور و التقدم.
طبعاً ما زالت الأجهزة و أصحاب النظریات في الغرب تردد هذه الأحاديث على مدى عشرين عاماً. و منذ بضعة سنين راح بعض المغفلين الجهلة في الداخل أو المغرضين و المنبهرين راحوا يرددون نفس تلك الأحاديث و الأقوال بلهجات مختلفة. فالقضية المهمة بالنسبة لنظام الديمقراطية الليبرالية على الظاهر - و هي في الحقيقة ليست ديمقراطية و لا ليبرالية، بل هي نظام الاستكبار العالمي - و للشركات الصهيونية و أنصارها ليست إلّا أن يمكن لهم الاستثمار و محاولة احتكار الهيمنة على المراكز الرئيسية للثروة العالمية انطلاقاً من مراكز سلطتهم. هؤلاء يتهمون الثورة بالاستبداد حتی لا تقف عقبة في طريق استبدادهم. يصفون العالم بأنه قرية عالمية كي يتولوا هم القيمومة عليه، يطلقون شعار الوحدة الثقافية و العولمة الثقافية كي يفرضوا ثقافتهم على كافة ثقافات العالم. إنهم لا يسمحون لأحد بإثارة أدنى مؤاخذة على المستوى الدولي فيما يتعلق بثقافتهم التي مهّدت السبيل للاستعمار، لكنهم يريدون منكم أن تنتهجوا سبيل التعددية و القراءات المتعددة فيما يتعلق بإيمانكم و أفكاركم و ثقافتكم، و أن تسمحوا لكل مقالة و وجهة نظر أن تطرح حول إيمانكم و أفكاركم و ثقافتكم و قواعدكم العقائدية المتينة، لكنهم لا يسمحون بمثل هذا فيما يخص شؤونهم! فلا يحق لأحد أن تكون له قراءات متعددة إزاء المصالح الأمريكية. فهم يدخلون بكل قوة حيثما اقتضت مصالحهم. إذا ما سئلوا عن المبنى في تدخلهم، يختلقون له أساساً فكرياً! قبل عدة أيام طرح في الكونغرس الأمريكي مشروع يسمح للرئيس الأمريكي باغتيال معارضة في أية نقطة من العالم! و إذا ما واجهوا استفساراً عن السبب فإنهم يختلقون أدلة لتبرير مصالح أمريكا! و يريدون منا أن ننظر إلى تلك الأدلة بنفس رؤيتهم و نتقبلها بكل كياننا و إيماننا. هل هناك غطرسة فوق هذه!
قبل أربع أو خمس سنوات جرت انتخابات حرة في الجزائر، و لكن ما أن لاحظوا أن هذه الانتخابات ستنتهي بفوز من لا يرغبون فيهم برمجوا و قاموا بانقلاب عسكري و قمعوا الجماهير. و العالم برمته كان قد اعترف بحرية تلك الانتخابات و أنها كانت تجسيداً للديمقراطية - على حد تعبيرهم - لكنهم لجأوا إلى القمع! لو سألهم سائل عن سبب ذلك القمع، لاختلقوا له الدليل و هو أن الإسلاميين سيصلون إلى سدة الحكم و هم يعارضون آراءنا و أفكارنا فيما يتعلق بالقضايا العالمية و ما يخص الديمقراطية! أي إنهم يطرحون أسساً و مبان أصولية و ثقافية و فكرية خاصة بهم و لا يسمحون لأحد في العالم بأن يناقش و يؤاخذ هذه الأسس أو يقول ما يناهضها، لكنهم يناقشون أسسكم الفكرية و متبنياتكم و قيمكم و معتقداتكم الفكرية الإسلامية الراسخة. و إذا ما سألتموهم عن السبب، احتجوا عليكم بوجود القراءات المتعددة و هذه إحداها، لذا يعتقدون بالقمع الثقافي! و إذا ما قلتم لماذا؟ فإنهم يتهمونكم بالتحجر و الجمود بسبب معارضتكم للتعددية الثقافية، في حين أنهم لا يعتقدون بالتعديدية الثقافية و لا يتقبلونها عندما يتحدثون عن مصالحهم و المفاهيم التي تقوم عليها تلك المصالح! هذا ما يجب على الشاب المسلم أو الطالب المسلم أن يتحلى بالوعي به حين التفكير بهذه الأهداف و المآرب، و حين اتخاذه للقرار و الإدلاء برأيه و المبادرة. البعض ينظر إلى ذلك على أنه كلام جديد و حديث، فيترجمه إلى الفارسية و يتحدث عنه و يؤلف المقالات بشأنه و يناقش كافة قيم الثورة و الأسس الفكرية للشعب. مصدر هذه الأحاديث و الأفكار و دوافع أصحابها أمر واضح. فهدف أولئك الذين انتجوا هذا الفكر و الثقافة هو أن يتمكّنوا من الهيمنة على الشعوب و البلدان و ثقافات الآخرين. فهل صحيح أن نترجم أفكارهم و نكررها.
طبعاً يمكن للجامعة أن تلعب دوراً مهماً علی هذا الصعيد. إنني أؤيّد الجامعة المبدئية التي تطلب الرقي، و المتفاعلة مع الشعب و ناشطة على الصعيد العلمي و الفكري. لا أنصح الجامعة و الجامعي بالتحفظ و الاكتفاء بما هو في متناول أيديهم من فكر و معرفة على الأطلاق، كلّا، على الجامعة أن تتسلّق دوماً سلم الرقي و تتقدم إلى الأمام. إنني أعتقد بأن التحفظ و الاكتفاء بما لدينا و الافتقار للهمّة العالية على كافة الساحات الفكرية و الثقافية يمثل مذبحاً للثورة، فالثورة تعني بالأساس خطوة واسعة تليها خطوات عظيمة اخرى. لا بد من استيعاب المفاهيم بصورة صحيحة و التحرك ضمن الحدود الصحيحة للمفاهيم.
من المفردات الشائعة اليوم مفردة الإصلاح. لقد قلت في خطبة صلاة الجمعة و كررت مراراً؛ إنني أعتقد بأن الإصلاح هو من ذات الثورة. فالثورة تعني بالأساس حركة عظيمة نحو الأمام و علیها أن لا تقف أبداً بل تتقدم إلى الأمام دوماً. فهذه الحركة التقدمية هي الإصلاح. بالطبع إذا أراد الأمريكان إعطاءنا دروساً في الإصلاح، و أن يقولوا لنا أفعلوا هذه الأشياء لتكونوا إصلاحيين، فمن البديهي أن لا نوافق على ذلك، لأن ما يعتبرونه إصلاحاً هو عين الرجعية إلى الماضي. لو كانت في إيران اليوم حكومة ملكية رجعية مطيعة للغرب بدل حكومة الجمهورية الإسلامية الشعبية الفاعلة المستقلة الشجاعة لاعتبروها حكومة إصلاحية. مثل هذا الإصلاح صالح لهم. و إذا كان هذا النوع من الإصلاح حسناً و صالحاً فليعملوا هم به. الإصلاح - بالمعنى الصائب للكلمة - جزء لا يتجزأ من الثورة. و الطالب الجامعي المتدين لا يمكنه أن لا يكون إصلاحياً. الإصلاح ليس ادعاءً سياسياً ظاهرياً. ينبغي عدم استخدام الإصلاح كادعاء أجوف و وسيلة لاجتذاب هذا و ذاك و تجميل الوجوه. الإصلاح واجب و جهاد. من واجب الحكومة و الشعب أن يكونا إصلاحيين. طبعاً عليهم أن لا يسمحوا للآخرين بتقديم تعريف الإصلاح لهم، فعليهم معرفة الإصلاح بأنفسهم و البحث عنه و تمیيزه و تعريفه مقابل ذلك الإصلاح الأمريكي و إصلاح الخضوع للأجنبي.
من الكلمات و الطروحات التي اتخذها العدو محوراً في حربه النفسية - و أرى واجباً علي التطرق إليها - هي قولهم إن جيل الثورة الثالث انفصل عن أفكار الثورة، و يتبعون أحاديثهم هو بنسيج فلسفي - كتلك الفلسفات الكاذبة المزيفة التي يصنعونها لتبرير كلام خاطئ و كاذب - لكي لا يتجرأ أحد على أن يقول بأن هذا الكلام، خطأ. هم يقولون بأن حدیثهم هذا يستند إلى فلسفة! فما هي تلك الفلسفة؟ هي أن الجيل الثالث لكافة الثورات أعرض عن الثورة! يا له من كلام كاذب خاطئ و تهریج! حول أية ثورة تتحدثون؟ وقعت الثورة الفرنسية عام 1789م و لكن الجیل الثالث لم يعرض عن الثورة و لا حتی الجيل الثاني، بل الجيل الأول هم الذين أعرضوا عن الثورة! بعد أربع أو خمس سنوات قاموا بحركة على الثوريين الأوائل و أمسك الانقلابيون الجدد بزمام الأمور لمدة ثلاث أو أربع سنوات، و بعد أربع أو خمس سنوات أخرى انطلقت حركة أخرى ضدهم. و ما أن حل عام 1802 م حتى تغيرت صورة الثورة بالكامل فتمكن شخص كنابليون من الوصول إلى سدة الحكم و وضع تاج الملوكية على رأسه، أي وصل الأمر بعد عشرة أعوام أو اثني عشر عاماً بالبلد الذي كافح ضد الملكية و أعدم لويس السادس عشر بالمقصلة إلى أن يأتي نابليون و يتوج نفسه و يعلن نفسه امبراطوراً و يحكم سنين في ذلك البلد. استمر الحال ما يقارب من ثمانين سنة تعاقبت خلالها الحكومات و العوائل الملكية المختلفة للحكم على فرنسا حيث كانت تعيش حرباً مستمرة و غارقة بالابتذال و الفساد! فلم تصل تلك الثورة إلى الجيل الثاني، ناهيك عن الجيل الثالث، و ذلك بسبب ضعف قواعد الثورة و أركانها. و الآن بعد مضي قرنين من الزمن يأتي البعض في الجمهورية الإسلامية ممن لاحياء لهم، فيضعوا رتوشاً لتلك الروى التي عجزت في وقتها عن صيانة الثورة، و يقدموها على شكل عناوين براقة للثوريين في إيران الذين تمكنوا من إقامة أعظم ثورة قامت على أسس صلبة و المحافظة عليها إزاء العواصف أعواماً متمادية.
و ثورة أكتوبر في روسيا لم تصل هي الأخرى للجيل الثالث. فلم تمض على انتصار الثورة ست أو سبع سنوات حتى وصلت الاستالينية إلى سدة الحكم، إذ حل استالين الذي يُشبَّه به كل من يراد وصمه بالعنجهية و الغطرسة و التعسف و الابتعاد عن الإنسانية! و هو الصحيح حيث كان استالين مظهراً لكل هذه الصفات السيئة حقيقةً. فتبدلت الحكومة العمالية - كما تسمى - و التي أقيمت من أجل الطبقات الضعيفة، إلى حكومة فردية استبدادية مطلقة! فلم يكن استالين يسمح حتى للحزب الشيوعي الذي كان هو الكل بالكل في النظام السوفيتي السابق، باتخاذ القرارات في مجالات معينة. استمر استالين في حكمه المطلق بما كان عليه من سطوة و جبروت مدة ثلاثين و نيّف من السنين و لم يكن هناك من يتجرأ على المعارضة. لعلكم سمعتم أعمال النفي المروعة. اول كتاب صدر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي يتطرق إلى أوضاع الکبت التي كانت سائدة في فترة الاتحاد السوفيتي - و لا اتذكر اسمه الآن - و قد ترجم كلا جزئيه إلى الفارسية و قرأته و كان يتميز بحسن التأليف و يفصل أوضاع تلك الفترة. علماً أنه يتطرق إلى فترة ما بعد استالين حيث تغيرت الأوضاع تغيّراً تاماً رغم استمرار النهج الاستبدادي، لذلك لم تكن القضية، قضية الجيل الثاني و الثالث أو شيء من هذا القبيل، بل لقد انتهى كل شيء منذ البداية.
أية فلسفة هذه، و على أية ثورة يمكن تطبيقها؟ و أي ثورة جرّبت تراجع جيلها الثالث عن الثورة؟ كلّاً، ذلك يتوقف على الفكر الذي تحمله تلك الثورة. فالثورة التي تستطيع إقناع الجيل الثاني أو الثالث أو حتى العاشر بما تتميز به من الأصالة و الصحة، ستكون خالدة. أفكار الثورة الإسلامية هي الأفكار التي تتميز بالخلود، فحب العدالة و التحرر و الاستقلال و مقارعة التدخل الأجنبي أمور لا يعتريها الاندثار. إنها أفكار تتصف بديمومة استقطابها للأجيال. اجتمع بعض المنظرين لينسجوا ما يحلو لهم، فصدقهم السذج في الداخل و قالوا بأن الجيل الثالث للثورة يعرض عن مبادئها و مع تقليل جاذبية الثورة، فإننا نستطيع أن نخرج الثورة من أيدي الثوريين و نقبض عليها نحن بأيدينا! حينما يقولون:نحن فمن هم المقصودون؟ إنهم أولئك الذين سيطروا على البلد أعواماً متمادية قبل الثورة! إنني اعتقد بأن هذا الفكر في غاية السذاجة و البلاهة فليطمئنوا أن نفس ذلك الاندفاع و الحماس و الحيوية و الإيمان و العواطف التي تحلى بها جيل الشباب في الفترة التي تمكن من تحقيق ذلك الإنجاز، موجود في جيل الشباب اليوم أيضاً. فعليهم أن يعلموا أنهم إذا رموا الثورة بحجر فسيرد إلى نحورهم. فالثورة لن يعتريها الاندراس و ستتوقد جذوتها من جديد لتحرق كل ما اختزنوه من أفكار بالية.
أما فيما يتعلق بالجامعة، فإنني أرى أن الجامعة كانت و ستبقى حصناً رئيسياً للثورة. إن جيل الشباب من الطلبة لن يسمح بأن تتحول الجامعة إلى وكر آمن لأعداء هذا الشعب و للمغترین بالأجنبي . لقد أخطأوا في حساباتهم السابقة و نالوا صفعة من الطلبة. يبدو أن هنالك فئة تريد إعادة تلك الحسابات الخاطئة، لكن عليهم أن يعلموا بأنهم سيتلقون الصفعة من الجامعيين أنفسهم أيضاً.
طبعاً أعتقد بأن الجامعة تتمتّع بالاكتفاء الذاتي و هي لا تحتاج إلى الاستعانة بالطاقات الخارجية. ما تمتاز به الجامعة في عام 1379هـ . ش على الجامعة في عام 1359 هـ .ش، هو أن جيل الأساتذة اليوم هم من الجيل المؤمن الملتزم الذي لم يكن لدينا إلّا القليل منه عام 1359 هـ.ش. لا أقول بأنه لم يكن موجوداً عندنا، لكنّه كان قليلاً. جامعاتنا اليوم تزخر بالأساتذة و الطلبة و المدراء المؤمنين و الحمد لله. لذلك لا يراودني القلق إزاء الجامعات. طبعاً أخاطبكم أيها الطلبة، فأنتم رجال هذا الخندق و عليكم الحذر و القلق عليه لئلّا يطاله الوهن. عليكم ترصين جدرانه ثقافياً و فكرياً. أن بناء الذات يمثل واجباً على الطلبة في شتى المجالات الفكرية و الأخلاقية و الثورية سواء على الصعيد الشخصي أو على مستوى الوسط الجامعي و بناء الذات.. هذا هو ترميم هذه الخنادق و الحصون.
الموضوع الذي یتکرر كثيراً في الجامعة في أيّامنا هذه هو الحرية. إذ يقولون بأن الحرية تؤخذ و لا تعطى. بيد أنني أقول بأن الحرية تعطى و تؤخذ و تُتعلم أيضاً. فما معنى القول بأن الحرية تعطى؟ يعني أنّه لا يحق لمسؤولي الحكومات سلب حق الحرية الطبيعي - أي الحريات المشروعة - من أي كان. طبعاً ليس ذلك امتناناً من الحكومات بل عليها أن تعطي الحرية ـ فذلك يمثل واجباً مفروضاً عليها. و القول بأن الحرية تؤخذ معناه وجوب أن يعرف كل إنسان واع ذي شعور في المجتمع حريته و حدوده و يطالب بها. و القول بأن الحرية تُتعلم معناه أن للحرية آدابها و ثقافتها التي يجب تعلمها. فلن تتوفر هذه النعمة العظمى لأي فرد و مجتمع كما ينبغي بدون الثقافة و آداب الحرية. فلو لم تتوفّر آداب الحرية في المجتمع و لم يعرف أبناؤها كيفية استثمارها، فليطمئنوا أنهم سيفقدون هذه الحرية الضرورية لكل مجتمع ناشط و ناهض و رائد، و هذا ما يعتبره الإسلام كارثة بالنسبة للمجتمع. فلو ضاعت الحرية، فستحدث كارثة. و لا فرق في نظر الإسلام بين الاستبداد و الدكتاتورية - سواء الفردية أو الجماعية، فكلاهما على حد سواء، و الدكتاتورية الحزبية شأنها شأن الدكتاتورية الفردية و هي أسوأ منها في بعض الأحيان - و إذا ما حاول شخص الهيمنة على مقدرات الناس في ضوء أهوائه النفسية فإن ذلك أمر مرفوض و هو بمثابة الكارثة إذا ما حصل في مكان ما. إذا لم نتعلم كيفية التعامل مع الحرية و إذا لم نعرف ثقافة الحرية و آدابها، فستحدث هذه الحالة. هناك البعض يريدون هذه الحالة. و هناك فئة أخرى تحاول إثارة الفوضى من خلال عدم التعرف على ثقافة الحرية لكي یتعطش الناس لمستبد متغطرس. في بعض المجتمعات تفعل الفوضى و الاضطرابات و الانفلات و فقدان الأمن فعلتها بحيث يتمنى الناس أن يأتي إنسان مستبد متغطرس لیوفّر لهم النظام! في بعض المجتمعات تفعل الفوضى و الاضطرابات و الانفلات و فقدان الأمن فعلتها بحيث يتمنى الناس أن يأتي إنسان مستبد متغطرس لإقرار النظام! فيسعى البعض لجرِّ هذا المجتمع إلى ذلك الوضع. يستغلون الحرية استغلالاً خاطئاً و يتلاعبون بأفكار الجماهير و مشاعرهم و إيمانهم و طموحاتهم و حاجيات المجتمع ليدفعوا المجتمع نحو الانفجار. هؤلاء هم أعداء الحرية. فينبغي عدم الإساءة للحرية و استخدامها كحربة تستهدف صدور حراس الحرية. كما ينبغي عدم التلاعب بالحرية. فأولئك الذين ينادون باسم الحرية دون أن يتمسكوا و يلتزموا بثقافتها، إنما يوجهون ضربة لها. هؤلاء ليسوا أنصاراً للحرية بل خونة لها. ينبغي عدم اتخاذ الحرية أداة لانتهاك القانون و مطرقة يضرب بها أصل نظام الجمهورية الإسلامية. ليس هناك نظام في شرق العالم و غربه يصفح عمن يأخذ مطرقة يضرب بها أصل ذلك النظام، لكن نظام الجمهورية الإسلامية فعل هذه الكرامة. إذ تلاعب البعض خلال فترة طويلة كما يحلو لهم بإيمان الناس و طموحاتهم باسم الحرية، و التزمت الجمهورية الإسلامية جانب الصمت لأي سبب من الأسباب فتحملن النظام و صفحت و كانت كريمة.
إنني كخادم لكم و أخ للحاضرین في هذا الاجتماع حريص على كرامتكم و محب لشريحة الطلبة، أقول لكم: من الآن فصاعداً لا يحق للجمهورية الإسلامية و مسؤوليها و لا في نيّتهم محاباة الذين يريدون التحرك و العمل بما يتعارض و مصالح الشعب و الحرية و مصير هذا الشعب. فقد جلس هؤلاء في مجالسهم و محافلهم و قالوا إننا نريد أن نطيح النظام بشكل قانوني! إنه أمر عجيب! نحن لا نعرف شيئاً باسم الإطاحة القانونية. فكل حركة أو محاولة يراد منها الإطاحة، هي بمثابة إعلان للحرب. و حكم المحارب في الإسلام واضح . و هذا ما لا يختص بنا، إننا بسبب مواجهتنا هذا الكم من الأعداء و تعرضنا للحصار الاقتصادي و الإعلامي العالمي علينا بالمزيد من التأمل. لكن الآخرين يفكرون هكذا.
لقد كان ثوريّونا منذ بداية الثورة على وجهين و لعبوا دورین فمنهم من كان ثوريّاً إيجابياً و منهم من كان سلبياً. كنا نطلق صفة السلبي على من كان ينسحب من ساحة العمل و السعي و التحرك إذا ما كانت نتيجته المتاعب. فهو ثوري، لكنه يبحث عن الجاه و يطلب الدعة. الثوري الذي كان يقول: إنني ناضلت قبل انتصار الثورة، أما الآن فأريد المحافظة على مکانتي بين الناس. لذلك لم يدخل مثل هؤلاء ساحة الأخطار و المتاعب و المواضع التي يتعرض فيها الإنسان إلى لوم اللائمين.
کان هناک ثوريون إيجابيون. فكانوا على استعداد للتضحية باعتبارهم كانوا يتواجدون في أي مجال يشعرون فيه بالقدرة على تقديم المساعدة. سواء كان ذلك في الجبهة أو الجامعة أو الساحة الثقافية أو السياسية. فالثوري السلبي يتنحى عن العمل، و إذا ما أوكل إليه العمل أحياناً، فيتخذ كمن لا تقع عليه أية مسؤولية وضعاً سلبياً بالمعارض و كأنه لا يتحمّل المسؤولية في أي عمل، لكن الثوري الإيجابي يشعر بأنه من أكثر الأشخاص مسؤولية و يدخل الساحة و إن لم يكن يقوم بأي عمل.
إنني أقول لكم: أعزائي! أيها الشباب! عليكم أن تكونوا ثوريين إيجابيين. على الجامعة تربية ثوريين إيجابيين، إن هذا الشعب و التاريخ بحاجة إليكم و عليكم أن تستعدوا . لو تواجدتم في الساحة، سيكون المستقبل الذي بانتظار البلد، مستقبلاً مشرقاً للغاية. نحن اليوم لا يضاهينا أي بلد في بعض الميزات و قليل من يناظرنا في البعض الآخر. نحن من البلدان النادرة التي تتمتع بمثل هذا الموقع الإستراتيجي حيث نمثل حلقة الوصل بين جناحي العالم، و كذلك وقوعنا في منطقة تتنوع تضاريسها و أحوالها مما يجعلها مؤهلة لكل نشاط و عمل. و لا يضاهينا بلد في العالم من حيث توفر بعض الثروات الكامنة في العالم، أو على الأقل وجود هذا الكم الهائل من المصادر المختلفة الكامنة تحت الأرض في العالم، سواء كان النفط و الغاز و غيرها من الثروات من ناحية أو الطاقات الإنسانية. فلدينا هذا العدد الكبير من الشباب، و هم ليسوا شباباً تافهين خاملين. بل الشاب الإيراني يتمتع بالموهبة و الوعي و اليقظة.
لو تعاضد الشعب و الحكومة و نزلا إلى ساحة العمل - كما هو الحال الآن و الحمد لله - بالأمل بالمستقبل و التحلي بالوحدة و التآلف و ترك الأحاديث التي یسعى العدو لحقنها في أذهان الناس بممارسة الضغط، و عملا على توحيد جهودهما أكثر فأكثر، فاعلموا أن بلدنا سيرتقي ذروة المجد على مدى مستقبل ليس ببعيد و سترون هذا المستقبل بأنفسكم بالتأكيد. هذا ما نستحقه على صعيد الإمكانيات الإنسانية في العالم. نحن نتمتع بالمواهب و التاريخ، فالقرن الرابع الهجري - أي العاشر الميلادي - كان فترة ازدهار بالنسبة لنا. أنتم تعلمون أن القرن العاشر الميلادي هو قرن بداية العصور الوسطى المشهورة في أوربا، حيث استغرق سبعة قرون. طبعاً لم تبتدئ العصور الوسطى من القرن العاشر الميلادي، بل سبقته في انطلاقتها. لكن القرن العاشر الميلادي هو ذروة الانحطاط في أوربا. هل تعلمون ما كان يجري في إيرانكم و المجتمع الإسلامي في القرن العاشر الميلادي أو الرابع الهجري؟ القرن الرابع الهجري، كان قرن ازدهار العلم و الفلسفة في بلدكم و العالم الإسلامي، فهو قرن ابن سينا و الفارابي و الرازي و قرن الحكماء الإلهيين العظماء و قرن الشخصيات التي ما زالت آثارهم العلمية تهيمن على الدنيا حتى أيامنا هذه التي نعيش فيها. لا شك في أن إيران اليوم أكثر استعداداً عما كانت عليه في عهد ابن سينا و الفارابي و الخوارزمي و الرازي و الشيخ الطوسي و غيرهم من العلماء و أكثر قدرة على تربية مثل هذه الشخصيات العظيمة. فلماذا لا يسمحون. و إذا كانوا لا يسمحون، فلماذا نخصع لهم؟! و لماذا نعمل وفقاً لمآربهم؟ لماذا ينفذ الشاب أو السياسي أو المثقف الإيراني نفس ما يريده أرباب السياسة من الصهاينة و الأمريكان و الآخرين بغية إعادة فرض هيمنتهم على إيران؟ يا له من عار! إنه عار في قلوبنا و إن لم يعلم به أحد. يجب أن يكون نتاج جامعاتنا ثورياً إيجابياً ناشطاً مسؤولاً مؤمناً متفائلاً و هذا ما أتمناه. إنني ألمس هذا عندما أنظر إلى الأوساط الجامعية لا سيما هذه الجامعة العزيزة.
النقطة الأخيرة تتعلق بالطلبة الناجحين في المسابقات العلمية الدولية و المتميّزين من الطلبة في هذه الجامعة و الجامعات الأخرى. علي أن أقول نقطتين فيما يتعلق بهؤلاء. النقطة الأولى هي أن على الحكومة و المسؤولين معرفة قدر هؤلاء و توفير الإمكانيات لهم. و لا ينحصر العباقرة و المتميزون عقلياً و فكرياً على بهؤلاء، بل لدينا الكثير بين الطلبة و الأساتذة الشباب و غيرهم ممن أثبتوا تفوقهم الواضح في الامتحانات و المسابقات و الاختبارات المختلفة. فعلى الحكومة معرفة قدرهم و توفير مستلزمات تقدمهم العلمي كي لا يشعروا بالحاجة للابتعاد عن أوساطهم.
النقطة الثانية هي أن ينظر هؤلاء أنفسهم إلى مواهبهم و قدراتهم الذهنية على أنها ثروة وطنية، فهي ليست ثروة شخصية، و عليهم استثمارها لصالح بلدهم و شعبهم و عوائلهم، إنها مواهب و أمانات إلهية و ليست ملكاً شخصياً. فلا تقولوا إن الحكومة لا تهتم بنا. و إذا لم تهتم بكم الحكومة، فهذا لا يعد عذراً. لقد قلت هذا كي يتذكر حديثنا اليوم هؤلاء الشباب الذين سيصبحون بعد خمسة عشر أو عشرين عاماً من الشخصيات العلمية البارزة في البلد.
الرد على الأسئلة
سؤال: ما هو رأيكم بالصحف و الصحافة؟ و هل تؤيدون ما تقوم به السلطة القضائية؟
الجواب: هذا السؤال كثيرا ما يوجه إلي. و جوابي هو: إنني اعتبر الصحافة ظاهرة ضرورية لا بد منها لمجتمعنا و كل مجتمع يريد الحياة الطيبة. أرى أن على الصحافة ثلاثة واجبات أساسية هي: النقد و الإشراف، و إيصال المعلومات الصحيحة و الواضحة، و طرح الآراء و تبادل الأفكار في المجتمع. أعتقد أن حرية القلم و التعبير عن الرأي حق مسلم به سواء للشعب أو الصحافة و لا أشك في ذلك أبداً، بل هو من الأصول التي ينص عليها الدستور. كما اعتقد بأن المجتمع لو افتقد الصحافة الحرة الراشدة و الأقلام الحرة الواعية فإنه سيفقد الكثير من الأمور الأخرى، فوجود الصحافة الحرة من بوادر تكامل الأمة و هو بحد ذاته مصدر للتكامل. فهي من ناحية نابعة عن تكامل الشعب و حريته و من ناحية أخرى تؤدي بدورها إلى تنامي حالة التكامل في الأمة. طبعاً اعتقد أن هناك قيماً و حقائق أخرى إلى جانب تلك القيمة، و یجب عدم تضييعها بسبب حرية الصحافة و القلم. إن الميزة العظيمة هي أن يستطيع المرء الحفاظ على الحرية و إدراك الحقيقة، و أن تتوفر الصحافة الحرة لديه و كذلك أن لا تحيق به الأضرار. فينبغي التحرك في هذا المسير.
و بالنسبة لتعامل السلطة القضائية، علي أن أقول: لا يحق لأحد - و هذا یخصني أنا أيضاً - التدخل في عمل المحاكم و الحكم القضائي. فيجب على القاضي اتخاذ القرار بكل حرية. يجب عدم إثارة الأجواء ضد القاضي. يجب أن يتمكن القاضي من إصدار الحكم في ضوء القانون بعيداً عن کبت الأجواء. لذلك يجب عدم التدخل. حسب معلوماتي بشأن المحاكمات التي جرت لبعض الصحف، فلم يحدث هناك أي تدخل. إنني اعتقد أن الإشراف على الصحافة أمر ضروري و يعد واجباً. هذا ما يصرح به الدستور و قانون المطبوعات و القانون العادي أيضاً. من المسلم به أنه لا تضمن مصالح الشعب و طموحاته دون وجود الإشراف. هناك البعض يتصور أن الرأي العام منطقة حرة فيمارسون ما يحلو لهم دون حدود! إن الرأي العام ليس فأر مختبرات ليخضع لتجارب من يفعل ما يحلو له. إنهم يزعزعون إيمان الشعب و مشاعره و معتقداته و مقدساته عن طريق التحليلات الخاطئة و نشر الشائعات و إثارة التهم و الأكاذيب. هذا ليس أمراً صحيحاً. لذلك لا بد من الإشراف لئلا تحدث هذه الأمور. هذا يعد واجباً، و إذا لم يجر القيام بهذا الواجب، فينبغي وضع علامة استفهام على الأمر. فمن هو المسؤول؟ المسؤول هي المؤسسات الحكومية بالدرجة الأولى و الأجهزة القضائية بالدرجة الثانية. لو قامت المؤسسات الحكومية بواجبها، فلن يصل الدور إلى السلطة القضائية. لكن إذا عجزت الدوائر الحكومية عن القيام بما يقع على عاتقها لأي سبب كان، فعندئذ يتعين على القاضي التدخل. فمثل القاضي كالحكم. ينبغي أن لا نتوقع من القاضي التوقف عن إصدار الحكم. فالحكم في الملعب يحذر اللاعب المخطئ و ينبهه في البداية، فإن لم يجد التحذير يشهر له البطاقة الصفراء، و إن لم ينفع الأمر معه فيعاقبه بالبطاقة الحمراء، فمن يلاقی تحذیراً و لا یبالي له أو لا يتوقف عن المخالفات، يوجه الیه تحذیر ثان، فإن لم ينفع معه تشهر بوجه البطاقة الصفراء و إذا لم ينفع معه حتى هذا الإجراء فمن الطبيعي أن تُشهر بوجهه البطاقة الحمراء. هذا ما لا مفر منه.
يجب أن لا يعتب أحد على القاضي. من يريد توجيه أفكار الناس بصورة غير مسؤولة، فهو يتمتع بالأهلية للقيام بذلك العمل. لا بد أن توجّه أفكار الجماهير بالصحافة. و إذا ما حاول مغرض لا سمح الله أو متجرد عن المسؤولية الإمساك بعملية الترشيد و التوجيه هذه، فمن المتيقّن أنه سیرتکب أخطاء. ليس هناك من يسمح للثمل أو من يغلب عليه النعاس بالسياقة، و إن سمح له بالسياقة، فإنكم تأبون ركوب سيارته.
من يريد الإمساك بالقلم لا بد أن تصبح التقوى و الصدق و العفة و إنصاف الآخرين جزءاً لا يتجزء منه . في الكلمة التي ألقيتها مطلع هذا العام قلت: إن بعض الصحف بمثابة قواعد للعدو. مما أثار دهشة البعض! لقد سمعت مؤخراً انتشار الوثائق الخاصة بالدور الذي لعبته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية خلال الفترة التي سبقت أحداث يوم 28 مرداد، طبعاً لم أر هذه الوثائق، لكن ما نقل لي في غاية الظرافة. فهو يكشف عن الصحف التي كانت تنشر في طهران بميزانية الاستخبارات الأمريكية و توجيهها تمهيداً لواقعة 28 مرداد، طبعاً لقد لاحظنا نماذج لهذه الممارسات في بلدان أخرى، كشيلي في عهد سلفادور اليندي، حيث كانت الصحف تلعب أدواراً مهمة لتصوير حكومة اليندي التي استمرّت في الحكم سنتين على أنها حكومة فاشلة و لتحشيد الرأي العام ضدها، حتى استطاعوا في نهاية المطاف الإطاحة به. طبعاً لم يصدر في ذلك اليوم اعتراف عن أحد، لكن أدرك الجميع فيما بعد من هم الذين كانوا وراء ذلك، و ما هي دوافع الذين جاؤوا إلى سدة الحكم و من أين استلموا الأوامر؟ و من هم الذين مهدوا لهم؟ فلا يمكن الصبر حتى تقع الكارثة ثم نكشفها. بل لا بدّ من ملاحظتها اليوم و التحرك ببصيرة واعية.
سؤال: هل المؤسسات و الأجهزة التابعة للقيادة تخضع للرقابة و الإشراف و التفتيش، أم أنها فوق الرقابة؟ و هل يخضع ممثلوكم في المؤسسات و المحافظات للرقابة و الإشراف؟
الجواب: علي أن أقول: ليس هناك من هو فوق الرقابة و الإشراف حتى القائد، ناهيك عن الأجهزة التابعة له. لذلك على الجميع أن يخضعوا للرقابة و الإشراف. الرقابة على أرباب الحكم - لما تعنيه الحكومة و السلطة بطبيعة الحال، من اجتماع القدرة و الثروة، أي بيت المال و السلطة الاجتماعية و السياسية بأيدي الحكام - لكي يتحلّوا بالأمانة و أن لا يسيئوا استغلال السلطة أو تصاب نفوسهم بالطغيان - أمر ضروري و لا بد منه. طبعاً تصنيف المؤسسات و الأجهزة بهذا الشكل - بعضها تابع للقيادة و بعضها غير تابع للقيادة - تصنيف خاطئ، ليس لدينا مثل هذا التصنيف. حسب ما ورد في الدستور، فإن السلطات الثلاث، التنفيذية و القضائية و التشريعية تخضع لإشراف القيادة. و هكذا الحال بالنسبة لسائر المؤسسات. فالخضوع لإشراف القيادة لا يعني أن القائد هو الذي يتولى إدارة الجهاز. لكن لا فرق في الأمر إذ لا بد من خضوعها للإشراف. لكن للأسف لا تزال الرقابة و الإشراف في بلدنا غير تخصصي و علمي و كفوء. و في بعض الحالات لا يكون هذا الإشراف محايداً. و علينا الاعتراف بذلك. طبعاً جدير بالمؤسسات الحكومية و المؤسسات العامة أن لا تخاف من المحاسبة. عليها محاسبة نفسها لكي لا تخاف من المحاسبة. لذلك فالأجهزة التابعة للقيادة تخضع هي الأخرى للرقابة و الإشراف. إننا نعتقد بضرورة عمليات التفتيش. طبعاً يوجد حالياً مثل هذا الإشراف و تخضع المؤسسات للرقابة. و لا يعني، أنه لا يقع خطأ لكن ليس على أساس التساهل و التهاون إزاء الخطأ.
سؤال: ما هي القنوات و الكيفية التي تطلعون من خلالها على مجريات الأمور و القضايا في المجتمع؟ هل يطلعونكم على كل شيء؟
الجواب: إنني أسعى أن أكون على اتصال مع الواقع عن طريق المصادر الرسمية و غير الرسمية. و التقارير التي تصلني متنوعة للغاية. سواء تقارير الأجهزة الأمنية في وزراة الأمن أو القوات المسلحة أو تلك المتعلقة بالأجهزة الخبرية من الأجهزة الحكومية. كما أن قسماً من مكتبنا مهمته إيصال المعلومات، مثل مكتب العلاقات العامة و مكتب التفتيش، فهما على اتصال دائم مع الشعب عن طريق الرسائل أو الهاتف. كثيراً ما ألتقي بالأشخاص و شرائح الشعب المختلفة و أتلقي الكثير من الرسائل. على أي حال فإن لي آذاناً صاغیة ، لكنني في الوقت ذاته لا أدعي معرفتي بكل ما يحدث. لا يمكن أن أطلع على كل شيء؛ طبعاً يمكن أن أعرف أموراً و أجهل أخرى. إنني أعتقد بأن انقطاع من يتولى مسؤولية في جهاز حكومي - سواء المسؤولية التي تقع على عاتقي أو التي يتحملها سائر المسؤولين - عن الحقائق و ابتعاده عن الناس يمثل عنصر انحطاط. أعتقد بأن على المسؤول أن لا يسمح لنفسه بالابتعاد عن حقائق المجتمع و الأخبار الجارية فيه. طبعاً الانقطاع عن الناس أو كما يعبر عنه أمير المؤمنين عليه السلام، الاحتجاب عن الرعية أمر خطير للغاية، و قال علیه السلام لمالك الأشتر قلة علم بالأمور فالإنسان يضعف لديه الاطلاع على جميع الأشياء نتيجة احتجابه عن الناس. طبعاً إنني أذهب إلى زيارة الأشخاص في بيوتهم. من الأعمال التي قمت بها منذ بداية رئاستي للجمهورية و حتى الآن - و قد تزداد أو تنقص - هي الذهاب إلى بيوت الأشخاص و جماهير الشعب و الجلوس على بساطهم و محادثتهم و الاستفسار عن حياتهم عن کثب . طبعاً الاطلاع على الناس، قسم من المعلومات، و القسم الثاني هو الاطلاع على العدو. لم يسألني أحد هل لديك معلومات عن العدو أم لا؟ لكنني أقول بنفسي: نعم، فلست غافلاً عن العدو. هناك الكثير ممن يتصورون أننا نرمي سهامنا وسط الظلام حين نتحدث عن العدو. كلّا، ليس هذا رمي للسهام في الظلام، فإننا نعلم و نشعر بوجود العدو. خلال الأيام الأخيرة نشرت بعض الصحف الأمريكية أخباراً عن تصريحات أدلى بها رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية و انعكست في بعض صحفنا أيضاً. كان يقول: لدينا جواسيس ناشطون في بعض الدول منها إيران و يتكلمون بلغة تلك البلدان. ثم تحدث عن إيران خاصة. فقال: لدينا جواسيس في إيران و لغتهم هي الفارسية و متوسط أعمارهم 30 عاماً. و قد يتبادر لدى البعض التساؤل: لماذا يقولون هذه الأحاديث. إذا ما استفاضت المعلومات، ستقل أهميتها بالنسبة لصاحبها. لذلك يمكن إدراك الكثير من الأمور من الأحاديث هنا و هناك. نعم، تجاهل العدو لا يعتبر ميزة و حُسناً.
خلال عهد الشاعر حافظ، تعاقب على حكم شيراز أربعة أمراء منهم الملك الشيخ أبو إسحاق - طبعاً كان اسمه الشيخ و لم يكن شيخاً - و قد ذكر اسمه حافظ في عدة مواضيع، لأنه كان يحبه كثيراً. كان الشيخ أبو إسحاق شاباً جميلاً من أهل اللهو و اللعب. كان الأمير مبارز الدين - الذي كان أحد سلاطين تلك المنطقة - قد تحرك من كرمان نحو شيراز. و كان يقصد احتلالها. و اتسم زحفه بالهدوء لئلا يشعر به أهالي شيراز ليفاجئها بالحصار و لا يمنح أهاليها فرصة للدفاع عنها. لكن بعض الناس اطلعوا على الحدث و جنود الحكومة عرفوا القضية. لكن أحداً لم يكن يتجرأ على إخبار الملك الشيخ أبي إسحاق. حتى وصل العدو إلى قرب شيراز و حاصر المنطقة بأكملها. و أخيراً وجد وزير الملك الشيخ أبي إسحاق عدم إمكانية البقاء على هذا الحال، فغداً سيهجم العدو على شيراز و الملك لا يعلم بوجود العدو على مقربة من المدينة. فهل هذه ميزة بالنسبة للمسؤول أن لا يعلم أين يكمن العدو؟! فذهب الوزير إلى الملك الشيخ أبي إسحاق، لكنه لم يتجرأ على أن يقول له الأمر بشكل مباشر! فدخل من مدخل آخر و قال له: إن الجو لطيف جداً و الفصل ربيع و الصحراء زاهرة بالخضرة. ألا تحب الصعود إلى أعلى القصر لتتفرج علی المنظر؟ و بهذه الذريعة أخرج الملك من القصر و ذهب به الی أعلى القصر. لما ذهب الملك إلى أعلى القصر و نظر إلى المنظر، لاحظ أن حشوداً أقاموا معسكراً في الصحراء. فتساءل لمن هذا المعسكر؟ قال له إنه للأمير مبارزالدين. قال: متى جاءوا؟ قال له - على سبيل المثال - قبل عشرة أيام. و بدلاً من أن يستعد هذا الملك عديم الغيرة و الحياء للحرب و يلبس لباس الحرب - طبعاً حارب فيما بعد و وقع أسيراً، ثم قتل - قال: ألم يشعر هؤلاء بالأسف و الحسرة حين جاءوا للحرب في مثل هذه الأجواء الربيعية الطيّبة! فلا يمكن أن يتولى المرء المسؤوليات المهمة هكذا.
سؤال: ما هو رأيكم بالعنف؟ إنكم تتحدثون عن الرحمة و منطق الحوار، لكن البعض من التيارات المختلفة لا يزال تدق على طبول العنف، فكيف يمكن معالجة هذا؟
الجواب: فيما يتعلق بقضية العنف يمكن النظر إليها من جهتين. أو بعبارة أخرى يمكن ملاحظة قضية العنف من بعدين. أولهما البعد الأخلاقي و الحقوقي و الآخر البعد الإعلامي و الحرب النفسية. ينبغي عدم الخلط بينهما. على صعيد البعد الأخلاقي و الحقوقي فإن موقفنا معلوم إزاء العنف؟ لقد قلنا مراراً، بأن من يتجاوز على حقوق الناس أو يمارس العنف بشكل غير قانوني، فهو مدان. هذا ما يعتقد به الإسلام. هناك حدود في الإسلام من قبيل الحد و العقاب للتصدي لمن يكون حب القتل و السرقة في كيانه. لا جدل في ذلك على الإطلاق. لقد قلت مراراً، كما قلت في صلاة الجمعة أيضاً، إنني أعارض المساواة بين العنف و بين الحدود الإسلامية. و لا فرق في ذلك بين التيارات و الفئات المختلفة. إذا ما وقعت الإساءة لا يمكن أن يقال بأن هذا الشاب طيب أو أن هذا الشاب تابع للتيار الفلاني أو الشاب الفلاني التابع للمكان الفلاني قام بهذا العمل، ليقل سوء ذلك العمل بعد ذلك. كلّا، فالإساءة، إساءة و ذلك مما لا جدل فيه. و هناك تيار إعلامي يشن حرباً نفسية ضد الثورة. فمن هم الذين أثاروا لأول مرة قضية العنف كوصمة سلبية لبلدنا على المستوى الدولي؟ هم الذين انغمست أيديهم - أي الأمريكان - حتى المرفق بدماء الأبرياء، و أولئك الذين ما زالوا يصرون على اغتيال من شاؤوا في العالم بصورة غير قانونية و يسعون الآن لإضفاء الصفة القانونية على ممارساتهم هذه! هم الذين يتحدثون عن العنف و يدينونه. و الصهاينة و إذاعتهم يتحدثون عن العنف. هي قضية تطرح كقضايا سياسية و إعلامية. ليس شيئاً يمكن للإنسان النظر إليه كأمر حقيقي، ليتسنى له إبداء وجهة نظره بشأنها. ينبغي عدم الغفلة عن هذا. هناك البعض يتعطشون للسلطة، هؤلاء هم المرضى و السفهاء لذلك يرددون هذه الأقاويل و يكررونها. إنهم يتهمون الإمام العظيم الذي كان مظهراً للرحمة و العطف بالعنف. كان الإمام إنساناً عارفاً و مظهراًَ حقيقياً للرحمة، ذلك الرجل الذي قاد الثورة بكل صلابة، كان كثير الحساسية إزاء القضايا العاطفية. هذا ما لمسته في شخصية الإمام مراراً.
خلال إحدى زياراتي لأحدى محافظات البلد، جاءتني والدة أحد الأسرى الذين استشهدوا فيما بعد و قالت لي جملة تعبر عن حبها للإمام، و أكدت على أن أوصل كلامها للإمام. و قد نقلتها لسماحته فشاهدته تأثر كثيراً كإنسان حزين للغاية و أجهش بالبكاء. و خلال أيام الحرب حيث جاء الأطفال إلى صلاة الجمعة يحملون الصناديق التي جمعوا بها النقود لإهدائها إلى جبهة الحرب، في اليوم التالي ذهبت لزيارة الإمام و كان سماحته قد شاهد هذا المنظر عبر الشاشة الصغیرة، و تأثر إلى أبعد حد، ما أثار دهشتي حقيقة.
كان الإمام مظهراً للعواطف، و كان إنساناً رؤوفاً ودوداً و في غاية العاطفة. هم يتهمون مثل هذا الإنسان بالقسوة. لماذا؟ لأنه في عهده تم تنفيذ حكم القانون بحق عدد من المحاربين القتلة المجرمين في قضية عمليات المرصاد. حارب البعض هذا الشعب و له عقوبته المحددة في الدستور و الإمام بدوره نفذ أمر القانون. طبعاً لم يقم الإمام بهذا العمل بنفسه، بل الأجهزة المسؤولة آنذاك هي التي قامت بهذا العمل. لكنهم كانوا يتهمون الإمام بالقسوة! و اليوم هناك البعض من المغفلين أو السفهاء أو ممن يجهلون مخططات العدو يكرّرون هذه الأقاويل في الداخل. إنه لظلم في الحقيقة أن يأتي من يطرح هذه القضية - التي هي عبارة عن حرب إعلامية و نفسية ضد الثورة و الإمام و القيم الإسلامية - على أنها مكافحة للعنف. فما هي علاقتها بقضية العنف؟! فإن آراء الجميع واضحة . في تلك الأيام أصدر الإمام بياناً شديد اللهجة ضد الذين كانوا يمارسون شيئاً من العنف في بعض الأحيان بحق الذين لم يراعوا المظاهر الإسلامية. هؤلاء كانوا من عناصر الثورة، لكن الإمام أصدر بياناً ضدهم، لأنهم كانوا يبدون العنف و كان عملهم غير قانوني و غير منطقي.
سؤال: ما هي الإجراءات التي اتخذت لتسهيل عمل الطلبة و زواجهم؟
الجواب: خلال لقائي الأخير بالمجلس الأعلى للثورة الثقافية ذكّرت من جديد بقضية العمل بالنسبة للخريجين، و هي باعتقادي قضية مهمة للغاية و إنني أتابعها. كما أنني أوصيت مؤخراً بعض كبار المسؤولين في البلد خاصة المجلس الأعلى للعمل بشأن القضية و كان لذلك أثره و الحمد لله و إنهم يقومون الآن بأعمال معيّنة على هذا الصعيد. نتمنى أن يعالج جانب من قضية عمل الطاقات المتخصصة - و هي قضية مهمة للغاية - بمهمة مجلس الشورى الإسلامي و الحكومة و المجلس الأعلى للثورة الثقافية و المعنيين. طبعاً جانب من هذه المسألة مرتبط بالوضع العام لاقتصاد البلد، و لا يمكن التفاؤل بمعالجة المشكلة كلها على المدى القريب، لكن المسلم به أنه من الممكن القيام بأعمال مهمة. ثمة علاقة بين قضية العمل و قضية الزواج و إحدى العراقيل في طريق الزواج هي قضية العمل، لكن عليّ أن أقول فيما يتعلق بقضية الزواج، يا أعزائي، لا تستهينوا بالعقبات الثقافية في طريق الزواج. فالزواج ضروري للشباب و هم يرغبون فيه. لكن ثمة عراقيل. لا تقتصر جميع العراقيل على المشاكل الاقتصادية، فإن العراقيل الاقتصادية هي جانب من المشكلة. المشكلة الرئيسية، هي ثقافية و تتمثل في الأعراف و التفاخر و التكاثر و التقليد و حب التفاخر، فهي التي تحول إلى حد ما دون تنفيذ ذلك العمل الذي يجب تنفيذه. فعليكم أنتم و عوائلكم معالجة هذه العقد. إنني أشعر بالسرور لمراسيم زواج الطلبة التي تقام سنوياً، و إذا تعودوا على إقامة مراسم الزواج على بساطتها و بعيداً عن البهرجة و الأعمال التشريفاتية، فإنني أتوقع حل الكثير من المشاكل. أساس الزواج في الإسلام يقوم على البساطة. هذا ما كان سائداً في بداية الثورة، لكن ثقافة التكاثر و التفاخر و الثراء عقدت الأمور إلى حد ما، و مما يؤسف له أن بعض المسؤولين اختلقوا المشاكل بسبب مراسم الزواج التي أقاموها لأبنائهم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته