بسم الله الرحمن الرحيم
شكراً جزيلاً للأصدقاء الأعزاء الذين نظموا هذه الجلسة و منحوني هذه الفرصة للقاء بهذه الجماعة المحترمة و العزيزة من أرباب العمل في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك - و هي أيام مغتنمة و عزيزة - و الاستماع لهذه الآراء المفيدة من الأحباء. طبعاً أنا واثق من أن لديكم الكثير من الكلام. كل واحد منكم من أي قطاع شارك في هذه الجلسة له اقتراحاته فيما يتصل بقطاعه و له آراؤه الجديدة، و له بشائره بلا شك، و هي بشائر تبعث على ارتياح شعبنا و بلدنا - و مثال ذلك الأمور التي ذكرها الأصدقاء و كانت مرضية و مريحة جداً لشعبنا العزيز - و له أيضاً نقوده و مؤاخذاته و مطاليبه الحقّة كلها.
قبل يوم كانت لنا جلستنا مع أهل العلم، و هذه جلستنا اليوم مع أهل العمل. و مع أن الكثيرين منكم من أهل العلم أيضاً إلا أنكم أرفقتم العلم بالعمل. و كما جاء في الرواية الشريفة: »العلم يهتف بالعمل فإن أجاب و إلا ارتحل«.(1) العلم يدعو العمل فإذا جاء العمل وراء العلم بقي العلم و إلا زال و تلاشى، أو ربما أمكن القول إن العلم في هذه الحالة ينمو و يكبر و يرشد. و إذا لم يأت العمل تبعاً للعلم لم يبق العلم، »و إلا ارتحل«. إذا لم يكن عمل زال العلم. هنا يمكن إدراك أهمية العمل. العمل من دون العلم قليل التأثير، و العلم من دون عمل لا تأثير له. هذه هي أهمية العمل.
حسناً، حينما يكون العمل مهماً إلى هذه الدرجة، إذن سيكون إنتاج العمل مهماً أيضاً و بنفس الدرجة. إذا استطاع شخص توفير أرضية العمل كان فعله هذا عبادة. يجب أن لا تقتصر النظرة لهذا العمل الذي يتم توفيره و إنتاجه، على أننا استطعنا توفير فرصة عمل لأحد العاطلين ليكون له دخله و وارده. هذا الشيء بحد ذاته جيد جداً و ضروري و لا شك في هذا. أي إن إنتاج العمل و توفير فرصه في البلاد من شأنه إنتاج الثروة. كما أن الرأسمال و الرأسمالي ينتج العمل - سواء كان هذا الرأسمال مالياً أو علمياً - كذلك ينتج العامل الرأسمال و الثروة. هذا بالطبع جانب مهم في العمالة بيد أن أهمية العمالة لا تقتصر على هذا الجانب. البعد الآخر لأهمية العمالة هي أنكم تقومون باستخراج كنـز من الكنوز. الإنسان الذي يتجلى بمواهب معينة و بوسعه أن ينتج و يبدع و يخلق كان منعزلاً في زاوية من الزوايا و قمتم بتشغيله أي باستخراج كنوزه الداخلية. هذا شيء على جانب هائل من الأهمية. الإنسان العاطل عن العمل تبقى مواهبه التي أودعها الله فيه خفيةً راكدة، و حينما توفرون له عملاً تفجّرون في الواقع ينبوعاً في داخله كان راكداُ حبيساً لا ينتفع منه أحد و لا يرتوي منه ظمآن. إذن، العمالة و توفير الأعمال لها بعد اقتصادي مهم جداً، و لها كذلك جانب إنساني رفيع جداً.
لذلك أقول إن إنتاج العمل في القطاعات المختلفة عبادة. طبعاً الأصدقاء الأعزاء الذين تحدثوا اليوم أشاروا إلى جوانب محدودة من الأمور، فالأمور لا تنحصر بما طرحوه و أثاروه من قضايا. لإنتاج الأعمال فروع و حقول عديدة في القطاعات الواسعة و المديات الهائلة لمواهب البلاد و الإمكانيات الطبيعية و الإنسانية للبلاد، و أنتم باقة منها و نموذج منها، و يبقى إنتاج الأعمال في البلد مساحةً واسعةً جداً إنتاج العمل عبادة و فعل له قيمته. إنه إنتاج للقيم.
طيب، جلستنا هذه جلسة رمزية في أساسها. صحيح أنني استفدت من كلمات الأحباء، و سوف تبث كلماتكم و ينتفع منها الشعب، بيد أن هذه الجلسة تنمّ عن مدى قدرات بلدنا العزيز. إذا ذكرت الأعمال التي أنجزت في قطاع الزراعة، و القطاعات الصناعية المختلفة، و مختلف المجالات العلمية و التقنية الأخرى، و قطاع الخدمات، و القطاعات التجارية، فسوف يدرك أي مستمع أن بلدنا العزيز و الحمد لله - و كما قلت مراراً - يتوفر على إمكانيات كبيرة. نلاحظ أن بلدنا تحول اليوم إلى ورشة عمل عظيمة عملاقة. العمل يتدفق من كل صوب و هناك الإبداعات و الابتكارات و الاعتماد على العلم و التجارب.
قلت قبل أمس لأساتذة الجامعات الذين تفضلوا بالمجيء هنا و أقول لكم إننا لا نقنع بهذه الأشياء، و لا تظنوا إننا غير مطلعين و لا نرى معدل البطالة في البلاد، لا، كل هذه الأعمال التي أنجزت إنما هي خطوة أولى... كل هذه الأعمال خطوة أولى. و علينا قطع الخطوات اللاحقة. ما هو الشيء المهم لقطع الخطوات اللاحقة؟ المهم بالدرجة الأولى هو أن نعلم أنه يمكن قطع هذه الخطوات اللاحقة. و بعد أن نشعر أنه يمكن المبادرة يجب أن نشعر أن هذه المبادرة واجب.. واجب عظيم.
طبعاً العمل بحد ذاته مهم، لكن العمل و إنتاج الأعمال في الوقت الراهن أهم من أي وقت مضى لسببين. قيل إن العمل في الإسلام مهم، و لدينا الكثير من الروايات عن الأئمة (عليهم السلام) حول أهمية العمل و فضيلته. و الأعمال التي ذكرتموها نماذج لهذه الأعمال الفضيلة المذكورة في الروايات. و قد سجلت هنا هذه الرواية: »من يعمل يزدد قوةً و من يقصّر في العمل يزدد فترة«.(2) حينما تعملون تزداد قدرتكم على العمل. خصوصية العمل هي الزيادة و التصاعد و ليس النقصان و التراجع.. زيادة القوة على العمل و ليس نتاج العمل، فمن الواضح أن نتاج العمل سوف يزداد - حينما تعملون فإن للعمل حصيلة و ثماراً - و لكن يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الرواية إنكم حين تعملون تتضاعف لديكم القدرة على العمل و طاقة العمل. و الذي يقصّر في العمل يزدد فِترةً، أي إن خموله و ضعفه سوف يزداد. و هذه الفكرة لا تختص بالشخص و الفرد فقط، و كلمة »مَن« حيث قال عليه و السلام »مَن يعمل« لا تعني الشخص الذي يعمل، إنما المقصود منها المجتمعات و الأمم أيضاً. كلما عملتم أكثر كلما ازدادت قدراتكم و طاقاتكم على العمل. كلما تحرك الإنسان كلما تضاعف نشاطه الحركي. هذا ما يتعلق بالعمل و قد ورد في الإسلام كل هذا الكلام عن العمل، و من ذلك الرواية التي قرأتها الآن. و لكن قلنا إن هناك سببين يجعلان أهمية العمل، و إنتاج فرص العمل طبعاً، مضاعفة في الوقت الحاضر.
السبب الأول هو أننا في فترة زمنية نستعد فيها لقفزة في التقدم. قضيتنا اليوم ليست مجرد قضية السير إلى الأمام. ظروف البلد بنحو يؤهل هذا الشعب لحركة هائلة و قفزة كبيرة في التقدم. لماذا؟ أولاً تم توفير الكثير من البنى التحتية. و قد ارتفع مستوى العلم في البلاد، و ظهرت قدرات إدارية قوية. من مشكلاتنا في السابق عدم وجود إدارة قوية و سليمة للبلاد. و نتوفر اليوم على تجربة إدارة ثورية قوية تمتد لثلاثين سنة. إذن، هذه بنية تحتية. و قد توفرت أرضيات العمل، و تضاعف الأمل في التقدم. حين يأتون و يقولون إننا صنعنا في الداخل دواءً يحتاجه العالم كله، و هناك ابتلاء بالداء الذي يعالجه هذا الدواء في العالم كله، و لم تستطع أي من المراكز العلمية في العالم لحد الآن صناعة هذا الدواء، و قد استطعنا نحن صناعته، فهذا مما يمنح الأمل لشبابنا طبعاً. حينما يلاحظ الشعب اننا استطعنا من دون أن يدعمنا بلد من البلدان أن نطور العلوم النووية داخلياً فسوف يشعر الشاب بالأمل طبعاً.
كم من البلدان في العالم تتوفر على العلوم النووية و قد استطاعت تطويرها و الحصول عليها بشكل محلي مستقل؟ العدد قليل جداً. توجد مثل هذه البلدان لكنها قليلة جداً جداً. أما الآخرون فأخذوها عن غيرهم. الكثيرون ممن يمتلكون العلوم النووية راهناً - و نحن على علم بذلك و أنا أتحدث عن معرفة و اطلاع - أهدتهم البلدان الداعمة الرزمة النووية كهدية بدوافع إيديولوجية و سياسية و غير ذلك. أما نحن فلا. لقد استطعنا القيام بهذه الأمور بأنفسنا. كما ذكروا في التقارير فقد تم إنجاز أعمال كبيرة في هذا المجال. و على صعيد الخلايا الجذعية استطاع شبابنا بمتابعتهم و دأبهم تحقيق إنجازات كبيرة. هذه الحقائق تبعث على الكثير من الأمل.
إذن، تجربتنا اليوم أكبر، و أملنا أكبر، و بنانا التحتية أكثر، و قد حان فصل الاقتدار و القفزة. لقد وعى الشعب نفسه، و عرف الشباب أنفسهم، و عرف معدل الذكاء العالي في البلاد.. إذن، الفصل فصل القفزة، و حين يكون الفصل فصل القفزة، يكتسب العمل أهمية مضاعفة، و يكتسب إنتاج العمالة أهمية مضاعفة بنفس الدرجة. هذا أحد السببين.
السبب الثاني الذي يجعل العمل و إنتاج العمالة مهماً بالنسبة لنا اليوم هو أننا نتعرض حالياً لضغوط عالمية. ثمة عدو في العالم يريد عبر ضغوطه الاقتصادية و فرضه الحظر و عبر أعماله الأخرى التي تعرفونها أن يعيد هيمنته الشيطانية على البلاد. هذا هو الهدف. بلد بهذه الطيبة و بكل هذه المصادر الطبيعية و بهذا الموقع الاستراتيجي و كل هذه الإمكانيات كان تحت هيمنة قوة عالمية. إلانجليز ذات يوم و الأمريكان في يوم آخر. أي إنه كان في الواقع خاضعاً لنظام الهيمنة و أجهزتها و امبراطوريتها. و أمريكا جزء من هذه الامبراطورية. كان هؤلاء مهيمنين على هذا البلد. هذا هو الهدف من كل هذه الجهود. قضية الطاقة النووية مجرد ذريعة. الذين يظنون إننا إذا عالجنا قضية الطاقة النووية فسوف تعالج المشكلات، هم على خطأ. إنهم يثيرون قضية الطاقة النووية و قضية حقوق الإنسان، و غيرها من الأمور كذرائع. القضية قضية ضغط يهدفون منه لتركيع شعب و إسقاط ثورة. و من الممارسات المهمة الحظر الاقتصادي. يقولون إننا لا نعادي الشعب الإيراني و ليس هذا الشعب هو طرف صراعنا! يكذبون، بل الشعب الإيراني هو الطرف الرئيسي. الحظر من أجل أن يتبرم الشعب الإيراني و يقول إننا نتعرض للحظر و ضغوطه بسبب حكومة الجمهورية الإسلامية، فتنقطع بذلك الصلة بين الشعب و نظام الجمهورية الإسلامية. هذا هو الهدف الأساسي. هم طبعاً لا يعرفون شعبنا. حساباتهم خاطئة كما كانت في جميع الحالات. الذنب الكبير الذي ارتكبه شعب إيران من وجهة نظر نظام الهيمنة هو أنه حرر نفسه من تحت نير الهيمنة. يريدون معاقبته على هذا الذنب أنْ لماذا حررت نفسك من تحت نير الهيمنة. لقد وجد هذا الشعب طريقه و حساباتهم خاطئة أساساً. لا يفهمون ما الذي يجب أن يفعلوه و ما الذي يفعلونه الآن. لكنهم يضغطون اقتصادياً عن طريق الحظر.
علينا أن نوجد اقتصاداً مقاوماً حقيقياً في البلاد. هذا هو معنى إيجاد العمالة في البلاد اليوم. صحيح ما قاله الأعزاء من أننا سنلتفّ على الحظر، و أنا على يقين من هذا . الشعب الإيراني و مسؤولو البلاد سوف يلتفون على الحظر و يفرضون الإخفاق على الذين فرضوا عليه الحظر، و ذلك كما في الحالات الأخرى التي كانت في الأعوام الماضية على الصعد السياسية حيث ارتكبوا خطأ معيناً ثم اضطروا من أنفسهم للتراجع، ثم راحوا يعتذرون الواحد تلو الآخر. لعلكم تتذكرون عدة حالات من هذا القبيل. و ربما لا يتذكر الشباب ذلك. فعلوا ذلك عدة مرات خلال الأعوام العشرة أو العشرين الماضية. و سيكون الأمر كذلك هذه المرة أيضاً. الحظر طبعاً ليس بالشيء الجديد علينا، فنحن نعيش ظروف الحظر منذ ثلاثين عاماً. كل هذه الأعمال التي أنجزت و كل هذه المسيرة العظيمة التي قطعها الشعب الإيراني كانت داخل أجواء الحظر. إذن، لا يستطيعون فعل شيء. لكن هذا سبب يدعو كافة المسؤولين و المخلصين في البلاد إلى أن يشعروا بأنهم مكلفين بإيجاد العمالة و فرص العمل و الإنتاج، و تطوير هذه الورشة العظيمة و مضاعفة ازدهارها، و إيران اليوم هي بحق ورشة هائلة عظيمة. على الجميع أن يشعروا بالواجب و المسؤولية.
الذي أفهمه من مجموع الآراء التي طرحها السادة و السيدة - و هو ما يشعر به المرء من التقارير أيضاً - هو وجود عتاب و نقد لج ريات أمور العمل. لقد وضعنا بالطبع الحجر الأساس من خلال سياسات المادة 44. المادة 44 نفسها تفسر محتواها و قد استفدنا من المادة نفسها و شرحنا ما يوجد في سياسات المادة 44، و إذا تم تطبيق ذلك إن شاء الله بشكل كامل و دقيق و شامل و مستمر فسوف تحل الكثير من المشكلات. لكن ما أشعر به من محصلة هذه الآراء هو أن المتوقع من الأجهزة الحكومية القيام بأمرين اثنين: الأول الإدارة الدقيقة و العلمية للمصادر. الكثير من الآراء التي طرحت هنا ناجمة عن أن إدارة المصادر المالية لم تكن دقيقة في جميع الحالات. هذا شيء لازم و ضروري. هذا ما أوصي به الأعزاء الحاضرين هنا من جانب الحكومة و أطلب منهم التشديد عليه. الكثير من هذه المؤاخذات و الإشكالات و معظمها صحيح و وارد يتعلق بهذه القضية. إدارة المصادر معناها أن نوجِّه المصادر بالاتجاه الذي يعود على البلاد بالفائدة و الفائض المالي و غير المالي. و ما أقصده من الفوائد و الأرباح و الفائض ليس الفائض المالي فقط، بل كل ما يزيد من الإنتاج و يضاعف ازدهار العمل و الكسب و الأمل و العمالة و ما إلى ذلك. إذن إدارة المصادر من النقاط الأساسية.
النقطة الثانية تحسين أجواء الكسب و العمل، و هي من الأمور التي نعتقد أنها من واجبات الحكومة الأساسية. أشار الوزير المحترم في تقريره إلى تحسن أجواء الكسب و العمل. تحسين هذه الأجواء من واجب الحكومة قبل غيرها. قضايا القرارات، و التسهيلات المختلفة، و التعقيدات الإدارية، هذه كلها أمور إذا تم إصلاحها ستؤدي إلى تحسين أجواء الكسب و العمل التي هي من قضايانا الاقتصادية المهمة. هذه النافذة الموحدة - نافذة واحدة للأمور التي ذكرها - إذا أنجزت اعتقد أن الكثير من المشكلات سوف تعالج. هذا شأن يرتبط بالقطاع الحكومي و هو قطاع مهم. هذه هي واجبات الحكومة و تكاليفها الأساسية باعتقادي. طبعاً يتحمل المسؤولون الكثير من الواجبات لكن الواجبات الأساسية كما يفهم الإنسان من التقارير و محصلات الآراء هي هاتان النقطتان.
من النقاط الأساسية بشأن العمل و التي ينبغي لأرباب العمل التنبه لها قضية جودة الإنتاج الداخلي. هذه مسألة على جانب كبير من الأهمية. طبعاً جزء من هذه المسألة يرتبط بالقضايا المالية و المقررات و دعم الحكومة و ما إلى ذلك. لكن جزءاً منها يرتبط بعزيمة المسؤولين و إرادتهم و أرباب العمل و فاعلي العمل (العمال). يقول: »رحم الله أمرأ عمل عملاً فاتقنه«. هذه نظرة مستقبلية تتجاوز حدود الحاضر. لاحظوا أن هناك في الوقت الحاضر شركات تعمل منذ مائة سنة أو مائة و خمسين سنة و تباع بضائعها في العالم. اسمها كاف لترويج البضاعة في الأسواق. و السبب يعود إلى أنهم عملوا بصورة صحيحة و جيدة و صار الزبون يثق بهم. أنتم تقولون لنا أن نوصي الناس باستهلاك المنتوجات الداخلية. إنني أوصي بذلك منذ عدة سنوات. قلت هذا مراراً، لكن هذه القضية لا تعالج بالشعارات. نعم، جزء من القضية تعود إلى أن الناس تثق بكلامنا و تهتم له، و قد تفعل ذلك لأننا أوصينا به. هذا جزء من القضية. جزء آخر يتعلق بجودة البضاعة. ينبغي رفع جودة البضاعة. قضية الاستيراد التي طرحها عدة أشخاص هنا أعتقد بها أنا أيضاً. في اجتماعنا بالمسؤولين هنا في بدايات شهر رمضان أعلنت و قلت للمجلس و للحكومة أن يعالجوا قضية الاستيراد. و قد سألت وزير التجارة المحترم الآن فقال إنه يتم إنجاز أعمال جيدة في هذا المجال. نعم، الكلام صحيح و صائب، و ظاهرة الاستيراد المنفلت و غير المنطقي فيها ضرر و خطر كبيران. و هذا ما يجب أن يعلمه الناس أيضاً. حينما نستهلك بضاعة أجنبية فإننا نقوم في الحقيقة بتعطيل عمالنا، و نوفر العمل لعامل أجنبي. هذه حقيقة، بيد أن قضية الجودة و المتانة بدورها على جانب كبير من الأهمية. إنها قضية مهمة جداً. إذا توفرت الجودة في البضاعة و المنتوجات الداخلية فسوف يميل الناس إليها بشكل طبيعي. طبعاً لا يزال البعض للأسف ينظرون إلى الخارج فقط بسبب الثقافة المغلوطة في الحقبة الملكية المشؤومة حقبة الطاغوت و التبعية. ذات يوم أعلن مسؤولو الحكومة في بلادنا بصراحة أن الإيراني غير قادر على إنتاج أنبوب إبريق! و راحوا يستوردون كل شيء. في فترة الطاغوت جمعني مجلس بالصدفة مع أحد المسؤولين رفيعي المستوى - و لم يكن لنا مع أولئك أية علاقات و لا أية لقاءات - فرحت انتقد الظواهر التي كانت آنذاك، فالتفت إليَّ و قال: ما الذي تنتقده؟ نحن نقعد كالأسياد و البلدان الأخرى تعمل لنا كالخدم و تبعث لنا بضائعها، فهل هذا شيء سيئ؟ لاحظوا أن هذا كان منطق الساسة في عهد الطاغوت! ظاهره هذا المنطق و باطنه أشياء أخرى، و فساد اقتصادي كبير، و فساد أخلاقي كبير. نعم، قضية الاستيراد و إدارة الاستيراد قضية مهمة. في يومها أوصينا الأعزاء الذين جاءوا إلى هنا في اجتماع مسؤولي النظام و مدرائه و قلنا لهم يجب أن يديروا الاستيراد و لا نقول ينبغي إيقاف الاستيراد، فثمة أشياء يجب أن تدخل و أشياء يجب أن لا تدخل. ينبغي إعمال إدارة صحيحة.
و من الأعمال الأخرى التي سجلتها هنا و تقع على عاتق المسؤولين الحكوميين تنمية المهارات. ينبغي تنمية هذه الإعداديات الصناعية و الجامعات العلمية - التطبيقية، و الصناعية - الحرفية، و مراكز التعليم الصناعي - الحرفي. نحن بحاجة إلى العلم لكننا نحتاج أيضاً إلى الأيدي الكفوءة. اعتقد أن من القضايا الأساسية هي أن نعمل في المجالات الصناعية و الزراعية.
و من النقاط الأخرى قضية التجديد و الإبداع و الجمال في المنتوجات الوطنية. من الأمور التي يتوجب إيلاؤها أهمية الإبداع و التجديد في كافة المنتوجات و بشكل مستمر، و إشباع المشاعر الجمالية لدى المستهلك. هذه من الأمور الجديرة بالاهتمام. إنني أتقدم بالشكر الجزيل للأعزاء الذين يعملون و يبذلون الجهود في هذا المجال.
و توصيتي الأخيرة هي إعداد الكوادر خصوصاً في الصناعات العلمية المحور - كما ذكر الأعزاء - و الاهتمام الحقيقي بهذا الجانب. و قد تم الأمر في بعض القطاعات لحسن الحظ. في قطاع الطاقة النووية نحن على اطلاع بذلك، و في قطاع »رويان« نعلم عن قرب أن هناك جهوداً تبذل لإعداد الطاقات و الكوادر الماهرة الكفوءة العالمة الباحثة. ينبغي الاهتمام بهذا الجانب في القطاعات المختلفة.
وفقكم الله تعالى جميعاً.. نعم، سوف نتغلب على العدو إن شاء الله، و سنلتف على الحظر، و سيشهد شبابنا في المستقبل أياماً جيدة إن شاء الله، فهذا البلد بلد موهوب جداً. إنه أشبه بنسر يمكنه التحليق في الذرى العالية جداً، و قد ارتفع اليوم من باحة الدار إلى السطح. هذه تجربة، و سيكون تحليقه في المستقبل أعلى من هذا بكثير. سيأتي يوم إن شاء الله تتحول فيه إيران إلى مرجعية علمية، و سيفخر المسلمون ببلدكم و يقولوا إن الإسلام أدار أحد البلدان بهذه الصورة، و سيكون إن شاء الله مرجعاً يقصده الناس في العالم من الناحية العلمية و من حيث الإنتاج.
و السلام عليكم و رحمة الله.
الهوامش:
1 - بحار الأنوار، ج 65، ص 363.
2 - الحياة، ج 1، ص 591.