بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً أرحب بكم أيها الشباب الأعزاء، أبنائي الأوداء، الإخوة و الأخوات الناشطون الملتزمون الذين أضفيتم الألق و الرونق على البلاد و المجتمع و هذا العهد من الزمان بتواجدكم و قوتكم و طاقاتكم و شبابكم و حماسكم و أملكم و إيمانكم، و جعلتم التاريخ شامخاً مرفوع الرأس.
نقول بدايةً بعض الشيء عن رفعة مكانتكم التي تتحلون بها اليوم أيها الشباب الأعزاء، سواء أنتم الحاضرون في هذا المحفل الصميمي أو عشرات الآلاف و ربما مئات الآلاف من الشباب السائرين في هذا الدرب، لكنهم لم يحضروا اليوم هنا. و ما أريد قوله هو: يا أعزائي، الكل يغبطكم على شبابكم الذي تقضونه في هذه الفترة من الزمن. هذا الشباب، و أن يعيش الإنسان شبابه هكذا، و ينفق فترة شبابه العزيزة الثمينة بهذه الطريقة أمر يبعث على الغبطة.
في أية مشاعر، و أوهام، و اعمال يقضي الشباب في سنكم و في بلدان مختلفة من العالم حالياً سن شبابهم العزيز القيم؟ في أكثر البلدان تقدماً تعلو أغبرة اليأس و الكآبة و اللاهدفية حياة الشباب الجميلة. الكثير من الشباب لا هدف لهم سوى تحقيق آمال مادية صغيرة و تافهة خاصة بهم. لا يذوقون لذة خدمة الآخرين، و لا ينفقون طاقة الشباب العظيمة النادرة في السبيل اللائق بها. و الكثير منهم لا يفتقرون للأهداف السامية و حسب، بل ليس لهم أهدافهم أساساً، و يقضون الحياة يومياً غارقين في الماديات والشهوات العابرة الباعثة على الاكتئاب. لا يفهمون شيئاً عن تلك الروح المعنوية المتلألئة التي يتحلى بها الشاب المتدين المؤمن العاشق للخدمة و المتوجّه نحو أصل الحبّ و الجمال و الحقيقة. شبابكم موضع غبطة مثل هؤلاء الناس لو كانت لهم أعين البصيرة.
اعرفوا قدر هذه الفترة و هذا التوجه و هذه الروح و المعنويات. اعرفوا قدر نعمة الخدمة و القدرة على الخدمة التي أهداكم الله تعالى إياها. اشكروا الله و أسألوه أن يضاعف لكم هذه الكنوز المعنوية. و اعلموا أن أي مجتمع و أي بلد يتمتع بمثل هذا الرصيد العظيم الثمين سيستطيع بلا أي شك الوصول إلى أعلى قممم العزة و العظمة. و هذا هو المصير المحتم لمجتمعكم و شعبكم و السبب في ذلك و المحرك الذي يدفع هذه المسيرة هو هذه الروح التي تتحلون بها.
طيب، لنذكر شيئاً عن هذه الحركة العظيمة لتعبئة البناء، و مخيمات الهجرة التي بدأت رسمياً منذ عشرة أعوام. طبعاً يجب أن اعترف أن هذا المشروع انطلق أول مرة من قبل الشباب أنفسهم. الشباب الجامعيون و طلاب المدارس أنفسهم بدأوا هذا التحرك. في سنة 79 وصلتنا تقارير هذا التحرك الجميل العظيم و أدى إلى إعلان نداء تعبئة البناء لكل شباب البلاد. أي إن هذا المشروع كان تحركاً جماهيرياً تلقائياً يشبه على وجه التحديد جهاد البناء في بداية الثورة. جهاد البناء أيضاً كان على هذه الشاكلة حيث بدأه الشباب أنفسهم و ساروا نحو القرى و الأرياف و اشتغلوا في الخدمة في تلك الظروف و الأحوال الصعبة المعقدة. و دفع هذا التحرك الإمام الجليل و شجعه على إصدار الأمر بجهاد البناء. أعمال الناس تلهم المدراء و المسؤولين قراراتهم و مبادراتهم.
حسناً، ما هو العامل المُسبِّب هنا؟ إنه الحب، و الإيمان، و البصيرة، و الهمّة. هذه هي الأعمدة الأصلية. العشق و الإيمان. الإنسان الذي لا إيمان له لا يمكنه أن يتصور محوراً لتحركه. الإنسان الذي لا يتحلى بالمشاعر القلبية العاشقة العميقة لن يكون بمستطاعه مواصلة هذه المسيرة. الإنسان المفتقر للهمّة يكتفي بالأعمال الصغيرة و الحدود القريبة، و لا يرمق بنظره أعلى القمم. الإنسان الذي لا بصيرة له يسير في الدرب الخطأ، و حتى لو كان فيه عشق و إيمان فسوف ينفقهما في الطريق الخطأ. العشق و الإيمان و البصيرة. هذا ما منحته الثورة لشعبنا و مجتمعنا. و من هنا أضحت الثورة تلك الشجرة الطيبة التي يذكرها القرآن الكريم: »أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ...«.(1) الكلمة الطيبة كالشجرة السليمة الطيبة الأصل. »أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَ فَرْعُهَا فِي السَّمَاء«، إنها شجرة متجذرة و لها جذور عميقة و قوية و أغصان و أوراق كثيفة. »تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا...«. تؤتي ثماراً بحسب الفصول و حسب احتياجات البشر. هذه هي الكلمة الطيبة. و الثورة هي مثل هذه الشجرة. الطريق الثوري الذي فتحه إمامنا الجليل - هذا السالك الحقيقي لطريق الطيبين و الأولياء و الشهداء و المعصومين و الصديقين - لنا هو مثل هذه الكلمة الطيبة.
ذات يوم كانت هناك حاجة للعمل و التحرك الدفاعي داخل المجتمع، و ذات يوم كانت الحاجة للعمل الدفاعي على حدود البلاد، و في يوم آخر كانت هناك حاجة للعمل و المعرفة. و في يوم كانت هناك حاجة لتكريس العقيدة و الإيمان، و في يوم تظهر حاجة للخدمة و العمل. في كل هذه الظروف يجني الناس ثماراً تتناسب مع فصولهم و ظروفهم. هذه هي حركة الثورة.
توهم البعض أن الثورة أصبحت قديمة و بالية. و أعلنوا أن الثورة قد انتهت! كانوا هم الذين انتهوا. هم الذين نفدت ذخائرهم و مخزونهم و لم يستطيعوا مواصلة الطريق. قارنوا الدنيا و المجتمع و الثورة بأنفسهم فأخطأوا. »... نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ...«.(2) حينما تنقطع العلاقة بالله لن يعود بمقدور الإنسان أن يعرف حتى نفسه بصورة صحيحة، فما بالك بمجتمعه أو مبادئهِ و مُثُله. كيف يقطع الإنسان علاقته بالله؟ حينما تتغلب الأهواء و الميول المادية و محورية الذات على نفس الإنسان، فتتحول هذه الجاذبيات إلى خيوط عنكبوت تلتف حول كائن الهمّة و الإيمان الضعيف و تصيده و تقضي عليه. كان لدينا أناس من هذا القبيل. شهدنا أمثال هؤلاء في الماضي و سنشهدهم في المستقبل أيضاً. هؤلاء مصاديق التساقط. الذين يتخلفون عن طريق الثورة و مسيرتها ليسوا بالضرورة أفراداً ناصبوا الثورة العداء منذ البداية. حينما تتغلب الدوافع المادية على الإنسان سوف يتوقف عن مواصلة المسيرة. و عندما تتحول الأهداف الصغيرة التافهة الشخصية كالحصول على المال و المنال و الثروة و البهارج، و الوصول إلى الرئاسة و السلطة إلى هدف رئيسي للإنسان فسينسى هدفه الرئيسي.
في مسيرة ما حينما نروم الوصول إلى مكانٍ ما أو هدفٍ ما، إذا وجدنا في الطريق حقلاً أخضر، أو ينبوع ماء، أو مقهى جيداً، و تضعضعت خطواتنا و إرادتنا و اعتبرنا ذلك الشيء الجميل هدفنا و ارتحنا له و رضينا بأن نقضي وقتاً ممتعاً فيه فسوف ننسى هدفنا و لن نواصل الطريق. هذا بلاء حلَّ بالبعض، و قارنوا الآخرين بأنفسهم فقالوا إن الثورة انتهت و الإمام نُسي، لكنهم مخطئون. الثورة حقيقة إلهية تعتمد على إيمان الجماهير و مشاعرهم العاشقة و بصائرهم. و هل يمكن أن تنتهي الثورة؟ لذلك قلت مراراً و أقول الآن أيضاً: جيلنا الشاب اليوم و هو جيل الثورة الثالث إن لم يكن إيمانه و حماسه و بصيرته أعظم من الجيل الأول فهو ليس بأقل يقيناً.
في ذلك الحين كان الكثيرون ينـزلون إلى الساحة و لا يستطيعون البقاء فيها. و الشاب اليوم بكل هذه الوساوس التي تحيط به و بكل هذه الوسائل الإعلامية المادية و الأنانية و الشهوانية، حينما يأتي الدور لأداء الواجب نراه يضحّي هكذا و ينـزل إلى الساحة هكذا. هذا شيء له قيمة كبيرة جداً.
اعرفوا قدر تعبئة البناء و مخيمات الهجرة هذه. أنتم المحاور الرئيسية لهذه الحركة العظيمة. اعرفوا قدر هذا، و اشكروا الله تعالى. و على المسؤولين و الآخرين و المدراء و الذين يتولون المسؤوليات و الأعمال أن يعرفوا بدورهم قدر هذه الحركة العظيمة. اقرأوا دروسكم بصورة جيدة خلال السنة الدراسية، ادرسوا بطريقة بحثية، و اقصدوا الوصول إلى قمم العلم. و خلال أوقات الفراغ أثروا ساعاتكم و أيامكم و لياليكم و نهاراتكم بهذه الحركة الجميلة الرائعة.. حركة تقدم الخدمة للناس.
من بركات مخيمات الهجرة و تعبئة البناء تقديم الخدمة للناس حيث يستفيد الملايين من خدماتكم بشكل مباشر. يستفيدون من الناحية المادية و فيما يتعلق بالشؤون اليومية للحياة، و كذلك من الناحية المعنوية و من حيث الهداية. حتى لو لم تقيموا هناك دروساً في القرآن فإن مجرد تواجد الشاب المؤمن المتدين المتشرع في منظومة ريفية بين الشباب و الناس سيجعله مظهراً متجسداً للآيات القرآنية، و سوف يحضّ الناس و يدعوهم إلى الدين، و الثورة، و المعنوية. »كونوا دعاة الناس بغير ألسنتكم«.(3) ادعوا الناس إلى الإيمان و الإسلام و الدين بأعمالكم. هذا هو تقديم الخدمة.. الخدمة المادية و المعنوية. و الأهم من هذا هو الخدمة التي تقدمونها لأنفسكم حيث تفجرون مواهبكم الداخلية، و تفعّلون الإمكانيات الكامنة في بواطنكم، و تكتسبون التجارب، و تتعرفون على حياة الناس، و تحطمون الأسوار الطبقية، و تلمسون واقع الحياة، و تشعرون داخل أنفسكم بالبهجة و الشغف لتقديم الخدمة، و تحيون هذه المشاعر داخل أنفسكم. الذي يتذوق لذة الخدمة و العمل لن يتعب من العمل. كما قيل في تقارير الإخوة الأعزاء، و قد قرأت هذا سابقاً في تقارير أخرى فإن الشاب الذي يكتشف هذه اللذة في نفسه لن يتعب من تقديم الخدمة. هذه هي الفائدة الثانية و هي كبيرة جداً.
الفائدة الثالثة هي أنكم سفراء العمل و الجد. حينما تتواجدون في بيئة معينة.. في الصحراء مثلاً و الجبال و المناطق البعيدة و بين الناس الفقراء المحرومين و تعملون، فسوف يستلهم الشاب هناك ما تقومون به، و تصبحون سفراء الجد و العمل و الخدمة و الجهاد. »... وَ مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...«(4) إنكم تحيون القلوب، و هذه فائدة كبيرة. ثمة الكثير من الفوائد في هذا العمل، فحافظوا على هذا التيار العظيم.
أعزائي، بلدكم و شعبكم يسير في منعطف تاريخي خطير. منذ ثلاثين عاماً و نحن نسير في هذا المنعطف. واجهتنا مناطق خطيرة و تجاوزناها لكنها لم تنته. هذا المنعطف التاريخي الحساس لا يختص بتاريخ إيران فقط، بل بتاريخ الأمة الإسلامية كلها. الأمة الإسلامية المصابة بالركود منذ قرون، و تتعرض للإهانة، و المتخلفة عن ركب الحضارة، و المبتلاة ببعض أو الكثير من الحكام و الساسة الفاسدين المستبدين، حان يومها الآن لتتحرر من كل هذه الأعباء و المشكلات و الأدران و المعضلات. لقد قطع شعب إيران الخطوة الأولى الواسعة. العالم عالم التناقضات و الصدامات و الحروب.. عالم الصراع المادي بين القوى.. القوى التي لا تريد أن ترفع الشعوب المستقلة رؤوسها و تشعر بشخصيتها و وجودها.. هذه القوى سوف لن تقعد ساكتة ساكنة بلا حراك. خصوصاً و أنهم يعلمون أن الأمة الإسلامية تتمتع بموهبة ذاتية تنبع من الأحكام الإسلامية، لذلك يصطفون حيالها و رأيتم كيف اصطفوا. منذ بداية الثورة ظهر الاصطفاف بين جبهة المستبدين الدوليين و الجشعين العالميين و بين شعب إيران الكبير الشجاع. يُوهِمون الناس بأن الهدف هو إيران، لكن هدفهم الحقيقي هو الإسلام. الهدف هو الأمة الإسلامية. يعلمون أن المحرك الذي يشغِّل هذه المسيرة العظيمة هو المعنوية و القرآن و الإسلام. لذلك يعارضون الإسلام و القرآن. طبعاً الرائد الذي يقف في مقدمة الصف هو الشعب الإيراني و هم يوجهون الضربات لهذا الرائد. بيد أن هذه القوة الريادية الهائلة لم تضعف بعد مضي ثلاثة عقود، و لم تتزلزل أقدامها، و لم تخر عزيمتها، و لم تتراجع إلى الوراء، و ليس هذا و حسب بل زادت من سرعتها و ثباتها.
قلت مراراً و هذا القول ليس بشعار بل واقع: همتنا و بصيرتنا و قدراتنا المتنوعة اليوم أكبر بكثير مما كانت عليه قبل ثلاثين سنة. هداية الثورة و روحها و اتجاهها حقائق لم تصبح قديمةً باليةً فينا.. الشيء الذي كانوا يتمنونه. و الشاهد على ذلك هم هؤلاء الشباب. خير شاهد على ذلك هم أنتم أيها الشباب الأعزة.. هذا الجيل المتوثب الحيوي ذو البصيرة و الهمّة و الوعي و المتواجد في الساحات المختلفة.
إذا كان الكلام عن أعمال تقنية معقدة وقف هؤلاء الشباب وقفتهم، و شبابنا هم الذي يديرون الطاقة النووية. و في مجال الخلايا الجذعية ينشط الشباب أيضاً، و في تقنيات البيئة، و تقنيات النانو، و مختلف أنواع التقنيات، أينما ذهبنا وجدنا الشباب يعملون.. الشباب الذين لم يشهدوا فترة الحرب، و لا التقوا بالإمام الخميني، و لا يحملون خواطر و ذكريات عن بداية الثورة. إذن، فالمسيرة مسيرة حيوية متوثبة متجددة. حينما نأتي إلى ساحة العمل و الخدمة و الجد نرى هذه الحركة العظيمة، حركة تعبئة البناء. و حين نأتي إلى مضمار السياسة و المشاركة نرى حركة التاسع من دي، و حركة الثاني و العشرين من بهمن، و المشاركة الهائلة في الانتخابات.. ما معنى كل هذا؟ معناه أن شبابنا اليوم - و هم الأكثرية الغالبة في شعبنا - و عموم جماهيرنا يتقدمون بنفس اتجاه الثورة الإسلامية و بنفس المعنويات و بسرعة أكبر. إذن، لقد تقدمنا إلى الأمام.
و الأعداء في الموقف المعاكس تماماً. كانوا يومذاك أقوى و هم اليوم أضعف و كان أمله في ذلك الحين أكبر و يقولون إننا سنقضي على النظام و الثورة في ثلاثة أيام، ثم في أسبوع، ثم في شهرين، و اليوم لا يسمع منهم أحد مثل هذا الكلام الهراء، فقد يئسوا و تراجعوا. إذن، هذه الحركة حركة نحو الأمام. إننا نتقدم في هذا المنعطف التاريخي العظيم بحيطة و تدبير و وعي و دقة و طاقة كبيرة. و هذا بسبب عدة عوامل رئيسية. من هذه العوامل أنتم الشباب. أنتم الذين تتقدمون بالبلاد إلى الأمام. تواجد الشباب من المحركات القوية الدافعة إلى الأمام. على الجميع تثمين مشاركة الشباب و معرفة قدرها، و سوف تتنامى هذه الروح بين شبابنا أكثر فأكثر إن شاء الله.. سواء الفتيات منهم أو الفتيان، و سواء في البيئة الجامعية أو بيئة الثانويات، أو البيئات الاجتماعية المختلفة.. و هذا ما سيحصل. الكلام اليائس و الناجم عن الكآبة لن يؤدي إلى أية نتائج، و غالباً ما يكون سببه اليأس و الكآبة لدى قائله.
هذه الأيام ذكرى بدء الحرب المفروضة. ثمانية أعوام تكاتفت جميع القوى العسكرية في العالم ضد إيران. صحيح أن أمريكا و الاتحاد السوفيتي السابق لم يبعثا جنودهما عملياً إلى ساحة القتال - إنهم لا يبعثون الجنود، إذ لا حاجة لإرسال الجنود، الشعب العراقي المسكين كان أسيراً في أيديهم - لكنهم بعثوا التجهيزات و المعدات، و خطط الحرب، و صور الأقمار الصناعية عن ساحة الحرب، و زوّدوا بها صداماً، و بعثوا له المال، و وفروا له الاعتبار السياسي.. فعلوا كل ما استطاعوا ضد الثورة، و ضد الإمام الخميني، و ضد النظام، و كانوا يفتعلون الأكاذيب و الإشاعات و الإعلام و يبثونه. فعلوا كل هذا فما كانت النتيجة؟ اين صدام اليوم؟ صدام الذي قدّموه لمجابهة شعب إيران العزيز و الثورة الإسلامية و الإمام الجليل، ذاق في البداية طعم الذل الشديد ثم مات و فارق الحياة منكوباً خاسئاً. بينما الإمام الخميني حيّ، و الثورة حية، و أبناء الإمام أحياء، و شعب الإمام حي. هذه تجربة.
و هذا سيكون مصير كل الذين يتقدمون و يقفون في الخطوط الأمامية لجبهة الاستكبار العالمية لمجابهة إيران الإسلامية. هذه تجربة، و ستكون النتائج نفس النتائج في المستقبل أيضاً. سيبقى الإمام حياً و ستبقى الثورة حيةً و ستبقون أنتم أحياءً، و سينكب أعداؤكم و يتراجعون. يجب أن تصل هذه المسيرة إلى القمم العليا لأهداف الثورة، و ستصل بفضل من الله و بحول الله و قوته.
اعرفوا قدر أنفسكم، و اعرفوا قدر هذا الطريق الذي تسيرون فيه، و متّنوا وشائج قلوبكم الطاهرة النقية بالله يوماً بعد يوم، و اطلبوا العون و المدد من الله تعالى. هذا الشعور بالمسؤولية الذي تتحلون به زيدوه يوماً بعد يوم، و اتركوا تأثيركم في محيطكم و بيئتكم كالمشعل الذي يضيئ حواليه. أينما كنتم في البيئة العائلية، و في بيئة العمل، و في محيط الدراسة، أو في أوساط المجتمع أثّروا على المحيطين بكم. سوف تزداد ألطاف الله تعالى يوماً بعد يوم، و لن يرفع الله تعالى يد لطفه عن شعبنا الحبيب إن شاء الله. نرجو أن تشملكم جميعاً أدعية سيدنا بقية الله (أرواحنا فداه)، و سيحفظكم الله جميعاً أيها الأعزاء.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:
1 - سورة إبراهيم، الآية 24.
2 - سورة الحشر، الآية 19.
3 - بحار الأنوار، ج 67، ص 309.
4 - سورة المائدة، الآية 32.