بسم الله الرحمن الرحيم
أرحّب بكم أجمل ترحيب أيها الإخوة الأعزاء و المسؤولون المحترمون المتفانون في أمر الأمن الهام للغاية. إنني كأخ صغير مثقل بأعباء مسؤولية عظيمة أتقدم لكم جميعاً بالشكر للمساعي التي تبذلونها و المصاعب التي تتحملونها و التي أشار السيد موسوي لاري إلى بعضها. طبعا لا قيمة للشكر الذي أقدّمه أنا أو أمثالي، فهو اعتباري محض، لكن ما عند الله، هو الحقيقي المحض، و هو الأفضل و الأكثر خلداً (و ما عند الله خير و أبقى).(1)أسأل الله أن يشملكم بالشكر و الأجر الإلهي.
أعتقد أن قضية الأمن تقف في طليعة حقوق الشعب. هذا ما يشعر به أبناء الشعب أنفسهم أيضاً. لو فقد الأمن في البيئة، فلن تبقى أية مطاليب أو أفراح للشعب. لذلك أنتم تلاحظون في بعض مراحل التاريخ، أن الشعب خضع لسلطة أحد الجبابرة كي يوفّر له الأمن، بالرغم مما تتركه حكومته من آلام و مشقات وراءها. فالأمن يحظي بهذا القدر من الأهمية.
الأمن أمر واقعي و ملموس و واسع للغاية، إذا ما توفر الأمن فقد لا يشعر به أحد. فهو كالسلامة، متى ما توفرت لم تشعروا بها، و لكن بمجرد أن تصابون بالصداع لا سمح الله، فعندئذ تدركون معنى الصحة. يقول: نعمتان مكفورتان الصحة و الأمان (2). فبمجرد أن يختل جانب من الأمن، فإن أثره ينعكس على حياة الناس، فالأمن شيء واقعي و ملموس، و لا يمكن توفيره بالأذهان و لا يتحقق عن طريق النسج الفلسفي الذي قد يطرح في محافل المثقفين على المستوى النظري أو جلسات البحث و النقاش حيث يجتمعون و يبحثون حول الأبعاد الذهنية لقضية ما. فالشعب يريد الأمن الحقيقي و بأوسع مداه، أعني في محيط العمل و في البيت و لأبنائهم في المدارس و في ملاعب كرة القدم و في الطرقات و في القرى و في المدن و الشوارع. توفير الأمن عبء ثقيل و جاد للغاية يقع على عاتقكم.
طبعاً لا يقتصر الإخلال بالأمن على هذه الأجهزة التي تقدم ذكرها. بل إن بعض أسباب انعدام الأمن، تعود إلى أجهزة أخرى. لكنكم مرغمون على توفيره. حينما لا تتوفر فرص العمل أو إذا كانت قليلة - و كانت البطالة مشهودة في المجتمع - فسيكون هذا نفسه من أسباب انعدام الأمن. و الإدمان و شياع المخدرات أيضاً من أسباب انعدام الأمن. كما أن الألاعيب السياسية غير المسؤولة لطلّاب الجاه من أسباب انعدام الأمن. و التدخلات الأجنبية و تحركات العدو الخارجي من عوامل انعدام الأمن. بالرغم من عدم صلة هذه الأمور بكم، لكنكم تتحملون مسؤولية النهوض بهذا العبء الثقيل بكل صلابة و عزيمة. يجب عليكم النزول إلى الساحة و مكافحة كافة أبعاد انعدام الأمن، ليس هناك قطاع يحظى بالأهمية دون غيره.
الأمن حق عام يتعلق بكل الشعب في كافة أنحاء البلد، تستفيد منه القوميات المختلفة و اللغات المختلفة و أصحاب العادات المختلفة و الأديان المختلفة، ناهيك عن الأذواق السياسية المختلفة. حتى ذلك الذي يخالف ركناً مهماً من أركان النظام أو أصل النظام، لا بد أن توفّروا له الأمن في محيط حياته. الوحيد الذي يخرج من تحت هذه الخيمة هو المجرم الذي يرتكب الجريمة أو ينوي ارتكابها، أما سائر أبناء الشعب فتشملهم هذه الخيمة، و عليكم أن تبسطوا هذه الخيمة فوق رؤوس ابناء الشعب كله.
النقطة الأخرى هي أنه لغرض إقرار الأمن لا بد لكم من تحديد الهدف و البرمجة على أساس الهدف و العمل على أساس البرمجة، ثم عليكم تقويم عملكم تقويماً دقيقاً على أساس المعيار لا بالكلام فحسب. يمكن للجميع أن يقولوا بأنهم أشاعوا الأمن أو أنه ليس هنالك أمن، لكن عليكم أن تستندوا للأرقام و الإحصائيات الدقيقة الصحيحة، فعليكم تمييز الأمر أولاً لكي تفهموا موقعكم في هذا الطريق الذي تسلكونه.
من جانب آخر، لمكافحة الإخلال بالأمن، لا بد من التحلي باليقظة و الحزم و السرعة و المتابعة الدؤوبة و الرؤية المتساوية الواحدة لكل العناصر المخلة بالأمن. إذا لم يكن ثمّة وعي، فإنكم ستصابون بالغفلة، و سيدخل انعدام الأمن في بيوتكم دون أن تشعروا به. أول البلاء هو عدم التحلي باليقظة. إذا لم تتحلوا بالحزم و تعرضتم للتردد و الاهتزاز في المبادرة، فسوف تتحوّلون أنتم أنفسكم إلى عناصر مخلة بالأمن، لأنه إذا أصيبت الأجهزة المسؤولة عن الأمن بعدم الثبات، فإنها ستتحول إلى أكثر العوامل تشجيعاً على بروز العناصر المخلة بالأمن، فبعد عنصر الحزم تأتي المتابعة. عدم المتابعة، بلاء أراه في الكثير من الأماكن. إنهم ينطلقون و يبدأون جيداً، لكنكم سرعان ما تلمسون الوهن في مسيرتهم بعد عدة خطوات. و على إثره يطرأ التوقف أو التراجع أحياناً. هذا خطأ، لا يمكن معالجة انعدام الأمن بهذا الأسلوب! النظرة الواحدة المتساوية إلى كافة العناصر المخلة بالأمن تحظى بالأهمية أيضاً. كل من يسبب الإخلال بالأمن، و لا فرق أن يكون من مثيري الفتن و الاضطرابات المحترفين - الأوباش و الشقاوات و أمثالهم - أو من العناصر السياسية ذات الظواهر الأنيقة، أو ممن يتلبس بالانتساب إلى حزب الله، أو كان عضواً بارزاً في جهاز معين، فعلى الجهاز المعني أن يتابع عمله حتى النهاية. لو توفر هذا الحزم و المتابعة و اليقظة و عدم المحاباة في تطبيق الحق و العدالة، فعندئذ يتألق اقتدار النظام كالشمس. لأن الإخلال بالأمن إخلال باقتدار النظام.
الإخلال بالأمن إخلال باقتدار النظام. عندما كنا نتأمل تلك الأحداث المرة و الأليمة التي وقعت في شهر تير من العام المنصرم، كنا نلاحظ ما كانت تكتبه صحافة ذلك اليوم. لقد عرضتُ هذه الصحف أمام بعض المسؤولين الكبار في البلد و قلت ما هذا؟ فقالوا إن مهمتهم وضع علامة استفهام أمام اقتدار النظام.
و هكذا كان الأمر. كانوا يختارون العناوين التي تشجع على الإخلال بالأمن، و المقتضى الواضح لهذا هو عجز النظام عن إقرار الأمن و إفشائه.
هل هناك سباب أكثر من هذا؟! و هل هناك ضربة أسوأ و أغدر من هذا؟! هذا بحد ذاته يعد عامل إخلال بالأمن. التعامل مع عنصر المخل بالأمن يجب أن يتصف بالعزم و الوعي و التعقل، و أن يكون هذا التعامل خارجاً عن إطار الألاعيب السياسية التي يقوم بها الكثيرون للأسف.
لقد أشار السيد لاري إلى قضية الأمن الوطني الذي سبق أن تحدثت عنه في مطلع هذا العام. لكنني كنت قد أشرت إلى الوحدة العامة أيضاً. إن الشعب يلبي الوحدة، و هو في الساحة، و هو يتقدمنا يا أعزائي! علي أن أقول لكم بصراحة إنني كلما أنظر إلى نفسي و إلى ما يمكنني رؤيته من أمور البلاد أجد الشعب يتقدمنا. عليكم أن تنظروا إلى يوم الثاني و العشرين من شهر بهمن في هذا العام. فبالرغم من شدة الحملة الإعلامية الموجهة ضد النظام و الثورة و ضد الإمام و ضد الثاني و العشرين من شهر بهمن منذ العام الماضي و إلى يومنا هذا لغرض التأثير على المخاطب الإيراني في العالم، غير أن مشاركة الشعب تتصف بالاقتدار و الاستقامة و العزيمة و عدم المحاباة، حيثما احتاج الأمر الى تواجده و مشاركته. جاءوا من جميع الشرائح و ملأوا الشوارع و اكتسحوا كالنهر الصاخب ما اعترضته من مزابل و حثالات. لذلك، الشعب يتحلي بالوحدة و يأتي جميع الناس و يساهمون في مظهر الوحدة. غير أن مما يؤسف له هو أن التيارات و الفئات السياسية و قادتها و بعض الأشخاص، ما زالوا يكتفون بالتشدق دون العمل و الإذعان للحق. دعونا السادة، و كانت لنا معهم جلسات متعددة و تحدثنا معهم؛ إلا أن النتيجة كانت كأنه لم يكن شيئاً مذكوراً(3)، و كأننا لم نتكلم معهم أبداً!
وحدة الشعب من عناصر استتباب الأمن. في هذا الخصوص على جميع العناصر المعنية تقع مسؤولية - كما تقع المسؤولية على العناصر الإعلامية و أئمة الجمعة و مؤسسة الإذاعة و التلفزيون أيضاً - لكن ساحة العمل في هذا المضمار بجانبها الأعظم هي بأيديكم، فعليكم أن تبذلوا مساعيكم في هذا المجال.
برأئي ما يجب أن تأخذوه بنظر الاعتبار و ينبغي أن يشغل أذهانكم و أعمالكم، هو قضية التآمر للقضاء على النظام و إسقاطه، ناهيك عن بعض القضايا كالتهريب و غيرها مما ينجم عنه من مشكلات في بعض الحدود و الأماكن الأخرى. الذين يتابعون هذا العمل الخبيث و ينفقون له الأموال يهدفون إلى إبعاد هذه القضية عن أذهان المسؤولين على اختلاف مستوياتهم - فهم لا يركزون الآن في خطابهم على الشعب - لكيلا يتنبه المسؤولون لما يدور حولهم، و يتمكّنوا هم من القيام بأعمالهم. لذلك يثيرون ضجّة عارمة إذا ما تحدث أحد عن وجود مساعي للقضاء على الثورة و هذه المؤامرة ضد الثورة و الشعب الإيراني أو وجود العدو الخارجي. المسؤولون السياسيون و الأمنيون للأجهزة المعادية لنظام الجمهورية الإسلامية يتحدّثون اليوم بصراحة، و ينفقون الأموال لإنشاء محطة إذاعية مناهضة للنظام - هذا ما سمعته بنفسي صدفة من إحدى الإذاعات التي تعلمون أنها أنشئت بأموال الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية - و حتّى لو لم يصرّحوا بذلك فالجميع يعلمون الأمر. لكنّهم يصرّحون بأننا نريد مواجهة بنية النظام و قواعده. كذلك يتحدثون عن ضرورة تغيير الدستور، لكنّهم يتفضلون و يدعون إلى تغيير هادئ للنظام، فإذا ما صرّحوا هم بذلك، فهل من العقل أن نغمض نحن أعيننا و نقول: كلاّ، لا يوجد مثل هذا الشيء؟! بلى، يوجد مثل هذا الشيء، و نحن نلاحظ مؤشراته و لسنا بحاجة إلى البحث عن شواهده المحتملة.
اليوم إحدى الأعمال الأمنية لمسؤولي الأمن هي التعرف على المندسين الذين يأتون من خارج حدود البلاد و يدخلون القذائف و المتفجرات و غيرها إلى داخل البلد. من جانب آخر، نواب الكونغرس الأمريكي و القطاع الحكومي الفلاني في أوربا يسمحون لهؤلاء و يمضون أعمالهم و يباركونها! فما معنى هذه الأعمال؟ هل هذه الأمور لا ترتبط مع بعضها أو لا تتصل ببعضها؟ الذين يرسلون هؤلاء إلى داخل البلد، هم الذين يدعمون أو يشجعون و يأخذون التأييد و الأموال من الكونغرس الأمريكي بشكل ومن البلد الأوربي الفلاني بشكل، و من رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء و نائب المجلس بشكل. ما معنى العلاقة مع الخارج، و لماذا يجب أن نغمض أعيننا؟ إذا لم نلاحظ عدوّنا و لم نفكّر في مواجهته، فمن سيشجّعنا و يمدحنا؟ و نحن نصنع عدواً فرضياً في داخل البلد، و تقوم التيارات بعداء بعضها لبعضها الآخر، هذا الالتيار ضد ذاك؟ هل يتّسم هذا التصرف بالعقلانية، و هل يمثل هذا أسلوباً لإدارة شؤون البلاد؟!
من مسؤولياتكم الرئيسية محافظة بعضكم على البعض الآخر. ينبغي على الأجهزة أن تحافظ على بعضها البعض. لا تسمحوا للأجهزة أن تضعّف إحداها الأخرى؛ كما عليكم أن لا تفسحوا المجال للآخرين في الخارج بأن يضعفوا الأجهزة. لاحظوا، لو افترضنا قيام القوى الأمنية أو وزارة الداخلية أو الحرس الثوري بواجباتهم في حين عجزت السلطة القضائية عن النهوض بمهامّها، فإن الوضع لن يرسو على حال أبداً، و كذا لو قامت السلطة القضائية بمهامها و كذا وزارة الداخلية و الحرس في حين عجزت قوى الأمن عن النهوض بمهامها بشكل جيد، فلن يرسو وضعنا على حال أبداً. لذلك ينبغي على هذه العناصر التي توفر الأمن أن تتعامل مع بعضها على أحسن وجه. لو أريد لجميع هذه المنظومات أن تنجز أعمالها على أحسن وجه فإن ذلك يستدعي تجنّب إضعافها. لماذا يحاولون إضعاف السلطة القضائية؟ إنني لا أفهم الدافع الذي يقف وراء هذا العمل، و لقد سبق لهم أن استهدفوا بهجماتهم قوى الأمن لإضعافها. لماذا؟ كما حاولوا النيل من وزارة الأمن، إن هذا مما يلحق الضرر بأمن البلد، فعلى مختلف الأجهزة في البلد أن يحافظ بعضها على البعض الآخر، و يسند بعضها بعضاً، و تتصدّى معاً للعناصر التي تعمد إلى إضعاف مواقف الدولة.
أعتقد بأن نظام الجمهورية الإسلامية أثبت قدرته على المبادرة في شتّى المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و كذا على الصعيد الدولي؛ فبنية النظام تتميّز بصلابتها و رسوخها، و الأهم من هذه القضية هو ما يتمتع به النظام من دعم جماهيري عظيم لا مثيل له. إنني أقطع جازماً بأننا لو قسّمنا الأنظمة و الحكومات في العالم بشكل إجمالي إلى أربعة أقسام من حيث معدّل تمتّعها بالدعم الشعبي، فوفقاً للمعلومات التي بحوزتي من مختلف مناطق العالم، سيكون نظام الجمهورية الإسلامية في طليعتها، أي إنه يتمتع بالحد الأعلى من الدعم الشعبي.. إنني لا أرى نظيراً في أية بقعة أخرى من العالم لهذه التجمعات و المشاعر و ما يعبر عنه أبناء الشعب من المودة و العواطف و العلاقات التي تشدّه بالمسؤولين. طبعاً يمكن أن توجد مثل هذه الحالات هنا و هناك، لكنها كما أعلم ليست بمثل هذه الصلابة. إذن، إنكم تلمسون توفرنا على كلا العاملين المهمين هنا: أولهما صلابة بنية النظام و هيكليته و مرافقه الأساسية، فهو من أقوى الأنظمة بناءً و أكثرها منطقية، و الثاني هو الدعم الشعبي، بالإضافة إلى عنصر ثالث هو الشعور بالمسؤولية الإلهية. على سبيل المثال بإمكان أي منكم في الكثير من الحالات إذا أجّل العمل بواحد من الملفات التي قد تقع بين أيديكم في ساعة متأخرة من الليل، إذا أجّله إلى صباح يوم غدٍ و ذهب لبيته فليس هنالك من يطلع عليكم أو يحاسبكم على ذلك، غير أن العين الناظرة الوحيدة التي تضعونها في الحسبان هي عين الله سبحانه و تعالى، و هي التي تدفعكم للمبادرة إلى إنجاز العمل في الحال و بلا تأخير قربة لوجهه تعالى. و هذا الشعور بالرقابة الإلهية، و الشعور بالمسؤولية أمام الله، و الحافز الإيماني الذي تعمر به قلوبكم أيها المسؤولون الأعزاء يعد شيئاً نفيساً و عزيزاً. اعتبروا هذا كالعنصر الثالث. بوسع هذه العناصر الثلاثة معالجة كل ما يعترض أية حكومة من مشاكل و منها المشاكل الاقتصادية.
خلال زياراتي لمختلف المحافظات، كنت ألمس أن المحافظين و سائر المسؤولين، يعدّون خططاً ممتازة و يبذلون جهوداً خيرة، و هكذا بالنسبة لمرافق الدولة الأخرى و مستوياتها العليا، فإذا تمّ تنفيذ هذه الأعمال بالوقت المناسب دون تأخير و استعين بالعناصر الجديرة و جرت متابعة الكثير من هذه الأعمال، إذ حصل ذلك تتيسّر معالجة المصاعب الاقتصادية التي يعاني منها أبناء الشعب، و يتيسّر لمسؤولي النظام معالجة مشكلة البطالة و مكافحة المفاسد التي تنتشر هنا و هناك. علينا جميعاً الاتكال على الله و الاستعانه به و أن نعقد آمالنا على هدايته و عونه و ننزل إلى سوح العمل، و أن لا يسمح أي منّا لنفسه بأن يبخل بما لديه من طاقة و تفانٍ، فلا بد من أن نبذل كل ما بوسعنا.
أعزائي! لقد ألقي اليوم عبء المسؤولية الثقيل على عواتقنا، فإذا أفلحنا في الوصول بهذه المسؤولية إلى شاطئ السلامة، فسيكون لذلك أثره الخالد و البعيد المدى في تاريخ بلادنا. فالقضية لا تقتصر على إدارة البلد حالياً دون التفكير بالغد؛ فهذا البلد نهض من بين ركام الاستبداد و الحكومات الفاسدة التي تسلّطت على رقابه فترات متمادية، و قد انطلق مستهلّاً مرحلة جديدة طابعها المشاركة الجماهيرية و الرسالية التي يحملها الإسلام و الجهاد المرير الذي شهده بلدنا. هذه المرحلة تواجه مشكلات عديدة لعدّة أسباب أنتم على علم بها؛ و هذه المشكلات، تمثّل في واقعها تحديات كبرى لا تقتصر علينا، بل إن كل حكومة تواجه ظروفاً مشابهة تدهمها هذه التحديات،غاية الأمر أن غالبية الحكومات إمّا أن تتراجع القهقرى أو تستسلم أو تصاب بالهزيمة،غير أن نظام الجمهورية الإسلامية أفلح في تخطي هذه العقبات بفضل من لله و المبادئ و المعنويات و بفضل الدعم الجماهيري العظيم، و استطاع نظامنا مواصلة طريقه على مدى اثنتين و عشرين عاماً بكل صلابة و ما زال اليوم يتمتع بالحيوية والنشاط، لكن عليه أن يواصل طريق الجهاد بكل وعي، و هذا ما سوف يتحقق إن شاء الله.
أتمنى أن يشملكم الله تعالى جميعاً بفضله و عونه، و أن ينور قلوبنا جميعاً بنور هدايته، و يسكن إمامنا العظيم و شهداءنا الأبرار - الذين كل ما لدينا من تضحياتهم - في أعلى عليين، و يوفقكم جميعاً تتمكنوا من مواصلة هذا المسير بصلابة.
و أجدد شكري لكم جميعاً أيها الأعزاء على مساعيكم الدؤوبة و على تحملكم عناء الحضور إلى هنا كي نجتمع سوية.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الهوامش:
1) سورة القصص، الآية 60.
2- الكشكول، ج 3، ص 45.
3- سورة الإنسان، الآية 1.