بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله تعالی علی أن وفقني للحضور اليوم في هذه الساحة من أجل تجديد العهد و تجديد اللقاء بكم و الشدّ علی أيديكم و تقدير جهودكم أيها الأعزاء القادة و العاملون و الشباب الأعزة.
تيقنوا أن من أكثر الأعمال تأثيراً في الوقت الراهن هو العمل الذي تقومون به أنتم في القوتين البحرية للجيش و الحرس.. تعويض حالات التخلف الطويلة‌ علی امتداد سنوات متمادية حيث لم تسمح الحكومات الطاغوتية و لم توفر أرضيات تقدم الملاحة و تواجد إيران العزيزة في البحار. جهودكم المضاعفة اليوم يجب أن تعوض حالات التأخر و التخلف الطويلة تلك.
كما نعلم جميعاً فإن البحر بالنسبة‌ لأي بلد من البلدان فرصة كبيرة للتقدم و الحفاظ علی المصالح الوطنية. منافع البحر بالنسبة لأي بلد و أي شعب إنما هي منافع استراتيجية كبيرة‌ و شاملة. استطاع البعض عبر سيطرتهم علی البحار و الملاحة طوال قرون متمادية متعاقبة - طيلة ما يقارب الأربعة قرون - أن يمدوا سلطاتهم الدولية‌ إلی أراض و بلدان بعيدة. فوقع الظلم علی الشعوب، و اغتصبت الأراضي، و أهدرت مصادر الأمم، لكن تلك الحكومات و البلدان المسيطرة علی البحار استطاعت أن تحقق لنفسها عن هذا الطريق الظالم مكانة‌ مادية‌ و قدرات كبيرة. شعوب منطقتنا سواء في الخليج الفارسي أو في بحر عمان تعودت طوال أعوام متمادية - ربما عشرات الأعوام - علی سماع الأصوات المقتدرة و التعسفية للذين يركبون البارجات الحربية و يأتون للمنطقة من الأنحاء البعيدة، و علی أن يسكتوا حيالهم و لا ينطقوا ببنت شفة.
ذات يوم في الخليج الفارسي هذا و في هذه المنطقة البحرية البالغة الحساسية كانت البارجة البريطانية‌ تأتي، و كان قبطانها البريطاني يصدر الأوامر من داخلها، و يجد البعض أنفسهم مكلفين بتنفيذ هذه الأوامر. مضت سنوات طويلة علی هذا المنوال في هذه المنطقة.
و قد تغير اليوم كل شيء. الساحل الممتد الطويل لإيران العزيزة هو اليوم ملك لحكومة مستقلة و شعب شامخ يقظ.. شعب يعتمد علی الله تعالی و يعرف قوته و قدراته و يفخر بها، و يفرض إرادته علی أية إرادة تعسفية لأية قوة سياسية أو عسكرية، و يفرض التراجع علی الذين يريدون السيطرة علی الشعوب بالقهر و القوة.
منطقة الخليج الفارسي و بحر عمان اليوم علی الرغم من التواجد المضر و غير الجيد لبارجات بلدان مختلفة - أوربية و أمريكية - في هذه المنطقة، تعدّ بفضل تواجد الجمهورية الإسلامية‌ و إيران الشامخة و الشعب المقتدر في بلادنا تعدّ منطقة حرة مستقلة تعتمد علی نفسها.
لقد ولی ذلك الزمن الذي كان فيه البعض يأتون إلی هذه المنطقة ليقرروا مصيرها بتواجدهم العسكري. قد لا يزال بين حكام المنطقة و ساستها أشخاص يرغبون في مطابقة طول موجاتهم مع مرسلات الأجانب، لكن الشعوب اليوم قد استيقظت، و هي شعوب واعية صاحية. الشعوب اليوم تعلم أن التواجد العسكري و المسلح للأجانب في أية منطقة - و ليس في منطقتنا و حسب - من شأنه زعزعة الأمن في تلك المنطقة. و هنا أيضاً يعدّ تواجد الأجانب سبباً في انعدام الأمن. أمن الخليج الفارسي و بحر عمان يتم تأمينه بتواجد بلدان المنطقة و تعاونها ليس إلا. مصالح البحر للجميع، و إمكانيات و خيرات هذا البحر المبارك ملك للشعوب. كيف يمكن استخدام هذه الخيرات لأجل المصالح الوطنية و البلاد؟ بالتوفر علی الاقتدار. و هذا الاقتدار تستطيعون أنتم القوات المسلحة التي تعرفت علی معنی الجهاد و مفهوم التضحية تأمينه.
منذ بدء‌ تشكيل نظام الجمهورية الإسلامية لم نُرغِّب أي بلد أو أية قوة علی المواجهة أو الحرب و لن نفعل ذلك، و سوف نحول ما استطعنا دون وقوع أية مواجهة مقصودة أو تصادفية - هذا شيء محفوظ في محله - فنحن شعب مسالم ينشد السلام، لكن الذين يريدون تأمين تقدمهم بتواجدهم و تعسفهم العسكري يجب أن يشعروا بوجود شعب مقتدر أمامهم، و مظهر اقتدار الشعب في البحر هو أنتم القوات البحرية المستقرة علی امتداد هذا الساحل الطويل.
كل يوم و كل ليلة تقضونها و كل دورة مهنية تنهونها و كل مسؤولية عملياتية أو إسنادية أو تدريبية تتولونها إنما هي حسنة و خطوة في طريق مصالح الشعب الإيراني و شموخ الجمهورية الإسلامية‌ الإيرانية. الله تعالی يسجل هذا الجهاد - الجهاد الذي لا يعرفه الكثيرون و هو في الحقيقة جهاد صامت - و يقرر له أجراً و ثواباً في الديوان الإلهي. واصلوا جهادكم و جهودكم المقدسة هذه بكل قدراتكم و بصدق و إخلاص، و اعلموا أن هذا البلد و هذا النظام و هذا الشعب مدين لكم أيها الشباب الذين تجسدون و تبرزون اقتداره.
لهذه المنطقة شؤون و مهام كبيرة مع القوات المسلحة، سواء منطقة بحر عمان أو منطقة سواحل الخليج الفارسي. و من واجب الأجهزة و المؤسسات و المسؤولين في البلاد أن تتعاون بالنحو اللازم مع القوات المسلحة حتی يتم إنجاز هذه الشؤون علی أفضل وجه.
إنني سعيد اليوم للحضور بينكم أيها الأعزاء الشباب و المسؤولون و المدراء و قادة القوات المسلحة في هذه المنطقة. أحمد الله، و كما قال هذا الشاب العزيز في النص الجميل الذي قرأه فإن قصدي هو الشدّ علی أيديكم و القول:‌ «الله يقوّيكم»، و أريد أن أقول لكم: إعلموا أن أجركم و جهودكم محفوظة عند الله تعالی، و أنكم و عوائلكم محظيون بلا شك بألطاف الله و فضله و بأدعية الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه) إن شاء الله.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته