15/08/2011 م
بسم‌ اللَّه‌ الرّحمن‌ الرّحيم‌
إبتداء أُقدّم لكم التهاني و التبريكات [بمناسبة ذكرى ولادة الإمام الحسن بن علي (ع)]. و أتمنّى أن تملأ المسرّة قلوبكم، و تكون نفوسكم في ازدهار، و جهودكم إن شاء الله مأجورة و مباركة. إنّه لمن دواعي السّرور أن يتواصل هذا التجمّع على مدى سنوات متوالية، و أسأل الله أن يستمر مستقبلاً أيضاً.
عسى أن لا يتفرّق شمل أصحاب الوفاء
و لا تتفكّك عرى سلسلتهم إلى يوم الجزاء
و أرجو أن يكون هذا دعاءً من جهة، و تعبيراً عن واقعٍ من جهة أُخرى.
أعرض بضعة مواضيع بإيجاز. أحدها حول واقع الشعر اليوم في بلدنا. يمكن طبعاً إعطاء رؤية أوسع حول الشعر الفارسي اليوم في البلدان المختلفة و التحدّث حوله إنطلاقاً من هذه الزاوية، و لكننا نوكل هذا الموضوع إلى فرصة أُخرى. إن الشعر الحديث في بلدنا حالياً شعر متوثّب و متقدم إلی الأمام. و اليوم حين أنظر إلى شِعر الشباب على وجه الخصوص ـ حيث أنشَدَ في هذه الليلة عدّة أشخاص من شبابنا الأعزاء، و سائر الإخوان الرّواد في حقل شعر الثورة، قصائدهم ـ أشعر بحصول تطوّر ملموس؛ أي إننا قد تقدّمنا في الشعر حقّاً. و هذا الكلام قُلته في العالم الماضي أيضاً.
لديّ ملاحظة لا بأس بالتحدّث عنها هنا، و هي أنني أجد وجهين من الشبه بين الشعر المعاصر في بلدنا و بين الشعر الفارسي خلال فترة مهمة و بارزة جداً امتدت لمائتي سنة؛ و اعني بها فترة رواج و ازدهار الأسلوب الهندي؛ و هي الفترة التي استمرت منذ أواسط القرن العاشر إلى أواسط القرن الثاني عشر، و شاع فيها الشعر على الطريقة الهندية و انتشر و تعالى. و أُشير أوّلاً إلى أن تلك الدورة التي استمرت على مدى مائتي سنة لا نظير لها من بعض الجوانب مقارنة مع كل الأدوار التاريخية لشعرنا. و نحن لا نريد هنا أن نتجاهل قدر شعراء القصائد في القرون الرابع و الخامس و السادس، أو قصائد الغزل في القرنين السابع و الثامن، بل إن مكانتهم محفوظة على قدرها و قيمتها و تفوّقها، غير أن هذه المائتي سنة تُعدّ من الحقب الوضّاءة جداً في تاريخ الشعر الفارسي.
إحدى السِمات التي تتميز بها هذه المائتي سنة، هي كثرة عدد الشعراء. ففي هذين القرنين الذين أتحدّث عنهما تلاحظون أن عدد الشعراء في إيران، و في الهند، و في أفغانستان، و في بلاد ما وراء النهر ـ و هي المنطقة التي تقسّمت اليوم و للأسف بين طاجيكستان و أوزبكستان، و هي منطقة تضم بخارى و سمرقند و غيرها من البقاع الطاجيكية الأُخرى التي تتحدّث اللغة الفارسية ـ عدد يدعو إلى الدهشة. ففي هذه الفترة كان هناك الآلاف من الشعراء المفلقين الذين لا ينظمون الشعر فحسب و إنّما كانوا شعراء حقيقة. لعلّهم ليسوا كلهم من الشعراء البارزين، غير أنهم كانوا شعراء بمعنى الكلمة. و من بين هؤلاء الآلاف من الشعراء الذين ذكرت هذا العدد لهم على وجه التقريب، ربّما يمكن القول إن المرء ربّما يستطيع أن يعثر في تلك الحقبة على مائة شاعر جيّد. و من بين هؤلاء المائة شاعر ربّما يستطيع المرء أن يعثر على عشرة شعراء من الدرجة الأولى من أمثال صائب، و كليم، و محمد جان قدسي، و نظيري النيسابوري. هكذا كانت أوضاع تلك المائتي سنة من حیث الكمّ الشعري.
أحد أوجه الشبه بين عصرنا و بين ذلك الدور تتمثّل في هذا الكمّ من الشعراء؛ فعدد الشعراء في بلدنا اليوم لا سابقة له في أي من الأدوار ـ سوار في هذا الدور الذي عشناه نحن و شهدناه و كنا على ارتباط مع شعرائه، أم ما سمعناه حول الماضي ـ إنَّ عدد الشعراء في بلدنا اليوم شبيه من حيث الكمّ بذلك الدور الذي امتد لمائتي سنة. و هذا طبعاً بفضل الثورة. فالثورة قد نقلت المعارف، و الفن، و كل شيء إلى أوساط الشعب، و جعلته في أوساط المجتمع، و لذلك أخذ بالانبثاق و الظهور. اليوم لدينا في البلد الكثير من الشعراء، ابتداءً من اليافعين في المدارس الإبتدائية، و إلى المدارس الإعدادية، و إلى الشباب المعطاء، و إلى متوسطي الأعمار و كبار السن. أي لو شاء المرء أن يجري حساباً لوجد أن عدد شعرائنا اليوم كثير جداً. و هذا ما يتعلّق طبعاً بمدّة الثلاثين سنة الماضية. و إذا استمر الحال على هذه الوتيرة بإذن الله ـ أي إذا سرنا قُدُماً على هذا المنوال، و حصل تشجيع للشعر، و استطاع الشعراء الجيدون تربية الشعراء الأصغر منهم ـ فمن المؤكّد أن عدد شعرائنا سيفوق عدد شعراء ذلك الدور.
الوجه الآخر من الشبه بين هذا الدور و ذلك الدور ذي المائتي سنة هو التجديد في المضامين. ففي أي من الأدوار الأُخرى لم يسبق أن وجدت كل هذه المضامين الجديدة و هذا الكلام الحديث، طريقها إلى الشعر، بحيث عندما يظهر مضمون جديد، تأتي تبعاً لوجود المضمون الجديد صياغات جديدة أيضاً؛ أي إن حاجة المضمون إلى اللفظ تقتضي من الشاعر أن يستفيد من ذوقه و يوظّف فنّه من أجل الإتيان بصياغات جديدة. طبعاً ربّما تحصل في مستهل الأمر حالات من البدائية، و لكن تدريجياً تنضج اللغة و تستقيم و تزداد جزالة و رصانة.
في هذه الليلة و في هذا الحشد من الذين قرأوا الأشعار ـ أشعار الشباب، و أشعار النساء، و أشعار الرجال ـ أُلاحظ أن الكلمات ناضجة و رصينة؛ و الألفاظ قوية و جزلة، و بالنحو الذي يودّ الإنسان أن يشاهده في الشعر. و أمّا المضامين فهي إلى ما شاء الله. إنّ الإنسان عندما يقرأ ديوان صائب، أو عندما يقرأ دواوين شعراء كبار من أصحاب المضامين الثرّة من أمثال بيدل و غيره، ربّما يقول إنّهم لم يتركوا شيئاً [من المعاني] لغيرهم؛ فهم قد جاءوا بكل ما يخطر و ما لا يخطر على بال الإنسان و صاغوه في قوالب شعرية و بيّنوه، غير أنّه بعد ذلك يلاحظ عكس ذلك، و حسب قول صائب:
يمكن الحديث عن طرة الحبيب عمراً
فلا یُحزنك الظن أنّه لم يبق مضمون
لقد قال «عُمْراً» و لكن يمكن الحديث عن طرة الحبيب دهراً. فاليوم حين يشاهد المرء كل هذه المضامين الجديدة في هذه الكلمات التي تستحق النظر و التأمّل و الدقّة عن جدارة، يجد أنه يدعو إلى الاستحسان. و في رأيي إن هذا يمثّل الوجه الثاني من الشبه بين شعرنا اليوم و شعر ذلك الدور المائتيني.
طبعاً نحن لا زلنا اليوم نترقّب بروز شعراء من أمثال صائب، و محمد جان قدسي، و نظيري. و لا أودّ أن أكون قد بالغت في قولي هذا. فليس لنا أن نقول بما أننا نشبّه دورنا بذلك الدور، إذاً فلدينا اليوم شاعر من مستوى صائب، أو لدينا كليم، أو لدينا نظيري، أو لدينا طالب آملي، أو لدينا محمّد قُلي سليم طهراني، كلا، و للإنصاف أقول، أنه لا زال هناك الكثير حتّى يصل شعراؤنا إلى تلك المرتبة العليا الممتازة القليلة النظير لشعر من ذكرتُ من الشعراء أو الكثير غيرهم إلى ما شاء الله.
حسناً، استفيد الآن من هذا الموضع، و أقول ملاحظة أُخرى لشعرائنا الجيدين الشباب هؤلاء ـ و هم كلّهم و الحمد لله شعراء و مبدعون و يصوغون المضامين و لديهم شجاعة التعبير ـ أقول لهم: أن ما سمعته من الأشعار في هذه الليلة، كان معظمه جيداً جداً. و لكن اعلموا أن عبارة «جيد جداً» لا تعني «كمال الجودة». فعبارة «جيد جداً» قد تكون عشر «كمال الجودة». و الأعشار التسعة الأُخرى لا زالت أمامكم؛ أي لا تتوقفوا. فالمشكلة لدى كل من يبدعون في مسار من المسارات، هي أنهم يظنون أن هذه هي نهاية الطريق. فلو أن شخصاً لديه صوت جميل في الإنشاد، و يلقى منّا الثناء و نقول له: «أحسنت، إن إنشادك جميل»، فإذا ظنّ أنّه لن يكون إنشاده أفضل من هذا؛ فمن المؤكّد أنه سيتوقّف عند هذا الحد. و من بعد التوقّف مباشرة يهبط و يتدنّى. و عليه أن يعلم بأنه يمكن الإنشاد بأفضل من هذا. و هكذا الحال في كل مناحي الحياة. و هكذا الحال في كلّ الأعمال التي رأيناها. فالشعور بالوصول إلى الغاية و الدهدف يورث التعب و يؤدّي إلى الركود. إنكم لم تصلوا إلى الغاية بعد. لقد سرتم إلى الأمام بشكل جيد جداً، و أنتم على مستوىً جيد جداً؛ و لكن كما قلنا فإن عبارة «جيد جداً» قد تعني أحياناً عشر «كمال الجودة»، و عليكم أن تستجمعوا التسعة أعشار الأُخرى؛ فاسعوا، و اعملوا، و كِدّوا، و سيروا قُدُماً.
ملاحظة أُخرى أودّ أن أُقدّمها إليكم أیها الشعراء الأعزّاء الموجودون هنا، و إلى الشعراء الآخرين الذين يدخلون في عداد و يسيرون ضمن تيار شعر الثورة، و هي أن الشاعر في زماننا هذا و انطلاقاً من خصائص هذا الزمان، يحتاج إلى معرفة دينية عميقة. فأنتم اليوم قد أصبحتم مثالاً تحذو حذوكم الكثير من الشعوب سواء شئتم أم أبيتم، و سواء علمتم بذلك أم لم تعلموا، و سواء صدقتموه أم لم تصدّقوه. و هذه الصحوة الإسلاميّة التي تشاهدونها، سواء أعلنّا ذلك أم كتمناه، و سواء كشفنا عنه أم سترناه، و سواء أظهره الآخرون أم أخفوه فهو متأثّر بالحركة العظيمة للشعب الايراني. فهذه الثورة العظمى، و هذه الثورة الكبرى، و هذا التحوّل الهائل الذي دمّر التقاليد الطاغوتية و هدم النظام الطاغوتي و نظام الهیمنة، جعل من الشعب الايراني مثالاً يُحتذى به. و أنتم إذا أردتم العمل بما تقتضيه متطلّبات الأسوة و القدوة، عليكم أن تعمّقوا معرفتكم الدينية و معرفتكم الإسلاميّة. و هذا ما كان موجوداً في ماضي شعرنا. فأنتم إذا نظرتم تلاحظون أن شعراءنا البارزين كان معظمهم ـ و لا أقول كلّهم ـ على هذه الشاكلة؛ إبتداءً بالفردوسي و إلى جلال الدين الرومي (المولوي) و سعدي الشيرازي و حافظ الشیرازي و الجامي. الفردوسي هو الحكيم أبو القاسم الفردوسي. بينما الشخص الذي يسرد الأقاصيص، إذا كان مجرّد سارد أقاصيص و كاتب ملحمة، لا يُقال له حكيم. و تسمية «الحكيم» هذه ليست من عندنا، و إنّما أصحاب الفكر و المعرفة على مرّ الزمان هم الذين أطلقوا عليه تسمية «الحكيم» و كتاب الملوك «الشاهنامه» للفردوسي زاخر بالحِكم. فقد كان هذا الرجل إنساناً مُلِمّاً بالمعارف الدينية الأصيلة. كانوا كلّهم حكماء. و كانت دواوينهم من أوّلها إلى آخرها مليئة كلّها بالحكمة. و حافظ لو لم يكن يفتخر بحفظ القرآن، لما أطلق على نفسه تسمية «حافظ» تخلّصاً. فهو من حفّاظ القرآن. و كان يقول: «أحفظُ القرآن عن ظهر قلب على أربع عشرة رواية». و قرّاؤنا اليوم الذين يقرأون على اختلاف القراءات، لا يستطيعون القراءة عادة على أكثر من روايتين أو ثلاث. في حين أنه كان يستطيع قراءة القرآن على أربع عشرة رواية. و هذا شيء في غاية العظمة. و هذه المعرفة بالقرآن مشهودة في غنائيات (غزلیات) حافظ الشيرازي، بالنسبة إلى من يفهمها طبعاً. و أمّا بالنسبة إلى سعدي فالأمر واضح؛ و الأمر بالنسبة إلى جلال الدين الرومي، معروف. و هكذا الحال أيضاً بالنسبة إلى الجامي و صائب. إذا قرأتم ديوان صائب تجدون فيه معرفة دينية عميقة. و عندما يصل المرء إلى بيدل يشاهد في شعره معارف دينية عميقة و متداخلة على نحو يثير الدهشة. هؤلاء هم أكابرنا، و هؤلاء هم أئمّة الشعر. و في الواقع ينبغي القول إن هؤلاء هم رُسُل الشعر الفارسي. لقد كانوا أصحاب معارف دينية. و عليكم أنتم أن تكونوا أصحاب معارف دينية. و السبيل إلى ذلك طبعاً هو التعرّف على القرآن، و الأُنس بالقرآن، و الأُنس بنهج البلاغة، و الأُنس بالصحيفة السجّادية. إن الكثير من الشكوك و الهواجس و مواطن الصدأ التي تخيّم على القلب أحياناً، تتحوّل عند مطالعة النصوص التي ذكرتها، إلى شفافيّة و وضوح، و تعطي الإنسان الإدراك، و تجعله يعرف الطريق، و يعي الأمور، و يشخّص الهدف.
نذكر من ذلك مثلاً أن قراءة كتاب «مقالات معنوية» للشهيد مرتضى المطهّري، يتناسب مع أيّام شهر رمضان هذه. أو الاهتمام بالأحكام الإلهيّة. لقد قلتُ يومذاك في كلمة، نقلاً عن المرحوم الحاج الميرزا جواد آقا ملكي التبريزي إن الحالة المعنوية التي تحصل للإنسان من جرّاء الصوم، و هذا الازدهار الروحي و الرقي الذي يطبع الروح على أثر الصوم، كم له من قيمة! و الشاعر أيضاً هو من يتفاعل مع حالات الهيجان الروحي، و التلقّيات و الإدراكات المعنوية. و هذه هي خصوصية الشاعر، و هذا هو مقتضى رقّة الشاعر؛ حيث أنه يدرك هذه المعارف بكل يُسر. أن الاهتمام بشهر رمضان، و بالصوم، مما يُساعد الإنسان كثيراً في مجال الرقي الروحي. و انطلاقاً من ذلك عليكم أن ترفعوا من مستوى معرفتكم الدينية. و قد أشرتُ طبعاً إلى أن المقصود هو المعرفة الدينية بنمطها المنهجي و العلمي، و ليس بالأسلوب الانتقائي و الذاتي. نلاحظ بعض الناس يتحدّثون أحياناً عن الدين، و لكنهم في الواقع ينسجون ذلك الكلام من عند أنفسهم، و لا يستندون فيه إلى أي مستمسك و لا سند و لا رؤية علمية، و لا تحقيق علمي. و هذا في الواقع لا يجدي نفعاً كثيراً.
الملاحظة الأُخرى التي أروم التحدّث عنها هي أن شعر الثورة له هويّته؛ و هو في الواقع المتصدي و صاحب الزمام و الجولان في الميدان لعرض خطاب الثورة. و هذا ما ينبغي أن تصونوه، و ينبغي أن يختفي و یتهمّش وراء بعض المشاعر الهيّاجة الناتجة عن معاناة الشاعر و آلامه من قضية معينة، أو حادثة أو شيء آخر. فمن الطبيعي أن تكون هناك سلبيات في كل مكان. و الشاعر يتسم عادة بروح رقيقة؛ لذلك تعتريه آلام من هذه السلبيّات. و هذه الآلام تترك تأثيرها في الشعر طبعاً، و لكن لا ينبغي أن تطغي هذه الآلام على ذلك الخطاب الأساسي للثورة، و لا على الهوية الأصلية للثورة. عليكم أن تتكلّموا من أجل الثورة، و عليكم أن تعملوا و تبذلوا الجهود من أجل خطاب الثورة.
لقد أنجز شعبكم عملاً جباراً. و هذا ما قلته في العام الماضي ـ و يبدو لي أنني قلته في مثل هذه الجلسة ـ و هي أن القضية لا تنحصر في ـ الإقدام على الشهادة ـ طبعاً الإقدام على الشهادة في سبيل الله و وضع الأرواح على الأكف و تقديمها في سبيل الله يمثل ذروة الشرف الإنساني، بل أن المعارف الدينية على درجة من السِعة، و معارف الثورة واسعة و زاخرة بالمواضيع و ذات عطاء دافق بحيث يمكن الاستفادة منها و التعبير عنها. و اليوم هذا واجب يقع على عاتق الشعراء. يلاحظ المرء أحياناً أن هذه الآلام و المعاناة تؤثّر في قسم من الأشعار و القصائد بحيث تطغي على ذلك الخطاب و تلك القضية الأساسية. و هنا يتناغم صوت هذا الشاعر و يتكاتف مع تلك الأصوات المعارضة لأساس ذلك الخطاب. إن الشعراء الذين كانوا مرتبطين بمراكز السلطة و البلاط و بتوابع البلاط البهلوي الفاسد، أو كانوا أيضاً ضمن التيارات اليسارية، هؤلاء أعرضوا عن الثورة منذ البداية و لم يلقوا الثورة بالبشر. و هذا الإعراض و هذا الوجه المكفهر الذي لاقوا به الثورة، هو الذي أدّى إلى انبثاق هذا الجانب من الثورة بكل هذه الإبداعات الجميلة و الفيّاضة بالمشاعر. إن انبثاق كل هؤلاء الشعراء الجيّدين و البارزين من بين أعماق الثورة، ربّما يُعزى في جانب منه إلى إعراض تلك المجموعة من الشعراء عن الثورة. طيّب، إن ذلك التيار الذي يعارض أساس الثورة، و أساس خطاب الثورة، و أساس الحركة التحررية للشعب الإيراني و الاتجاه الديني للثورة الإسلاميّة، إذا لم يحرص الإنسان على حفظ تلك الهوية و ذلك الخطاب الأساسي للثورة، فإنّ لغته تقترب من لغتهم. ليس لديّ اعتراض و لا معارضة للشعر؛ فالإنسان يرى وضعاً شاذاً و من الطبيعي أن ينعكس ذلك في شعره؛ و هذا لا ضير فيه؛ و لكن عليكم أن تحاذروا.. فاعتراضکم هو على ذلك الوضع الشاذ مع الحفاظ على إيمانكم بأساس خطاب الثورة الإسلاميّة. و لكن هناك شخص يبدي معارضته لأساس هذا الخطاب؛ و هنا احذروا أن تتّحد لغتكم مع لغته. فمن الضروري أن يتحرّز شعراؤنا الشباب الأعزّاء من هذا الجانب. فهناك من الناس من هو بعيد عن أساس مبادئ الثورة و النظام و التحرّر و الاستقلال و مقارعة الاستكبار؛ فلا تعقدوا الآمال على تشجيعهم و لا تشجيع الأوساط المرتبطة بهم. و حاولوا جهد المستطاع أن توثّقوا علاقاتكم في ما بينكم.
لا تفصموا عری الجمع أیها الصحاب المتآلفون
لا تفصموها ففي الشتات شتات و ضیاعٌ
و السّلام عليكم و رحمة اللَّه و بركاته