بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله تعالى على أن الأنفاس الدافئة و القلوب النابضة بالحيوية لشبان قم، ها هي تفوح بالعطر مرّة أُخرى على أجواء هذه الحسينية بمناسبة ذكرى التاسع عشر من دي. أنا على يقين من وعي و يقظة و بصيرة أهالي قم الأعزاء، و موقفهم المشرّف الذي عبّروا عنه بكل وجودهم إزاء الحوزة العلمية و إزاء مرجع تقليدهم، يُمثّل حادثة ستبقى خالدة على مرّ التاريخ.

نحن إذا اعتبرنا حادثة التاسع عشر من دي منطلقاً لتحوّلات جديدة في العالم، فلا عجب و لا غرو في ذلك و لم نقل جزافاً؛ فقانون الحوادث في هذا المجتمع البشري و في هذا العالم الكبير خاضع لقاعدة التأثير المتبادل. إذ إن الحوادث تؤثّر في بعضها الآخر، و سلسلة الحوادث التاريخیة تتمخّض عنها الوقائع الكبرى. و نحن إذا صوّرنا القضية على النحو التالي و هي أن حركة أهالي قم في يوم التاسع عشر من دي من عام 1356 (1978 م) كانت بمثابة البارقة التي أضاءت في تلك الأجواء الحالكة التي كانت تجثم على الصدور يومذاك ـ إن شرح الكبت الذي كان سائداً في البلد يومذاك و ما كان يلقاه من دعم و تأييد من كل البلدان التي تُسمّى بالدول المناصرة للحرية، و التي كانت تساند ذلك الكبت و تدافع دفاعاً مستميتاً عن المستبدين و المتسلّطين، يحتاج إلى كتب كثيرة ـ في مثل تلك الأجواء، كانت تلك الدماء الطاهرة التي أريقت في چهار مردان في مدينة قم، و التي أدّت إلى انطلاق هذه الحركة الكبرى لأهالي قم في يوم التاسع عشر من شهر دي، بمثابة البارقة التي انطلقت فأصابت الخزين الهائل لإيمان هذا الشعب؛ و انقلبت الأجواء بين ليلة و ضحاها.

لو لا حادثة التاسع عشر من دي التي وقعت في مدينة قم، لما وقعت تلك الحوادث المختلفة في المدن الأُخرى، و تلك السلسلة المتتابعة من الأربعينيات التي استنهضت أبناء الشعب و استقطبتهم إلى ميادين النضال. و لو لا تلك التحوّلات و تلك الوقائع لما جاء يوم الثاني و العشرين من بهمن، و لما انتصرت الثورة الإسلاميّة. لقد انتصرت الثورة الإسلاميّة، و بدأ التحدّي الذي راح يواجه الاستكبار العالمي، و كُسرت هيبة الاستكبار، و كُسرت هيبة أمريكا و الصهونية. إن انكسار الهيبة الزائفة للقوى الكبرى ـ التي تتصرّف بمقدرات العالم بهيبة زائفة تفوق حجمها الحقيقي ـ دفع المسلمين إلى التفكير و اليقظة. و كان صمود الشعب الإيراني، و مظلومية الشعب الإيراني في ما وقع له من الحوادث و منها الحرب المفروضة؛ أي مرحلة الدفاع المقدّس و ما واكبها من حصار، أحدث هزّة لدى الشعوب الأُخرى التي رأت ان الشعب الإيراني قد صمد بمثل هذه الصلابة، و تقدّم بثبات و عزم. فلو لا هذا الثبات، و لو لا هذا الصمود، و لو لا هذا التحدّي للهيبة الزائفة للقوى الكبرى لما اقتحمت الشعوب ميادين المواجهة، و لما حصلت هذه اليقظة الإسلاميّة، و لما وقعت هذه الحوادث التي أضحت اليوم تغيّر وجه المنطقة و ترسم لها دوراً جديداً. إن الحوادث تبدأ من نقطة ثمّ تسير على نحو متسلسل. و إذا كان هناك صمود، و إذا كان هناك صبر و مصابرة و ثبات على النهج، و إذا كان هناك استمرار في العمل، عند ذاك تترتّب عليه جميع الخيرات و جميع البركات.

إن الصمود هو الشرط الأوّل. و الشعوب التي تبدأ السير على الطريق ينبغي أن تثبت عليه؛ {فَلِذَلِكَ فَادْعُ و اسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} (1).. فالقرآن الكريم يأمر النبي في مواضع متعدّدة بالثبات و الاستقامة. و هذا هو السر الكامن وراء ذلك. ينبغي الصمود، و ينبغي الثبات، و ينبغي عدم ضلال الطريق، و يجب أن يكون الهدف نصب العين على الدوام، و يجب مواصلة السير قُدُماً باستمرار. فإن تحقّقت هذه الشروط فستأتي الانتصارات الواحد تلو الآخر؛ مثلما حصل بالنسبة إلى الشعب الإيراني.

الشعب الإيراني وضع هذه التجربة الكبرى اليوم أمام الشعوب الأُخرى. إن تجربة النجاح منشؤها عاملا البصيرة و الصبر. البصيرة معناها عدم ضلال الطريق و عدم اقتفاء الطريق المغلوط، و عدم الشطط عن الطريق و عدم الخروج عنه، و عدم التأثّر بوساوس الخنّاسين، و عدم الخطأ في تعيين الممارسة و الهدف. و أمّا الصبر فيعني الصمود. إن الأجيال تسلّم هذا الإنجاز من يدٍ إلى يدٍ. و اليوم بحول الله و قوّته يوجد في بلدنا جيل شاب لم يشهد أيّام الثورة و لم يدرك عهد الحرب إدراكاً صحيحاً، إلا أنّه في الوقت ذاته صامد في الساحة بتلك الروح ذاتها، و بذلك الشعور ذاته، و بذلك الاندفاع، و بذلك العزم الراسخ، و هذا شيء في غاية الأهميّة. و هذا من إبداع الثورة. و يفترض بنا طبعاً ترسيخ مقوّمات هذا الصمود و عوامل هذه البصيرة، في ذاتنا.

هناك في هذا المجال شيئان مترابطان مع بعضهما و يؤلّفان مع بعضهما حلقتي اقتدار الشعب، أحدهما العزم الراسخ لنظام الجمهورية الإسلاميّة المقدّس على عدم الانحراف، و عدم الاستسلام، و الوقوف بوجه أطماع و تجبّر القوى الكبرى و الاستكبار. إن نظام الجمهورية الإسلاميّة بمجموعه و بهويته الجماعية يعلم علم اليقين بالنهج الذي يسير عليه، و قد اختار طريقه هذا و هو ماض في الثبات عليه. هذا هو العامل الأوّل. و أمّا العامل الثاني فهو الحضور الواعي و الحازم لهذا الشعب الوفي في الساحة. و لو انفصل هذان العاملان؛ أي لو سار مسؤولو النظام و رؤساء البلد على هذا النهج، و لكن الشعب لم يكن له حضور في الساحة، فمن المؤكّد أن الأمور لن تسير قُدُماً. و لو حصل خلل لدى رؤساء النظام؛ سواء في نواياهم، أم في رؤاهم، أم في فهمهم للأمور، أم في عزمهم على مجابهة قوى الكفر و الضلالة المتكالبة التي تخندقت في مقابلهم؛ فمن المؤكّد أن هذا الأمر سیسبب خللاً في النظام، و سوف یؤدي إلی خروج الشعب من الساحة. هذان العاملان موجودان سوية، و كلاهما موجودان اليوم سويّة أيضاً، و سيكونان سوية في المستقبل أيضاً إن شاء الله. و بوجود هذين العاملين لن يؤثّر في هذا الشعب أي من ضربات العدو و مكائده و أساليبه و مؤامراته.

ان الجبهة المناوئة لنا ـ و هي الجبهة التي تترأسها أمريكا و الصهاينة ـ قد تشبّثت بجميع الطرق التي يمكن أن تتوسّل و تتشبّث بها، و اتّبعت كلّ الوسائل التي يمكن اتّباعها لمواجهة الشعب الإيراني، لتفتيت هذين العاملين و القضاء عليهما؛ و هما عامل ترسيخ النظام و عامل صمود الشعب في الساحة. و هم يعلنون هذا صراحة و يقولون إن هدفهم من وراء إقرار و تنفيذ فرض العقوبات على إيران ـ و هو ما يصرّون عليه بكلّ عناد ـ هو إرهاق الشعب و إزاحته عن الساحة، و من أجل أن يُعرض الشعب عن النظام. فإمّا أن يتحقّق هذا الهدف أو أن يحصل وهن و ثغرة في إرادة المسؤولين؛ فيضطرّون إلى إعادة النظر في حساباتهم. و التعابير التي يستخدمونها في هذا المجال هي انّهم يقولون: إننا نريد أن يشعر مسؤولو الجمهوريّة الإسلاميّة أن ثمن قراراتهم يكلّفهم غالياً. و هذا معناه إيجاد ثغرة في إرادة مسؤولي البلاد. و هم يواصلون العمل بكل قواهم و بكل ما يجيدونه من أساليب من أجل تحقيق أحد هذين الهدفين. إمّا ثني الشعب و عزله عن النظام، و إمّا ثني المسؤولين و إرغامهم على إعادة النظر في قراراتهم. غير أنّهم مخطئون في تصوّراتهم، فلن يستطيعوا تحقيق أي من هذين الهدفين.

في صدر الإسلام، بدا للاعداء ذات يوم أنّهم يستطيعون القضاء على المسلمين من خلال الحصار الاقتصادي الذي فرضوه عليهم في شعب أبي طالب، إلا أنّهم لم يتمكنوا من ذلك. فهؤلاء المفضوحون المخطئون في حساباتهم يظنّون أننا نعيش اليوم في ظروف شعب أبي طالب. و لكن الحال ليس كذلك؛ فنحن اليوم لسنا في ظروف شعب أبي طالب، و إنّما في ظروف بدر و خيبر.

و نحن في ظروف رأی فيها شعبنا معالم النصر بعينه، و هو على مقربة منها؛ و أنّه نال الكثير من مراحل النصر بعزّة و شموخ. فهل يخيفون شعبنا اليوم بالحصار الاقتصادي؟ و هل يريدون بهذه التصريحات و بهذه المكائد إخراج شعبنا من الساحة؟ و هل مثل هذا ممكن؟ أيريدون اليوم زعزعة إرادة المسؤولين؟ {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ و مَنِ اتَّبَعَنِي} (2). هذا الطريق اختير عن وعي و بصيرة، و هذا الطريق فتح بالمجاهدة، و هذا الطريق عُبّد بدماء الأغلى و الأعزّ من أبناء هذا البلد. و قد انتهجنا هذا الطريق، و بلغنا فيه قمماً. و نحن لا نتوقّف، و إنّما نسير قُدُماً إن شاء الله. و إلى يومنا هذا بلغنا الكثير من القِمَم. فأين الجمهورية الإسلاميّة اليوم مما كانت عليه قبل عشرين أو ثلاثين سنة؟ و أين أعداء الجمهورية الإسلاميّة بهيمنتهم و كبريائهم و عنجهيتهم يومذاك، ممّا هم عليه اليوم من الضعف و الانكسار؟ هذه إرهاصات تشجّع الشعب الإيراني و تشوّقه. إن إرادة المسؤولين ستبقى راسخة على الاستمرار في طريق الإسلام ـ الذي هو طريق الله، و طريق الدين، و طريق السعادة في الدنيا و الآخرة ـ و سيبقى شعبنا اليوم و غداً، الركيزة الثابتة لهذه الحركة الكبرى.

أحد المواطن التي يمكن لأبناء الشعب إثبات حضورهم فيها، هي هذه الانتخابات. و قد بدأ الأعداء، ليس اليوم، بل منذ مدة سابقة، لعلّهم يستطيعون القيام بما يؤدي إلى تقليص مشاركة أبناء الشعب في هذه الانتخابات. و أنتم تسمعون هذا، و ترونه. في هذا المقدار الذي يتناهى إلى أسماع ابناء الشعب و إلى أبصارهم ممّا ينشر في الصحف و يُبثّ في وسائل الإعلام المختلفة، يحاول أعداؤنا، ابتداءً من کبارهم و هم وكر و مركز قيادة جبهة الكفر و الاستكبار، و انتهاءً بهؤلاء الأُجَراء و العملاء الصغار و البيادق المنتشرين في كلّ مكان ـ يوجدون هنا في الداخل، كما يوجدون أيضاً في الخارج ـ يحاولون بكلّ جهدهم أن يفعلوا ما يثني الشعب عن المشاركة في هذه الانتخابات. و أنا بما لدي من تجربة حول أداء هذا الشعب، و بثقتي بطلف الله العلي القدير، أتوقّع بلطف الله و فضله، و بحوله و قوته، أن تكون مشاركة الشعب في هذه الانتخابات مشاركة قاصمة لظهور الأعداء. و بهذه الانتخابات سيُضخّ دم رائق في جسد الثورة و البلد و نظام الجمهوريّة الإسلاميّة؛ و سينطلق في حركة جديدة، و سيغمره نشاط جديد. مثلما هو الحال في سائر الانتخابات. إن الانتخابات تجسيد لحضور الشعب. و تجسيد لإرادة الشعب في تقرير مصيره.

هناك بطبيعة الحال سلبيات؛ و علينا أن السعى من أجل عدم وقوع هذه السلبيات. يحمل أبناء شعبنا و بلدنا أحلى الذكريات و أمرّها حول انتخابات عام 1388هـ.ش (2009 م). فأحلى الذكريات هي ما جاءت بفضل حضور أربعين مليون ناخب عند صناديق الاقتراع، و هو ما أدهش العالم طبعاً؛ و أمّا أمرّ الذكريات و أسوأها فهو ما يتعلّق بالمماحكات السياسية من قِبل عدد من الجَهَلة، أو المستهجنين أو المعاندين في قضية الانتخابات. من الطبيعي في كلّ حادثة أن يكون هناك عدد من المعترضين الذين لا يقبلون بنتائجها. و لكن كيف ينبغي أن يعبّروا عن اعتراضهم؟ القانون هو الذي بيّن كيفية ذلك. فلماذا يخالفون القانون؟ و لماذا يحمّلون الشعب هذه التكاليف؟ و لماذا يجعلون من البلد مسرّة للأعداء؟ و لماذا ينفّذون المخطّطات التي تفوح منها و تترآى فيها عياناً قرارات العدو و مكائده؟ إن القانون قد رسم الطريق. و قد تحدّثنا نحن حينها، و قلنا للجميع. و كان كلّ أطراف القضية ملزمین بالعمل وفقاً لما قيل ـ وفقاً للقانون ـ فلماذا لم يأخذوا بما كانوا ملزمين به؟!

لم يفلحوا في تحقيق أي شيء. و ما دام هذا الشعب في الساحة، و طالما كان هذا التلاحم موجوداً، لن يستطيع أي أحد في هذا البلد أن يحقّق أي عمل مخالف. إنّهم لم و لن يستطيعوا تحقيق أي شيء، إلا أنّهم كلفوا هذا البلد غالياً، و تسببوا بتكاليف باهضة على هذا الشعب. فما هو الداعي لذلك؟ ففي مثل تلك الانتخابات الباهرة و اللافتة، كان من الممكن أن لا يتكبّد البلد هذه التكاليف.

لقد تداخلت في تلك الانتخابات عوامل شتّى و يجب أن تكون لنا فيها تجربة، و أن تكون لنا فيها عبرة. و يجب ان نكون جميعاً على حذر. ان الانتخابات مظهر لحضور الشعب و حصيلة له. و هي تجسيد لرأي الشعب و إرادته. و يجب ان تُحترم.

الانتخابات ينبغي ان تكون سليمة و تنافسية. و التنافس شيء آخر غير التخاصم. التنافس لا يعني تبادل الاتهامات. علينا جميعاً ان نحذر هذه الامور. و التنافس لا يعني ان يرى أحد بان إثبات وجوده يتوقّف على إلغاء الآخر. و التنافس لا يعني ان يقدّم أحدٌ وعوداً للناس على خلاف الدستور و على خلاف القوانين من اجل استمالتهم. هذه الامور لا ينبغي ان تحصل. فمن الضروري لمن يدخل ساحة الانتخابات سواء من قبل المسؤولين و الجهات التنفيذيّة، أو من قِبل المرشّحين، ان يلتزموا بآداب و شروط الحراك العمومي السليم.

على الجهات التنفيذيّة ان تبذل قصارى جهدها لمراعاة الأمانة. و ممّا يدعو إلى الارتياح ان جميع انتخاباتنا على مدى هذه السنوات الطويلة ـ حيث جرت الانتخابات أكثر من ثلاثين مرّة على مدى هذه الاثنين و الثلاثين سنة المنصرمة ـ كانت انتخابات سليمة. و في بعض المرّات ادّعى البعض ان الانتخابات لم تجر بصورة سليمة. فبعثنا من تحرّوا الامور و تحقّقوا منها ـ سواء في زمان الحياة المباركة للإمام الخميني (رضوان الله عليه)، أو من بعد ذلك ـ فوجدوا ان ثمّة مخالفات ربّما تكون قد وقعت هنا أو هناك، و لكن لم يحصل مطلقاً ما يطعن في سلامتها، أو يغيّر في نتيجتها. فالذي انتخبه الشعب، هو ما وقع في الخارج. يجب ان يبذلوا جهودهم من اجل انتخابات سليمة. و هذا يقع على عاتق الجهات التنفيذية، سواء في الحكومة و وزارة الداخلية، أو في مجلس صيانة الدستور الموقّر.

عليهم ان يكونوا على حذر، فليس هناك ما هو فوق القانون و لا أعز منه. هناك قول معروف على صعيد العالم و هو ان القانون السیئ أفضل من انعدام القانون. و من غير المستبعد ان يتقبّل الإنسان هذا الرأي، و ذلك لأن انعدام القانون يعني الفوضى. و امّا القانون السیئ فهو يضع على الأقل قواعد و ضوابط، ثمّ ان الإنسان يُدخل عليه تعديلات. و ممّا يدعو إلى الارتياح ان قوانينا الانتخابية قوانين جيّدة. و من الممكن ان تصبح أكمل و أفضل في المستقبل.

و امّا الذين يدخلون ساحة الانتخابات فعليهم الأخذ بمجموعة من القيود و الالتزامات. و كلامي هذا موجّه إلى جميع من يدخلون إلى ساحة الانتخابات كمرشّحين، و إلى ابناء الشعب قاطبة. على ابناء شعبنا في كلّ ارجاء البلاد ان يتحرّوا هذه السلوكيات لدى المرشّحين للانتخابات، و يتفرّسوا فيها، و يمعنوا النظر فيها.

مرشّح الانتخابات يجب ان يدخل إلى هذا الميدان بقصد الخدمة. و امّا إذا جاء بدافع حب السلطة أو لجمع المال، و غير ذلك من القضايا المختلفة و الدوافع السقيمة، فهو لا يخدم البلد. على مرشّح الانتخابات ان يدخل إلى ساحة الانتخابات بقصد الخدمة. و هذا ما ينبغي تشخيصه، و ينبغي فهمه، و ان ينظر إليه بفراسة. إذا كان المرشّحون على صِلة بمراكز الثروة و السلطة فإن ذلك يفسد الامور. مثلما هو الحال اليوم في ما يُسمّى بديمقراطيات العالم، في امريكا و في غيرها من البلدان الاخرى. فالشركات و أصحاب الأموال يقدّمون المال لمرشّحي انتخابات رئاسة الجمهورية او للمرشّحين لانتخابات الكونغرس. و لكنه في المقابل يقدّم لهم تعهّدات. ان رئيس الجمهورية الذي يأتي إلى سدة الحكم بأموال الأجهزة المختلفة و مراكز الثروة يكون ملزماً في مقابلها. و كذلك عضو المجلس الذي يدخل إلى المجلس بأموال الشركة الفلانية أو المتنفّذ الفلاني، أو الثري الفلاني، يجد نفسه حيثما يشاؤون هم ان يدسّ القوانين أو یحذف القوانين، أو يعمل على توسيع أو تضييق مدى القانون. و من الطبيعي ان هذا النائب لا ينفع الشعب. لا ينبغي ان يكون مرتبطاً بمراكز الثروات الشخصية، و لا بالثروات العمومية بطريق أولى. فالذي ينفق من بيت المال لكي يصبح نائباً في مجلس الشورى، يكتنف عمله هذا إشكال مضاعف. و على ابناء الشعب أن يكونوا على حذر من هؤلاء. و من الطبيعي انه لا يمكن توجيه التهم لأي كان، و القول ان هذا المرشّح مرتبط بالجهة الفلانية، أو ان ذلك المرشّح مرتبط بالشخص الفلاني، أو ان المرشّح الفلاني انفق كذا مبلغ من المال. فهذه الامور ينبغي ان تكون واضحة، و يجب إثباتها.

على الشعب ان يكون متيقّظاً و نبهاً. ان ممّا يدعو إلى الارتياح ان شعبنا واعٍ. إذ ان هناك من الناس من يستطيع الإنسان ان تركن إليهم، و يمكن ان يجعلوا للإنسان حجّة في ما بينه و بين الله، و بوسع الإنسان ان يثق بهم. فحيثما يستطيع ان يتحقّق بنفسه عليه ان يتحقّق بنفسه. و هذا شيء ضروري. ينبغي التدقيق في الامور. و ستجري الانتخابات على ما يرام إن شاء الله. و ستكون انتخابات حماسية و بمشاركة جماهيرية واسعة. و على ابناء الشعب ان يتعرّفوا على المرشّحين جيّداً و ينتخبوا بالشكل الصحيح. و إن شاء الله سينتخبون مجلساً نيابياً يليق بالنظام الإسلامي، و هذا ما سيكون بلطف الله و بإذنه تعالى.

نحن إذا أردنا ان نطلب من الله، ان ندخل في هذا المجال، و ان يشعر كل واحد منّا بالمسؤولية، و ان تكون غايتنا رفعة النظام الإسلامي و الإسلام و الشعب الإيراني، و توفير السعادة للشعب الايراني، و ان نعمل لما فيه سعادتنا في الدنيا و الآخرة، فإن الطريق الإلهي غير مغلق أمام أحد. و نحن ما إن نتقدّم خطوة حتّى يفتح الله الطريق أمامنا. و القضية الأساسية هنا هي ان نعقد العزم و نُصَمِّم و ننوي.

انني و اثق بأن هذه الانتخابات ستكون مؤشّراً للشعوب الاخرى. و لهذا السبب نلاحظ ان أجهزة الاستكبار الخبيثة ابتداءً بأمريكا و بريطانيا و الصهاينة و غيرهم يبذلون مساعٍ محمومة من أجل تشويه هذه الانتخابات و النيل منها بنحو أو آخر.

إن الشعوب الاخرى تنظر لترى ما الذي سيكون عليه موقف هذا الشعب الرائد و الطليعي انتخابياً و ثورياً ـ ألا و هو الشعب الإيراني ـ ان الشعب الايراني في هذا المجال من الشعوب الرائدة. و ان الشعوب الاخرى تنظر لترى إلى اين ستصل الانتخابات في ايران. ان الاستكبار ليود ان تجري الانتخابات في بلدنا بالنحو الذي يبعث اليأس في قلوب الشعوب الاخرى.... (3) و انتم طبعاً قد قلتم كلمتكم الفصل! «الموت لامريكا».. هذا هو كلامكم الأخير.

اللّهم! بحق محمد و آل محمّد اغمر هذا الشعب العزيز بفضلك، و هدايتك، و رحمتك، و عونك. اللّهم اجعل شبابنا الاعزاء موضع اهتمام أمامنا بقية الله المهدي المنتظر (ارواحنا فداه)، و اشملهم بدعائه. اللّهم و أيّد الشعب الإيراني بمزيد من الانتصارات يوماً بعد يوم.
و السلام عليك و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:
1. الشورى (42): 15.
2. يوسف (12): 108 .
3. شعار «الموت لأمريكا».