بسم الله الرحمن الرحیم
أبارک لکم تخرّجکم أیها الشباب الأعزاء و الضباط المتوثبون المتحفزون فی القوات المسلحة بجیش الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة. و أبارک کذلک بدء الدراسة و التعلّم فی الجامعات العسکریة للشباب الذین یبدأون هذا الدرب الیوم. طریقکم طریق زاخر بالمفاخر.. طریق لا ینظر له إنسان حرّ بوعی إلا و أثنی علیه فی قلبه. طریق الدفاع عن المبادئ الإسلامیة السامیة التی هی حاجة حتمیة و ضروریة و حیویة للإنسانیة. لقد سلکتم فی هذا الدرب، و فی الجزء الحساس و الخطیر منه. القوات المسلحة هی رأس الحربة فی النظام الإسلامی الإلهی و الحضارة الإلهیة الإسلامیة فی مواجهة الأعداء و المسیئین و الحقودین. شبابنا یسیرون فی هذا الدرب بتحفّز و حبّ و رغبة و وعی و بصیرة، و یحرزون الفخر الدنیوی و الأجر الأخروی الإلهی. أعزائی.. إنه درب منوّر مبارک فاعرفوا قدره. فی أی قسم من القوات المسلحة و من جیش الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تعملون و تخدمون، أو ستخدمون، اعتبروا ذلک حسنة یکتب الله تعالی علیها الأجر و الثواب و ینوّر بها وجوهکم فی الدنیا و الآخرة.
و من الضروری أن أبارک و أشکر للمسؤولین المحترمین فی جیش الجمهوریة الإسلامیة و مسؤولی هذه الجامعة ما تحمّلوه من جهود فی سبیل إعدادکم أیها الشباب. الیوم أیضاً کانت برامج هذا المیدان برامج ذات جمال و ابتکار. موفقین إن شاء الله، و نتمنی أن تستطیعوا مع کل خطوة تقطعونها إلی الأمام أن تزیدوا من تقدّم بلادکم و شعبکم العزیز الداعم لکم خطوة إلی الأمام. حبّ التقدم و المیل للتحرّک و الابتکار و الإبداع یتموّج فی البلاد الیوم. فی القطاعات المختلفة - القطاعات العلمیة و التقنیة و الإبداعیة و السیاسیة و الاجتماعیة - یفکر الجمیع بإیجاد سبل مبتکرة و جدیدة، و هذه الساحة مفتوحة لکم أنتم أیضاً أیها الأعزاء من الطلبة الجامعیین و الضباط الشباب فی جیش الجمهوریة الإسلامیة و فی کل القوات المسلحة. إنکم شباب تتمتعون بموهبة الحیویة الشبابیة، و تعملون إلی ذلک فی بیئة علمیة، و تحرزون شرف الانتماء للقوات المسلحة - و هم علی حد تعبیر الإمام أمیر المؤمنین: حصون الرعیة (1) أی السور الحصین للبلد و الشعب - و تنهضون بواجباتکم و مهامکم.
کلما مرّ الوقت تتجلی أهمیة و قیمة السعی و الجهاد لبناء الجمهوریة الإسلامیة و تقویتها أکثر. أعداء الإسلام و الأمة الإسلامیة یشعرون الیوم بالتراجع فی مواجهتهم لهذه الحرکة الکبری المتدفقة الصاخبة، لذلک یعمدون إلی أعمال جنونیة. الحدث الأخیر المتمثّل بإهانة الوجه المنوّر لخاتم الرسل (صلی الله علیه و آله و سلم) هو من العبر و الدروس فی تاریخنا، و سیبقی عبرة. زعماء الأنظمة الاستکباریة فی حین لا یشجبون هذا الفعل و لا یقومون بواجبهم تجاه هذه الجریمة الکبری، یحاولون تبرئة أنفسهم من هذه الجریمة الجسیمة، فیزعمون إنهم لا دخل لهم فی هذه الجریمة. و نحن لا نصرّ علی إثبات الجریمة علی أشخاص أو مسؤولین أو عاملین، لکن سلوک زعماء الاستکبار و الساسة الأمریکان و ساسة بعض البلدان الأوربیة و نهجهم من شأنه توجیه الشعوب أصابع اتهامها لهم. یجب علیهم تبرئة أنفسهم، و یجب أن یثبتوا عدم مشارکتهم فی هذه الجریمة الکبری. و الإثبات لا یتمّ بتلفظ بعض الکلمات باللسان، إنما ینبغی أن یثبتوا ذلک عملیاً و یحولوا دون هذه الاعتداءات. و هم طبعاً لن یحولوا دونها. و السبب واضح. ثمة دوافع و محفزات لدی الأجهزة الاستکباریة لإهانة الإسلام و مقدسات الإسلام. ما یدفعهم لمثل هذا العمل الجنونی هو التحرک الهائل للصحوة الإسلامیة. ثمّ إنهم یتذرعون بأنهم لا یستطیعون الحؤول دون هذه الذنوب الکبیرة - التی تصدر عن الأفراد - احتراماً للحریة ! فمن یصدّق هذا فی العالم؟ من یصدّق أنه فی البلدان التی تعمل بخطوط حمراء محدّدة لعدم المساس بمبادئهم الاستکباریة - و هم یراعون هذه الخطوط الحمراء بکل شدة و حدة، و یحولون بالقوة و العنف دون تخطیها - تلتزم بحریة التعبیر عن الرأی فی خصوص إهانة مقدسات الإسلام؟
فی الکثیر من البلدان الغربیة لا یجرؤ الیوم أحد علی التشکیک فی حادثة الهولوکاست الغامضة. و حسب ما أعلمونا إذا أراد البعض فی أمریکا أن یکتبوا شیئاً ضد المثلیة الجنسیة توکّؤاً علی أسس علم النفس و علم الاجتماع و ینشروه فإنهم لن یستطیعوا ذلک، و سیحولون دونهم ! فکیف یلتزم هؤلاء بالحریة؟ حین یکون الحدیث عن السیاسات الصهیونیة الخبیثة حیث یجب إفساد أخلاق الشعوب و الأجیال الشابة فلا معنی هناک لحریة التعبیر عن الرأی، و لا أحد یجرؤ و لا یحقّ لأحد نشر شیء مقابل هذه السیاسة الخبیثة الرذلة - أو ضد قضیة مثل الهولوکاست - و لکن لإهانة مقدسات الإسلام و للتخفیف من شأن هذه المقدسات فی أعین شباب البلدان الإسلامیة حسب أوهامهم فإن حریة التعبیر عن الرأی مضمونة ! لا أحد یصدّق ما یقوله هؤلاء. لا أحد یصدّق أن النظام الأمریکی الذی دعم بقوة لثلاثین عاماً شخصاً مثل حسنی مبارک، و دعم شخصاً مثل محمد رضا بهلوی فی إیران لخمسة و ثلاثین عاماً بکل ما ارتکبه من جرائم، لا أحد یصدّق أن هذا النظام یناصر الدیمقراطیة، و لا أحد یصدّق أن هجومهم علی العراق و علی صدام حسین کان لمحاربة الدکتاتوریة. إنهم یخرّجون الدکتاتوریین. المستبدون فی منطقتنا الإسلامیة استطاعوا طوال الفترات المختلفة و لا زالوا اعتماداً علیهم أن یتعسفوا مع شعوبهم و یظلموها و یمارسوا التمییز. فکیف یتبجّح هؤلاء بمناصرة الدیمقراطیة؟ لا أحد یصدّق منهم هذا.
الرأی العام للشعوب فی العالم الیوم ضد السیاسات الأمریکیة و الصهیونیة. نعم، الحکومات لا تنبس ببنت شفة بسبب بعض الملاحظات و الاعتبارات، لکن قلوب شعوبها طافحة بالألم، و حین تجد منفذاً و مسرباً و مناسبة - مثل هذه المناسبة - ترون أنها تسیر نحو المراکز التابعة لأمریکا.. المراکز السیاسیة و الاجتماعیة الأمریکیة فی مختلف البلدان.. هؤلاء مبغوضون..
المواجهة بین مستکبری العصر و الإسلام و بزوغ هذه الشمس المضیئة مواجهة ستنتهی بلا شک بانتصار الإسلام. و نظام الجمهوریة الإسلامیة یتحمّل واجباً کبیراً فی هذا المجال، و أنتم الشباب الأعزاء الذین تجمّعتم فی هذه الساحة و فی کل القوات المسلحة تتحمّلون جزءاً حساساً من هذه المسؤولیة. نتمنی أن یوفقکم الله تعالی جمیعاً، و أن ینوّر وجوه الشهداء الأبرار الذین ضحّوا بأرواحهم فی هذا السبیل طوال اثنین و ثلاثین عاماً و یحشر أرواحهم مع أولیائه، و یحشر إمامنا الخمینی العزیز الذی فتح أمامنا هذا الطریق مع أولیائه.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:‌
1 - نهج البلاغة، الکتاب رقم 53 .