بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله ربّ العالمین، و الصلاة و السلام علی رسول الله، و علی آله الأطیاب الأطهار.
قدّم الشباب الأعزاء برامج جدّ جذابة و معنویة. قلوب الشباب الطاهرة النشیطة حینما تدخل أی میدان من المیادین - سواء المیادین المعنویة أو الدنیویة - فإنها تنشر المعنویة و الوجد و الحماس و النشاط المعنوی فی الأجواء. و قد قدّم شاب آخر تلاوة جیدة جداً للقرآن الکریم. نشکر الله علی أن حضرنا بینکم أیها الأعزاء و الشباب من الجیش و الحرس و قوات الشرطة و التعبئة فی هذه المنطقة المهمة و الحساسة من البلاد.
مسؤولیات القوات المسلحة فی هذه المنطقة کما فی کل مناطق البلاد مسؤولیات خطیرة و مصیریة. فی کل بلد و لدی کل شعب تمثل القوات المسلحة المقتدرة المنظمة المدرّبة عاملاً لاطمئنان بال ذلک الشعب، و تعمل من ناحیة أخری علی الصیانة و الأمن مقابل الأجانب الذین تدفعهم نزواتهم العدوانیة إلی التطاول هنا و هناک. حینما یستعرض شعب قبضاته الفولاذیة و سواعده المقتدرة علی شکل قوات مسلحة فإن أوهام و أخیلة التطاول علی ذلک البلد سوف تضعف، و سوف یحسب العدو له ألف حساب.
أنتم أیها الشباب الأعزاء تعلمون و اعلموا أن ما ینفع المهیمنین و المعتدین فی العالم هو إشعال الحروب. إشعال الحروب من الأعمال التی کانت منذ القدم عملاً دارجاً و عادیاً للعتاة المهیمنین المعتدین علی حدود الشعوب الأخری. و فی عصرنا الراهن - أی العصر الراهن من تقدّم الحضارة المادیة - تضاعفت هذه الدوافع و المحفزات بسبب بیع الأسلحة و ازدهار الصناعات التابعة للرأسمالیین. المقتدرون، سواء السیاسیون أو الرأسمالیون أصحاب مصانع الأسلحة فی العالم یفکرون بإشعال الحروب و الاضطرابات و فرض الأزمات علی الشعوب و البلدان. و ما یستطیع إضعاف هذه الدوافع أو القضاء علیها قبل بروزها هو جاهزیة الشعوب، و هذه الجاهزیة تتأمّن علی شکل الجاهزیة العامة للشعب، و علی شکل تواجد و جاهزیة القوات المسلحة.
شعبنا العزیز فی کل أنحاء البلاد و شبابنا و جماهیرنا تشعر و الحمد لله بالجاهزیة للدفاع عن البلاد، و بالجاهزیة للتقدم بالبلاد إلی الأمام. و قواتنا المسلحة التی تقف فی الخطوط الأمامیة للدفاع أقوی - و الحمد لله - فی الوقت الحاضر و أکثر جاهزیة بکثیر مما کانت علیه فی الماضی.
أعزائی.. یقول الإمام علی بن أبی طالب (علیه الصلاة و السلام) عن القوات المسلحة بأنها حصون الرعیة، أی الأسوار و القلاع الباعثة علی الطمأنینة للشعوب، لکنه یقول: «فالجنود بإذن الله حصون الرعیة» (1).. بإذن الله..
الشیء الحاسم هو إرادة الله. کلما عرّفت القوات المسلحة قلوبها و أرواحها الطاهرة علی ذکر الله و المعنویات کلما ازدادت قدراتها و قابلیّتها علی الردع. لاحظوا فی الحروب الأخیرة فی هذه المنطقة، فی حرب الأیام الثلاثة و الثلاثین، و فی حرب الأیام الإثنین و العشرین فی غزة، انتصرت جماعات قلیلة العدد علی جیوش قویّة ظاهریاً طالما تبجّحت بقواها و اقتدارها. أولئک کانوا لا یعرفون الله، و کانوا مادیین محضین، بینما کان هؤلاء معنویین و علی ارتباط بالله. و جبهاتنا کانت خیر شاهد علی أفضل حالات التوجّه المعنوی لدی الشباب. مناجاة الجنود و تضرّعهم لله فی خنادقنا و خطوطنا الدفاعیة و فی لیالی الهجمات العسکریة من الأمور المنقطعة النظیر فی تاریخنا، و هذا شیء سوف یبقی فی التاریخ.
لیصنع المسؤولون المحترمون عن القوات المسلحة من هؤلاء الشباب الأعزاء جنوداً جاهزین للعمل و الدفاع عن المکانة الوطنیة و الهویة الوطنیة و حدود البلاد و الحدود العقیدیة. الشعب الإیرانی یشعر الیوم بالاقتدار مقابل أعدائه. الشعور بالاقتدار هذا لیس بالشعور الکاذب، بل هو شعور حقیقی یستند إلی الواقع. و هذا ما یعلمه حتی أعداؤنا.
إننا تبعاً لتعالیم الإسلام لسنا من أهل الاعتداء و التطاول علی هذا و ذاک، لکننا فی الوقت نفسه لسنا من أهل التنازل مقابل أی معتد. الشعب الإیرانی و القوات المسلحة جاهزة إلی درجة لا تسمح للأعداء حتی بأوهام و أخیلة العدوان و التطاول، و قد أوجدت بجاهزیتها و معنویاتها و اندفاعها النفسی للعمل و الحضور هیبة لنفسها فی قلوب الأعداء إلی درجة أن ما ترونه من هذا الکلام الذی یطلقونه، یُحمل فی کل العالم علی الترّهات و الأباطیل. یجب أن تحافظوا علی هذه الجاهزیة و تعزّزوها یوماً بعد یوم، و تعلموا أن أی تحرّک منکم لزیادة اقتدار القوات المسلحة و معنویاتها و نظامها حسنة یسجّلها لکم الله تعالی.
و هذه المنطقة بدورها منطقة الرجال الشجعان الذین لا تزال ذکراهم حیّة عامرة فی خواطر المقاتلین ذوی السوابق فی ساحات الحرب. نسأل الله تعالی التوفیق لکم أیها الأعزاء بعظمته و کرمه، و ندعوه أن یمنّ علیکم بتوفیق الخدمة و حسن العاقبة.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.‌‌‌

الهوامش:
1 - نهج البلاغة، الکتاب رقم 53 .