بسم ‌اللّه ‌الرّحمن ‌الرّحيم‌
و الحمد للّه ربّ العالمين، و الصّلاة و السّلام على سيّدنا و نبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، و على آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديّين المعصومين المكرّمين، سيّما بقيّة اللّه في الأرضين.
أشكر الباري تبارك و تعالى على ما وفّقني إليه من لقائكم أنتم أهالي شيروان المؤمنين الأعزاء الطيّبين في هذا الحشد الطافح بالإخلاص و الحماس. ذكرياتي عن مدينتكم و عن أهاليها ذكريات طيّبة. ففي أيّام الابتلاءات الكبرى و العصيبة كانت مدينة شيروان من المناطق التي أثبتت جدارة في ذلك الابتلاء، و خلّدت اسمها بذكرى غرّاء عنها. بالإضافة إلى مئات الشهداء و المعاقين الذين قدّمهم أهالي شيروان الأعزاء و توابعها في سنوات الدفاع المقدّس، لمعت أسماء سبع قادة من هؤلاء الشهداء. إنّ تربية الشهداء و ابتعاثهم لإدارة المواقف الصعبة، ثم استشهادهم، ليست في الواقع من المآثر التي يمكن أنْ تُنسى بتقادم الزمن و مرّ الأيام. و اليوم أيضاً يوجد في هذه المدينة الآلاف من أفراد قوات التعبئة، و هناك تشكيلات دينية فاعلة في هذه المدينة أيضاً. كما تحفل هذه المدينة أيضاً بوجود كفاءات ثقافية و رياضية بارزة. و هذه خصائص تُبرز و تجسّد هوية و معالم كل منطقة من مناطق البلاد. على شباننا الأعزّاء ـ سواء كانوا في هذه المدينة أم في المدن الأُخرى من هذه المحافظة ـ أنْ يفتخروا بنجاحاتهم، و يستعدوا لأعمال أكبر في المستقبل.
من مفاخر هذه المدينة و هذه المحافظة ـ و هذه المفخرة مشهودة بكل جلاء في مدينة شيروان ـ هو التعايش بين الأقوام المختلفة، من كرد و ترك و فرس و تات، حيث يعيشون إلى جانب بعضهم حياة أخوية و إسلامية. أسأل الله أن يُقدّم شبّانكم من نساء و رجال، لهذا المجتمع المزيد من الوجوه اللامعة الأُخرى في المستقبل من أجل بلدهم، و في سبيل رفعة ثورتهم. و هذا ليس أملاً بعيد المنال.
إنَّ ما أودّ عرضه على أسماعكم أنتم ايّها الإخوة و الأخوات أهالي شيروان هو أن جهود شعبنا العزيز و وعي و فطنة و بصيرة أهالينا الأعزاء في هذه المحافظة و في جميع أرجاء البلاد، أدّت إلى أنْ ينعم بلدنا باستقرار سياسي مستتب. و هذه طبعاً نعمة كبرى. فمن الأسلحة التي يستخدمها أصحاب القوّة المتغطرسين المعتدين، هو زعزعة الاستقرار في بلدان معيّنة. و أنتم تشاهدون أمثلة ذلك، في منطقتنا، و كذلك في مناطق أُخرى من هذا العالم الواسع. تلاحظون أن أصحاب القوّة حيثما استطاعوا، و حيثما يكون لهم أطماع في بلد، و لأجل أنْ يفرضوا سلطتهم على تلك البلدان و في تلك المناطق، أوجدوا حالة من انعدام الاستقرار، و غرسوا الاختلافات، و أثاروا النزاعات و التناحر، من أجل زعزعة النُظُم هناك. و هذه الحالة من فقدان الاستقرار تستفيد منها مصانع السلاح، و تستفيد منها الكارتلات و الشركات و الكُتل الاقتصادية الكبرى التي تتحكم بالنظام السياسي في الغرب. فمن السياسات التي تنتهجها أجهزة الاستكبار، إثارة التوتر و القلاقل. و في خضمِّ مثل هذه الظروف نجد أنّ نظام الجمهورية الإسلامية، جعل البلد ينعم بحالة من الاستقرار و الثبات رغم أنوف الأعداء بفضل إيمانكم أنتم يا أبناء الشعب، و بفضل ما يتّصف به شعبنا بكرم الله و لطفه من بصيرة و وعي.
إنّ كلّ واحد من أبناء الشعب دعامة لهذا الاستقرار و لهذا الثبات الذي يعيشه البلد. و في المقابل طبعاً أكثر ما تعود فائدة ذلك على أبناء الشعب أنفسهم. فالشعب الذي يعيش حالة من الأمن و الاستقرار السياسي و الاستقرار في الأجهزة و المؤسسات الحاكمة في البلد، سوف تُتاح الفرصة أمام ذلك الشعب للدخول إلى شتّى الميادين، و المشاركة في حلبة السباق البشري الهائل، و يكون له قصب السبق و الريادة. إنّ الأمن و الاستقرار بالنسبة إلى أي بلد يدخل في عداد أهم المتطلّبات، و يعود على الشعب بأقصى الفوائد.
في القرآن الكريم، قال الله تبارك و تعالى في سورة الفتح ـ حيث يصف الفتح الذي أنجزه المسلمون كنعمة كبرى للنبي و لعموم الناس ـ قال: {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ و عَلَى الْمُؤْمِنِينَ و أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى و كَانُوا أَحَقَّ بِهَا و أَهْلَهَا}(1). هنا يصف نزول السكينة الإلهيّة على المجتمع الإسلامي بأنّها نعمة كبرى. و السكينة تعني الاستقرار، و تعني الأمان و الطمأنينة. قد تخيّم على شعبٍ ما حالة من الاضطراب، فيفقد على أثر ذلك أمنه و استقراره؛ فينظر الجميع إلى بعضهم الآخر بعين الشك و الريبة و تزول الثقة، و يغدو كل واحد منهم مناهضاً للآخر، و تقف المؤسسات الحاكمة ضد الشعب، و يقف الشعب ضد المؤسسات الحاكمة؛ مثل هذا البلد الذي ينعدم فيه الأمن، لن يتمكّن من النهوض و السيْر إلى الإمام، لا في مجال العلم، و لا في الاقتصاد، و لا في الصناعة، و لا في مجال الكرامة الوطنية. و لكن حين يشيع الاستقرار و يستتب الأمن في بلد، سوف تُتاح الفرصة أمام شعبه لإبراز طاقاته و قدراته؛ و كما تلاحظون فإنّه على الرغم من التهديدات التي يطلقها الأعداء، و على الرغم من العقوبات الاقتصادية، و على الرغم من الأساليب الخبيثة التي يمارسها الأعداء، فقد استطاع الشعب الإيراني و شبابنا الأعزاء أنْ يثبتوا جدارتهم في شتّى الميادين، و أنْ يظهروا للعالم عظمتهم، و قدراتهم، و طاقاتهم في شتّى المجالات. و الفضل في كل ذلك يعود إلى حالة الاستقرار التي يعيشها البلد.
وقد حاول الأعداء مرّات و كرّات، بمختلف الطرائق و الأساليب، أنْ يزعزعوا هذا الاستقرار. فقد حاولوا في بدايات انتصار الثورة، من خلال افتعال النزاعات و الاشتباكات العرقية في شرق البلاد و غربها، و في شمالها و جنوبها، أن لا يسمحوا للثورة الإسلامية بالوصول إلى حالة الاستقرار، و الخروج بالبلد من حالة الاضطرابات التي رافقت الثورة؛ و لكنّهم لم ينجحوا في محاولاتهم تلك. ثم بعد ذلك حاولوا زعزعة أمن البلد و استقراره عن طريق إثارة حرب يشنّها جار مجنون ـ فقد كان صدام شخصاً وحشياً و مجنوناً و متهوّراً و خطيراً بكل ما للكلمة من معنىً - و كانت هناك جماعات ساعدته من الداخل أيضاً؛ تلك الجماعات التي ارتمت لاحقاً في أحضانه. و قد رأيتم أن ما حصل جاء على خلاف ما أرادوا تماماً. فالحرب المفروضة، و هجوم العدو، لم ينجح في زعزعة استقرار البلد، بل على العكس من ذلك أدّى إلى مزيد من الاتحاد و التلاحم بين أبناء الشعب.
أنتم تلاحظون في مناطقكم هذه، و في ربوع شمال خراسان، التي تضمّها اليوم محافظة خراسان الشمالية، على الرغم من بعدها الشاسع عن ساحات القتال ـ فأين منطقة الجنوب و منطقة الشمال الغربي للبلد، من منطقة خراسان الشمالية و بجنورد؟ - غير أن الناس من أهالي كلا المنطقتين اتحدوا مع بعضهم. و لم تكن هناك إثارات و قضايا الترك و الفرس و الكرد و الكُرمانج و التركمن و بقية القوميّات، و لم تُطرح قضية الشيعة و السنّة؛ و انّما اتّحد الجميع، و وقفوا بوجه العدو، و ضحّوا في سبيل ذلك بشبّانهم و برجالهم. أحياناً كان يتوجّه إلى ساحات الحرب أربعة شبّان من أسرة واحدة. فكان والد هؤلاء الشبّان الأربعة يقول: ليبق أحدكم لإدارة شؤون البيت، لكي أذهب أنا إلى ساحة الحرب أيضاً. في أي موضع آخر يمكن أنْ تجد مثل هذا التسابق على التضحية؟
كان العدو يرمي إلى إثارة الاضطرابات في البلاد، و أراد أنْ ينتزع من الشعب الإيراني استقراره و أمنه؛ و لكن الله تبارك و تعالى قدّر أنْ تجري الأمور بالاتجاه المعاكس تماماً لما كان يبتغيه كيد الأعداء {وَ مَكَرُواْ و مَكَرَ اللّهُ و اللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (2). بفضل الدفاع المقدّس تقدّم الشعب عمّا كان عليه نحو الأمام و غدا أكثر تأهّباً و استعداداً. و لم يكن لهذه المؤامرة التي دبّرها الأعداء المستكبرون، و الذئاب البشرية أي تأثير في الشعب الإيراني.
و من بعد ذلك حاولوا زعزعة هذا الاستقرار من الداخل. و أودّ أن أشير إشارة عابرة فقط، من دون الدخول في التفاصيل. ففي عام 1378، و كذلك في عام 1388، ـ و على امتداد عشر سنوات ـ كانت مخططات العدو تسير على نمط واحد. و في كلا الحالتين كانوا يحاولون لعلّهم يستطيعون زعزعة الاستقرار السياسي في البلاد، و جعل أجوائه ملبّدة بالاضطرابات، و أنْ يقوّضوا هذا الاستقرار العام، و هذا الثبات الذي ينعم به هذا الشعب.
علينا أنْ ندرك قيمة هذا الثبات و هذا الاستقرار. إنّ الشعب يدرك قيمة ذلك. و لكنني حين أقول لكم هذا الكلام، إنّما أتوجّه في خطابي في الواقع إلى من يريدون أن لا يدركوا أو يريدون إنكار أهمية هذا الاستقرار. هؤلاء الذي يحاولون بتحرّكاتهم، و بأفعالهم المغلوطة، و بأساليبهم الملتوية زعزعة هذا الاستقرار، و هذا الأمن، و هذه السكينة و الثبات الذي يعيشه البلد. لا بدّ أن أشير طبعاً إلى أن مسؤولي البلاد، بما لديهم من حنكة، يقظون و متنبّهون إلى هذه الأمور؛ كما و أؤكد أيضاً؛ أن على مسؤولي السلطة التنفيذية، و كذلك مسؤولي السلطة التشريعية، و كذلك مسؤولي السلطة القضائية أنْ ينتبهوا لكي يفوّتوا الفرصة على الأشرار و الأعداء الذين يريدون أن يبدّدوا بتآمرهم، هذا الاستقرار الذي ينعم به البلد ـ و هو من أعظم مظاهر اقتدار هذا الشعب، و الذي يعود على أبنائه بالخير كلّه.
بعد بضعة أشهر من هذا اليوم، ستحين قضية الانتخابات. و إلى ما قبل الانتخابات و في أثناء الانتخابات، يجب أنْ ينصبَّ اهتمام المسؤولين على حفظ الاستقرار السياسي للبلد، و لا يسمحموا أنْ تصبح الأجواء السياسية للبلد قلقة و مضطربة. و هذا من الأمور التي ينبغي أنْ تتحقّق بفضل وعي و يقظة مسؤولي البلاد إنْ شاء الله.
إنَّ أبناء الشعب على وعي و بصيرة حقاً. و ماذا عسى للمرء أنْ يقول في وصف هذا الوعي و هذه البصيرة؟ فعامّة الناس ينظرون إلى مصالح البلد على الدوام نظرة صائبة؛ و هذه ما توصلنا إليه بالتجربة. فعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، حيثما أُلقيت على كاهل الشعب مسؤولية، أنجزها على خير وجه. فقد أراد الأعداء إزاحة الشعب عن الميادين التي كان ينبغي أنْ يكون له حضوره فيها، و لكنّهم لم يُفلحوا. و أرادوا أنْ تتشتّت آراء الشعب، و يقع بينهم اختلاف، أو تحصل بينهم مناوشات و تناحر، ليغفلوا عن مصالح البلد و تقدّمه، و لكنّهم لم ينجحوا. فقد أثبت الشعب أنه على بصيرة من أمره. و للحق و الإنصاف أقول إنَّ بصيرة الشعب باتت مضرباً للمثل. و هذا طبعاً من فضل الله. فالقلوب بيد الله. و الإرادات خاضعة لمشيئة الله. إنَّ أبناء الشعب مؤمنون، و على معرفة بالحقائق؛ و نحن عندما نوصي فإننا أكثر ما نوصي المسؤولين، و الساسة، و المتصدّين لزمام الأمور؛ أنْ يكونوا على حذر كي لا يتمكّن العدو من زعزعة هذا الاستقرار و هذا الثبات، و هذا الهدوء الذي يسود في البلد بفضل الله، و قد حاول العدو في ما مضى إشاعة الفوضى و الاضطراب فيه و لم ينجح. عليهم أن يصونوا هذا الاستقرار و هذا الأمان، و لا يسمحوا بحصول قلاقل و اضطرابات. أحياناً تؤدّي كلمة واحدة، أو عمل واحد غير مدروس، أو خطوة في غير موضعها، إلى إثارة الاضطراب في الجو السياسي. و لهذا ينبغي أنْ يكونوا في غاية الحذر.
إن هذا الشعب العزيز يستحقّ في الواقع أنْ يبذل المسؤولون كل وقتهم، و كل جهودهم في سبيل رقي أبنائه. إنّني حينما أنظر إلى أوضاع محافظة خراسان الشمالية ـ و أقصد هنا القضايا و الأوضاع الموجودة في بجنورد و شيروان و اسفرايين و غيرها من مدن و نواحي هذه المحافظة ـ أجد أنّ هناك أعمالاً كثيرة ينبغي أن تُنجز. و هذا يقع على عاتق المسؤولين، سواء كانوا نواب السلطة التشريعية، أم النواب في السلطة التنفيذية؛ الكلُّ ملزمون بالعمل من أجل أبناء الشعب و في سبيل خدمتهم. و في مدينة شيروان هذه، هناك أعمال كثيرة ينبغي إنجازها.
أودّ أن أقول لكم، ثقوا بمسؤوليكم. فالمسؤولون يرومون العمل و يريدون بذل الجهود، و نواياهم حسنة و صادقة. اليوم توجد رغبة لخدمة الشعب. و لكن قد تكون الأذواق غير سليمة أحياناً، و في أحيان أُخرى قد تكون الإمكانات غير متكاملة. على الجميع أنْ يبذلوا الجهود و يتكاتفوا و يحلّوا المشاكل الموجودة؛ سواء كانت في المجالات الاقتصادية، أم في المجالات الثقافية.
في هذه المدينة أيضاً مثلما هو الحال في المدن الأُخرى التابعة لهذه المحافظة، و مثلما هو الحال في المحافظات الأُخرى في عموم البلد، المشكلة الرئيسية و المهمة هي مشكلة البطالة؛ حيث يجب على المسؤولين بذل الجهود بعون الله من أجل توفير فرص العمل. و القضية الأُخرى هي قضية إدمان الشبّان في هذه المحافظة و في هذه الناحية على المخدّرات. لقد حذّرت في زيارتي التفقّدية هذه، و طلبت إلى الشبّان أنفسهم، و قلت لهم: أيّها الشبّان الأعزاء! نحن نراكم ذوي همم و حماس و عزيمة و إرادة. و هذا هو واقع الحال. إنّ شبّان هذه المحافظة من الطلائع سواء من حيث المستوى الثقافي أم من حيث الفهم و الإدراك. فالإنسان يلاحظ وجود شباب طلائعيين في هذه المحافظة. و هؤلاء الشباب الشجعان و الطلائعيين يجب أن يكونوا أنفسهم طليعة في مكافحة و محاربة الخطر المهلك للإدمان و الوقوع في براثن المخدّرات. الشبّان أنفسهم يجب أنْ يقفوا بوجه الإدمان، و هم أنفسهم ينبغي أن يكافحوه. و هذه المكافحة يجب أنْ تكون مشتركة و تقع في الوقت ذاته على عاتق المسؤولين و على عاتق الناس أنفسهم. و أنا شخصياً متفائل جداً بالشباب. و رأيي هو أن شبابنا الأعزاء إذا ما عزموا، يستطيعون مواجهة مخاطر كبرى و منها خطر المخدّرات في هذه المحافظة و بإمكانهم مكافحته.
إنَّ أبناء الشعب في كلّ أرجاء البلاد يتمتّعون بالحيوية و النشاط بحمد الله؛ و على الأعداء أن يشاهدوا هذا و يدركوه. إنّ أولئك الذين يستهدفون من وراء فرض العقوبات علينا، أن يكون الشعب في حالة من الكآبة و الخنوع و يُشعروه بالهوان و الملل، عليهم أن يلاحظوا حركة هذا الشعب، و هذه الحشود الجماهيرية الهائلة، و هذه الحركة التلقائية و الحماسية لأهالي هذه المحافظة ـ مثلما هو الحال بالنسبة إلى المحافظات الأُخرى ـ و يروا مدى حضور أبناء هذا الشعب في الساحة، و مدى عزمهم للدفاع عن النظام. هذه كلّها دروس و عبر. إنّهم كثيراً ما يرددون أنّ الشعب الإيراني كذا و كذا. و لكن يبدو أنّ الذين يذكرون اسم الشعب الإيراني ـ من قادة أمريكا و غيرها ـ لا يعرفونكم يا أبناء الشعب الإيراني؛ لأن الشعب الإيراني حسب تصوّرهم عبارة عن وجود وهمي و صورة وهمية، و هم يتحدّثون عنه انطلاقاً من هذا التصوّر، و يقولون: إن الشعب الإيراني مناهض للنظام، و إن الشعب الإيراني معارض للإسلام. و لكن أبناء الشعب الايراني هم من خبرتموهم و رأيتم كيف أبلوا بلاءً حسناً في تلك المواقف الكبرى. في هذه الأيام القليلة المنصرمة، أظهر أهالي بجنورد و اسفرائين و شيروان و غيرها من مناطق هذه المحافظة، أظهروا موقفاً ملحمياً لكل شعوب العالم. و من الطبيعي أنّ الأعداء يحاولون في وكالات أنبائهم، و في وسائل إعلامهم، التقليل من أهمية مثل هذه الأخبار، و عدم إظهار الحشود الجماهيرية، غير أنّهم هم أنفسهم يشاهدون هذا الواقع و يدركونه تمام الإدراك.
إنَّ ما نوصي به المسؤولين الكرام في البلد، في ما يخص القضايا الاقتصادية ـ و هي بطبيعة الحال قضايا أساسية و قد أخذ العدوّ يركّز اهتمامه عليها ـ أن يأخذوا بنظر الاعتبار العناصر الثلاثة التالية في أية خطوة نحو التنمية الإقتصادية: أوّلاً في ما يخصّ الاقتصاد، كما هو الحال في القضايا و الشؤون الأُخرى، يجب النظر إلى الامور بنظرة علمية. ثانياً: من الضروري أنْ يكون هناك تخطيط مدروس، على أن يكون بعيداً عن التسرّع من جهة، و أن لا يكون فيه تلكّؤ و تهاون من جهة أُخرى. و هكذا الحال طبعاً في جميع الامور، و ينبغي أنْ يُؤخذ هذا بالحسبان في القضايا الاقتصادية لما تتصف به من أهمية و حساسية. ثالثاً: يجب أنْ تكون هناك ادامة و استمرار في السياسات. و إذا أخذ المسؤولون هذه العناصر الثلاثة بنظر الاعتبار في التطور الاقتصادي للبلد بإذن الله ـ و هي طبعاً موضع نظر و اهتمام ـ فإن المسؤولين الذين يوجد بينهم وجوه بارزة من حيث الجانب العلمي؛ و من حيث الحرص؛ فهم من ذوي الحرص و التدبير، سوف يستطيعون بتوفيق الله، و بحول الله و قوّته، أن يردّوا كيد الأعداء و يثبّطوهم عن ارتكاب أيّ عملٍ متهوّر ضد هذا الشعب في ساحة المواجهة الاقتصادية، مثلما أشعروا ذلك العدو بالعجز عن القيام بأي فعل في القطاعات الأُخرى.
إنّ الشعب الإيراني بحمد الله و لطفه يتّسم بالحيوية و الفاعلية و النشاط و التواجد في الساحة السياسية؛ و تواجدهم في الساحة مقرون بالبصيرة، و مصحوب بالعزم و الإرادة الراسخة. كثيراً ما يحاول الأعداء اظهار الشعب الايراني و كأنّه شعب مُتعْب و يائس و مُتململ. و لكن الشعب يعلن من خلال مواقفه زيف العدو و كذبه. إنّ العدو يحكم على الامور انطلاقاً من دوافع و أغراض مبيّتة. و من المؤسف طبعاً أنّ بعض الأصوات في الداخل تتحدّث بما يتناغم مع رغبة العدو ـ لا نقول عمداً، و انّما نقول غفلة ـ و البعض الذين اعتراهم الاعياء و التعب، يقولون إنّ الشعب قد اصيب بالتعب و الملل! و لكن الشعب في حقيقة الحال غير مُتعَب، بل ها هو متواجد في الساحة، و على اهبة الاستعداد. يجب إعداد الميادين أمام الشعب، و فسح المجال أمامه، و عند ذاك ستجدون ان الشعب حيثما شعر ان الواجب يملي عليه واجباً، سيتكفّل بالنهوض بذلك الواجب باندفاع، و اهتمام، و عزم راسخ؛ مثلما فعلوا اليوم أيضاً.
أسأل الله تبارك و تعالى أنْ يفيض عليكم أنتم يا أهالي مدينة شيروان الأعزّاء بالفضل و الرحمة و الخير و البركة، و أسأله تعالى أنْ يمنَّ بلطفه و توفيقه و عاقبة الخير على شبّانكم الأعزّاء. و أنْ يكون كل يوم من أيّامكم أفضل من اليوم الذي سبقه و أكثر سعادة و مقروناً بالمزيد من التوفيق، و أنْ يحشر الله تعالى أرواح الشهداء و روح إمام الشهداء مع أوليائه. و أشكركم من صميم قلبي على حشدكم الكريم و على ما أبديتموه من حفاوة و محبّة.
و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته.

الهوامش:‌
1 - سورة الفتح: الآیة 26 .
2 - سورة آل عمران: الآیة 54 .