بسم الله الرحمن الرحیم
أرحب بجمیع الإخوة و الأخوات و الشباب الأعزاء من مدینة قم، و رجال الدین و طلبة العلوم الدینیة المحترمین، و العلماء الإجلاء الذین غمروا هذه الحسینیة مرة أخری بالحماس و العواطف و المشاعر و التعقل فی هذه المناسبة بالغة الأهمیة. فقد أحییتم مرة أخری ذکری ذلک الحدث العصیّ علی النسیان، ذکری التاسع عشر من شهر دی [9 کانون الثانی 1978 م] الخالد فی التاریخ. و أقدّم الشکر للبرنامج الذی تمّ تقدیمه و النشید ذی المضامین الذی أنشده الإخوة و الأخوات و ردّدوه.
قضیة التاسع عشر من دی و إحیاء هذه الذکری لیس مجرد مسألة تکراریة أو نتیجة التعوید، إنما هی قضیة أساسیة و أصولیة. و کذا الحال فی ما یتعلق بکل مناسباتنا التاریخیة الکبری. أولاً سیعرف جیل الشباب الصاعد الذی یتحمّل الیوم مسؤولیة الشباب آنذاک، سیعرف الجذورَ و السوابق التاریخیة لحرکته من خلال هذا الاستذکار، و یشعر بها. و ثانیاً سیُعرف قدر الجهاد و العناء الذی جری تحمّله لوصول الشعب الإیرانی لما هو علیه الیوم، و الصعاب و الشدائد التی جری الصبر علیها، و المخاطر التی واجهها الناس.. هذه أمور ستتبیّن و تتضح، و یتجلی أن ما لدی الشعب الإیرانی حالیاً لیس نعمة جری الحصول علیها بسهولة، و لا هی بالحدث التصادفی. لقد خاطر الشعب الإیرانی و تحمّل الجهود و بذل الأرواح و وقف بوجه البولیس الشقیّ الجبّار لنظام الطاغوت، و أعطی الشهداء و الجرحی حتی استطاع إطلاق هذه القافلة العظیمة صاحبة العزیمة و الإرادة و الوصول بها إلی هنا. هذه هی النقطة الثانیة.
و النقطة الثالثة هی الدرس الذی نستلهمه الیوم. شبابنا الأعزاء لم یشهدوا ذلک الیوم، و لا یعلمون ما الذی حصل فی حینها. و الذین أدرکوا ذلک الزمان یعلمون ما الذی حصل. فی ذلک الزمان لم یکن الصمود مقابل القوة الظاهریة الملیئة بالقرقعة للنظام الطاغوتی، لم یکن یبدو أمراً یسیراً. لو قیل للکثیر من المصلحیّین أسری الظواهر إن الشعب الإیرانی - و مثاله أهالی مدینة قم - یریدون الصمود و المقاومة أمام النظام الطاغوتی البهلوی و القضاء علیه، لسخروا من القائل، و قالوا له: و هل هذا ممکن؟ لکنه حصل. الشیء الذی کان یبدو محالاً صار ممکناً و تحقق و کتب له الخلود. هذا درس.
و للشعب الإیرانی الیوم أیضاً مبادئه و نداءاته و رسائله الکبری. سواء لبلده أو للعالم الإسلامی أو لعالم البشریة. و قد اصطفت أمام الشعب الإیرانی الذئاب الجائعة و الوحوش المنفلتة و شرکات القوة و المال و المجامیع اللاهثة وراء الدنیا و العابدة للدنیا، فهم یصنعون الأسلحة و یصدرونها و یشعلون الحروب و یدیرون منظمة الأمم المتحدة حسب أهوائهم و إرادتهم و کیف ما شاءوا، و یجیّشون الجیوش، و یرتکبون الجرائم، و یدعمون الظلم، و یدعمون الصهاینة الغاصبین، و یمارسون الظلم فی المجتمع البشری، و بقدرات ظاهریة و قرقعة و جعجعة ظاهریة، من قبیل ما شاهدنا نموذجه فی عهد الطاغوت فی إیران. و الیوم أیضاً هناک من یقول: و هل یمکن الصمود أمام صفوف الأعداء المتراصة المدجّجة بالسلاح و المال و القوة و وسائل الإعلام و الاقتصاد و السیاسة و کل شیء؟ و هل یمکن العمل أمام کل هذا؟ الیوم أیضاً یطلقون نفس الکلام. هذه تجربة.
نعم.. و هذا لیس کلامنا، بل کلام القرآن: إذا خضتم غمار الساحة من أجل الله و صمدتم و قاومتم فإن النصر محتّم. «و لو قاتلکم الذین کفروا لولّوا الأدبار ثم لا یجدون ولیاً و لا نصیراً. سنّة الله التی قد خلت من قبل و لن تجد لسنّة الله تبدیلاً» (1). لیست هذه قضیة تتعلق بحروب صدر الإسلام حیث یقول «و لو قاتلکم الذین کفروا لولّوا الأدبار»، إنما هی سنّة الله.
نعم.. حینما لا نکون نعلم ما هی قضیتنا و رسالتنا، أو لا نجید طرحها، أو لا نصبر علیها، أو نتخاذل و نتقاعس وسط الطریق بالوساوس الشیطانیة أو وساوس النفس و الکسل، فإن الجهاد لن یؤتی ثماره. هذا أمر معلوم و واضح. إنما الکلام عن الحالة التی یقول تعالی عنها: «و لینصرن الله من ینصره» (2). و لا یمکن التأکید علی شیء بأشدّ من هذا التأکید. إذا نصرنا الله - نصرة الله بالفکر و باختزان الأفکار الأصیلة، و طرحها بصورة صحیحة فی العالم، و الصمود علیها، و التدبیر لنشرها، و تقبّل الأخطار من أجلها - «لینصرنّ الله» أی إن الله تعالی سیمنّ بالنصر حتماً و قطعاً. هذا هو معنی «لینصرنّ». أی إن الله سینصر حتماً و قطعاً. «و من أصدق من الله قیلاً» (3).
و قد جرّب الشعب الإیرانی هذه الأمور علی الصعید العملی. إذا صمدتم و قاومتم أیها الشعب العزیز و الشباب المقتدر صاحب المعنویات العالیة و العزیمة و صبرتم علی هذا الدرب الذی تسیرون فیه، فلا ترتابوا فی أن کل آمال الشعب الإیرانی و طموحاته و شعاراته، لا بخصوص بلده و حسب، بل فی ما یتعلق بکل العالم الإسلامی و الأمة الإسلامیة و المجتمع البشری سوف تتحقق فی الوقت المناسب. لکل عمل دورته و زمانه، و سوف تتحقق هذه الآمال و الطموحات فی وقتها المناسب. الشعب الإیرانی سوف یصل إلی المحطة التی یصبو إلیها و یسیر من أجل الوصول إلیها و یهتمّ بها، و السبیل إلی ذلک هو المقاومة.
عندها ما الذی سیحدث؟ سوف یتغیّر مسار تاریخ العالم. مسار التاریخ فی العالم الیوم هو الظلم و الهیمنة و تقبّل الهیمنة. ثمة فی العالم أناس مهیمنون، و ثمة أناس راضخون للهیمنة. إذا کانت کلمتکم أیها الشعب الإیرانی هی السائدة و إذا استطعتم الانتصار و الوصول إلی تلک المحطة الموعودة، عندئذ سیتغیّر مسار التاریخ، و تتمهّد الأرضیة لظهور ولی الأمر و الإمام صاحب العصر و الزمان (أرواحنا فداه)، و یدخل العالم فی مرحلة و طور جدید. و هذا یعود لعزیمتنا الیوم أنا و أنتم، و لمعرفتنا أنا و أنتم فی الوقت الراهن.
من أجل أن یربط الله تعالی علی القلوب فی ما یخصّ تحقق الوعود المستقبلیة، نراه یحقق بعض هذه الوعود علی المدی القصیر. لقد أوحی الله تعالی إلی أمّ موسی: «فألقیه فی الیمّ». ثم قال: «إنا رادّوه إلیک و جاعلوه من المرسلین» (4). وعدها الله تعالی وعدین: ألقی الطفل فی النهر و لا تقلقی فإنا رادّوه إلیک، و سنختاره لمقام النبوّة و الرسالة. و قد کانت تلک النبوة ما ینتظره بنو إسرائیل لسنین طویلة قد تصل ربما لعدة قرون. ثم عندما عاد النبی موسی لأحضان أمّه فی قصر فرعون، قال الله تعالی: «فرددناه إلی أمّه کی تقرّ عینها و لا تحزن و لتعلم أن وعد الله حق» (5). حققنا لها هذا الوعد الأول فرددناه إلیها لتعلم أن وعد الله حق، و أن الوعد الثانی أیضاً سیتحقق.
و هکذا تعامل الله تعالی مع الشعب الإیرانی. حقق له الکثیر من الوعود، و حصلت أحداث و إنجازات کبیرة. أیها الشباب الأعزاء، اعلموا أنه لم یکن أحد یومذاک لیصدّق إمکانیة زعزعة النظام الطاغوتی الملکی، ناهیک عن أن یرید المرء القضاء علیه. و تلاحظون الیوم أن النظام الطاغوتی مبغوض فی العالم الإسلامی أکثر من معظم الأنظمة. و قد أزیل تماماً من إیران، و ألقی کما یقال فی مزبلة التاریخ. لو قیل یومها إن إیران یمکن أن تخرج من تحت السیطرة الأمریکیة، فإن المطلعین علی أمور البلاد کانوا سیقولون إن هذا الشیء غیر ممکن یقیناً و إطلاقاً. کل أمور البلاد و سیاساتها کانت فی أیدی الأمریکان. أحیاناً کانوا یتدخلون حتی فی التفاصیل: من یکون وزیر الوزارة الفلانیة و من لا یکون، و سعر النفط یرتفع کذا و لا یرتفع کذا. بمثل هذه الهیمنة التی کانت للأمریکان و کذلک لسائر الأوباش فی العالم علی بلادنا و شعبنا و مصادرنا و سمعتنا، من کان یصدّق أن هذه الهیمنة ستزول؟ و الیوم ترون أنه لو أرید ذکر شعب مستقل عن السیاسات الأمریکیة و الاستکبار الأمریکی و غیر الأمریکی، فإن اسم الشعب الإیرانی هو الذی یذکر. الشعوب الأخری تنظر لأمریکا و یتملکها الحماس من هذا الصمود و هذه الصراحة و هذه الشجاعة و الاستقامة التی یبدیها الشعب الإیرانی.
تعاضد کل العالم الاستکباری و الدول الاستکباریة عسی أن یستطیعوا فرض الحظر علی الشعب الإیرانی، فیفرضوا بذلک التعب و التبرّم علیه. و قد قالوا هم أنفسهم إننا أردنا دفع الشعب لمواجهة نظام الجمهوریة الإسلامیة، لیغیّر هذا النظام حساباته! هذا ما یقولونه الیوم بصراحة. و فی البدایة حینما کنا نحلل الأمور لم یکونوا یقولون هذا بهذه الصراحة، لکنهم الآن یقولونه. و کانت النتیجة ما تلاحظونه، و هو أن میول الشعب الإیرانی لمبانی الإسلام و الثورة و الصمود و العزة التی منحها الله تعالی لهذا البلد، تزداد یوماً بعد یوم. و هذا علی الضد تماماً مما أرادوه.
هذه دروس کبیرة أعطاها الله تعالی لنا. و من هذه الدروس یوم التاسع عشر من دی، و هو مفخرة لکم أنتم أهالی قم. و طبعاً لیست هذه هی المفخرة الوحیدة لقم، فهناک الکثیر من المفاخر فی تاریخ قم. خلال الأعوام التسعین أو المائة الأخیرة تفجّرت من قم الکثیر من الینابیع العذبة. القمّیّون هم الذین احتضنوا المرحوم الحاج الشیخ (رضوان الله علیه) بأذرع مفتوحة، و جاءوا به إلی مدینتهم و تشکلت هذه الحوزة العظیمة. هذه التربیة الإلهیة و غیر المتوقعة التی حصلت فی هذه الحوزة کانت ببرکة همم أهالی قم. الحوزة التی أنجبت شخصاً مثل إمامنا الخمینی الجلیل، فوقع مثل هذا الحدث العظیم فی العالم، و یجب عدم القول إنه حدث عظیم فی بلادنا. فی أحداث عام 42 و فی أحداث عام 41 و فی أحداث الثورة و فترة الحرب المفروضة کان لقم وجه مشرق متمیّز کبیر، و نتمنی أن یبقی الأمر هکذا دائماً.
و أذکر لکم یا شباب قم الأعزاء نقطة مهمة فی هذه المسیرة و هی أن یراقب الإنسان بوعی و دقة تحرکات العدو و یتفرّس فیها و یکتشف أهداف العدو. هذا شیء علی جانب کبیر من الأهمیة. فی النزال الشخصی و الدفاع الشخصی مقابل منافس معین، إذا استطعتم تخمین حرکاته فلن تنالکم منه أیة ضربة. و إذا غفلتم لحظة و فقدتم ترکیزکم و انشغلتم بشیء آخر و لم تستطیعوا تخمین ما یرید أن یفعله المنافس فسوف تتلقون الضربة بالتأکید. فالعدو لیس بنائم. إنه صاح: «و إن أخا الحرب الأرق، و من نام لم ینم عنه» (6). إذا غفلتم فهذا لا یعنی أن العدو فی مقابلکم قد غفل أیضاً، فقد یکون متنبّهاً و یسدّد الضربات. إذن، ینبغی أن یکون هناک تنبّه و وعی و ترکیز. و هذا هو سبب تأکیداتنا المتکرّرة و توصیاتنا المؤکدة للمسؤولین و الجماهیر بأن لا تشغلوا أنفسکم بالأمور الفرعیة. و هذا هو سبب توصیاتنا المکررة للصحافة و وسائل الإعلام و الجرائد و المواقع الألکترونیة الشائعة الیوم بعدم الخوض فی هذا الکلام و الأمور غیر الصحیحة التی تشغل أذهان الناس.
علی الشعب أن یکون واعیاً متنبّهاً و یعلم أین یضع أقدامه من الأرض - و هذا هو معنی التقوی الجمعیة - و یعلم ما الذی یرید أن یفعله، و یحذر من المواطن التی قد یتلقی منها الضربات. و فی الأعمال الفردیة أیضاً إذا تحلینا بالتقوی فسوف نراقب أعمالنا و نراقب أنفسنا، و لا نضع أقدامها فی المنزلقات و المواضع التی یخشی أن یسقط الإنسان فیها. هذا شیء لازم و ضروری.
ما أراه الیوم - و هو ما تدلّ علیه تحرکات العدو - هو إنه رغم وجود نحو خمسة أشهر تفصلنا عن الانتخابات فإن ذهن عدوّنا مترکّز علی انتخاباتنا. الانتخابات التی ستقام فی شهر خرداد المقبل مهمة بالنسبة لنا، و هی مهمة بالنسبة للعدو أیضاً. فذهنه مترکّز علی هذه الانتخابات. لو استطاعوا لفعلوا ما یحول دون إقامة الانتخابات أصلاً. لکن هذا غیر میسور و لا مقدور بالنسبة لهم. و هم یائسون من أن یستطیعوا القیام بمثل هذا. ذات مرة حاول البعض تأجیل انتخابات مجلس الشوری الإسلامی. بل قالوا لنا لتؤجّل الانتخابات أسبوعین إن أمکن. فقلنا غیر ممکن، و یجب إقامة الانتخابات فی یومها من دون تأخیر حتی لیوم واحد. فلم یستطیعوا فعل شیء. لقد جرّبوا ذلک و یعلمون أن الانتخابات لیست مما یؤجّل. لذلک یبحثون عن طرق أخری.
من الأهداف أن تقام الانتخابات من دون مشارکة حماسیة شاملة للشعب. و لیعلم الجمیع من الآن: الذین قد یدلون بتوصیات عامة حول الانتخابات من منطلق الإخلاص، و یقولون لتکن الانتخابات کذا و لا تکون کذا، لیتنبّهوا و یحذروا من أن یساعدوا العدو فی تحقیق هدفه هذا. یجب أن لا یبثوا الیأس فی نفوس الناس من الانتخابات، و لا یکرّروا القول بأن الانتخابات یجب أن تکون حرّة. واضح أن الانتخابات یجب أن تکون حرّة. کان لنا منذ بدایة الثورة و إلی الآن أکثر من ثلاثین انتخابات، أیّها کانت غیر حرّة؟ فی أی بلد آخر تقام الانتخابات بحریة أکثر من إیران؟ و فی أی بلد لا یُنظر فی الأهلیات، حتی راحوا هنا یشدّدون علی هذه الأمور و یؤکدون و یقولون دوماً و یکررون و یخلقون تدریجیاً - حسب ظنهم -ذهنیة لدی الجماهیر بأن هذه الانتخابات لا جدوی منها؟ هذا مما یریده العدو. الذین یطلقون فی الداخل مثل هذا الکلام قد یکونوا غافلین، و أقول إنهم یجب أن لا یغفلوا، و لیتنبّهوا و یحذروا من أن یستکملوا مشاریع العدو و یحققوا أهدافه. هذه من أسالیب سلب الحماس و الملحمیة من الانتخابات.
القضیة الأخری هی أن یقال للناس و یلقنوا بأن الانتخابات تفتقر للنزاهة اللازمة. و بالطبع فإنی أؤکد بدوری علی أن الانتخابات یجب أن تقام بنزاهة، لکن لهذا الأمر طریقته. فی الجمهوریة الإسلامیة و فی قوانیننا، تمّ تقدیر طرق قانونیة جیدة جداً لصیانة نزاهة الانتخابات. و بالطبع إذا أراد بعض الأفراد الدخول من طرق غیر قانونیة فإن هذا سیؤدی للإضرار بالبلد، کما أنهم دخلوا فی سنة 88 من طرق غیر قانونیة و حمّلوا البلد تکالیف و أضراراً، و خلقوا مشاکل للناس، و جلبوا علی أنفسهم دواعی البؤس و الخفة علی الأرض و فی الملأ الأعلی. ثمة طرق قانونیة جیدة. نعم، أنا أیضاً أصرّ علی إقامة الانتخابات بمنتهی النزاهة و الأمانة. علی المسؤولین الحکومیین و غیر الحکومیین العاملین فی أمور الانتخابات و المسؤولین عنها أن یعملوا طبقاً للقانون و بکامل الدقة و بمراعاة منتهی التقوی و النزاهة، حتی تکون الانتخابات نزیهة، و هذا ما سیحصل بالتأکید.
و من أسالیبهم أیضاً أن یحاولوا إشغال الناس فی أیام الانتخابات بشیء آخر، کأن یختلقوا حدثاً أو أموراً سیاسیة أو اقتصادیة أو أمنیة. و هذا بالطبع من مخططات العدو، لکننی واثق من أن الشعب الإیرانی أکثر بصیرة و یقظة بکثیر من أن ینخدع بهذه الحیل العدوانیة من العدو أو عملاء العدو. ستکون الانتخابات بإذن الله و حوله و قوّته و فضله انتخابات جیدة و حماسیة.
بالطبع، لدیّ الکثیر مما أقوله حول الانتخابات. و إذا امتدّ بنا العمر فسأعاود الحدیث عن الانتخابات فی المستقبل. ثمة توصیات و کلام و نقاط، لکننی أکتفی هنا بهذا القدر. تنبّهوا إلی أن الانتخابات حق و واجب. کل واحد منّا باعتباره أحد أفراد هذا الشعب من حقنا المشارکة فی الانتخابات، و من واجبنا أیضاً المشارکة فیها. الذین یؤمنون بنظام الجمهوریة الإسلامیة، و بدستور البلاد یریدون التمتع بهذا الحق، و یریدون فی الوقت نفسه أداء هذا الواجب. علی الکل أن یؤدوا هذا الواجب. أحدهم واجبه أن یعرض أهلیاته للشعب و لانتخاب الشعب. کل من یشعر فی نفسه بأهلیة و یکون متمکناً من العمل التنفیذی یتقدم و یرشح نفسه لینتخبه الناس. إدارة البلاد و العمل التنفیذی لیس بالعمل الصغیر. الأعمال الکبیرة و الأعباء الثقیلة تقع علی عاتق التنفیذیین فی المستویات العلیا. و الذین یعملون فی مستویات و مواقع أخری قد لا یعرف بعضهم أبعاد هذه الأعباء الثقیلة و إلی أی درجة هی ثقیلة. الذین یخوضون هذه الساحة یجب أن یکونوا ممن أنسوا فی أنفسهم القدرة علی حمل هذه الأعباء. و یجب أن یلاحظوا فی أنفسهم المؤهّلات المذکورة فی الدستور، و التی یعتمدها مجلس صیانة الدستور المحترم، و یکونوا بحق مرتبطین بالنظام و الدستور و محبّین لهما، و یریدون تطبیق الدستور، فرئیس الجمهوریة یقسم الیمین بأن یطبّق الدستور و ینفذه، و لا یمکن القسم کذباً. الذین یشعرون بمثل هذا الشعور فلیخوضوا غمار هذه الساحة. و الذین لا یعتزمون المشارکة فی هذا المجال لیشارکوا فی عملیة الانتخاب و یساعدوا علی إقامة الانتخابات بمزید من الحماس و الاندفاع.
و أقولها لکم: بالثقة التی لدینا بالوعود الإلهیة - و الوعود الإلهیة حق و صدق - فإن الله تعالی سینصر هذا الشعب فی هذا الطور و فی کل الأطوار المستقبلیة علی أعدائه. نشکر الله علی أن لم یجعلنا سیئی الظن به، «الظانین بالله ظن السوء» (7). إن لدینا حسن ظننا و ثقتنا بالوعود الإلهیة. من جهة نری الله تعالی قد وعد بالنصر، و من جهة یلاحظ المرء هؤلاء الناس و مشارکتهم و رغبتهم و همتهم، و إخلاص هؤلاء الشباب و طهرهم، و الآباء و الأمهات المؤمنین المتدیّنین المندفعین علی مستوی البلاد، و من جمیع الشرائح، و بکل الأشکال و المظاهر، یلاحظ المرء أن هذا الشعب شعب متواجد فی الساحة و الحمد لله.
نسأل الله تعالی أن یمنّ علیکم أهالی قم الأعزاء و علی الحوزة العلمیة المبجّلة فی قم بالرحمة و اللطف و التوفیق و العافیة. و أن یحشر الروح المطهرة لإمامنا الخمینی الجلیل الذی فتح لنا هذا الطریق مع أولیائه. و أن یشمل برحمته و برکاته و فیضه أرواح شهدائنا الأبرار الطیبة الذین ضحوا فی هذا السبیل، و کذلک کل مجاهدی طریق الحق، و یثبّت أقدامنا علی هذا السبیل.
و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته‌.

الهوامش:
1 - سورة الفتح، الآیان 22 و 23 .
2 - سورة الحج، الآیة 40 .
3 - سورة النساء، الآیة 122 .
4 - سورة القصص، الآیة 7 .
5 - سورة القصص، الآیة 13 .
6 - نهج البلاغة، الکتاب رقم 62 .
7 - سورة الفتح، الآیة 6 .