بسم الله الرحمن الرحيم
إن العمل الذي أنتم بصدده و الخاص بالمرحوم عبد الجليل القزويني الرازي، يعدّ بنظري في ذروة الأعمال اللائقة و الضرورية. لقد كان القزویني الرازي رجلاً مبرزاً و شخصية كبيرة في الجانب العلمي و الجانب الأدبي. ففضلاً عن أن كتابه «النقض» کان مبیّناً لعقائد و معارف أهل البيت و الشيعة، و جاء رداً على ما كتبه أحد النواصب، فقد كان مملؤاً بالاستدلالات المنطقية سهلة الفهم لدى الجميع، و هو شيء قيّم جداً، يضاف إليه كونه نصاً أدبياً متيناً، بمعنى أنه نثر محكم و قوي جداً من نصوص القرن السادس الهجري.
إن إحدى مشكلات مصنفاتنا العقدية و العلمية الإسلامية هو عدم توافرها على المحسنات و الجماليات الفنية و الأدبية، فكثيرمن كتبنا جيدة جداً لكنها لا تجتذب أهل الأدب و الذوق من القرّاء، إلا من كان ذا حافز ذاتي قوي و یرغب في فهم المحتوى ليس إلا، لأن هذه الكتب ليست ذات جذابية أدبية. هذا الكتاب «النقض» لم يكن على هذه الشاكلة، فقد كتب بطريقة متقنة من الناحية الأدبية، و بنثر محكم و قوي جداً، و في غاية الجمال. و هو بالطبع نثر عائد للقرن السادس الهجري، لکن المطلع على اللغة الفارسیة و الأدب الفارسي و النثر الفارسي سوف يستحسن هذا الكتاب.
مصحّح هذا الكتاب ــ المرحوم المحدّث الأرموي ــ بذل جهداً كبيراً من أجله، و مع ذلك لم يثمّن أحد هذا الجهد، رجائي أن يقيّم جهد المرحوم المحدّث الأرموي من خلال عملكم الذي تقومون به. لقد كان رجلاً فاضلاً جداً، و كان شخصية شبيهة بمحمد القزويني، أي إنه على نفس الشاكلة و الغرار. كنت قد رأيته عن قرب، و عرفته بشكل كامل، و اشتريت بنفسي كتاب «النقض» و ملحقاته منه شخصياً، كان هذا العالم الفاضل يضع هذا الكتاب ذا الدورة و الدورتين و الثلاث دورات في قطع من قماش الإبريسم مصطحباً إياه ليبيعه بهذه الطريقة. كان صهر المرحوم السيد أحمد الطالقاني، أي زوج أخت جلال آل أحمد، لقد كان بإمكانه أن یشتهر في المحافل الأدبية و الفنية في ذلك الحين، و لكن لم يعتن به أحد، لأنه رجل أبيّ و ذو نفس عزيزة و عفيفة، لذا أجد من الضروري جداً تكريمه، فلقد جاهد من أجل تصحيح و طباعة هذا الكتاب و تسويقه و إیصاله لأیدي الناس، و لو لا جهده لم يعرف أحد هذا الكتاب. على أي حال، هو كتاب جيد جداً من الناحيتین الأدبية و النثرية.
بالطبع أنا رأيت هذا الكتاب و مقدمته و طالعتهما قبل عشرات السنين في أيام الشباب، و منذ ليلة أمس إلى الآن حيث موعدنا معكم أيها الإخوة، حاولت مراجعته و إلقاء نظرة أخرى عليه، و لكن الوقت لم يسعني في الواقع. إنها فاصلة زمانية طويلة، و ما أنقله لكم هو عن السنوات 1956 و 1957 تقريباً. في تلك الأوقات لاحظت الكتاب و قرأته بشوق شديد، و كنت أراجعه في بعض الأحيان، لكن لم يحصل أن طالعته بعدها بالشكل المطلوب، لا زلت أتذكره منذ ذلك الوقت، و يمكن أن تكون بعض كلماته ليست دقيقة في ذهني الآن.
أما من ناحية المضمون و المحتوى فإن المؤلف نفسه في مقدمة الكتاب ــ راجعوا المقدمة و ستلاحظون أنها مقدمة جديرة بالاهتمام من وجهة نظري ــ يقول: عندما كتب ذلك الناصبي كتابه «بعض فضائح الروافض» قال الجميع لا يمكن لأحد الردّ عليه ما خلا عبد الجليل، فراجعوني في ذلك، عندها تصدّيت لهذا الأمر.
كانت الري منبتاً لكثير من الأكابر ــ و أبو الفتوح الرازي عاش في تلك الحقبة، و المؤلف كان معاصراً له ــ و عليه ينبغي كتابة تاريخ الري عن هذا الطريق. و من المعلوم أيضاً أنه ــ أي المؤلف ــ كان قزوينياً رازياً، فعلی کل حال هو من أهل الري. الشخص الأخر الذي أوصي بالاهتمام به بشکل مساوق للاهتمام بعبد الجلیل هو السید مرتضی الرازي، فلقد کان شخصیة مبرزة أیضاً. إنکم ترومون في الوقت الحاضر إقامة تکریم للسید مرتضی البغدادي ــ لا مانع من ذلك، و هو أمر ضروري لأن هذه الشخصیة الکبیرة من مفاخر العالم الإسلامي ــ إلا إنه لا ینبغي نسیان السید مرتضی الرازي لأنه شخصیة کبیرة أیضاً و مغمورة و لا یعرفه أحد.