الخطبة الأولى
الخطبة الثانية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، و الصّلاة و السّلام على سيدنا و نبينا ابي القاسم المصطفى محمّد، و على آله الاطيبين الاطهرين المنتجبين، سيما بقية الله في الارضين، و صلّ على علي امير المؤمنين، و على الصّدّيقة الطّاهرة سيدة النّساء العالمين، و على الحسن و الحسين سبطي الرّحمة و امامي الهدى، و على علي بن الحسين، و على محمّد بن عليّ، و على جعفر بن محمّد، و على موسى بن جعفر، و على علي بن موسى الرّضا، و على محمّد بن عليّ، و على علي بن محمّد، و على الحسن بن عليّ، و على الحجّة القائم.
أوصي الإخوة و الأخوات المصلين الأعزاء و نفسي و كل شعب إيران بالعمل بتقوى الله. هذه التقوى مصدر خير في كل المجالات، بما في ذلك مجالات التقييم و إصدار الأحكام و الآراء و العمل في الشؤون الاجتماعية و الدولية المهمة و القضايا التي تخص العالم الإسلامي و الشؤون الإنسانية.
القضية الأولى في العالم الإسلامي اليوم هي قضية غزة. و لربما أتيح القول إن قضية غزة هي القضية الأولى في عالم الإنسانية. كلب مسعور و ذئب مفترس يهاجم أناساً مظلومين. من هو أكثر مظلومية من الأطفال الأبرياء الذين فقدوا أرواحهم مظلومين في هذه الهجمات؟ من هو أكثر مظلومية من الأمّهات اللواتي ضممن أطفالهم إلى أحضانهن و شاهدن بأعينهن موتهم و تمزيقهم؟ الكيان الصهيوني الغاصب الكافر قام بمثل هذه الجريمة اليوم أمام أنظار الإنسانية و العالم، و على الإنسانية أن تبدي ردود أفعال.
هناك ثلاث نقاط جديرة بالذكر في خصوص قضية غزة: النقطة الأولى هي أن ما يقوم به ساسة الكيان الصهيوني في الوقت الحاضر هو مذابح عامة و فاجعة تاريخية هائلة، و يجب إدانة و معاقبة المجرم و من يدعمه على مستوى عالمي. معاقبة هؤلاء شيء يجب على المتحدثين باسم الشعوب و المصلحين و المخلصين في العالم أن يطالبوا به. و الأمر لا يخضع لمرور الوقت. يجب أن يعاقبوا سواء كانوا على رأس السلطة أو إذا سقطوا و أزيحوا عن السلطة. و الأمر يتعلق بمرتكبي هذه الجرائم و أيضاً بالذين يدعمونهم علناً، و هذا ما تسمعونه و ترونه في الأخبار. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية هي أن نشاهد قدرة الصبر و المقاومة لدى شعب يصمد على كلمته الحقة. شعب محاصر من كل الأطراف في منطقة صغيرة و محدودة. البحر مغلق في وجوههم، و البرّ مغلق في وجوههم، و الحدود مغلقة في وجوههم تماماً. مياه الشرب و الكهرباء و إمكانيات الحياة كلها مهزوزة لديهم، و كل هذا من عداء العدو و هجماته، و لا أحد يساعدهم. يقف هذا الشعب مقابل عدو مسلح خبيث عديم الرحمة مثل الكيان الصهيوني و رؤسائه القذرين الخبثاء الأنجاس الذين يضربون و يقصفون ليل نهار دون إقامة اعتبار لأيّ شيء. لكن هؤلاء الناس صامدون مقاومون، و هذا درس و عبرة. هذا يدل على أن قدرة مقاومة الإنسان و قدرة صمود الأمّ التي ترى ابنها قتيلاً أمامها أو المرأة التي ترى زوجها أو أخاها أو أباها يتعذب أمامها، أكثر بكثير مما نتصوره في أذهاننا. فلنعرف قدرة أنفسنا. البشر أقوياء إلى هذه الدرجة و يستطيعون الصبر و الصمود بهذا الشكل. مجموعة من الناس - نحو مليون و ثمانمائة ألف إنسان - محبوسون محصورون في أربعمائة أو خمسمائة كيلو متر مربع من الأرض، و بساتينهم تقصف، و دكاكينهم تقصف، و بيوتهم تقصف، و طرق التجارة تغلق في وجوههم، و طرق المعاملة و التواصل تغلق أمامهم، و يتعرضون لكل هذه الهجمات، و مع ذلك يصمدون و يصبرون. هذا مؤشر على مستوى قدرة مقاومة شعب من الشعوب. و أقولها لكم: إنه في نهاية المطاف و بتوفيق الله و إذنه، سوف ينتصر هؤلاء على العدو. بل إن العدو المعتدي بدا من الآن نادماً بكل حقارة على ما فعله، فقد تورّط و لا يدري ما الذي يفعله، فإذا عاد و تراجع أريق ماء وجهه، و إذا واصل و استمر تعقّد عليه الأمر و ازداد صعوبة يوماً بعد يوم. لذلك ترون أن أمريكا و أوربا و كل مجرمي العالم تعاضدوا ليفرضوا وقف إطلاق النار على شعب غزة من أجل إنقاذ الكيان الصهيوني الذي تورّط و استعصى عليه الأمر إلى هذا الحين، و سيكون هذا هو حاله بعد الآن أيضاً. هذا عن النقطة الثانية.
و النقطة الثالثة هي أن زعماء الاستكبار السياسيين يقولون: يجب أن ننزع سلاح حماس (3) و الجهاد الإسلامي (4). ما معنى أن ننزع السلاح؟ معناه إن لدى هؤلاء عدداً من الصواريخ يمكنهم الدفاع بها عن أنفسهم بأدنى الحدود مقابل الهجمات الشرسة للعدو، و لكن يجب أن نسلبهم حتى هذا المقدار. بل يجب أن تكون فلسطين - بما في ذلك غزة - بحيث يستطيع العدو الصهيوني أن يهاجمها و يشعل فيها النيران متى ما أراد ذلك، من دون أن يستطيع الفلسطينيون الدفاع عن أنفسهم. هذا ما يريدونه. أصدر رئيس جمهورية أمريكا فتوى بأنه يجب نزع سلاح المقاومة! نعم، واضح أنكم تريدون نزع سلاح المقاومة حتى لا تستطيع توجيه حتى هذا المقدار من الضربات في مقابل كل تلك الجرائم. و نحن نقول: على العكس، من واجب كل العالم و خصوصاً العالم الإسلامي المساعدة بكل ما يستطيعون لتجهيز شعب فلسطين.
الّلهُمّ انصر الإسلام و المسلمين، و انصر جيوش المسلمين، و اخذل الكفّار و المعاندين و المنافقين، و استغفرالله لي و لكم.
بِسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم
قُل هُوَ الله اَحَد. اَلله الصَّمَد. لَم يلِد وَ لَم يولَد. وَ لَم يكن لَهُ كفُوًا اَحَد.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الهوامش:
1 - إقبال الأعمال، ج 1 ، ص 25 ، «اَللهمَّ...هذا شَهرُ العِتقِ مِنَ النّارِ وَ الفَوزِ بِالجَنَّة».
2 - سورة التوحيد.
3 - حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تتولى الأمور في شريط غزة منذ سنة 2007 م.
4 - حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.