بسم الله الرحمن الرحيم (1)

و الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين.
أبارك لكم أيها الحضور الكرام الأعزاء مسؤولو البلاد و ضيوف مجمع الوحدة الإسلامية و سفراء البلدان الإسلامية المحترمون الحاضرون في هذا اللقاء، الولادة السعيدة لرسول الإسلام الأكرم (ص) و ابنه الجليل الإمام الصادق (عليه السلام). كما أبارك هذه الذكرى لكل الشعب الإيراني و لكل الأمة الإسلامية و لكل الأحرار في العالم و الذين يثمنون الفضيلة و الأخلاق و الجد و الجهاد في سبيل الفضيلة و الأخلاق.
ولادة الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم)، و كذلك بعثته كانت روحاً نفخت في جسد العالم الميت يومذاك. كان ذلك العالم حياً في ظاهره، فقد كانت الحكومات و الملكيات و المساعي و النشاطات جارية، و لكن كان في ذلك العالم موت الإنسانية و موت الفضيلة. ما كان قائماً هو الجفاء و الظلم و التمييز و القسوة، و قد كانت الفضائل ميتة و قد بث الرسول الأكرم هو نفسه و دعوته الروح في ذلك العالم. و حين أقول هو و دعوته فلأن الرسول الأكرم (ص) نفسه كان تجسيداً للإسلام. يروى عن زوجة رسول الإسلام المكرمة إنها قالت: «كان خلقه القرآن» (2) أي إنه كان قرآناً مجسداً. لقد بث الرسول و دينه روحاً في ذلك العالم الميت. «اِستَجيبوا للهِ‌ وَ لِلرَّسولِ اِذا دَعاكم لِما يحييكم» (3) كانت حياةً ما جاء به للناس في ذلك الزمان و عالمهم المظلم المحفوف بالموت و الآفات.
أنا و أياكم نحيي اليوم هذه الذكرى العزيزة. إحياء هذه الذكرى بالألسن و بالاجتماع حول بعضنا عمل محمود محبذ، لكن هذا ليس ذلك الشيء المتوقع مني و إياكم ممن ندعي السير على خطى الإسلام و الرسول (ص)، فهذا لا يكفي. يجب أن نكون في صدد بث روح في العالم الميت اليوم، العالم الذي يعاني من الآفات. اليوم أيضاً يعاني العالم من الظلم و القسوة و التمييز. اليوم أيضاً يعد موت الفضيلة مأتم البشر الكبير. الفضائل تقمع بواسطة أدوات القوى المادية، و العدالة تقمع، و الإنسانية و الأخلاق تقمع، و دماء البشر تسفك على الأرض بلا وازع على يد الأقوياء. و الشعوب تقضي نحبها جوعاً بسبب تعرضها لنهب القوى الكبرى. هذا هو وضع العالم اليوم. و هذا يشبه تلك الجاهلية التي كانت في فترة ما قبل ظهور الإسلام، هذه أيضاً جاهلية.
ليس واجب الأمة الإسلامية اليوم مجرد إقامة الاحتفالات بمناسبة ذكرى ولادة الرسول (ص) أو بعثته، فهذا عمل صغير و قليل بالنسبة لواجبات الأمة الإسلامية. من واجب العالم الإسلامي اليوم أن يسير على خطى الإسلام و الرسول الأكرم (ص) في بث روح في هذا العالم، و توفير أجواء جديدة فيه، و فتح درب جديد فيه. و نحن نطلق على هذه الظاهرة التي نتوقعها و ننتظرها اسم «الحضارة الإسلامية الحديثة». يجب أن نسعى وراء الحضارة الإسلامية الجديدة للبشرية، و هذا يختلف اختلافاً أساسياً عما تفكر و تعمل به القوى بشأن الإنسانية. هذا لا يعني احتلال الأراضي و البلدان و الاعتداء على حقوق الشعوب و لا يعني فرض أخلاق و ثقافة الذات على الشعوب الأخرى، بل هو بمعنى عرض الهدية الإلهية على الشعوب، لتختار الشعوب بحريتها و اختيارها و تشخيصها الطريق الصحيح. الطريق الذي تجرّ القوى العالمية الشعوب نحوه اليوم طريق خطأ و ضلال. هذا هو واجبنا اليوم.
ذات يوم استطاع الناس في أوربا، بفضل علوم المسلمين و فلسفتهم، تأسيس حضارة لأنفسهم. تلك الحضارة كانت طبعاً حضارة مادية. بدأ الأوربيون من القرن السادس عشر و السابع عشر للميلاد بإرساء أسس حضارتهم الجديدة، و لأنها كانت مادية فقد استخدموا مختلف الوسائل بلا وازع، فاتجهوا من ناحية صوب الاستعمار و نحو التغلب على الشعوب و نهب ثرواتها، و من ناحية أخرى عززوا أنفسهم في الداخل بالعلم و التقنية و التجربة، و سوّدوا هذه الحضارة على عالم الإنسانية. هذا ما فعله الأوربيون طوال أربعة أو خمسة قرون. هذه الحضارة التي عرضوها على العالم قدّمت تجليات جميلة من التقنية و السرعة و السهولة و أدوات الحياة، لكنها لم توفر للإنسانية السعادة و لم تقيم لهم العدالة، بل على العكس طعنت العدالة على رأسها، و ضربت الأغلال و الأسر على الشعوب، و أفقرت الشعوب و أهانتهم، و راحت تعاني في داخلها أيضاً من التضاد و التعارض، ففسدت من الناحية الأخلاقية، و صارت خاوية عبثية من الناحية المعنوية. و الغربيون أنفسهم يشهدون اليوم بذلك. قال لي سياسي غربي بارز إن عالمنا عالم عبثي فارغ، و هذا ما نشعر به. كان على حق فهذه الحضارة الظاهرية المليئة بالبهرجة و البريق لها باطن خطير على البشرية. تعارضات و تناقضات الحضارة الغربية راحت تفصح عن نفسها اليوم، في أمريكا بشكل، و في أوربا بشكل، و في المناطق الخاضعة لهيمنتهم في كل أرجاء العالم بشكل.
و قد حان الدور لنا اليوم، لقد حان الدور للإسلام اليوم. «وَ تِلك الاَيامُ نُداوِلُها بَينَ النّاس» (4)، الدور اليوم هو للمسلمين كي يرسوا بهممهم أسس الحضارة الإسلامية الحديثة. كما استفاد الأوربيون يومذاك من علوم المسلمين و تجاربهم و فلسفتهم، نستفيد نحن أيضاً اليوم من علوم العالم و الأدوات الموجودة في العالم لإقامة الحضارة الإسلامية، و لكن بروح إسلامية و بروح معنوية. هذا هو واجبنا اليوم.
هذا على العموم خطاب لعلماء الدين و المثقفين الحقيقيين. و لم يعد لي أمل يذكر بالسياسيين. في السابق كان التصور أن السياسيين في العالم الإسلامي يستطيعون المساعدة في هذا الطريق، لكن هذا الأمل آل إلى الضعف للأسف. أملنا اليوم بعلماء الدين في كل أنحاء العالم الإسلامي و بالمثقفين الحقيقيين الذين لا يعتبرون الغرب قبلتهم. الأمل بهم، و هذا شيء ممكن. لا يقولوا إن هذا الأمر غير ممكن، فهو ممكن و متاح عملياً. للعالم الإسلامي أدوات كثيرة: لدينا عدد جيد من السكان، و لدينا أراض جيدة، و موقع جغرافي بارز، و مصادر طبيعية كثيرة في العالم الإسلامي. لدينا طاقات إنسانية موهوبة و مبرزة في العالم الإسلامي إذا ربيناها على الاستقلال وفق تعاليم الإسلام فسيمكنها عرض إبداعاتها الفنية على صعد العلم و السياسة و التقانة و مختلف الصعد الاجتماعية.
الجمهورية الإسلامية نموذج، و هي منطقة اختبار و امتحان للعالم الإسلامي. قبل أن يسود الإسلام على هذا البلد كنا شعباً متخلفاً بكل معنى الكلمة، و كنا تابعين و متأخرين من الناحية العلمية و من الناحية السياسية و من الناحية الاجتماعية، و كنا معزولين في عالم السياسة. و حالات التقدم في الجمهورية الإسلامية اليوم فرضت الاعتراف حتى على أعدائنا. اليوم بعد مضي 35 عاماً على انتصار الثورة الإسلامية صرنا في عداد البلدان المتقدمة من حيث الرتبة العلمية و التقنية و في الكثير من العلوم الحديثة في العالم. التقارير التي ثبت صدقها و واقعها تقول لنا إننا في بعض المجالات في المرتبة السابعة، و في مجال آخر في المرتبة السادسة، و في موضوع آخر في المرتبة الخامسة. لقد استطاع شعب إيران بفضل الإسلام التعبير عن هويته و شخصيته، و هذا ممكن التعميم، لكن شرطه أن لا تخيّم الظلال المقيتة الثقيلة للقوى الكبرى على البلدان، هذا هو الشرط الأول. و لهذا طبعاً تكاليفه و ما من عمل كبير دون تكاليف. أريد في هذا اللقاء المهم الرصين الذي تحضره شخصيات مهمة و كبيرة أن أقول إن الأمة الإسلامية تستطيع بسعي و جدّ جهادي أن تخطط لحضارة إسلامية متناسبة مع هذا العصر، و تأسيسها و تثميرها و عرضها على البشرية.
إننا لا ندعو أحداً إلى الإسلام بالقوة، و لا نخضع أي بلد لهيمنة العالم الإسلامي بالقوة، إننا لا نعمل كما عمل الأوربيون، و لا نعمل كما عملت أمريكا. سار الأوربيون من جزيرة بجوار المحيط الأطلسي نحو المحيط الهندي فاحتلوا بلداً عظيماً مثل الهند و عدة بلدان حواليه بالقوة و نهبوها و صاروا هم أنفسهم أثرياء و تركوا تلك البلدان تتلوى في تراب البؤس. هكذا تقدموا. و اليوم أيضاً يقومون بنفس الشيء بأساليب و طرائق أخرى في العالم، بأموال الآخرين و بأرصدة الآخرين و بثروات الآخرين و بثمار جهد الآخرين يحققون التقدم لأنفسهم و يجمّلون أنفسهم و ظاهرهم، و بالطبع فإن الباطن يسير نحو الخراب و التفسخ، فكما قلنا إنهم سائرون نحو مزيد من الفراغ. ما تكتسبونه أنتم المسلمين سوف يثير انزعاج أعدائكم، و ما تصيبكم من مصائب تفرحهم و تسرهم، «اِن تَمسَسكم حَسَنَةٌ تَسُؤهُم وَ اِن تُصِبكم سَيئَةٌ يفرَحوا بِها» (5)، هكذا هم، و هذا كلام القرآن. يجب أن لا ننظر لهم و لما في أيديهم و لابتساماتهم و عبوسهم، بل ينبغي أن نجد طريقنا و نتحرك و نتقدم إلى الأمام. هذا هو واجبنا و واجب كل العالم الإسلامي.
من أدوات الأعداء بث التفرقة بيننا، إنني أصرّ على التأكيد و التشديد على هذا الموضوع. أيها الإخوة و الأخوات، يا مسلمي العالم الإسلامي إذا وصل أسماعكم هذا الصوت! يوم ظهرت كلمة السنة و الشيعة في أدبيات الأمريكيين، شعرنا بالقلق، و قلِقَ كلُّ أصحاب الخبرة و الرأي. ما علاقة السنة و الشيعة بأمريكا؟ السياسي اليهودي الصهيوني الأمريكي الفلاني الذي لا يمكن أن يصدر عنه سوى الشر ضد الإسلام و المسلمين، ما شأنه حتى يتحدث و يقيّم بين السنة و الشيعة في العالم الإسلامي، فيقول شيئاً عن السنة و يقول شيئاً عن الشيعة؟ منذ أن ظهرت أدبيات السنة و الشيعة في كلام الأمريكيين، قلق أهل الفهم و التدقيق هنا، و أدركوا أن أمراً جديداً على أعتاب التنفيذ. لإشعال الحروب بين الشيعة و السنة سوابقه، و البريطانيون ماهرون في هذه العملية. لدينا الكثير من السوابق و لدينا الكثير من المعلومات عن سوابق خلق نزاعات و اختلافات و أحقاد بين السنة و الشيعة على يد عملاء البريطانيين - سواء هنا أو في الدولة العثمانية السابقة أو في البلدان العربية - من أجل أن يوقعوا بينهم، بيد أن الخطة التي يحملها الأمريكيون اليوم خطة خطيرة. هل التحيز لفرقة مقابل فرقة أخرى داخل العالم الإسلامي، شيء يفرحنا؟ إذا تحيزوا لنا هل يجب أن نكون فرحين مرتاحين؟ لا، يجب أن يتملكنا الهمّ و ينبغي أن نبحث عما وجدوه فينا من نقاط ضعف حتى صاروا يريدون استغلال نقاط الضعف تلك، و يبدون التحيز و المناصرة لنا؟
إنهم يعارضون أساس الإسلام. واقع القضية هو ما ذكره رئيس جمهورية أمريكا في حينها في قضية الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك و انفجار الأبراج، حيث قال إنها حرب صليبية، كان على حق، لقد كان إنساناً سيئاً لكن كلمته هذه كلمة صادقة: معركة بين الإسلام و الاستكبار. طبعاً هو قال المسيحية و الحرب الصليبية، لكنه يكذب، فالمسيحيون داخل العالم الإسلامي يعيشون بكامل الأمن، و هكذا هم اليوم أيضاً في بلادنا، و كذلك هم في بعض البلدان الأخرى، كان يقصد المعركة بين القوى الاستكبارية و القوى المهيمنة على العالم و بين الإسلام، هذا كان صحيحاً، هذا الكلام كان كلاماً صادقاً. هؤلاء السادة الذين يحكمون أمريكا الآن و يقولون إننا مع الإسلام، و نحن نعارض الفرقة الإسلامية الفلانية و نعارض الفرقة الإسلامية العلانية، يكذبون و ينافقون و يراؤون. إنهم يعارضون أساس الإسلام و وجدوا أن السبيل هو خلق معارك و الحروب بين المسلمين.
ذات يوم طرحت هذه الخلافات بعناوين القومية الإيرانية و القومية التركية و القومية العربية و ما إلى ذلك، و لم تكن فاعلة بدرجة كبيرة، و اليوم يريدون بث الخلافات باسم المذاهب و الإيقاع بين الشباب و إشعال معارك و الاقتتال بينهم. و ستكون النتيجة ولادة فرق إرهابية مثل داعش بأموال التابعين لأمريكا و بمساعدة سياسية من أمريكا و بمواكبة من حلفاء أمريكا، و توفير إمكانية العمل و النشاط لها، و خلق هذه الفجائع في العالم الإسلامي، ستكون هذه هي النتيجة.
إنهم يكذبون حين يقولون إننا نعارض الشيعة و نوافق السنة، كلا، هل الفلسطينيون شيعة أم سنة؟ لماذا يعادون الفلسطينيين لهذه الدرجة؟ لماذا لا يتعرضون أبداً للجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين؟ كم قصفت غزة؟ كم تعرضت أراضي الضفة الغربية للضغوط و تتعرض للضغوط الآن أيضاً؟ أولئك ليسوا بشيعة، بل سنة. القضية بالنسبة للأمريكيين ليست قضية شيعة و سنة، بل هم يعتبرون أي مسلم يريد أن يعيش بالإسلام و بأحكام و قوانين الإسلام و يجاهد لأجلها و يعمل في سبيلها، يعتبرونه عدوهم.
أجروا حواراً مع سياسي أمريكي فسأله المحاور: من هو عدو أمريكا؟ فأجاب إن عدو أمريكا ليس الإرهاب، و ليس المسلمون هم أعداء أمريكا، بل عدو أمريكا هو «النزعة الإسلامية»، النزعة الإسلامية. أي طالما كان المسلم غير مكترث، و يذهب و يعود في دربه، و ليست فيه محفزات تجاه الإسلام، فهم لا يشعرون بالعداء ضده، و لكن حين تكون القضية قضية نزعة إسلامية و التزام و تقيد بالإسلام و سيادة الإسلام و تأسيس تلك الحضارة الإسلامية، ستبدأ العداوات. و قد صدق في قوله فعدوه هو النزعة الإسلامية. لذلك حينما تقع في العالم الإسلامية صحوة إسلامية تلاحظون كم يتخبطون و يسعون و يعملون من أجل القضاء عليها و إجهاضها، و ينجحون في بعض الأماكن. طبعاً أقولها لكم إن الصحوة الإسلامية ليست مما يمكن القضاء عليه، و الصحوة الإسلامية ستصل إن شاء الله و بفضل من الله و بحوله و قوته إلى أهدافها.
هدفهم إشعال حرب داخلية بين المسلمين، و قد نجحوا للأسف إلى حد ما. إنهم يدمرون البلدان الإسلامية الواحد تلو الآخر - يدمرون سورية و يدمرون اليمن و يدمرون ليبيا - و يقضون على بناها التحتية، لماذا؟ لماذا نستسلم لهذه المؤامرات؟ لماذا تبقى أهدافهم غير معروفة بالنسبة لنا؟ لنتحلّ بالبصيرة، إذا أردنا أن ننجح في هذا الطريق يجب أن نتوفر على البصيرة. يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه الصلاة و السلام): «اَلا وَ لا يحمِلُ هذَا العَلَمَ اِلاّ اَهلُ البَصَرِ وَ الصَّبر» (6). يجب التحلي بالبصيرة و الصبر في هذا الدرب. «وَ اِن تَصبِروا وَ تَتَّقوا لا يضُرُّكم كيدُهُم شَيئًا» (7). إذا سرنا ببصيرة و صبر و استقامة فلن تثمر مساعيهم، و لكن عندما نتحدث مثلما يتحدثون و نعمل مثلما يعملون، فستكون هذه هي النتيجة.
لماذا يعرضون المسلمين في البحرين لكل هذه الضغوط؟ و في نيجيريا لماذا يرتكبون تلك الفاجعة ضد ذلك الشيخ المصلح التقريبي المؤمن (8) و يقتلون حوالي ألف شخص من الناس المحيطين به، و يقتلون ستة من أبنائه خلال سنتين؟ لماذا يبقى العالم الإسلامي ساكتاً حيال هذه الفجائع؟ لماذا يتحمل العالم الإسلامي قرابة سنة من القصف الدائم لليمن؟ قرابة سنة - عشرة أشهر و نيف - و بيوت الشعب اليمني و مستشفياته و مدارسه و طرقه و أبناؤه الأبرياء و نساؤه و رجاله تحت القنابل، لماذا؟ هل هذا لصالح العالم الإسلامي؟ في سورية بشكل، و في العراق بشكل. أهدافهم أهداف خطيرة، أهدافهم يجري التخطيط لها و رسمها في غرف عملياتهم كما يقولون هم، فيجب أن نكون واعين يقظين.
قلت إن الأمل معقود على علماء الإسلام و المثقفين الحقيقيين في العالم الإسلامي و الواجبات و المسؤوليات ملقاة على عاتقهم. يجب عليهم أن يتحدثوا مع شعوبهم و مع سياسيهم - بعض رجال السياسة في العالم الإسلامي لهم ضمائر يقظة، و هذا ما جربناه عن قرب - و يمكنهم أن يمارسوا دوراً. ما أقوله في هذا اللقاء هو لنغترف من ذكرى ولادة الرسول الأكرم (ص) فائدةَ أنْ نركز هممنا على ما فعله الإسلام في يومه الأول و هو إحياء العالم الميت في ذلك الزمان، و هذا يحتاج إلى عقل و تعقل و تدبر و بصيرة و معرفة العدو، لنعرف العدو، و لنعرف مؤامرات العدو، و لا ننخدع بمخادعاته. ليعيننا الله تعالى و ليهدنا صراطه المستقيم و يثبت أقدامنا. صدق الشاعر العربي حيث قال:
الدَّهرُ يقظان وَ الأَحداثُ لم تنَم‌
فَما رُقادُكم يا أَفضَلَ الأُمَم (۹)
عندما يستهدفكم عالم القوة و المال و العسف بكل إمكانياته فلن يكون من حقكم النوم و الغفلة.
اللهم اجعلنا من السائرين على هذا الصراط المستقيم كما يرتضيه الإسلام و حياتنا الدنيا.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:
1 - في بداية هذا اللقاء تحدث حجة الإسلام و المسلمين الشيخ حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
2 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج 6 ، ص 340 .
3 - سورة الأنفال، شطر من الآية 24 .
4 - سورة آل عمران، شطر من الآية 140 .
5 - سورة آل عمران، شطر من الآية 120 .
6 - نهج البلاغة، الخطبة رقم 173 .
7 - سورة آل عمران، شطر من الآية 120 .
8 - الشيخ إبراهيم الزكزاكي.
9 - أحمد شوقي بقليل من الاختلاف.